رئيسة وزراء باكستان الراحلة بنظير بوتو (Benazir Bhutto)

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأربعاء، 18 أغسطس 2021
رئيسة وزراء باكستان الراحلة بنظير بوتو (Benazir Bhutto)

استلمت بنظير بوتو منصب رئاسة وزراء باكستان مرتين، ثم أقيلت بتهم فساد، نفيت خارج بلدها مرتين، الأولى بعد وفاة والدها، والثانية بعد إقالتها من منصبها، لكنها عادت بعفو رئاسي، وترشحت للانتخابات البرلمانية في عام 2007 لكنها اغتيلت قبل إجراء هذه الانتخابات.. فمن هي بنظير بوتو؟ كيف عاشت؟ ماذا درست؟ ما دورها في الحياة السياسية؟ كيف تم اغتيالها؟ هذا ما سنجيب عنه في هذه المقالة.

 

طفولة بنظير بوتو وعائلتها

ولدت بنظير بوتو في مستشفى كراتشي بينتو في الحادي والعشرين من شهر حزيران/يونيو عام 1953، والدها الرئيس الباكستاني الراحل ذو الفقار علي بوتو، الذي كان مؤسساً لحزب الشعب الباكستاني، والدتها الإيرانية نصرت أصفهاني المعروفة باسم (نصرت بوتو)، كانت بنظير الابنة الكبرى لوالديها، لديها ثلاثة أشقاء أصغر منها، هم: (مرتضى، شاه نواز، سنام).

 

درست في باكستان والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا

درست بوتو في مدرسة سيدة الحضانة لمدة عامين، ثم درست في دير يسوع ومريم في كراتشي حيث أنهت المرحلة الابتدائية، ثم تابعت دراستها الثانوية في مدرسة كراتشي وتخرجت منها في عام 1969.

سافرت بنظير بوتو إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث تابعت دراستها، ودخلت كلية العلوم السياسية في جامعة هارفارد في عام 1969، وخلال دراستها كانت تعرف بنظير باسم بينكي (Pinkie) أي وردية اللون، للدلالة على خجلها، فتخرجت منها بعد حصولها على درجة البكالوريوس مع مرتبة الشرف، وذلك في عام 1973.

تابعت بنظير بوتو دراستها في جامعة أكسفورد البريطانية في عام 1973، حيث درست القانون الدولي والدبلوماسية وفي عام 1976 أصبحت رئيسة اتحاد الطلبة في جامعة أكسفورد، وبذلك تكون أول سيدة آسيوية تستلم هذا المنصب في بريطانيا، تخرجت من الجامعة في عام 1977.

 

زواج بنظير بوتو

تزوجت بنظير بوتو من آصف علي زرداي في كراتشي في الثامن عشر من شهر كانون الأول/ديسمبر عام 1987، أنجبت له ثلاثة أطفال، هم: بيلاوال من مواليد الحادي والعشرين من شهر أيلول/سبتمبر عام 1988، آصيفة، بيختوار.

 

والد بنظير بوتو من الرئاسة إلى الإعدام

أصبح ذو الفقار علي بوتو والد بنظير بوتو في الأول من شهر نيسان/أبريل عام 1976 رئيساً لباكستان، فعيّن ذو الفقار علي بوتو محمد ضياء الحق قائداً للقوات العسكرية الباكستانية، وبعد استلام ذو الفقار علي بوتو السلطة اندلعت مظاهرات ضده، إضافةً لانتشار العنف الذي أدى لمقتل المئات وجرح الآلاف، فطالب بوتو الجيش بالتدخل لضبط الأمن، لكن ضباط الجيش رفضوا الاستجابة لطلب الرئيس ذو الفقار علي بوتو، فاستغل قائد القوات العسكرية ضياء الحق الاضطرابات وقام بانقلاب عسكري على الرئيس ذو الفقار علي بوتو في الخامس من شهر تموز/يوليو عام 1977، حيث قام بفرض الأحكام العرفية وتعهّد بإجراء انتخابات في غضون ثلاثة أشهر.

لكنه لم يفِ بوعده، بل اتهم الرئيس الأسبق ذو الفقار علي بوتو بالتآمر لقتل والد السياسي المعارِض أحمد رضا قصوري، فتم سجنه مع زوجته نصرت أصفهاني المعروفة باسم (نصرت بوتو) وابنته بنظير، وحكمت المحكمة على ذو الفقار علي بوتو بالإعدام شنقاً، ونُفِّذ الحكم في الرابع من شهر نيسان/أبريل عام 1979، وبقيت عائلته تحت الاعتقال حيث سجنت بنظير بوتو في سجن انفرادي، بقيت هي وعائلتها في السجن حتى الحادي عشر من شهر كانون الأول/ديسمبر عام 1981، حيث وضعت مع عائلتها تحت الإقامة الجبرية حتى شهر كانون الثاني/يناير من عام 1984، عندما أفرج الرئيس ضياء الحق عن بنظير وعائلتها، فسافرت مع عائلتها إلى العاصمة البريطانية لندن.

 

ضياء الحق من الرئاسة إلى الموت حرقاً

على الرغم من وعوده، إلا أن الرئيس ضياء الحق رفض إجراء انتخابات برلمانية خشية فوز حزب الشعب الباكستاني فيها، فقام الحزب بتشكيل الحركة الوطنية من أجل استعادة الديمقراطية في عام 1980، الذي ضم إضافةً لحزب الشعب، أحزاب الوسط واليسار، حيث طالبت الحركة باستقالة الرئيس ضياء الحق، كذلك إلغاء الأحكام العرفية، وإجراء انتخابات وطنية، رفض ضياء الحق الاستجابة لمطالب الحركة الوطنية من أجل استعادة الديمقراطية، وأجرى استفتاءً حول أسلمة الدولة في أوائل شهر كانون الأول/ديسمبر عام 1984 حصد تأييد الأغلبية.

وفي السابع عشر من شهر آب/أغسطس عام 1988 استقل الرئيس ضياء الحق طائرة هليكوبتر عسكرية يرافقه السفير الأمريكي في باكستان أرنولد رافاييل والجنرال الأمريكي هربرت واسوم لاختبار دبابات أمريكية قرر ضياء الحق شرائها، وما إن أقلعت الطائرة حتى سقطت محترقة بعد انفجار قنبلة بها قيل أنها وضعت في صندوق به هدية ضياء الحق (عبارة عن ثمار المانجو الذي كان ضياء الحق يحبها)، بعد ذلك عادت بنظير بوتو إلى باكستان في عام 1988.

 

بناظير.. زعيمة لحزب الشعب بعد والدها

بعد سفر بنظير بوتو إلى العاصمة البريطانية لندن في شهر كانون الثاني/يناير عام 1984، استأنفت نشاطها السياسي، وأصبحت زعيمة حزب الشعب الباكستاني خلفاً لوالدها، حيث عملت على زيادة الوعي لدى الباكستانيين، وكشف ممارسات الرئيس ضياء الحق من ممارسة التعذيب بحق السجناء وغيرها.

أصغر امرأة.. رئيسة وزراء باكستان

وبعد موت ضياء الحق استلم السلطة وفقاً للدستور رئيس مجلس الشيوخ غلام إسحق خان، الذي أعلن عن إجراء الانتخابات البرلمانية في شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 1988، ففاز حزب الشعب الباكستاني بزعامة بنظير بوتو بالأغلبية البرلمانية، لتصبح بذلك أصغر امرأة باكستانية تدخل البرلمان (كان عمرها خمسة وثلاثون عاماً)، ثم ترأست مجلس الوزراء للمرة الأولى في الثاني من شهر كانون الأول/ديسمبر عام 1988، وفي نفس الشهر، انتُخب الرئيس المؤقت غلام إسحق خان من خلال المجلس الوطني ومجلس الشيوخ وأربعة مجالس محلية ليكون رئيساً للجمهورية.

فضيحة عسكرية

كشفت المخابرات الباكستانية في عام 1989 (عملية ابن آوى)، قام بها ضباط سابقون في المخابرات تقوم على حجب الثقة عن حكومة بوتو من خلال رشوة أعضاء البرلمان للتصويت لصالح حجب الثقة، وكشفت العملية من خلال التقاط اتصالات بين ضابطين تحدثا عن تقديم الرشاوى لأعضاء البرلمان، حيث تمت محاكمة الضباط المتورطون في هذه العملية، ولم يفرج عنهم حتى عام 1996، عندما تولى نواز شريف رئاسة الوزراء في باكستان.

سياسة بوتو الداخلية والخارجية

قادت بنظير بوتو سياسة الخصخصة لمؤسسات الدولة، مثل الخطوط الجوية الباكستانية والدولية في شهر نيسان/أبريل عام 1989، لكنها لم تنجح لأن الاستثمارات الخاصة لم تكن كافية، كما أعلنت بنظير بوتو عام 1990 سنة الفضاء في باكستان، ومنحت جوائز وطنية للعلماء المهندسين الذين شاركوا في تطوير القمر الصناعي الذي أطلق في نفس العام، وبذلك أصبحت باكستان أول دولة إسلامية تطلق قمراً صناعياً في الفضاء.

أما في السياسة الخارجية رفضت بنظير بوتو الدعم الأمريكي للمجاهدين الأفغان ضد الوجود السوفيتي في أفغانستان، كما تراجعت العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وباكستان في عام 1990 بسبب الشكوك الأمريكية بامتلاك باكستان الأسلحة النووية، أما بالنسبة للعلاقات مع الهند فقد سادها التوتر بعد غزو القوات الهندية لمدينة كشمير الحدودية بين الدولتين، حيث سعت بنظير بوتو لدعم الحركات الانفصالية ضد القوات الهندية.

 

بنظير بوتو من رئاسة الوزراء إلى المحاكمة

نتيجة الخلافات بين رئيس الجمهورية غلام إسحق خان ورئيسة الوزراء بنظير بوتو بسبب تعيين القيادات العسكرية ورئيس المحكمة العليا، قام الرئيس الباكستاني بحل المجلس الوطني، وإقالة الحكومة التي تترأسها بنظير بوتو، ودعا لانتخابات جديدة، بحجة الفساد وسوء استخدام السلطة، وذلك في شهر آب/أغسطس عام 1990، حيث مثلت بنظير بوتو أمام المحاكم الخاصة في الفترة ما بين شهر أيلول/سبتمبر عام 1990م وشهر أيار/مايو عام 1991 بتهمة سوء استخدام السلطة وسوء إدارة المال العام، وأعلنت المحكمة براءتها م هذه التهم في عام 1993، واعتقل زوجها آصف علي زرداري أيضاً منذ 1990م حتى أُطلق سراحه عام 1993.

 

بنظير بوتو تعود لرئاسة مجلس الوزراء

انتخب المجلس الوطني بنظير بوتو رئيسة للوزراء في العشرين من شهر تشرين الأول/أكتوبر عام 1993، حيث شكلت حكومة ائتلافية من مجموعة من الأحزاب الصغيرة، وفي الثالث عشر من شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 1993 انتخب مرشح حزب الشعب فاروق ليجاري رئيساً لباكستان، حيث قامت بنظير بوتو بتسمية عام 1996 (سنة تكنولوجيا المعلومات)، فعملت على محو الأمية الحاسوبية (عدم معرفة استخدام الكمبيوتر)، كما أنشأت البنية التحتية لمجمعات البرمجيات التكنولوجيا في المناطق الريفية والمدن، وقدمت المساعدة المالية لشركات البرامج في القطاع العام، كما أطلقت القمر الصناعي الباكستاني الثاني في عام 1996. بقيت بنظير بوتو في منصبها حتى عام 1996، حيث أقالها الرئيس الباكستاني بتهمة الفساد، فسافرت إلى منفاها الاختياري في المدينة الإماراتية دبي في عام 1998.

بنظير بوتو في المنفى

اتهمت بنظير بوتو بتلقي الرشاوي هي وزوجها زرداي ولوحقت قضائياً، فبقيت بوتو في المنفى ما بين الإمارات العربية المتحدة وبريطانيا، وفي عام 2002، صدر قراراً بمنعها من دخول البلاد، بسبب عدم حضورها إلى المحكمة، كما أصدر المجلس الوطني استجابة لطلب الرئيس برويز مشرف؛ تشريعاً حدد فيه عدد المرات المسموح بها لتولي منصب رئيس الوزراء باثنتين، الأمر الذي يحول دون عودتها لاعتلاء المنصب.

 

العودة والنجاة من محاولة اغتيال

أصدر الرئيس برويز مشرف عفواً في عام 2007 شمل بنظير بوتو، فعادت بنظير إلى باكستان للمشاركة في الانتخابات البرلمانية، وذلك في الثامن عشر من شهر تشرين الأول/أكتوبر عام 2007، فاستهدف موكبها في اليوم التالي بتفجيرين انتحاريين في كراتشي، مما أدى إلى مقتل أكثر من مئة وخمسة وعشرين شخصاً، ونجت بنظير بوتو من محاولة الاغتيال.

اغتيال بنظير بوتو

بعد خروجها من مؤتمر انتخابي لمناصريها في السابع والعشرين من شهر كانون الأول/ديسمبر عام 2007، فتحت بنظير بوتو سيارتها لتحية الجماهير المحتشدة لتأييدها في مدينة روالبندي، فأطلق عليها النار فأصيبت برصاصتين في العنق والصدر، تبع إطلاق النار تفجير قام به انتحاري على بعد خمسة وعشرين متراً من موكبها، ورغم أن تم إسعاف بنظير قبل التفجير إلا أنها ماتت أثناء خضوعها لعملية جراحية لاستئصال الرصاصتين التي أصيبت بهما، فأعلن رئيس الوزراء نواز شريف الحداد ثلاثة أيام بمناسبة وفاة بنظير بوتو.

هوية قاتل بنظير بوتو

كشفت وزارة الداخلية الباكستانية أن لديها أدلة دامغة تبين أن تنظيم القاعدة هو من يقف وراء اغتيال بوتو، وقال العميد جاويد إقبال شيما: "كشفت المخابرات خطاباً لزعيم تنظيم القاعدة بيت الله محسود هنأ بموجبه شعبه لتنفيذ هذا العمل الجبان"، وفي شهر نيسان/أبريل من عام 2013 وضعت المحكمة برويز مشرف قيد الإقامة الجبرية لاتهامه بأنه جزء من مؤامرة اغتيال بوتو، ووجهت إليه تهمة عدم توفير الحماية اللازمة لبوتو.

مؤلفات بنظير بوتو

نشرت بوتو سيرتها الذاتية بعنوان (بوتو، ابنة الشرق)، في عام 1988، كما نشرت كتاب (ابنة القدر) في عام 1989؛ كما ألّفت كتب (المصالحة: الإسلام والديمقراطية، والغرب)، والتي نشرت بعد وفاته في عام 2008.

تكريم بنظير بوتو

حصلت بنظير بوتو على جائزة التسامح العالمي من حفل توزيع جوائز العالم للسيدات في مدينة لايبزيغ الألمانية في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2005.

في الختام.. شكل وصول بنظير بوتو لمنصب رئاسة الوزراء كأعلى منصب تتولاه سيدة في باكستان تحدياً لها ولأسرتها، حيث اتهمت بالفساد لإقالتها من منصبها قبل أن تعود المحكمة لتبرئتها، وعندما قررت العودة للعمل السياسي تم اغتيالها قبل أن تحقق ما أرادت الوصول إليه، لكن بنظير بوتو تبقى مثالاً للمرأة الراغبة والطامحة التي تسعى بكل ما تملك لتحقيق أحلامها مهما كانت صعبة التحقيق.

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة