من سوريا إلى ألمانيا .. العنف الطائفي وصل الشتات السوري

  • DWWbronzeبواسطة: DWW تاريخ النشر: منذ 21 ساعة زمن القراءة: 5 دقائق قراءة
من سوريا إلى ألمانيا .. العنف الطائفي وصل الشتات السوري

أحداث العنف الطائفي التي تحصل في سوريا اليوم لا تؤثر على السوريين في الداخل فحسب، بل تمتد جذورها لأبعد من ذلك، إلى عمق الجالية السورية في بلاد المهجر، وخاصة في ألمانيا حيث توجد أكبر جالية سورية في أوروبا.

فقبل أشهر قليلة لم يكن يُسأل حسن 32 عاماً – سوري يعيش في ألمانيا - عن دينه أو طائفته، ولكن الحال تغيّر اليوم.

فرّ حسن من سوريا عقب مشاركته في الحرب الأهلية في بلاده إلى جانب القوات المناهضة لحكومة الأسد، ويعيش في ألمانيا منذ عام 2015.

قال حسن الذي رفض الإفصاح عن اسمه الكامل ويعيش في برلين لـ DW "إن مستوى الإساءة الطائفية وخطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي شديد". وأضاف: "نحن نخسر بعضنا البعض بسبب هذا".

يقصد حسن بـ "هذا" أعمال العنف الأخيرة التي حصلت في محافظة السويداء في جنوب البلاد بين الدروز البدو السنة في منتصف شهر تموز/ يوليو. بدأ القتال بينهما بسبب عمليات اختطاف متبادلة بين المجموعتين، ثم تصاعد أكثر مما أدى لتدخل القوات الحكومية السورية وتدخل إسرائيل في وقت لاحق.

أعمال العنف في السويداء ليست الأولى من نوعها في سوريا، إذ اندلعت أعمال عنف طائفية مشابهة بين الطائفة العلوية وسوريين آخرين في الساحل السوري في شهر أذار/ مارس.

وفي كلتا الحالتين حدثت تجاوزات وانتهاكات من أطراف شاركت في الصراعات، بالإضافة إلى وقوع أعمال نهب واختطاف وعنفـ، في ظل عجز الحكومة السورية المؤقتة عن حفظ الأمن.

الصراع الطائفي في سوريا ينتقل إلى ألمانيا

امتدت الصراعات الطائفية في سوريا إلى ألمانيا، وأصبحت تهدد وحدة السوريين في الداخل والخارج على حدّ سواء. وبهذا الصدد قال حسن: "يبدو أن الأشخاص الذين كنتُ قريباً منهم يعتقدون الآن أننا لا نستطيع أن نكون أصدقاء لأنني سني".

وعن الانقسام بين السوريين في ألمانيا قال ماجد وهو صديق درزي لحسن، عاد من السويداء قبل فترة قصيرة من اندلاع أعمال العنف الطائفية فيها: "أشعر أن الناس في برلين أكثر تشدداً تجاه هذا الأمر. أعتقد أن السبب هو تمسّك بعض الناس هنا بعقلية قديمة، ويتصرفون كما لو أن نظام الأسد ما زال مسيطراً".

هذا التحوّل بدا واضحاً لمعظم السوريين في ألمانيا بحسب رزان رشيدي، المديرة التنفيذية لمنظمة "حملة سوريا" لحقوق الإنسان، ومقرها برلين، قالت رشيدي: "في السنوات الأولى للثورة، كان هناك شعور قوي بالنضال المشترك. نادراً ما سأل الناس من هو السني، العلوي، المسيحي، الكردي. كنا متحدين حول معارضة الديكتاتورية والمطالبة بالحرية".

شجار سوري في ألمانيا

أحداث العنف الطائفي في سوريا قلبت الموازين، ففي 20 تموز/ يوليو حدث شجار بين متظاهرين سوريين في مدينة دوسلدورف.

التقت مجموعتان تتألفان من مئات المتظاهرين خارج محطة القطار الرئيسية في المدينة، كانت إحدى المجموعتان مؤيدة للأكراد والأخرى داعمة للحكومة السورية المؤقتة، وبعد استفزازات لفظية بين الطرفين اندلع الشجار بحسب شرطة دوسلدورف. ألقت الشرطة القبض على شخصين، وأفادت بجرح شخص آخر وحدوث أعمال شغب ناتجة عن رمي حجارة وزجاجات.

وعلى الجانب الآخر من البلاد، وخلال احتجاج في العاصمة برلين بعطلة الأسبوع ذاتها، سُمعت مجموعة صغيرة من الرجال من بين حوالي 400 شخص يهتفون ضد الدروز وإسرائيل.

وذلك بعد القصف الإسرائيلي الأخير لدمشق بزعم الدفاع عن الدروز السوريين. أدى تدخل إسرائيل في سوريا إلى زيادة حدة التوترات بين الدروز والسوريين الآخرين.

انتشر مقطع فيديو يصوّر الحادثة، علّق عليه عمدة برلين كاي فيجنر، وهو عضو في الحزب الديمقراطي المسيحي المحافظ قائلاً إن الدعوات إلى القتل والإرهاب غير مقبولة في برلين، وهدد فيجنر بترحيل السوريين الذين أدلوا بمثل هذه التصريحات.

ومع ذلك ما زال يدعوا سوريون إلى التعايش السلمي، ففي مقابلات أجرتها قناة سوريا التلفزيونية الناطقة بالعربية مع محتجين سوريين في برلين قال أحدهم: "هذا البلد ملك لنا جميعاً. يجب أن نتعايش مع بعضنا البعض". وأضاف آخر: "علينا أن نتكاتف".

وسائل التواصل الاجتماعي تؤجج العنف

المعلومات المضللة وخطاب الكراهية على الإنترنت وعلى مواقع التواصل الاجتماعي تزداد مع كل صراع، ما يعقد المسألة ويعزز من حدة الصراع بين أبناء الجالية السورية في ألمانيا، خاصة وأن بعضها مدعوم من قبل أحزاب وحكومات تفضل رؤية سوريا مقسمة.

ولتخفيف حدّة التوترات في الشتات السوري تشير رشيدي إلى أن أحد مشاريع حملة سوريا يعمل جاهداً على ذلك. ترغب رشيدي من الجميع "حث مفوضية الاتحاد الأوروبي على تنفيذ قانون الخدمات الرقمية، الذي يهدف إلى ضمان حماية المنصات لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي من الكراهية عبر الإنترنت".

ويدعو مشروع ثانٍ الأمم المتحدة والقادة الأوروبيين إلى بذل المزيد من الجهد لمنع الانقسام في سوريا.

بالإضافة إلى ما سبق ترى رشيدي ضرورة دعم منظمات المجتمع المدني السورية التي تعمل على مدار الساعة لتوثيق الجرائم، والدعوة إلى العدالة، ومعالجة الانقسامات، ومحاربة التضليل بحسب رشيدي.

من ضمنها حركة "التاسع من الشهر" السورية، المشتق اسمها من تاريخ إطلاق سراح السجناء السياسيين في سوريا في 9 كانون الأول/ ديسمبر 2024، تحاول المبادرة مواجهة التوترات بين السوريين في ألمانيا، ويريد أعضاء الحركة السوريين المعارضين لنظام الأسد حتى قبل 2011 الاحتجاج في التاسع من كل شهر.

نظمت الحركة وقفة احتجاجية صامتة خارج وزارة الخارجية الألمانية الاتحادية في برلين، دون أعلام للاحتجاج على "المجازر والحصار... والهستيريا الطائفية".

صرّح أحد مسؤولي المجموعة لـ DW بأنهم، مثل معظم السوريين، يرفضون التدخل الأجنبي في سوريا، ويريدون أن يروا الحكومة المؤقتة تفعل المزيد فيما يتعلق بالعدالة والمساءلة.

رفض المؤسس المشارك الإفصاح عن هويته لأنه حتى الآن ليس للمجموعة متحدث صحفي ولم يصدر عنها أي بيان رسمي، وقال: " تأسست الحركة للدفاع عن سوريا ديمقراطية متجذرة في حقوق الإنسان وسيادة القانون" وأضاف: "نحن نؤمن بأن سقوط نظام الأسد ما هو إلا خطوة أولى نحو سوريا التي نريدها والتي نقاتل من أجلها: سوريا لكل السوريين".

أعدته للعربية: ميراي الجرح

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة