الخلفاء الراشدون، حياتهم وأبرز إنجازاتهم

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الثلاثاء، 14 يونيو 2022

دام العهد الراشدي أو عصر الخلفاء الراشدين ثلاثين عاماً، تعاقب خلاله أربعة من صحابة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أطلق لقب الخليفة بمعنى الشخص الذي خلف الرسول صلى الله عليه وسلم في حكم المسلمين، فمن هم هؤلاء الخلفاء؟ ما أبرز إنجازاتهم؟ كيف انتهت حياة كل منهم؟ هذا ما سنجيب عنه في هذه المقالة.

من هم الخلفاء الراشدين؟

بعد وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم تعاقب على حكم المسلمين أربعة من صحابته، فيما عرف باسم (الخلفاء الراشدون) الذين شكلوا نموذجاً ونظاماً للحكم الصالح، حيث تميّز حكم الخلفاء الراشدين وفق ما ورد في كتاب (تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية) للكاتب محمد سهيل طقّوس بالاستناد إلى مبدأين هما:

  • الفضل والمنزلة في الإسلام، فالخلفاء الأربعة كانوا من الأوائل الذين أسلموا وباتوا من صحابة الرسول المقربين.
  • النسب والشرف، فالخلفاء الأربعة من أشراف قريش.

ونتحدث فيما يلي عن كل من الخلفاء الراشدين وأهم الإنجازات في عصره.

1. الخليفة أبو بكر الصديق حكم المسلمين بين عامي 632 و 634

اسم أبو بكر الصديق هو: عبد الله بن أبي قحافة، من مواليد عام 573، كان أحد صحابة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وأول ذكر بالغ يدخل الإسلام، كان تاجراً ناجحاً وساعد المجتمع الإسلامي الوليد مالياً، حكم بعد وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من عام 632 إلى عام 634، كان أبو بكر يسمى الصديق حيث عرف بهذا اللقب بين أجيال المسلمين في وقت لاحق، وقال في أول خطاب له كخليفة وفق ما ورد في كتاب (جولة تاريخية في عصر الخلفاء الراشدين) للكاتب محمد السيد الوكيل:

"أما بعد، أيها الناس إني وليتُ عليكم، ولستُ بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الضعيف بينكم يكون قوياً معي حتى أتمكن من تأمين حقوقه، إن شاء الله، والقوي بينكم ضعيف حتى أنتزع منه حقوق الآخرين، إن شاء الله، أطيعوني طالما أطيع الله ورسوله، ولكن إذا عصيت الله ورسوله، فأنتم غير مدينين لي بالطاعة".

فترة خلافة أبو بكر الصديق

تميز عهد الخليفة أبو بكر الصديق وفق ما ورد العديد من الكتب الإسلامية من بينها كتاب (تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية) للكاتب محمد سهيل طقّوس بما يلي:

  • الحفاظ على وحدة المسلمين.
  • عزز قبضة المسلمين على طول ساحل البحر الأحمر.
  • وفي عهده تم جمع القرآن الكريم في كتاب واحد من خلال لجنة برئاسة زيد بن ثابت لجمع كل الآيات القرآنية.
  • هزم الخليفة أبو بكر الصديق تمرد العديد من القبائل العربية التي رفضت دفع الزكاة وأعلنوا خروجهم عن الإسلام بعد وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم (فيما عُرف بحروب الردة)، وقام بتوحيد شبه الجزيرة العربية بأكملها تحت قيادته.
  • شن حملات ناجحة ضد الإمبراطوريتين الساسانية (الفارسية) و الرومانية الشرقية (البيزنطية) الذين كانوا يهددون الحدود العربية، حيث كانت وصية الخليفة أبو بكر الصديق لقادة جيوش المسلمين: "لا تهربوا ولا تدينوا العصيان ولا تقتلوا رجلاً أو امرأة أو طفلاً، ولا تُجرح أشجار النخيل ولا تقطع أشجار الفاكهة ولا تذبح أي أغنام أو بقرة أو جمال إلا من أجل الطعام، وستواجهون أشخاصاً يقضون حياتهم في الأديرة، فهؤلاء اتركوهم وشأنهم ".
  • استمرت الفتوحات الإسلامية خلال خلافته، حيث فتح المسلمون في عهده:
  1. العراق في القرن العاشر الميلادي من خلال إرسال جيشين الأول توجه نحو جنوب العراق بقيادة المثنى بن حارس الشيباني، والثاني دخل العراق من جهة سوريا بقيادة خالد بن الوليد.
  2. بلاد الشام، حيث توجهت أربعة جيوش إليها، الأول بقيادة خالد بن سعيد العاص توجه نحو دمشق، والثاني بقيادة شرحبيل بن حسنة وتوجه نحو بصرى، والثالث بقيادة أبو عبيدة بن الجراح توجه نحو حمص، والرابع بقيادة عمرو بن العاص توجه نحو فلسطين.

وفاة أبو بكر الصديق

توفي الخليفة الأول للمسلمين أبو بكر الصديق في الحادي والعشرين من شهر جمادى الآخرة عام 19 للهجرة، الموافق ليوم الثالث و العشرين من شهر آب/ أغسطس عام 634 للميلاد، بعد أن أوصى بالخلافة لعمر بن الخطاب.

2. عمر بن الخطاب، حكم المسلمين بين عامي 634 و 644

عمر بن الخطاب، من مواليد الثاني من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 586، من صحابة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، أعطاه النبي محمد صلى الله عليه وسلم لقب "فاروق" وهو ما يعني "فاصل الحقيقة عن الكذب"، وخلال خلافة أبو بكر الصديق، كان عمر بن الخطاب أقرب مساعد له ومستشاره، وبعد وفاة الخليفة أبو بكر الصديق أصبح عمر بن الخطاب الخليفة الإسلامي الثاني بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وحكم لمدة عشر سنوات، حيث لعب دوراً هاماً في نشر الإسلام.

استلام الخلافة وإنجازات عمر بن الخطاب

تميز عهد الخليفة عمر بن الخطاب بما يلي:

  • توسعت الإمبراطورية الإسلامية بمعدل لم يسبق له مثيل، حيث سيطرت على معظم أراضي الإمبراطورية الفارسية الساسانية وأكثر من ثلثي الإمبراطورية الرومانية الشرقية، ومن بين فتوحات عمر بن الخطاب؛ القدس ودمشق ومصر وإيران وأذربيجان وأرمينيا وبرقة في ليبيا حالياً، وخلال فتح القدس أعطى الخليفة عمر بن الخطاب وعداً لسكان القدس تضمن وفق ما أورد الطبري في كتابه (تاريخ الرسل والملوك) ما يلي:

"بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء (القدس) من الأمان، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها (مريضها) وبريئها، وسائر أهلها لا تُسكن كنائسهم ولا تُهدم، ولا ينتقص منها ولا من حيزها (مكانها)، ولا من صليبهم ولا من أي شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء أحد من اليهود، وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية للمسلمين، وأن يُخرجوا منها الروم واللصوص".

  • أنشأ إدارات هي (إدارة الجيش، إدارة الإيرادات العامة)، ووضع رواتباً منتظمة للجنود.
  • أجرى دراسات لأراضي المسلمين وذلك لوضع ضريبة عادلة لها.
  • أسس مدناً جديدة، وقسم المناطق التي تحت حكمه إلى مقاطعات وعين عليها ولاة، إضافةً إلى عدد من الموظفين الكبار (كاتب في ديوان الجيش، صاحب الخراج، صاحب بيت المال، صاحب الأحداث (الشرطة)، القاضي) وهم جميعاً يخضعون لسلطة الوالي الذي يخضع بدوره لسلطة الخليفة، وذلك وفق ما ورد في كتاب (تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية) للكاتب الدكتور محمد سهيل طقّوش.
  • أسس ديوان العطاء بهدف توزيع غنائم الحروب والفتوحات على المسلمين.
  • أنشأ بيت المال، تجمع فيه الأموال الفائضة عن الحاجة موارده؛ الزكاة، والجزية، كذلك الصدقات، أما نفقاته فهي رواتب الجند والموظفون.
  • أنشأ طرقاً جديدة، وبنى القنوات والفنادق على الطرق.
  • أسس السجون لحبس المتورطين بالسرقة.
  • رصد اعتماد لدعم الفقراء والمحتاجين من الأموال العامة.
  • حدد التقويم الإسلامي بأنه يجب أن يحسب من سنة هجرة محمد من مكة إلى المدينة المنورة، ومنع استخدام أي تقويم آخر.
  • كان في عهد الخليفة عمر بن الخطاب ثلاث مجالس استشارية، هي:
  1. مجلس المهاجرين والأنصار، ويضم كبار الصحابة من المهاجرين (الذين هاجروا من مكة إلى المدينة في عهد الرسول) والأنصار (أهالي المدينة المنورة)، يتناقش معهم الخليفة في القضايا الهامة ويقدمون له النصح، من أعضاء هذا المجلس (علي بن أبي طالب، العباس بن عبد المطلب، عثمان بن عفان، عبد الرحمن بن عوف، معاذ بن جبل، أُبي بن كعب، زيد بن ثابت).
  2. مجلس العامة، ويضم عامة المسلمين من المهاجرين والأنصار وزعماء البدو وتعرض عليهم قضايا تهم المسلمين، مثل قضية توزيع أراضي البلاد المفتوحة على أفراد الجيش.
  3. مجلس المهاجرين، وهو مجلس مكون من المهاجرين فقط، تناقش فيه الشؤون الإدارية ومتطلبات الفتوحات الإسلامية.

وفاة الخليفة عمر بن الخطاب

وقد اغتيل الخليفة عمر بن الخطاب على يد أسير فارسي، حيث كان لا يسمح للأسرى بدخول المدينة المنورة وفق ما جاء في كتاب (سير أعلام النبلاء سير الخلفاء الراشدين) للكاتب الإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي؛ فكتب والي الكوفة المغيرة بن شُعبة يطلب من الخليفة السماح لفيروز أبي لؤلؤة الفارسي بالدخول إلى المدينة المنورة، لأنه يتقن مهن تفيد المسلمين، فهو حدّاد ونقّاش ونجّار.

وفرض المغيرة على الأسير الفارسي مبلغ مئة درهم في الشهر، فوافق الخليفة عمر بن الخطاب على السماح له بالدخول على المدينة المنورة، فاشتكى أبو لؤلؤة الفارسي من حجم الخراج الذي عليه دفعه للمسلمين وهو مئة درهم، فقال له الخليفة: "ما خراجك بكثير"، فذهب أبو لؤلؤة الفارسي متذمراً، وفي صباح الثالث والعشرين من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 644 خرج الخليفة عمر بن الخطاب إلى المسجد لأداء صلاة الفجر وعندما بدأ الصلاة قام فيروز أو لؤلؤة الفارسي بطعن الخليفة عمر بن الخطاب بخنجر ثلاث طعنات أودى بحياة ثاني خليفة للمسلمين، فحاول المصلون إلقاء القبض عليه فهاجمهم وأصاب ثلاثة عشر منهم، لينتحر هو بخنجره بعد أن تمكن المصلون من حصاره وفق ما أورد ابن كثير في كتابه (البداية والنهاية) في الجزء السابع.

3. عثمان بن عفان، حكم المسلمين بين عامي 644 و 656

عثمان بن عفان، كان أحد صحابة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ولد عثمان في عشيرة أموية في مكة المكرمة، وهي عائلة قوية من قبيلة قريش، قبل وفاة الخليفة عمر بن الخطاب طلب منه الناس ترشيح خلفه، فعين لجنة تتألف من ستة من الصحابة العشرة للنبي صلى الله عليه وسلم وهم:

"علي بن أبي طالب، عثمان بن عفان، عبد الرحمن بن عوف، سعد بن وقاص، أبو الزبير بن العوام، طلحة بن عبيد الله"؛ لتحديد الخليفة القادم من بينهم، وأوجز أيضاً الإجراء الواجب اتباعه في حالة نشوء أي اختلافات في الرأي، عبد الرحمن بن عوف سحب اسمه، ثم سمحت له اللجنة بترشيح الخليفة، بعد يومين من المناقشة بين المرشحين وبعد أن تم التأكد من آراء المسلمين في المدينة المنورة، كان الخيار يقتصر أخيراً على عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب. جاء عبد الرحمن إلى المسجد مع المسلمين الآخرين، وبعد خطاب قصير واستجواب الرجلين، أقسم الولاء لعثمان بن عفان، الذي أصبح الخليفة الثالث للمسلمين حيث كان عمره سبعين عاماً.

خلافة عثمان بن عفان

تميز حكم الخليفة عثمان بن عفان بما يلي:

  • امتدت إمبراطورية المسلمين إلى فارس (إيران الحالية)، بعد أن تمكن المسلمون من السيطرة على كل أراضي الإمبراطورية الفارسية الساسانية في عام 650 وبعض مناطق خراسان (أفغانستان الحالية) في عام 651، وتمت السيطرة على مدينة طرابلس اللبنانية، قبرص، طرابلس الغرب (عاصمة ليبيا حالياً)، ووقعت في عهده معركة ذات الصواري في مدينة ليقيا على ساحل آسيا الصغرى (تركيا حالياً)، في عام 655، حيث انتصر فيها المسلمون على البيزنطيين، سميت هذه المعركة بهذا الاسم لكثرة صواري السفن فيها.
  • أنشأ الخليفة عثمان بن عفان أول قوة بحرية إسلامية.
  • أرسل أول مبعوث إسلامي رسمي للصين في عام 650، وبالرغم من أن المبعوث لم يتمكن من جعل الإمبراطور الصيني يعلن إسلامه، لكنه حصل على تصريح لنشر الإسلام في الصين وإقامة أول مسجد في الصين.
  • شكل لجنة لكتابة نسخ متعددة من القرآن الكريم.
  • بنى المسجد النبوي في عام 650.

وفاة الخليفة عثمان بن عفان

انتهى حكمه بعملية اغتيال قام بها محتجون متمردون على الظلم الذي تعرضوا لهم من ولاتهم، بدأت القصة وفق ما ورد في كتاب (جولة تاريخية في عصر الخلفاء الراشدين) للكاتب محمد السيد الوكيل، أن المتمردون ذهبوا إلى المدينة بحجة أداء مناسك الحج، وعندما وصلوا طلبوا من الخليفة عثمان بن عفان التنازل عن الخلافة بعد اتهامه بعدة تهم من بينها وفق ما ورد في (سير أعلام النبلاء سير الخلفاء الراشدين) للكاتب الإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي؛ (أعطى أموالاً لأقربائه من بيت المال، وجمع القرآن في كتاب واحد).

فتولى الإمام علي بن أبي طالب إقناعهم بالعودة من حيث أتوا، فتظاهروا بالرضا ثم عادوا وحاصروا الخليفة عثمان بن عفان في داره بحجة وجود كتاب من أمير المؤمنين عثمان بن عفّان بقتلهم، واستمروا في حصاره أربعين يوماً، ثم اقتحموا دار الخليفة واغتالوه.

4. علي بن أبي طالب، حكم المسلمين بين عامي 656 و 661

كان علي بن أبي طالب ابن عم النبي محمد عليه الصلاة والسلام، ونشأ في نفس منزله، وكان ثاني شخص دخل الإسلام بعد خديجة (الزوجة الأولى للنبي محمد صلى الله عليه وسلم) في مكة المكرمة، كان عمره عشر سنوات فقط، وفي سن الحادي والعشرين من عمره، وبعد وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، انسحب علي بن أبي طالب من الشؤون العامة، وكرّس نفسه لعائلته، وأصبح بعد ذلك مستشاراً موثوقاً للخليفة عمر بن خطاب وعمل رئيساً للقضاة في المدينة المنورة، كما عمل في المجلس الذي اختار الخليفة الثالث عثمان بن عفان.

استلامه الخلافة

بعد وفاة عثمان بن عفان، كانت المدينة المنورة في حالة من الفوضى السياسية لعدة أيام، وبعد أربعة أيام، عندما رأى المتمردون الذين اغتالوا عثمان أنه من الضروري انتخاب خليفة جديد قبل مغادرتهم المدينة، فقد طلب العديد من الصحابة من علي بن أبي طالب أن يكون الخليفة، رفض في البداية نظراً للأوضاع السياسية المضطربة بعد اغتيال الخليفة الراحل عثمان بن عفان، ثم عرض المتمردون الخلافة إلى طلحة والزبير بن العوام اللذين رفضا أيضاً.

ثم هدد المتمردون الذين كانوا يسيطرون على المدينة المنورة باتخاذ إجراءات صارمة إذا لم يتم اختيار خليفة جديد خلال أربع وعشرين ساعة، ولحل هذه القضية، تجمع جميع القادة المسلمين في مسجد النبي، واتفقوا جميعاً على أن أفضل شخص يناسب جميع صفات الخليفة هو علي بن أبي طالب فتم إقناع علي بقبول هذا المنصب.

بعد تعيينه الخليفة، قام علي بن أبي طالب بالأمور التالية:

  • نقل الخليفة علي بن أبي طالب عاصمته من المدينة المنورة إلى الكوفة (في العراق حالياً).
  • قام بتغيير الولاة الذين كانوا يحكمون الولايات الإسلامية، التي حصلت ضدهم احتجاجات وحركات تمرد.
  • وقعت في عهده معركة الجمل، ومعركة صفين، مع المعارضين الذين رفضوا مبايعته وفي مقدمتهم معاوية بن أبي سفيان، ومعركة النهروان ضد الخوارج (الذين خرجوا عن طاعة الخليفة علي بن أبي طالب).

اغتيال علي بن أبي طالب

كانت عاصمة مقاطعة الشام، التي هي دمشق، يحكمها معاوية بن أبي سفيان الذي رفض مبايعة الخليفة علي بن أبي طالب، وطالب بالخلافة لنفسه، فقامت جماعة متعصبة تدعى الخوارج، تتألف من أشخاص قد انفصلوا عن علي بن أبي طالب بسبب خلافه مع معاوية، وقرروا أن الخلافة ليست لعلي بن أبي طالب ولا معاوية بن أبي سفيان ولا عمرو بن العاص، وقالوا إن الخلافة الحقيقية وصلت إلى نهايتها مع عمر بن الخطاب وأن المسلمين يجب أن يعيشوا دون أي حاكم عليهم إلا الله، وتعهدوا بقتل جميع الحكام الثلاثة.

وتم إرسال القتلة في ثلاثة اتجاهات، ولم ينجح القتلة الذين تم إرسالهم لقتل معاوية وعمرو، وتم اعتقالهم وإعدامهم، لكن عبد الرحمن بن ملجم، القاتل الذي كلف بقتل علي بن أبي طالب، طعن الخليفة بسيف مسموم توفي على إثره الخليفة الرابع للمسلمين في السابع والعشرين من شهر كانون الثاني/يناير عام 661.

إنجازات المسلمين في عهد الخلفاء الراشدين

تميزت مرحلة حكم الخلفاء الراشدين بتحقيق العديد من الإنجازات على مختلف الصعد، منها:

  • الفتوحات الإسلامية، حيث نجح الخلفاء الراشدون في مد نفوذ الإسلام ونشره في مناطق جديدة خارج حدود شبه الجزيرة العربية، فقد فتحوا سوريا والعراق في عام 637، وأرمينيا ومصر في عام 639، وقبرص في عام 654.
  • السياسات الاجتماعية، خلال عهده، أسس الخليفة أبو بكر الصديق بيت المال (خزينة الدولة)، ووسع الخليفة عمر بن الخطاب بيت المال وأقام مبنى حكومياً لإدارة الشؤون المالية للدولة، كما تم في عهد الخلفاء صيانة وبناء الطرق والجسور.
  • الأنشطة المدنية، بدأت الرعاية المدنية في الإسلام من خلال ما يلي:
  1. بناء وشراء الآبار، حيث قام المسلمون بإصلاح العديد من الآبار القديمة في الأراضي التي فتحوها.
  2. بنى المسلمون العديد من المدافع والقنوات، وقد تم إصلاح العديد من القنوات، وإنشاء قنوات جديدة، وكانت معظم القنوات مفتوحة للاستخدام العام من قبل المسلمين، وقد شيدت بعض القنوات بين المساكن التي بُنيت في المناطق الجديدة، مثل قناة سعد التي وفرت المياه إلى الأنبار، وقناة أبي موسى لتوفير المياه للبصرة، وخلال المجاعة أمر عمر بن الخطاب ببناء قناة في مصر تربط النيل بالبحر، وكان الغرض من القناة هو تسهيل نقل الحبوب إلى شبه الجزيرة العربية من خلال طريق بحري، حيث كان سابقاً يتم نقلها عن طريق البر، فتم بناء القناة في غضون عام من قبل عمرو بن العاص، وكتب عبد السلام نادف أن "الجزيرة العربية تخلصت من المجاعة في جميع الأوقات القادمة".
  3. وبعد أربعة فيضانات حصلت في مكة المكرمة، أمر الخليفة عمر بن الخطاب ببناء سدين لحجز المياه الجوفية ومنعها من الوصول إلى الكعبة المشرفة، كما قام ببناء سد بالقرب من المدينة لحماية نوافيرها من الفيضانات.
  4. استقر المسلمون في المناطق التي فتحوها، وبنوا فيها مساكناً لهم لاسيما المناطق القليلة بالكثافة السكانية كالبصرة، الموصل (في العراق)، مصر.

في الختام.. بوفاة الخليفة علي بن أبي طالب يكون المسلمون قد طووا مرحلة العهد الراشدي أو عهد الخلفاء الراشدين، بعد أن تميزوا بالعدل والحكم على أساس القرآن الكريم وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، إضافةً لتميزهم بالزهد والابتعاد عن مباهج الدنيا، ليبدأ بعدها العهد الأموي بحكم الخليفة معاوية بن أبي سفيان والذي أصبح الحكم بعده وراثياً بعد أن كان تحديد الخليفة شورى بين المسلمين.

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة