هل فكّرتَ أن تكون مساحة العمل بهذا الهدوء يوماً؟

  • ومضةبواسطة: ومضة تاريخ النشر: الثلاثاء، 12 مايو 2015 آخر تحديث: الأحد، 06 فبراير 2022
هل فكّرتَ أن تكون مساحة العمل بهذا الهدوء يوماً؟

شهدَت سياحة ركوب الأمواج زيادةً مطّردةً في الشعبية خلال السنوات الماضية، وقرية تغازوت المغربية التي تقع شمال أغادير لم تحِد عن هذا التوجّه. فعندما ترى شاطئها الجميل ومناظرها الخلّابة، يمكنك أن تفهم لماذا أصبحَت مقصداً لمن يريد ممارسة اليوغا والسفر لركوب الأمواج. ولكن، يوجد شريحةٌ أخرة من هؤلاء السيّاح تستحق النظر إليها، إنّهم روّاد الأعمال.

نحاكي قيَمنا الأساسية

يجد روّاد الأعمال، على نحوٍ متزايد، قيمةً في تغيير الوضع القائم، سواء كان ذلك مقهىً أم مساحة عملٍ مشتركة أم مقعداً لصديق، فلمَ لا يكون قارّةً مختلفةً تماماً؟

وفي حين يمكن أن تتجلّى ريادة الأعمال بعدّة أشكال ومبادرات، فإنّ محرّرة اللغة الفرنسية في "ومضة"، ألين ميارد، أظهرَت ميولها الريادية عبر مشروع "بلو هاوس" Blue House [البيت الأزرق] الذي أطلقَته في تغازوت قبل أشهر قليلةٍ.
بما أنّ ريادة الأعمال في صميم مهمّة "ومضة"، فالعمل على مقربةٍ من روّاد الأعمال يكون ملهماً جدّاً، ويمكن ملاحظة أنّ عدداً من أعضاء فريقنا قد أسّسوا مشاريع بأنفسهم. ولذلك، لم نتفاجأ عندما أخبرَتنا ألين ما الذي كانت تعمل عليه.

الصيد في الماء الصافي

تعرّفَت ألين إلى تاغازوت في بداية الأمر بعد حديثها مع مؤسِّسي كلٍّ من "مابيتا" Mapita التي تتّخذ من بريطانيا مقرّاً لها و"تشوي" Chui التي منتجت عن تعاونٍ أرمنيٍّ مغربيّ، الذين كانوا في زيارةٍ لهذا البلدة بهدف الاستمتاع بشواطئها الرملية وركوب الأمواج والتركيز على العمل. ولكن بعدما علمَت أنّهم مدّدوا إقاماتهم في هذه البلدة، ازداد فضولها.

هل فكّرتَ أن تكون مساحة العمل بهذا الهدوء يوماً؟

لم تضيّع ألين الوقت، فوصلَت في شهر شباط/فبراير من عام 2014 إلى تاغازوت التي تقول عنها: "سرعان ما اكتشفتُ لِمَ يحبّها الناس. خلال الأيام الثلاثة التي قضيتها فيها كنتُ أكثر إنتاجيةً من السابق." لقد أدركَت أنّها الفرصة الأمثل لكي تطلق مشروعها الأوّل، فتقول "في شهر آب/أغسطس، قرّرتُ ألّا أنشئ مساحة عملٍ مشتركةٍ وحسب (يوجد مساحة عملٍ قائمةٌ للتوّ تُدعى ‘صَن ديسك‘ SunDesk)، بل مكاناً للشركات الناشئة آمناً للتفكير." بعد ذلك، عكفَت على إقامة أبحاثٍ حول البيئة التي قد تساعدها في تحقيق رؤيتها، واستطلعَت عدداً من المؤسِّسين لفهم حاجاتهم.

الشريك المؤسِّس  

بالرغم من أنّ ألين أطلقَت مشروعها مع شريكٍ في التأسيس، إلّا أنّها تديره الآن منفردةً. وتقول عن هذا الأمر: "لقد قابلتُه على ‘تويتر‘، كان أحد قرّاء ‘ومضة‘، وكان يقول إنّه يريد افتتاح مساحة للعمل." وفي حين يعيش الشريك المؤسِّس في باريس، إلّا أنّ اللقاءات ظلّت منتظمةً بين الاثنَين حتّى توصّلا إلى تحويل الفكرة النهائية لمفهومٍ منظّمٍ قبل التوجّه إلى المغرب. فيما بعد، افترقَت ألين عن شريكها في التأسيس، ولكنّهما بقيا على اتّصال. لم تكن تلك العملية ذات جدوى: تشرح ألين هذه المرحلة قائلةً إنّها صرفَت الكثير من المال على تذاكر السفر، وبعض الإعلانات عير "فايسبوك"، والإيجارات، والرواتب. "أمّا عن صرف المال على المؤتمرات، فذلك لأنّني أردتُ التحدّث إلى الناس ومعرفة آرائهم بالمشروع."

 البنية

تستضيف "بلو هاوس" ‘الشركات الناشئة المقيمة‘ في دوراتٍ كان من المقرّر أن تستمرّ لمدّة شهر، ولكن تمّ تكييفها الآن لتدوم أسبوعَين. وتشرح ألين ذلك بقولها، "بما أنّنا نهتمّ بكلّ شيءٍ، فليس من الضروريّ كلّ ذلك الوقت للتكيّف مع المكان." ومساحة العمل المشتركة هذه تقدّم كلّ شيء، مقابل رسومٍ محدّدة، من الإقامة والطعام مروراً بالإنترنت وصولاً إلى غسل الملابس، وذلك ليحظى الروّاد بالطاقة والوقت اللازمَين للتركيز على أعمالهم.

وتضيف ألين أنّ "الكثير من الأنشطة يتمّ التخطيط لها كي يتمكّن الروّاد من التفكير والتعاون بشكلٍ أفضل،" ولا تنسى أن تخبرنا عن الوقت الذي قضوه في تعلّم كيفية ركوب الأمواج. ويمكن لهذه الأنشطة أن تتمحور حول النشاطات التي تساعد على التفكير السريع؛ ما هي الطريقة الفضلى لكسر الجليد بين الأشخاص الغرباء؟

هل فكّرتَ أن تكون مساحة العمل بهذا الهدوء يوماً؟

تشرح هذه الرائدة قائلةً إنّ "الأمر يتعلّق بالمثابرة ومحاربة عناصر مختلفة، وهذا ما يحتاج إلى الكثير في ريادة الأعمال، وهذا السبب الذي يجعل الكثير منهم يركبون الأمواج. عندما تكون بين الأمواج، تكون بعيداً تماماً عن أيّ شيءٍ آخر. وتعرّضك لصدماتها يُعيد تشغيل عقلك من جديد."

وبعد كلّ ذلك، تفتح "بلو هاوس" أبوابَها أمامك لبدء العمل.

أهمّية الاختيار

لأنّ تجربة "بلو هاوس" تعتمد على التواصل المفتوح وتلاقح الأفكار، شكّلَت نوعية المشاركين أمراً حاسماً. وتقول ألين إنّها راضيةٌ عن مستوى الشركات الناشئة التي تعمل انطلاقاً من "بلو هاوس". يأتي البعض إلى هذه المساحة لإعادة التفكير في نموذج عملهم، وآخرون لكي يبلوروا أفكارهم في اتّجاهٍ جديدٍ قبل عرضها أمام المستثمِرين، فيما يحتاج البعض الآخر وقتاً لإعادة تجميع صفوفهم قبل اتّخاذ الخطوة القادمة. وبالإضافة إلى أنّ العمل من مكانٍ واحدٍ من شأنه أن يساعدهم على التعاون ومساعدة بعضهم في مواجهة التحدّيات، فهو قد يتضمّن مناقشاتٍ حول شراكاتٍ محتمَلةٍ أيضاً.

هل فكّرتَ أن تكون مساحة العمل بهذا الهدوء يوماً؟

التأثير

بعدما وصلت الشركات الناشئة إلى هذه مساحة العمل هذه، قالت رائدة الأعمال ماريا ريتشاردسون مِن شركة "نورديك ديزاين كولليكتيف" Nordic Design Collective إّنها لاحظَت أنّ تغيير البيئة ساهم في دفع أعضاء فريقها ليروا الأمور بشكلٍ مختلف. وأضافَت: "أدركنا بعد عدّة أسابيع مدى شعورنا بالراحة؛ فقد كنّا نعمل 10 ساعاتٍ في اليوم وسبعة أيامٍ في الأسبوع، أكثر ممّا كنّا نفعل في مقرّنا [...] شعرنا هنا بالراحة التامّة، وذلك يعود بجزءٍ منه إلى التنظيم." إذاً، ومع اهتمام "بلو هاوس" بكلّ شيءٍ، يمكن للفرق أن تركّز على ما يهمّها فعلاً.

وفيما تزدحم هذه المساحة بالعمل كافّة أيّام الأسبوع، لاحظَت ألين أنّ الكثير من المحادثات تجري في أوقات الشاي أو الغداء أو العشاء، وأنّها شكّلَت فرصةً للمداولات القيّمة بين الروّاد.

جميلٌ هذا العمل، ولكن...

عند التطرّق إلى أعباء العمل، لم تخفِ ألين امتعاضها من حشريّتي الزائدة. فنظراً لالتزامها بالعمل مع "ومضة"، كنّا اوّل من شهد على هذا التغيّر في حياتها. "لقد توقّفتُ عن النوم والأكل،" تقول ضاحكةً وتضيف: "كنتُ أكثر فعاليةً في الصباح، ولذلك كنتُ أخصّص ساعتَين كلّ صباحٍ لكتابة المقالات، وبتُّ اطّلع على بريدي الإلكترونيّ كلّ 3 ساعات."

الموازاة بين العمل الصحفيّ وريادة الأعمال ليس بالأمر السهل، فها هي ألين قد زادَت أعباء العمل عليها حتّى باتت تعمل في عُطَل نهاية الأسبوع. وفي حين قد يبدو نمط الحياة هذا غير صحّيٍ، إلّا أنّ محرّرة اللغة الفرنسية في "ومضة" تسعى من خلال عملها هذا إلى الحفاظ على الصحّة، إذ تقول: "لأجل هذا أشأتُ ‘بلو هاوس‘، أردتُ أن يحظى الروّاد بحياةٍ أكثر صحّةً وتوازناً." وتتابع مضيفةً أنّه "يُقال إنّ ذلك ليس ممكناً في الوقت الذي تعمل فيهه على إطلاق عملٍ لك، وفي وقتٍ لا تملك المال فيه."

هل فكّرتَ أن تكون مساحة العمل بهذا الهدوء يوماً؟

بالحديث عن حياة روّاد الأعمال، قالَت ممازحةً، "لقد تعلّمتُ أنّ ريادة الأعمال مقرفة. ولكنّ الأمر مسلٍّ عندما تكون صحافياً، بحيث كنتُ أستمع إلى ما يقوله الروّاد كلّ يوم: ‘أريد الابتعاد لخمس ثوانٍ ومن ثمّ أرى كلّ ما قمتُ به‘، ولقد فهمتُه الآن." وتؤكّد ألين أنّ "مشاهدة أفكارك تتحقّق هو أمرٌ عظيم، لا سيّما عندما أرى ما قمتُ بها حتّى الآن وأرى روّاد الأعمال يمضون وقتاً طيّباً. لا يجب على المرء أن يحزن أو يكتئب لأنّ أحدهم صرخ فيه عبر الهاتف." ولا تنسى أن تشير إلى أنّها عندما تحتاج إلى مساعدةٍ ما، فإنّها لا تتردّد في الاتّصال بشخصٍ من البيئة الحاضنة لريادة الأعمال.

ماذا بعد؟

من أجل الحفاظ على العلاقات والروابط التي بناها الروّاد مع بعضهم البعض، أنشأت ألين بعض المجموعات عبر موقع "فايسبوك" تضمّ المشاركين في الدورات والمتحدِّثين والمدرّبين.
من جهةٍ أخرى، تقول مؤسِّسة "بلو هاوس" التي وضعَت الخطط لدوراتها المقبلة في شهر أيلول/سبتمبر القادم، "نريد الحفاظ على هذا الرابط، ونريد في كلّ فصلٍ من السنة تقريباً أن يأتي الجميع إلى ‘بلو هاوس‘ لقضاء عطلة نهاية أسبوعٍ ممتعة، بما في ذلك صحافيون ومستثمِرون يريدون الاحتكاك بهذا المجتمع." وفي شهر حزيران/يونيو القادم، تريد ألين السفر إلى أوروبا، لعرض التأثير الذي تركَته الدوراتُ على المشاركين فيها. وسواء احتاجَت أم لم تحتَج لإضافة المزيد إلى الدورات التي لم يتمّ تحديدها بعد، فمن المؤكّد أنّ ‘بلو هاوس‘ شكّلَت أرضيةً لشبكةٍ عابرةٍ للثقافات يستفيد منها كلٌّ من روّاد الأعمال والخبراء.

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة