استعدادات "غير مسبوقة".. ماذا ينتظر المصريون من "المتحف الكبير"؟

  • DWWbronzeبواسطة: DWW تاريخ النشر: منذ 12 ساعة زمن القراءة: 7 دقائق قراءة
استعدادات "غير مسبوقة".. ماذا ينتظر المصريون من "المتحف الكبير"؟

على بُعد أمتار من المتحف المصري الكبير بمحافظة الجيزة، يقف الشاب الثلاثيني ربيع مُحمد، مُتحدثًا بنبرة يملؤها الحماس بعد سنوات من عمله الشاق في مشروع المتحف الكبير، واصفًا الافتتاح المُنتظر بـ "الحدث العظيم".

يعمل "ربيع" مُشرفاً مُنذ 6 سنوات ضمن فريق شركة أوراسكوم في "المتحف المصري الكبير"، ويرى في حديثه لـ "DW"، أنه سيسهم في زيادة أعداد السياح وتوفير فرص عمل للشباب لاسيما مع ارتباطه بفنادق قيد الإنشاء في المنطقة وافتتاح محطة مترو جديدة بجواره وصلته بعدة مشاريع مستقبلية أخرى سيجري انطلاقها قريبًا.

وتأمل مصر أن يشاهد فعاليات افتتاح المتحف المصري الكبير في (1 نوفمبر/ تشرين الثاني) المُقبل، أكثر من 2 مليار شخص حول العالم، وأن يساهم الحدث في ظهور وجهها الحضاري والترويج لها كوجهة سياحية تفرض نفسها بقوة على الخريطة الدولية، وهو ما جعل الحكومة تُخطط لعروض مُرتقبة "تُبهر العالم"، وفق تصريحات رئيس الوزراء مصطفى مدبولي.

كيف غيرّ مشروع المتحف معالم منطقة الأهرامات؟

جولة ميدانية لـ "DW"، في (29 أكتوبر/ تشرين الأول) الجاري، رصدت تأهيل واسع النطاق لمنطقة ميدان الرماية بالجيزة، والطرق المُحيطة المؤدية للمتحف الكبير، عبر تشجيرها ورفع كفاءة محاور المريوطية والمنصورية والفيوم و"القاهرة - الإسكندرية الصحراوي" حتى مطار سفنكس.

بجانب إطلاق مشروع "تحسين المظهر الحضاري للطريق الدائري" عبر توحيد لون المباني المجاورة وتزيينها بصور ملوك الفراعنة، ووضع ملصقات دعائية للمتحف المصري الكبير، وشاشات عرض كبيرة في الميادين العامة، في إطار تعزيز "الهوية البصرية" لمحافظتي القاهرة والجيزة ومكانتهما السياحية.

يُصاحب هذا الاهتمام الداخلي، ترويج واسع عبر سفارات مصر بالخارج، والتعاقد مع منصة "تيك توك" لبث الحفل مُباشرةَ إلى الجمهور العالمي. تزامناً مع تأكيد نحو 40 رئيسًا وملكًا ورئيس حكومة حضورهم إلى القاهرة، في حدث غير مسبوق من حيث المشاركة الدولية والاهتمام الإعلامي العالمي، وفق المتحدث باسم الحكومة المصرية.

ما هي الأهمية الاقتصادية للمتحف المصري الكبير؟

يقول مجدي صادق عضو مجلس إدارة غرفة شركات السياحة والشعبة العامة للمُستثمرين، لـ "DW"، إن الإشغالات الفندقية تشهد قفزة كبيرة حاليًا تتراوح بين 90 إلى 100 %، مع بداية الترويج لحفل افتتاح المتحف الكبير. لافتًا إلى أن الزخم الإعلامي وحضور وفود على مستوى الرؤساء والملوك يروج لمصر عالميًا ويزيد من الإقبال السياحي.

وبحسب "صادق" فإن المتحف المصري الكبير سيكون سببًا رئيسيًا في حدوث طفرة فندقية في المنطقة، تزامنًا مع موافقة الحكومة على قانون شقق الإجازات (Holiday Home)، والذي يتيح للمواطنين تأهيل شققهم وتأجيرها على طريقة "البوتيك أوتيل" كبديل لسلسلة الفنادق الكبرى، ما يُدير دخلًا كبيرًا على مواطني ميدان الرماية و"حدائق الأهرام" المجاورة للمتحف.

فيما يحث عضو غرفة شركات السياحة، الحكومة بإعفاء المواطنين الذين تنطبق عليهم الشروط من الضرائب لمدة 5 سنوات، كحافز استثماري لتأهيل منازلهم لتحويلها إلى نظام فندقي صغير.

في هذا السياق، أصدر وزيرا المالية والسياحة بيانًا مشتركًا في (29 أكتوبر/ تشرين الأول) الجاري - قبل حفل المتحف بيومين - لمد مهلة مبادرة التسهيلات التمويلية البالغة 50 مليار جنيه لـ 6 أشهر إضافية؛ لرفع الطاقة الفندقية لاستيعاب الزيادة المستهدفة من السائحين لمصر سنويًا، على أن تتحمل الخزانة العامة للدولة فارق سعر "الفائدة"، استجابة لرغبة الشركات والمستثمرين لاستكمال مشروعاتهم.

ويتوقع "صادق" تجاوز إجمالي السياحة الوافدة إلى مصر هذا العام 2025، حاجز 18 مليون سائح؛ بعد افتتاح المتحف المصري الكبير، بزيادة عن العام الماضي الذي بلغ 15.7 مليون سائح وبنسبة ارتفاع قدرها 13.12%، مع إمكانية وصولها العام المقبل (2026) نحو 25 مليون سائح.

وفي تقرير حديث لها خلال (أكتوبر/ تشرين الأول) الجاري، تتوقع وكالة فيتش الأمريكية، أن يُشكل عمل المتحف المصري الجديد بكامل طاقته دفعة قوية لقطاع الساحة في مصر، مع احتمالات استقباله لنحو 5 ملايين زائر سنوياً. وزيادة عائدات قطاع السياحة من 17.1 مليار دولار أمريكي في عام 2025 إلى 19 مليار دولار أمريكي في عام 2029.

ووفق بيانات حكومية، فقد بلغت نسبة مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي المصري 3.7% خلال عام 2024 - 2025، فيما تستهدف الدولة وصول الرقم إلى 30 مليون سائح بحلول عام 2031، معولة على المتحف الكبير ومشروعات أثرية وثقافية أخرى.

من جانبه، يُبدي المُرشد السياحي إبراهيم أبو الدهب (59 سنة)، لـ "DW"، تفاؤلاً واضحًا بافتتاح المتحف الكبير، بقوله: "دائرة مُتصلة ستستفيد من هذا الحدث، ابتداءً من قطاع الطيران وصولاً إلى العاملين في المتحف والشركات السياحية والفنادق، والجزارين وبائعي الخضار وغيرهم".

وبشكل خاص فإن قطاع المرشدين السياحيين سيزيد دخلهم مع ضمان العمل يوميًا بدلاً من العمل المُتقطع جراء النشاط السياحي والحركة الوافدة، هذا بالإضافة إلى توفير العُملة الأجنبية داخل الدولة، وخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للشباب، وفق حديث "أبو الدهب".

ويُشيد المُرشد السياحي بخطوة ربط أهرامات الجيزة بالمتحف المصري الكبير، عبر الممشى السياحي الجديد، الذي يوفر الكثير من الوقت الضائع للسياح في الشارع ويضمن بقائهم أطول فترة ممكنة داخل المعالم الأثرية.

ما الذي يُميز "المتحف المصري الكبير"؟

المتحف المصري الكبير، هو ثالث المتاحف المصرية من حيث النشأة بعد "المتحف المصري" بالتحرير، ومتحف الحضارة بمنطقة الفسطاط، لكنه أكبرها على الإطلاق، بل ويُعد أكبر المتاحف الأثرية في الشرق الأوسط وأفريقيا، والأكبر لحضارة واحدة عالميًا، بحسب حكومة مصر.

وتعود فكرة إنشاء المتحف الكبير إلى عام 2002 في عهد وزير الثقافة الأسبق فاروق حُسني، وجرى تهيئة الموقع وإزالة مخلفاته في (مايو/ أيار 2005)، والعمل رسميًا به في عام 2016، ثم تشغيله تجريبيًا في أكتوبر 2024، وفق معلومات مجلس الوزراء المصري.

يمتد المتحف على مساحة 490 ألف م2، ويضم مدخلًا رئيسًا بمساحة نحو 7 آلاف م2، لتمثال الملك رمسيس الثاني، كما يضم نحو 100 ألف قطع أثرية، يجري عرض 57 ألف قطعة منها تروي تاريخ مصر عبر العصور القديمة، بالإضافة إلى الدرج العظيم الذي يمتد على مساحة حوالي 6 آلاف م2، بارتفاع يعادل 6 طوابق.

يشمل المتحف أيضًا 12 قاعة عرض رئيسة بمساحة نحو 18 ألف م2، وقاعات عرض مؤقت بمساحة حوالي 1700 م2، وكذلك قاعات لعرض مقتنيات الملك توت عنخ آمون على مساحة تقارب 7.5 ألف م2، تحتوي على 5398 قطعة من كنوز الملك تُعرض مجتمعة لأول مرة.

ويعتبر عالم الأثار ورئيس المجلس الأعلى للآثار السابق الدكتور مصطفى وزيري، المتحف نقطة التقاء فريدة بين "التاريخ والتكنولوجيا"، حيث يقدم تجربة تفاعلية متكاملة باستخدام أحدث وسائل العرض والتوثيق، بجانب موقعه الفريد بالقرب من الأهرامات ومقبرة منف، ما يجعله من أهم المقاصد الثقافية في العالم.

ويُشير وزيري في حديث لـ "DW"، إلى أن المتحف بمثابة مركز ثقافي وأثري وتعليمي مهم يضم متحفًا للطفل بمساحة ٥ آلاف م2، ومعامل للترميم على مساحة نحو 22 ألف متر مربع، ومركز للفنون والحرف اليدوية، وصالات عرض مزودة بالواقع الافتراضي، بالإضافة إلى مكتبة متخصصة في علم المصريات ومركز أبحاث، ومركز مؤتمرات، وقاعات حفلات.

وفي الوقت الذي تبلغ تكلفة إنشاء المتحف الكبير 1.2 مليار دولار أمريكي مُعتمدًا في أغلبها على قروض يابانية بشروط ميسرة وتمويلات من المجلس الأعلى للآثار وتبرعات دولية، بحسب حديث تلفزيوني لمديره التنفيذي الدكتور أحمد غنيم. فإن الشاب الثلاثيني محمد النني (سائق نقل ذكي - أوبر)، يأمل أن تصل عوائده إلى المواطن العادي بتوفير فرص عمل وزيادة الدخل للتغلب على غلاء المعيشة تزامناً مع سعر الدولار المرتفع (1 دولار يساوي 47.20 جنيهًا مصريًا).

فيما يتمنى "النني"، نجاح احتفالية افتتاح المتحف كونها مصدر فخر للمصريين، مُشيدًا في الوقت ذاته بالإصلاحات وتأهيلات الطرق والكباري التي صاحبت عملية الاستعداد للافتتاح المُنتظر.

تحرير: عادل الشروعات

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة