ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع

سبق فلاسفة الغرب في وضع أسس الاجتماع

  • تاريخ النشر: الخميس، 16 يوليو 2020 آخر تحديث: الجمعة، 17 يوليو 2020
ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع

كان ابن خلدون مؤرخًا وعالمًا تاريخيًا هاماً، وهو أحد أهم رواد علم الاجتماع، ليس فقط في الوطن العربي بل في العالم. ومن أهم وأشهر أعماله كتاب “مقدمة ابن خلدون“، والذي أثر  تأثيراً كبيراً على المؤرخين في القرن السابع عشر حيث استطاعوا أن يستفيدوا من نظريات الكتاب في تحليل نمو وتدهور الإمبراطورية العثمانية. وهو ماجعله واحداً من أعظم المؤرخين والفلاسفة في العصور الوسطى.

 ولد "أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي" في تونس في فترة عهد الدولة الحفصية والتي حكمت بلاد المغرب العربي لعدة عقود.

وترعرع في أسرة تميزت بالعلم والأدب، رباه والده وأسسه على العلم، فحفظ القرآن الكريم في طفولته، كما أن أجداده قد تقلدوا في الأندلس وتونس مناصب سياسية ودينية هامة، وكان أهله قد قدموا من الأندلس إلى تونس في منتصف القرن السابع الهجر.

عاش ابن خلدون معظم مراحل حياته في المغرب الأقصى وتونس، وكتب الجزء الأول من (المقدمة) بقلعة أولاد سلامة بالجزائر، وعمل مدرسًا في جامعة الزيتونة بتونس، وبجامعة القرويين في فاس، ثم ترك التدريس ليتفرغ للبحث والتنقيب في العلوم الإنسانية لمدة أربع سنوات ليكتب ما عُرف بمقدمة ابن خلدون، والتي كانت أساسًا لعلم الاجتماع الذي بناه على الاستنتاج والتحليل لقصص التاريخ وحياة الإنسان.

مقدمة ابن خلدون:

و من أهم مؤلفاته الأولى كتاب "العبر" الذي تناول فيه تاريخ البربر، ويعد هذا الكتاب واحدا من أهم مصادر تاريخ البربر. ولاحقًا توسع فيه ليشمل التاريخ العالمي، كما أنه أوضح بعض النماذج الاقتصادية الهامة، ووصف الاقتصاد بأنه يتألف من عمليات ذات قيمة مضافة، وأكد على أن العمل والمهارة والتقنيات والحرف من الأمور المهمة التي تساهم في بيع المنتج بسعر أعلى.

و مقدمة ابن خلدون، وهو كتاب منفصل وضعه ابن خلدون مقدمة لكتابه (العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر).

تعد المقدمة مؤلفًا منفصلًا يحمل طابعًا موسوعيًا،وقد ضمت  مختلف ميادين المعرفة من الشريعة والتاريخ والجغرافيا والاقتصاد والعمران والاجتماع والسياسة والطب، كما أنها تناولت أحوال البشر وطبائعهم وأثرها على الإنسان، وعرض خلالها تطور الأمم وأسباب انهيارها، وتفسير العصبية ومفهومها، وهو ما أعله ﻷن يُعد مؤسسًا لعلم الاجتماع. وقد سبق في ذلك الفيلسوف الفرنسي أوجست كانط، والي يعده الغرب مؤسساً لعلم الاجتماع.

 وقد تضمنت المقدمة مجموعة من النظريات والأسس لعلم الاجتماع، ويمكن الوقوف على ثلاثة مفاهيم أساسية في مقدمته تؤكد أنه المؤسس الحقيقي لعلم الاجتماع، فقد بيّن أن المجتمعات البشرية تمشي وفق قوانين معينة وهذه القوانين تسمح بقدر من التنبؤ بالمستقبل إذا درست وفهمت جيدًا. وقال أن علم العمران لا يتأثر بالحوادث الفردية وإنما بكل المجتمعات، وفي النهاية أكّد على أن هذه القوانين تستطيع المجتمعات تطبيقها بشرط أن تكون ذات بنية موحدة.

فلسفة ابن خلدون :

اطلع ابن خلدون على آراء من سبقه من العلماء، فحلل آراءهم ودرسها دراسة عميقة وساعده على ذلك رحلاته إلى العديد من البلدان في شمال إفريقيا والشام والحجاز، واطلاعه على العديد من الكتب فيها، ورغم اعتراضه على بعض آراء العلماء إلا أنه كان أمينًا في نقدها وعرضها، كما أنه كان يصحح بعض الأمور التي كانوا يجهلونها، وخاصة عن عادات الأمم، وقواعد وأصول المقايسة وكان على معرفة ودراية بأحوال البشر ونقد آرائهم، دقيق الملاحظة، مناصرا لحرية التفكير، يحرص على احترام أصحاب الآراء المخالفة لرأيه. وقد أثرت سعة اطلاعه على الأمور السياسية والدينية والإدارية أثرًا بالغًا في كتاباته وملاحظاته عن التاريخ. 

وفي مقدمته تحدث عن الفلسفة وقال أنها علم استحدث مع تطور العمران، وقد نظم أفكاره ونظرياته في علم الاجتماع والتاريخ على أساس فلسفته الخاصة، وهو ما جعل عرضه مختلفًا عن رواة التاريخ الذين سبقوه ، لأنهم كانوا يخلطون بين  الخرافات والأحداث الحقيقية، كما أنهم فسروا التاريخ استنادًا إلى الخرافات والتنجيم، أما ابن خلدون فقد قال عن التاريخ بأنه “في ظاهره لا يزيد على أخبار الأيام والدول، وفي باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومبادئها، وعلم بكيفيات الوقائق وأسبابها، وذلك لأن التاريخ هو خبر عن المجتمع الإنساني الذي هو عمران العالم، وما يعرض لطبيعة هذا العمران من الأحوال“.

مؤلفاته:

 ترك ابن خلدون خلفه العديد من المؤلفات والكتب العظيمة ، ومن بينها كتاب العبر، الذي تحدث فيه ابن خلدون عن علم التاريخ وهو أفضل كتاب في التاريخ، وقد شرح قصيدة البردة.

 وله كذلك كتاب في الحساب، ومن مؤلفاته أيضًا رسالة في المنطق، وشفاء السائل في تهذيب المسائل، وكتاب تاريخ ابن خلدون، وله ملخص بعض من كتب ابن رشيد، وكتاب لباب المحصول في أصول الدين، وكتاب تفسير أرجوزة ابن الخطيب.

توفي ابن خلدون سنة 808 للهجرة أي سنة 1404 ميلاديا في مصر بالقاهرة، ودفن جثمانه في مقابر الصوفية، ويقع قبره في الجهة الشمالية من القاهرة بالقرب من باب النصر، وكان عمره عندما توفي 78 عامًا.

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة