الأشهر الحرم: ترتيبها وفضل كل منها وسبب التسمية

  • تاريخ النشر: الجمعة، 31 يوليو 2020 آخر تحديث: الأحد، 26 يونيو 2022

"إِنَّ عِدَّةَ الشُّهورِ عِندَ اللَّـهِ اثنا عَشَرَ شَهرًا في كِتابِ اللَّـهِ يَومَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ مِنها أَربَعَةٌ حُرُمٌ"، فقد خص الله -تعالى- تلك الأشهر الأربعة بتحريم القتال لما فيها من أجر كبير وثواب عظيم ومضاعفة للحسنات.. تعرف على ترتيب الاشهر الحرم وفضلها وميزان الحسنات والسيئات فيها.

الأشهر الحرم

روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنَّ الزَّمانَ قَدِ اسْتَدارَ كَهَيْئَتِهِ يَومَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَواتِ والأرْضَ، السَّنَةُ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْها أرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثٌ مُتَوالِياتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وذُو الحِجَّةِ، والمُحَرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ الذي بيْنَ جُمادَى وشَعْبانَ"، فقد فسر -عليه السلام- في هذا الحديث ما جاء في قوله تعالى: " إِنَّ عِدَّةَ الشُّهورِ عِندَ اللَّـهِ اثنا عَشَرَ شَهرًا في كِتابِ اللَّـهِ يَومَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ مِنها أَربَعَةٌ حُرُمٌ"، فالأشهر الحرم هي:

1. شهر محرم

  • هذا الشهر هو أول الشهور في السنة الهجرية، وقد اختصه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالوصف في حديثه باسم "شهر الله المحرم"؛ فيكون هذا الشهر هو الوحيد الذي تمت إضافته إلى الله -تعالى- تعظيما له.
  • وقال الحافظ أبو الفضل العراقي أن السبب وراء تسميته بشهر الله، لأنه أول شهور السنة الهجرية وفضل الصيام فيه يأتي بعد فضل صيام شهر رمضان، فكانت الإضافة زيادة في التخصيص. فلما جاء الإسلام وافقهم على هذا الأمر الجميل.
  • وسمى بالمحرم لأن العرب قبل الإسلام حرموا فيه القتال حتى يأمن الناس على أنفسهم،
  • وفي فضل صيام هذا الشهر روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قال: " أَفْضَلُ الصِّيامِ، بَعْدَ رَمَضانَ، شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمُ، وأَفْضَلُ الصَّلاةِ، بَعْدَ الفَرِيضَةِ، صَلاةُ اللَّيْلِ" رواه الإمام مسلم وأخرجه في صحيحه.

2. شهر رجب

  • هذا الشهر هو سابع شهور السنة الهجرية، ويأتي شهر رجب قبل شهر شعبان، وبعد شهر جمادى الثاني. وكانت العرب قبل الإسلام في الجاهلية يحتفلون في شهر رجب ويقدمون الذبائح للأصنام التي كانوا يعبدونها، ولكن الإسلام حرم هذه الاحتفالات وأبطلها لأنها كانت لغير وجه الله تعالى.
  • ومعنى رجب: أي: الشيء المُهاب والمعظَّم؛ وسمي بذلك لأن العرب كانوا يتركون ويهابون القتال فيه.

3. شهر ذو القعدة

  • شهر ذو القعدة هو الشهر الحادي عشر من الشهور الهجرية، ويأتي بعد شهر شوال، وقبل شهر ذي الحجة، وتمت تسميته بهذا الاسم لأن العرب كانوا يقعدون فيه عن الأمور التي يفعلونها في بقية الشهور.

4. شهر ذو الحجة

فضل الأشهر الحرم

  • اختص الله -تعالى- الأربعة أشهر الحرم من بين جميع أشهر السنة الهجرية بالمنزلة العظيمة والفضل الكبير، كما اختص غيرها من الخلائق كالملائكة والأنبياء والرسل، وغيرها من الأزمنة كيوم الجمعة وليلة القدر وشهر رمضان، ومن الأماكن مواضع المساجد في جميع أنحاء العالم، وخاصة المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى.
  • فكان لاختصاص تلك الأشهر من قبل الله -تعالى- أثر كبير على جميع المسلمين للالتزام بما أمر الله تعالى فيها من الطاعات واجتناب ما نهانا الله -تعالى- عنه في تلك الشهور المحرمة، تعظيما له وإجلالا لكلام الله -تعالى- عن تلك الأشهر الحرم.
  • وقد قال قتادة عن الظلم في الأشهر الحرم: "الظُّلْمُ فِي الأَشْهُرِ الْحُرُمِ أَعْظَمُ خَطِيئَةً وَوِزْرًا مِنَ الظُّلْمِ فِيمَا سِوَاهَا، وَإِنْ كَانَ الظُّلْمُ فِي كُل حَالٍ عَظِيمًا، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُعَظِّمُ مِنْ أَمْرِهِ مَا شَاءَ؛ فَعَظِّمُوا مَا عَظَّمَ اللَّهُ، فَإِنَّمَا تُعَظَّمُ الأُمُورُ بِمَا عَظَّمَهَا اللَّهُ عِنْدَ أَهْل الْفَهْمِ وَأَهْل الْعَقْل".

    شاهد أيضاً: احمد الشقيري

ترتيب الأشهر الحرم

  • تأتي ثلاثة من الأشهر الحرم متتالية، وهي ذو القعدة وذو الحجة وشهر الله المحرم، ثم يأتي بعد ذلك شهر رجب منفردا عن بقية الأشهر بعيدا عنها؛ حيث يأتي بين شهري جمادى وشعبان، وروي في الأثر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ترتيب الأشهر الحرم يكون بداية من شهر رجب، ثم بعد ذلك ذو القعدة وذو الحجة وشهر محرم.
  • وبالتالي فقد رجع الكثير من الباحثين في هذا الشأن أن الأشهر الحرم تم تشريعها على عامين هجريين، وهو الصحيح من قول كثير من العلماء؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هاجر إلى المدينة المنورة في شهر ربيع الآخر، فيكون شهر رجب هو أول الشهور المحرمة التي مرت على النبي.
  • بينما ورد عن الكوفيين أن بداية الأشهر الحرم تكون من شهر الله المحرم، ثم يأتي شهر رجب، ثم ذو القعدة، وذوالحجة آخر الشهور الهجرية والشهور المحرمة.
  • وكان بعض العرب في الجاهلية يمكرون في الأشهر الحرم ليتمكنوا من القتال فيها وهو محرم، فكانوا يجعلون شهر رجب حلالا من أحد الأعوام إذا أرادوا القتال فيه، وجعلون صفر شهرا حراما بدلا عنه، ويعودون لتحريم رجب في العام التالي.
  • وذلك المكر والتحايل هو ما ورد فيه النهي في قوله تعالى: "إِنَّمَا النَّسيءُ زِيادَةٌ فِي الكُفرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذينَ كَفَروا يُحِلّونَهُ عامًا وَيُحَرِّمونَهُ عامًا لِيُواطِئوا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّـهُ فَيُحِلّوا ما حَرَّمَ اللَّـهُ زُيِّنَ لَهُم سوءُ أَعمالِهِم وَاللَّـهُ لا يَهدِي القَومَ الكافِرينَ"
  • وتأكيدا على تحريم ما كان يفعله المشركون، خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع بالمسلمين لينبههم على عدم العودة إلى ذلك، فبعد أن أدى الحج وكانت خطبته في يوم عرفة من شهر ذي الحجة وهو أحد الأشهر الحرام، قال عليه السلام: "إنَّ الزَّمانَ قَدِ اسْتَدارَ كَهَيْئَتِهِ يَومَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَواتِ والأرْضَ، السَّنَةُ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْها أرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثٌ مُتَوالِياتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وذُو الحِجَّةِ، والمُحَرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ الذي بيْنَ جُمادَى وشَعْبانَ".

الحسنة والسيئة في الأشهر الحرم

  • صحَّ عن الكثير من أهل العلم بمضاعفة الأجر في الثواب والعقاب في الأشهر الحرم، وكان ذلك استنادا إلى قوله تعالى: "(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ" (التوبة:36)
  • وقال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره قوله -تعالى- "فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ"، أي في هذه الأشهر المحرمة، لأنها آكد، وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في البلد الحرام تكون مضاعفة، لقوله تعالى: "وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ" (الحج:25)
  • وكذلك تغلظ الآثام في الشهر الحرام، ولذلك تغلظ فيه دية القتل في مذهب الشافعية وطائفة كبيرة من العلماء، ويؤيد ذلك ما أسلف ذكره عن قتادة أنه قال: "إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرًا من الظلم في سواها، وإن كان الظلم على كل حال عظيمًا، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء"
  • وقال القرطبي -رحمه الله-: "لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب، لأن الله -سبحانه- إذا عظم شيئًا من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيء، كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام، ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال، وقد أشار الله إلى هذا بقوله: "يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا" (الأحزاب:30)".

المصادر:

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة