صواريخ الكروز.. نظرة على تاريخها وتقنياتها وآلية عملها

  • تاريخ النشر: منذ يومين
صواريخ الكروز.. نظرة على تاريخها وتقنياتها وآلية عملها

في عصر التطور التكنولوجي، أصبحت التقنيات المستخدمة في قطاع التسليح عاملًا مهمًا في زيادة القوة العسكرية للدول، ومن بين الأسلحة الاستراتيجية التي أعادت تشكيل مفهوم القوة والردع العسكري صواريخ الكروز، والتي تمتلك قدرات متنوعة منها تفادي أنظمة الرادار، وأصبحت عنصرًا حاسمًا في الترسانات العسكرية الحديثة.

وفي ظل تصاعد التوتر العسكري بين إسرائيل وإيران، تم تسليط الضوء على الكثير من الأسلحة العسكرية الحديثة، ومنها صواريخ الكروز، لذا في هذا المقال، سنسلط الضوء أكثر عليها، ما هي؟ وما هي تقنيتها واستخداماتها؟ وما هي آلية عملها؟

ما هي صواريخ الكروز؟

صواريخ الكروز تُعتبر أحد أهم الأسلحة في الترسانات العسكرية الحديثة، وتلعب دوراً محورياً في استراتيجية الدفاع والهجوم للعديد من الدول. تُعرف هذه الصواريخ بقدرتها على الطيران بسرعات عالية وقطع مسافات طويلة، ومما يجعلها فعّالة في ضرب أهداف عديدة بدرجة عالية من الدقة.

تعرف صواريخ الكروز أيضًا باسم "الصواريخ المحمولة"، وما يميزها أنها تطير على ارتفاعات منخفضة، وهذا يعني صعوبة كشفها من قبل الرادارات، ويمكن أن يتم إطلاقها من البحر أو البر أو الجو، وتعتمد على نوع المهمة لا على طول المدى.

اقرأ أيضًا:  الصواريخ فرط الصوتية.. ثورة جديدة في عالم التسليح

تاريخ صواريخ الكروز

تعود جذور صواريخ الكروز إلى فترة الحرب العالمية الثانية، حيث كانت الحاجة ملحة لتطوير وسائل كانت تقلل الحاجة للطائرات المأهولة وتحافظ على سلامة الطيارين. منذ تلك الفترة بدأ التطور السريع في التكنولوجيا العسكرية، ما أدى إلى تحسينات كبيرة في تصميم الصواريخ وأنظمة التوجيه، وتحقيق دقة أكبر في إصابة الأهداف.

أول النماذج لهذه الصواريخ ظهرت في ألمانيا النازية، حيث كان الطراز "V-1" يُعتبر إحدى الآلات المدمرة وقتها، وكانت مقدمة للصاروخ المحمول. وبالرغم من دقته المحدودة وسرعته البطيئة نسبياً، كان لهذا النموذج إلهاماً كبيراً في تطور الصواريخ فيما بعد، خاصة مع إدخال أنظمة توجيه محسنة وأنظمة دفع أكثر تطوراً.

من ثم، انتقلت التقنية إلى الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي الذين قاموا بمزيد من البحوث والتطوير. في فترة الستينات والسبعينات، تم إدخال صواريخ كروز أكثر تطوراً، مثل "توماهوك" التي استخدمت بشكل مكثف في النزاعات العسكرية، لاسيما في حرب الخليج.

وخلال الثمانينات، تم تصنيع 3 إصدارات رئيسية من صواريخ الكروز من تطوير الولايات المتحدة، وكانت جميعها أحادية الطور، وتبلغ سرعتها 885 كيلومترًا في الساعة وتعمل بالدفع النفاث، وتراوح وزنها بين 1200 و1800 كيلوغرامًا، ويتم توجيهها عبر نظام ملاحة يحدث أثناء الرحلة بتقنية اسمها "تيركوم"، وهي تقنية تستخدم الخرائط المودجودة في الذاكرة للنظام.

ولم تكن الولايات المتحدة وحدها هي من طورت هذا السلاح، بل أنتج الاتحاد السوفيتي أيضًا سلسلة من صواريخ الكروز البحرية والجوية والأرضية، والتي وصل طول بعضها 7 أمتار، ومداها إلى 3 آلاف كيلومترًا.

اقرأ أيضًا:  الصواريخ الباليستية.. نظرة على أقوى أسلحة الردع الجوية

كيف تعمل صواريخ الكروز؟

صواريخ الكروز تعتمد على أنظمة دفع توربينية أو نفاثة، مما يُمكنها من الطيران بسرعات تحت صوتية طوية مختلفة. تقنية توجيهها تعتمد على نظام جي بي إس وخرائط مُبرمجة مسبقاً لتحقيق دقة عالية في الإصابة. تشكل هذه الصواريخ بديلاً فعالاً للطائرات في تنفيذ ضربات جوية دون الحاجة للعيش بمخاطر تعرض الطيارين للهجمات.

  • أنظمة التوجيه والتقنية

الصواريخ الحديثة مزودة بتقنيات توجيه متقدمة تشمل استخدام الرادارات ونظام التضاريس المحفوظة  (TERCOM) مما يسمح لها بالتحليق على ارتفاعات منخفضة بتحايل على عقبات التضاريس والتغلب على الدفاعات الجوية.

  • الدفع التوربيني والسرعة

تستخدم صواريخ الكروز محركات توربينية ونفاثة مُصممة لتصل إلى سرعة هائلة دون أن تكون فوق صوتية. يُمكن أن تصل سرعة بعضها إلى 800 كيلومتر في الساعة، وهي سرعة تناسب الاستخدام الفعال في معظم المهام العسكرية. يجعلها الدفع التوربيني قادرة على اجتياز مسافات طويلة بفضل كفاءة الوقود العالية.

يمكن تزويد صواريخ الكروز بأجهزة استشعار للتصوير الحراري، وأغلبية الصواريخ الكروز حاليًا يتم إطلاقها عن بعد من الطائرات العسكري، وهذا يعني تجنب مواجها الدفاعات، كما أنها تستخدم لضرب الأهداف الأرضية باستخدم الرؤوس الحربية أو النووية أو حتى المتفجرات الهيدروجينية.

هل صاروخ الكروز فرط صوتي؟

تقنياً، صواريخ الكروز التقليدية ليست فرط صوتية. الصواريخ الفرط صوتية تحلق بسرعات تفوق سرعة الصوت بكثير، مما يجعلها تجتاز الدروع السرية الدفاعية بسرعة فائقة. في حين أن صواريخ الكروز تعتمد على الخفاء والسرعة النسبية للاختراق، فإن هذه الصواريخ تعتمد على سرعتها العالية لتجاوز الدفاعات.

ولكن في الوقت نفسه، هناك صوارخ كروز فرط صوتية، وهي التي تتخطى سرعتها سرعة الصوت، ولكن قلة من صوارخ الكروز تتخطى سعتها سرعة الصوت.

هل يمكن صد صواريخ كروز؟

عمليًا، نعم يمكن صد صواريخ الكروز، ولكن العملية تكون بالغة الصعوبة، وذلك لأن صواريخ الكروز تحلق على ارتفاعات منخفضة، وهذا يعني صعوبة تحديدها واكتشافها من قبل الرادرات، وبالتالي قدرتها على الوصول إلى الهدف وتدميره قبل اكتشاف الرادارت وجودها.

بالإضافة إلى ذلك، صواريخ الكروز قادرة على المناورة، فإذا تم اكتشافها من قبل الرادارات، يمكنها المناورة بشكل فعال لتجنب الدفاعات الجوية. لذلك، تستثمر الدول في أنظمة متقدمة مثل أنظمة الصواريخ المضادة وأجهزة الاستشعار لتحسين فرص الاعتراض.

أنواع صواريخ الكروز

هناك أنواع متعددة من صواريخ الكروز، تختلف في الاستخدام والمجال. من أبرز الأنواع هي صواريخ الأرض - أرض، البحر - بحر، والجو - أرض. كل نوع منها مصمم ليؤدي عمليات معينة بتحقيق أهداف متباينة في مسارح مختلفة.

  • صواريخ الأرض - أرض

هذا النوع يُستخدم لضرب الأهداف الأرضية من مواقع ثابتة أو من منصات متحركة، مما يزيد من فاعلية الجيوش في ضرب المواقع الاستراتيجية مثل قواعد العدو أو البنية التحتية الحيوية. أمثلة على هذا النوع تشمل صواريخ "كاليبر" الروسية و"توماهوك" الأمريكية.

  • صواريخ البحر - بحر

تُصمم هذه الصواريخ لضرب الأهداف البحرية، وهي مجهزة بتكنولوجيا تمكنها من العمل تحت ضغط البحر أو الرادارات البحرية. مثال على ذلك صاروخ "هاربون"، المستخدم بشكل واسع في القوات البحرية الأمريكية لضرب الأهداف السفينة.

  • صواريخ الجوي - الأرض

تُستخدم هذه الصواريخ من الطائرات لضرب الأهداف على الأرض، مما يوفر للطائرات قدرة على تنفيذ عمليات ضرب دقيقة دون الحاجة للاقترب من منطقة الهدف. مثل صاروخ AGM-158  الذي يُستخدم لضرب الأهداف الأرضية من مسافات بعيدة.

في الختام، تعد صواريخ الكروز من أهم الأسلحة التي تتسابق الدول حول العالم لتطويرها، نظرًا لدقتها وقدرتها على التخفي والمراوغة، وفي الوقت الحالي، تكثف العديد من الدول جهودها لتطوير أنظمة مضادة أكثر فعالية لمواجهة هذا النوع من الصواريخ.

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة