الأخوان رايت

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 04 مايو 2021 آخر تحديث: الأربعاء، 31 مايو 2023

الأخوان رايت (أورفيل رايت - ويلبر رايت) هما من أشهر المخترعين على مر التاريخ، فقد تمكنا في عام 1903 من التحليق بطائرة تعمل بمحرك دفع ويمكن التحكم بمسارها، لم تكن رحلتهم هذه مثالية للغاية، فقد طارت الطائرة لأقل من دقيقة، لكن بعد عامين من تحقيق هذا الإنجاز، تمكن الأخوان رايت من بناء أول طائرة كاملة ومفيدة عمليًا.

الحياة المبكرة

ويلبر رايت هو الأكبر بينهما، ولد ويلبر في 16 أبريل 1867 بالقرب من ميلفيل بولاية إنديانا الأمريكية. والده هو ميلتون رايت كان أحد أساقفة كنيسة الإخوة المتحدون في المسيح. ووالدته هي سوزان كاثرين كويرنر.

ولد أورفيل رايت في 19 أغسطس 1871، وقد أصبح الأخوان ويلبر وأورفيل أصدقاء وتعلقا ببعضهما كثيرًا منذ الطفولة.

كان الأب ميلتون رايت يجلب لأطفاله ألعابًا كثيرة، في عام 1878، أحضر لهم نموذج لطائرة هليكوبتر مصنوعة من الفلين والخيزران والورق، وفيها شريط مطاطي لتدوير شفراتها، لم يكن هناك طائرات هليكوبتر حقيقية في ذلك الوقت، فقد كانت اللعبة نموذجًا يستند إلى تصميم رائد تصميم وهندسة الطيران الفرنسي ألفونس بينود.

أحب الأطفال لعبة الطائرة هذه، وأصبح الأخوان رايت يحبان عالم الطيران ويحلمان به دائمًا.

شاهد أيضاً: جاليليو جاليلي

ويلبر رايت كان ذكيًا ومجتهدًا منذ طفولته، حيث تفوق على زملائه في المدرسة. وكان يتمتع بشخصية قوية، أراد الالتحاق بجامعة ييل بعد إنهاء دراسته الثانوية. لكن في شتاء 1885 - 1886، تعرض لإصابةٍ غيرت مجرى حياته. كان يلعب الهوكي حين ضرب بعصا لاعب آخر على وجهه، فأصيب بجروح بليغة.

شفيت جروح ويلبر بعد مدة، لكن الإصابة تسببت في دخوله بحالة اكتئاب، ولم يستطع إكمال دراسته والحصول على شهادة الثانوية، ولم يعد يفكر في الالتحاق بالجامعة، ثم عاد إلى منزل العائلة وقضى معظم وقته هناك يطالع ويقرأ الكتب ويهتم بوالدته المريضة التي توفيت فيما بعد عام 1889 بسبب الإصابة بمرض السل.

لم يلتحق ويلبر ولا أورفيل بالجامعة، لكن أختهما الصغرى كاثرين فعلت ذلك.

في عام 1889، أصدر الأخوان رايت صحيفة خاصة بهما هي صحيفة ويست سايد نيوز. قام ويلبر بتحرير الصحيفة، وكان أورفيل هو الناشر.

في عام 1892، اجتاحت موضة الدراجات الولايات المتحدة الأمريكية، فقام الأخوان رايت بافتتاح متجر لتصليح الدراجات وبيعها. حيث كانا يبيعان تصاميم خاصة بهما.

الأخوان رايت

اختراع الطائرة

كان الأخوان رايت يواكبان أخر التطورات العلمية ويقرآن الكثير من الكتب وأخبار العلوم والبحوث العلمية، كما كانا على اضطلاع واسع بالمشاريع الميكانيكية المختلفة، وتابعا عن كثب أبحاث وتجارب الطيار الألماني أوتو ليلينثال.

عندما مات ليلينثال في حادث تحطم طائرة شراعية، قرر الأخوان رايت البدء في تجارب ودراسات لتطوير تصميم ناجح لطائرة، ومن أجل تحقيق هذه الغاية، انتقلا إلى بلدة كيتي هوك بولاية نورث كارولينا، التي كانت تشتهر برياحها القوية.

أول شيء سعى الأخوان إلى تطويره هو أجنحة الطائرة، راقبا الطيور ولاحظا أنها تضع أجنحتها بزاوية معينة لتحقيق التوازن والتحكم، فحاولا تطبيق ذلك على النموذج الخاص بهما، ثم أضافا دفة متحركة، وهكذا وجدا أن لديهما اختراعًا مذهلًا.

في 17 ديسمبر 1903، نجح الأخوان رايت في الإقلاع بالطائرة التي صمماها، لم تكن تلك أول محاولة طيران، فقد سبقهما الكثير من المخترعين الأخرين، لكن رحلة الأخوان رايت كان مختلفة، وذلك لأن الطائرة التي حلقا بها كانت تعتمد على محرك في الدفع ويمكن التحكم بمسارها في الجو، على عكس كل التجارب الأخرى التي كانت تعتمد على الرياح من أجل الدفع والتحليق والتوجيه.

كان ولبر رايت على متن الطائرة في هذه التجربة، حيث تمكن من التحليق لمدة 59 ثانية، قطع فيها مسافة 852 قدمًا، قد تظن أنها فترة ومسافة قصيرة، لكن في ذلك الوقت، كانت إنجازًا مذهلًا وغير عادي.

بعد نجاح تجربتهما، شعر الأخوان رايت بأنهما لم يلقيا التقدير المناسب، فوسائل الإعلام والصحفيين وخبراء الطيران الآخرين ترددوا كثيرًا ولم يتحمسوا لاختراع الأخوين. نتيجة لذلك، استمرا في تطوير النماذج، وفي عام 1908، سافر ويلبر إلى أوروبا، كان يأمل أن يحقق هناك المزيد من النجاح ويقنع الجمهور بنموذجه ويبيع الطائرات.

الشهرة

في فرنسا، حظي ويلبر بتقدير كبير، حيث قام بتجارب للطيران أمام الجمهور الذي تقبل فكرته واحتفى بها، كما نظم رحلات جوية قصيرة لعدد من المسؤولين والصحفيين ورجال الدولة وحتى الناس العاديين.

في عام 1909، التحق أورفيل بأخيه ويلبر في أوروبا، ثم انضمت أختهما الصغرى كاثرين. أصبحت عائلة رايت مشهورة جدًا، وكانت رؤساء الدول والملوك والمسؤولون يستقبلون الأخوة الثلاثة بحفاوة وترحيب.

شاهد أيضاً: نيكولا تسلا

من أجل استغلال هذا النجاح والشهرة، بدأ الأخوان رايت ببيع الطائرات في أوروبا، ثم عادا إلى الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1909. وأصبحا من رجال الأعمال الأثرياء جدًا، حيث أسسا شركة رايت التي استحوذت على كل عقود صناعة الطائرات في أوروبا والولايات المتحدة.

حافظ الأخوان على علاقة وثيقة ببعضهما طوال حياتهما. لكن في العمل، لم يكن الوضع كذلك، فقد كان ويلبر بفضل قوة شخصيته هو المسؤول التجاري والمدير التنفيذي ورئيس شركة رايت.

الموت والإرث

في شهر أبريل من عام 1912، كان ويلبر رايت في رحلة إلى بوسطن حين مرض وتم تشخيص إصابته بحمى التيفوئيد، توفي بعد ذلك في 30 مايو من نفس العام بمنزل العائلة في دايتون بولاية أوهايو.

كتب والده ميلتون رايت في مذكراته: "حياة قصيرة، مليئة بالعواقب. لقد كان عقلًا ثابتًا، ومزاجًا لا يتزعزع، ويعتمد على نفسه، متواضع عظيم، يمتلك رؤية واضحة، ويتابع عمله بثبات".

بعد وفاة أخيه، أصبح أورفيل رئيس شركة رايت، لم يكن يمتلك مهارات أخيه التنفيذية، فباع الشركة في عام 1915.

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، أعرب أورفيل في مقابلة أجريت معه عن حزنه بسبب الموت والدمار الذي تسببت به الطائرات الحربية بقوله:

"تجرأنا على الأمل واخترعنا شيئًا من شأنه أن يجلب السلام الدائم إلى الأرض. لكننا كنا مخطئين، لا، أنا لست نادمًا على دوري في اختراع الطائرة. أشعر تجاه الطائرة كما أشعر تجاه النار. هذا يعني أنني أشعر بالأسف على كل الأضرار الجسيمة التي سببتها الحرائق، لكنني أعتقد أنه من الجيد للجنس البشري أن يكتشف شخصٌ ما طريقة إشعال النار التي لها آلاف الاستخدامات المهمة".

توفي أورفيل بنوبة قلبية عن عمر يناهز 76 عامًا في الـ 30 من يناير عام 1948، بعد أكثر من 35 عامًا على وفاة شقيقه ويلبر، لقد عاش أورفيل في العصر الذي كان فيه البشر يعتمدون على الحصان والعربات التي تجرها الدواب حتى عصر اختراع الطائرات التي تطير بسرعة تفوق سرعة الصوت.