ألمانيا ... تمييز فج بحق السود والمسلمين في سوق الإسكان

  • DWWbronzeبواسطة: DWW تاريخ النشر: منذ 13 ساعة زمن القراءة: 7 دقائق قراءة
ألمانيا ... تمييز فج بحق السود والمسلمين في سوق الإسكان

يعد السكن واحداً من أسياسيات الحياة ويؤثر على كل شيء بدءًا من الحياة المهنية وصولاً إلى الصحة الجسدية والعقلية. في ألمانيا، قد يكون العثور على مكان مناسب للعيش أمراً في غاية الصعوبة، ولكن يكون الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للأجانب والمجنسين ممن ليسوا من ذوي البشرة البيضاء.

صعوبة الحصول على مكان مناسب للسكن في ألمانيا أمرٌ تناولته دراسة جديدة أجراها "المركز الألماني لأبحاث الاندماج والهجرة" (DeZIM). وتُعد هذه الدراسة أول تحليل شامل لكيفية تعرض الأشخاص من أقليات عرقية وإثنية للعنصرية أو التمييز العرقي في سوق الإسكان.

أجرى "المرصد الوطني للتمييز والعنصرية" (NaDiRa)، وهو جزء من مركز (DeZIM)، مسحاً شمل لأكثر من 9,500 شخص بين آب/أغسطس 2024 وكانون الثاني/يناير 2025. وتم تحليل النتائج إحصائياً وربطها ببيانات رسمية، مثل معلومات عن التلوث البيئي في مناطق محددة.

وفي الدراسة، أفاد المسلمون والسود بأنهم يُستبعدون من معاينات الشقق بسبب التمييز بوتيرة أعلى بكثير من غيرهم، حيث بلغت الاحتمالية 35% و 39% للمسلمين والسود على التوالي، مقارنة بـ 11% لغير المعرضين للعنصرية.

كما وجد الباحثون أدلة تدعم هذا النمط، إذ أرسلوا طلبات لأصحاب إعلانات حقيقية لشقق، مع تغيير أسماء المتقدمين المفترضين مع الإبقاء على الدخل والتعليم كما هما. وأظهرت النتائج أن المتقدمين الذين يحملون أسماء ذات طابع ألماني كانت لديهم فرصة بنسبة 22% لتلقي دعوة للمعاينة، بينما تلقى 16% فقط من المتقدمين الذين يحملون أسماء شائعة في الشرق الأوسط أو تركيا أو إفريقيا دعوات لمعاينة الشقق.

ثلاثة طلبات يومياً من دون فائدة

جاءت بيلفين أوكوث إلى ألمانيا من كينيا لإكمال دراساتها العليا في عام 2023، وظلت تبحث عن شقة في مدينة بون منذ خمسة أشهر دون أن يحالفها الحظ.

تقول أوكوث إنها اشتركت في جميع بوابات العقارات تقريباً المتاحة على الانترنت، وترسل ما معدله ثلاثة طلبات يومياً. وقالت لـ DW: "لا يمكنني أن أقول على وجه اليقين، ولكن قد يكون هناك بعض التحيز، لأنني أحرص على إرسال طلباتي باللغة الألمانية، وصورتي ليست على ملفي الشخصي، لذا عندما يراني [أصحاب العقارات]، ربما يقولون: 'أوه، ربما ليس هذا ما توقعته'". وأضافت: "لا يمكنني أن أقول صراحة إنها مشكلة عرقية — أحاول ألا أرى الأمر بهذه الطريقة، وإلا سأشعر بالحزن الشديد [...] إذا أردت أن أرجع الأمر بالكامل إلى العرق، أشعر أنني لا أملك أي فرصة".

بعد التخرج، انتقلت أوكوث من سكن الطلاب وتعيش الآن في شقة يتم تأجيرها بشكل غير قانوني (التأجير من دون عقد وبالأسود)، وهي قضية أخرى سلط عليها تقرير (DeZIM) الضوء.

ووجد التقرير أن الأشخاص من خلفيات عرقية وإثنية أكثر عرضة للعيش في أوضاع إيجارية غير مستقرة: حيث كان لدى 12% من الأشخاص الذين يتعرضون للعنصرية عقود إيجار محددة المدة مقارنة بـ 3% من الأشخاص غير المعرضين للعنصرية. كما أنهم يميلون إلى مواجهة عبء مالي أعلى بكثير بسبب تكاليف السكن، مما يعني أنهم ينفقون 40% أو أكثر من دخلهم على السكن: حيث ينفق 37% من الأشخاص الذين يتعرضون للعنصرية أكثر من 40% من دخلهم على السكن مقارنة بـ 30% من الأشخاص غير المعرضين للعنصرية.

يقول طاهر ديلا، المتحدث باسم "مبادرة السود في ألمانيا" (ISD)، وهي مجموعة مناصرة لذوي البشرة السوداء بألمانيا ومقرها برلين: "سوق الإسكان ملوث بشكل تام بالعنصرية. يمكنك التحدث إلى جميع أنواع السود وسيخبرونك بقصص متشابهة جداً". ويضيف الشاب أن أصحاب العقارات نادراً ما يقولون صراحة إنهم يرفضون متقدماً على أساس العرق، لأن ذلك مخالف للقانون. ومع ذلك، أشار إلى أنه من الشائع أن يُدعى السود الذين يحملون أسماء ذات طابع ألماني إلى المعاينات ليُقال لهم فقط عند المعاينة إن الشقة قد تم تأجيرها بالفعل.

وأردف لـ DW: "في برلين، لا تجد شقة إلا من خلال العلاقات الشخصية، وهذا ينطبق على الجميع، وليس فقط على الملونين أو المهاجرين، ولكن بالطبع، العرق هو معيار للإقصاء في تجربتي الشخصية".

في هذا السياق، أخبر رجل أفريقي-ألماني طلب عدم الكشف عن هويته DW أنه على الرغم من حصوله على وظيفة بأجر جيد وعقد عمل دائم، طُلب منه تقديم كفيل يقبل تحمل المسؤولية عن أي ديون يتم تكبدها. وقال: "بالطبع هذه إحدى الطرق لإغلاق السوق. كما أنها تجعل من الصعب جداً على الأجانب العثور على مكان للإيجار".

تمييز يتضح في النزاعات مع الملاك والجيران

ألكسندر توم هو متحدث باسم "استأجر بعدل، عش بعدل" (Fair mieten, fair wohnen)، وهو مركز استشاري متخصص بالتمييز في سوق الإسكان، وهو الوحيد من نوعه في ألمانيا.

يقول توم إن التقرير يعكس الكثير مما يواجهه هو وزملاؤه في عملهم. يتجلى التمييز بقوة خاصة في النزاعات بين الجيران، والتي يقول توم إنها غالباً ما تكون أكثر ضرراً على المستوى الشخصي من عدم النظر في طلب الشخص أو رفضه بشكل قاطع للحصول على شقة. ويضيف لـ DW: "يبدأ الأمر بعدم المساواة، على سبيل المثال في فواتير التكاليف الإضافية أو حتى مبلغ الإيجار". وأضاف: "لكن ما نراه بوضوح شديد هو أن الأمور التي تبدو للوهلة الأولى وكأنها نزاع نموذجي بين الجيران تتحول إلى حالات تمييز ملموسة بشكل كبير".

يصف توم أنماطاً من الحالات، تشمل عادة الأمهات السود العازبات، اللاتي يتعرضن لتنمر من الجيران أو يتم الإبلاغ عنهن إلى شركة إدارة العقارات بسبب قضايا مثل أن أطفالهن "مزعجون للغاية" على حد زعمهم.

غالباً ما تُصدر شركات الإدارة تحذيرات للمستأجر دون حتى التحقق من الأدلة. وعندما يتم التحقيق في المشكلة، غالبًا لا تكون هناك مشكلة ضوضاء - وتتبين أن سجلات "التلوث الضوضائي" المفترضة التي يحتفظ بها الجيران الذين قدموا الشكوى الأولية غير دقيقة أو مزورة.

ديفيد*، وهو أمريكي من أصل أفريقي وحاصل على الجنسية الألمانية، عاش في ألمانيا لأكثر من عقد ويتحدث الألمانية بطلاقة، وقد اختبر بشكل مباشر نوع السلوك الذي يصفه توم. منذ سنوات، وهو منخرط في إجراءات قانونية ضد مالك العقار بعد رفضه في إجراء إصلاحات الصيانة الأساسية. وتلقى ديفيد إشعارات إخلاء متعددة اعتبرتها المحاكم غير قانونية.

كما حاول المالك مؤخراً رفع التكاليف الإضافية التي تعد جزءاً من الإيجار الإجمالي، لكن ديفيد نجح في الطعن في ذلك أمام المحكمة. وقال لـ DW: "أعتقد، ويعتقد بعض أصدقائي، أنه لم يكن ليجرؤ على التصرف بهذا القدر من الفظاعة لو كان المستأجر من أصل ألماني وأبيض البشرة". وأضاف: "كيف لا يخشى الملاحقة الجنائية؟ لأنه يعتقد بوضوح أنه مجرد شخص أسود ويمكنه أن يفعل ما يشاء، هذا واضح".

العنصرية تعني منازل أصغر وأكثر تكلفة وأقل جودة

تكشف دراسة "المركز الألماني لأبحاث الاندماج والهجرة" (DeZIM) عن عدم المساواة في مستوى السكن وتكلفته وحجمه. وأظهرت أن احتمال العيش في سكن به عيوب يبلغ حوالي 57% للأشخاص من الأقليات العرقية والإثنية، مقارنة بـ 48% للأشخاص غير المعرضين للعنصرية.

تتعرض هذه الأقليات بشكل متكرر لمستويات أعلى من التلوث البيئي، مثل مستويات ثاني أكسيد الكربون في بيئة معيشتهم. كما يعيشون في ظروف أكثر ضيقاً بكثير بمتوسط مساحة معيشة تبلغ 47 متراً مربعاً و 1.3 غرفة للشخص الواحد، مقارنة بـ 69 متراً مربعاً و 1.9 غرفة للأشخاص غير المعرضين للعنصرية.

يقول ألكسندر توم، المتحدث باسم "استأجر بعدل، عش بعدل" (Fair mieten, fair wohnen)، إن معالجة التمييز العنصري تتطلب القيام بعدة إجراءات، أهمها سد الثغرات التنظيمية وتشديد قوانين مكافحة التمييز.

كما دعت نوا ك. ها، المديرة العلمية لمركز (DeZIM)، إلى تعزيز قانون مكافحة التمييز وتوفير المزيد من السكن الاجتماعي بأسعار معقولة. وقالت نوا ك. ها لـ DW: "منذ السبعينيات، شهدنا تحريراً لسوق الإسكان، وهذا يجعل الأمر أكثر تعقيداً بالنسبة للأشخاص المستضعفين للحصول على أي سكن"، مضيفة أن المهاجرين من الجيل الثاني لديهم فرص أسوأ في سوق الإسكان؛ فالأمر لا يتعلق بالمهارات اللغوية أو التعامل مع نظام أجنبي.

*تم تغيير الاسم.

أعده للعربية: عماد حسن

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة