دول النمور الآسيوية الأربعة

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الجمعة، 21 يناير 2022
دول النمور الآسيوية الأربعة

قد تخون الجغرافيا أحياناً، فتفرض واقعاً اقتصادياً وسياسياً وربما مستقبلاً غير الذي يحلم به الكثيرون، لكن ذلك ما حطمته أربع دولٍ آسيوية، تجاوزت كل العوائق وصنعت اقتصاداً يضاهي الاقتصادات المتقدمة في العالم.

هذه الدول هي:

  1. سنغافورة.
  2. هونغ كونغ.
  3. تايوان.
  4. كوريا الجنوبية

واختصاراً.. النمور الآسيوية الأربع، الذين حققوا معجزةً اقتصادية في وقتٍ قياسي وبظروفٍ قاسية، واضعين أسماءهم بين أقوى الدول اقتصاداً في العالم.

فأصبحوا نموذج قدوة للدول النامية التي تعيش ظروفاً مشابهة لما عاشه النمور قبل النهوض الاقتصادي، لكن بانتظار القفزة النوعية المماثلة لقفزة النمور، فما هو لقب النمور الآسيوية؟.

وما طبيعة التجربة الاقتصادية لكل دولةٍ من دول النمور الآسيوية؟

النمور الآسيوية دولٌ صنعت فارقاً اقتصادياً

النمور الآسيوية الأربع، وهو لقبٌ ظهر قبل أربعين عاماً، أُطلق على أربعة دول هي، سنغافورة، تايوان، وكوريا الجنوبية و هونغ كونغ، إذ حققت هذه الدول نمواً اقتصادياً كبيراً وحافظت على أعلى معدلات النمو بنسبة 7% سنوياً.

وبحلول القرن ال21 أصبح اقتصاد تلك الدول في مصافي الاقتصادات المتقدمة وذات الدخل المرتفع في العالم، وتخصصت في المجالات ذات الميزة التنافسية.

أُطلق لقب النمور الآسيوية على تلك الدول لما يتمتع به النمر من مكانة في الثقافات الآسيوية؛ كما أنه يتميز بأسلوبه المباغت والسريع في الانقضاض على فرائسه.

وهو ما فعلته تلك الدول التي نهضت بسرعة وبشكل مفاجئٍ وأصبحت في صفوف الدول الصناعية المتقدمة، رغم شح الثروات الباطنية في كلٍّ من تلك الدول إلا أنها تمكنت من النهوض الاقتصادي.

حيث استثمرت الطاقات البشرية فحققت أعلى المستويات في التعليم وأعلى مستويات المعيشة في العالم، كما قامت الأنظمة التي حكمت في تلك الدول بتوجيه مقدَّرات البلاد نحو النمو الاقتصادي وليس العسكري.

 

1- هونغ كونغ من أهم المراكز المالية في العالم

تقع هونغ كونغ على الساحل الجنوبي لجمهورية الصين الشعبية، وهي جزءٌ منها، وتشكل واحداً من المراكز المالية الأكثر أهمية في العالم، وبأعلى درجة وفقاً لمؤشر التنمية المالية.

(يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، ويحلل عوامل تطور الأنظمة الاقتصادية)، تصنف هونغ كونغ باستمرار في المراكز الأولى ككيانٍ اقتصادي ناجح ومتقدم في العالم ومنافس للاقتصادات الأخرى عالمياً.

كما أن دولار هونغ كونغ يأتي في المرتبة الثالثة عشرة بين العملات الأكثر تداولاً في العالم.

يعتمد اقتصاد هونج كونج على الضرائب البسيطة والتجارة الحرة مع مستوى من التنافسية بين الشركات وبدعم من الثقة الدولية في النظام القضائي المستقل.

حيث سيادة القانون تنطبق على الإجراءات القانونية والتعاقدية. في حين أن هونج كونج تعاني من عدم المساواة في الدخل بين الأفراد، إلا أن لديها واحدٌ من أعلى معدلات دخل الفرد في العالم.

كما تشتهر بالميناء العميق الطبيعي، الذي يمكّن من وصول سفن الشحن الدولية إليها.

في هونغ كونغ كثافة عالية جداً من ناطحات السحاب حيث تضم أراضيها ثاني أكبر عدد من الأبنية العالية في العالم، ويبلغ معدل السكان الذين يستخدمون وسائل النقل العام المتطورة نسبة 90%، وهو من أعلى المعدلات عالمياً أيضاً.

هونغ كونغ مركزٌ إقليميٌ متميز

تتمتع هونغ كونغ بعدة ميزات جعلت منها مركزاً إقليمياً مهماً، أهم هذه الميزات:

  • تحتل هونغ كونغ المرتبة الخامسة كأكبر سوق للصرف الأجنبي في آسيا والخامسة في العالم.
  • تأتي في المرتبة الرابعة كأكبر سوق للأسهم في آسيا، و الخامسة في العالم.
  • تشكل محوراً رئيسياً للاتصالات الرائدة في آسيا ومنطقة المحيط الهادي.
  • تحتل المركز السابع في العالم كأكبر مصدر للسلع التجارية.
  • تأتي في المرتبة الرابعة عشرة في العالم في تصدير الخدمات التجارية.
 

2- سنغافورة مركزٌ تجاريٌ عالميٌ

تقع سنغافورة في جنوب شرق آسيا، وعلى الرغم من نقص الموارد الطبيعية وكثرة المناطق النائية، إلا أن سنغافورة احتلت مكانتها بين دول النمور الآسيوية من خلال تقدمها الاقتصادي.

ذلك القائم على التجارة الخارجية والقوى العاملة الموجودة فيها، تشكل سنغافورة مركزاً مالياً وتجارياً عالمياً، وتتميز بعدة أمور جعلتها في مصافي الدول المتقدمة اقتصادياً، وهي:

  • التقدم التكنولوجي، حيث تحتوي على معظم التكنولوجيا الجاهزة.
  • تمتلك أفضل إمكانات الاستثمار البري.
  • من أكثر البلدان قدرةً على المنافسة الاقتصادية.
  • تعتبر من أكبر أسواق الصرف الأجنبي.
  • من أكبر مراكز تكرير النفط في العالم، كما أنها مركزٌ تجاريٌ عالمي.
  • مطارها الرئيسي ثاني أكثر المطارات ازدحاماً في العالم.
  • يحتل جواز السفر السنغافوري المرتبة السادسة عالمياً، حيث يمكن لحامليه الدخول إلى 167 دولة دون فيزا مسبقة.

المرتبة الحادية عشرة عالمياً والأولى آسيوياً

تحتل سنغافورة المرتبة الحادية عشرة عالمياً والأولى آسيوياً، وفق مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية، كما تحتل المرتبة العالية في التعليم والرعاية الصحية.

وأطول عمر متوقع أن يعيشه فيها الإنسان، ونوعية الحياة والسلامة الشخصية، والإسكان. ورغم عدم المساواة في الدخل، إلا أن نسبة 90٪ من المنازل مملوكة لأصحابها، وقرابة 38٪ من 5.6 مليون نسمة، هم سكان مقيمون بشكل دائم.

في عام 2016 كانت سنغافورة أول دولة آسيوية تحتل المركز العاشر ضمن مؤشر الكفاءة الإنكليزية (EF (English Proficiency Index وهو مقياس يقيّم مهارات القوى العاملة في استخدام اللغة الإنكليزية.

 

3- تايوان، والمعجزة الاقتصادية

تعرف تايوان باسم جمهورية الصين وتتمتع باقتصادٍ صناعي مستقر نتيجة للنمو الاقتصادي السريع والتصنيع، ونتيجة للنمو الاقتصادي المتسارع والصعود المفاجئ لتايوان، حققت ما أطلق عليه اسم معجزة تايوان أو المعجزة الاقتصادية التايوانية.

التي ترافقت مع النهوض الاقتصادي للنمور الآسيوية الأخرى، فاحتلت مكانتها بينهم، كبلدٍ يتربع المركز التاسع عالمياً من حيث الدخل والتقدم الاقتصادي.

استبدلت تايوان صناعاتها التقليدية بصناعاتٍ تكنولوجية متقدمة، وأصبحت عضواً في منظمة التجارة العالمية. حققت تقدماً سريعاً في العديد من المجالات.

سواء في التعليم حيث بلغ عدد المتعلمين في تايوان نسبة 96% من عدد السكان عام 2003، ومن ناحية الرعاية الصحية، والحرية الاقتصادية وحرية الصحافة والتنمية البشرية.

ارتفع الاقتصاد بمتوسط ​​سنوي قدره 10٪ على مدى 30 عاماً، وهناك ميراث طويل من الانفتاح جعل التركيز في الابتكار أساساً للتقدم الاقتصادي.

تحتل اليوم تايوان المركز الخامس بين أكبر مصدري النفط في العالم مع أكبر فائض وبأعلى تصنيف ائتماني من أي بلد في شرق آسيا، ولديها اتفاقيات تجارة حرة مع 75 بلداً في العالم.

تايوان من تلقّي المساعدات إلى منحها

كان الاقتصاد التايواني في فترة الخمسينيات إلى أوائل الستينيات قائمٌ على المساعدات التي تقدم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت الخطوة الأولى نحو الانطلاق الاقتصادي.

هي استثمار الأراضي الزراعية، هذا ما خلق الخطوة الأساسية نحو الاستثمار الاقتصادي، حيث شكل هذا الاستثمار طبقةً من ملاك الأراضي مع رأس المال الذي يمكن أن يستثمر مستقبلاً في مساعٍ اقتصاديةٍ جديدةٍ.

فكانت كل العوامل المتمثلة بالمساعدات الأمريكية والاستثمار في القطاع الزراعي، بالإضافة إلى الاستثمار والتخطيط الحكومي، السبب الأساسي لتحقيق التقدم الاقتصادي وارتفاع مستوى المعيشة فيما بعد.

إذ تحول الاقتصاد من اقتصاد قائم في كليته على الزراعة إلى اقتصاد قائم على الصناعة، وأصبحت تايوان من الدول القادرة على تقديم المساعدات إلى البلدان الأخرى.

 

4- كوريا الجنوبية، الأولى في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات

كوريا الجنوبية هي دولة في شرق آسيا، الأكثر تطوراً في آسيا وفق مؤشر التنمية البشرية. تحتل المرتبة الثالثة عشرة كقوةٍ اقتصاديةٍ والمرتبة الحادية عشرة كقوةٍ شرائية.

بالإضافة أنها عضو في دول مجموعة العشرين، لديها ثامن أعلى متوسط ​​دخل أسرة في العالم، وهي أعلى نسبة في آسيا، كما أنها تحتل مرتبة عالية في السلامة الشخصية، والتعليم، والأمن الوظيفي.

وسهولة ممارسة الأعمال التجارية والرعاية الصحية عالية الجودة، حيث تحتل المركز الرابع عالمياً بين أكثر أنظمة الرعاية كفاءةً.

كما تأتي في المرتبة الثالثة في مؤشر الرفاهية للشباب. أصبحت كوريا الجنوبية البلد الأكثر ابتكاراً في العالم، لتحتل المرتبة الأولى في كثافة الأعمال التطويرية والبحثية وبراءات الاختراع.

كما تمتلك كوريا أسرع إنترنت في العالم وأعلى نسبة في ملكية الهواتف الذكية، لتحتل المرتبة الأولى في تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

في عام 2005 أصبحت كوريا البلد الأول في العالم الذي انتقل بشكل كامل إلى استخدام الإنترنت عالي السرعة، بالإضافة إلى التوصل إلى تقنية التلفزيون المحمول.

كما أن نسبة 97٪ من الهواتف المحمولة في كوريا الجنوبية؛ كانت قادرة على الاتصال بالإنترنت في ذلك العام.

أخيراً.. إن التجربة الاقتصادية للنمور الآسيوية من التجارب التي شكلت علامةً فارقة في الاقتصاد العالمي، إذ كانت القفزة نوعية بالانتقال من اقتصادات ضعيفة أنهكتها الحروب إلى اقتصادات منافسة على مستوى عالمي.

فكان لقب النمور مناسباً لدولٍ تخطت كل العوائق وشح الموارد، لتصنع اقتصاداً من أقوى الاقتصادات في آسيا والعالم.