هل تجمعنا العزلة الذانية والمنزلية بعضنا ببعض وتعزز التضامن الاجتماعي

  • تاريخ النشر: الخميس، 02 أبريل 2020
هل تجمعنا العزلة الذانية والمنزلية بعضنا ببعض وتعزز التضامن الاجتماعي

هل تجمعنا العزلة الذانية والمنزلية بعضنا ببعض وتعزز التضامن الاجتماعي ؟

بقلم\ ماريان سالزمان

في أوقات الأزمات؛ يخرج أفضل وأسوء ما فينا. ويسعدني أن أرى أن فيروس Covid-19 المستجد أظهر أفضل ما في معظم الأفراد من سمات وصفات نبيلة.

وفي هذه المرحلة الحرجة التي نمر بها بسبب الفيروس المستجد Covid-19؛ ظهرت روح التعاون والإنسانية في أجمل صورها؛  فنجد الجيران يتسابقون إلى تقديم يد العون؛ فعلى سبيل المثال قام الجيران بتنظيم حفل مفاجئ للإحتفال بعيد ميلاد سيدة تبلغ من العمر 80 عاماً-هذا المشهد العظيم أثر فينا جميعاً؛ ونجد أيضاً المجتمعات تلتف حول الشركات والأعمال المحلية للمساعدة؛ في المقابل تتجه الشركات عبر كافة القطاعات من مختلف الأحجام لتقديم الدعم للأفراد وتخفيف ضغوط العزلة المنزلية.

هل تجمعنا العزلة الذانية والمنزلية بعضنا ببعض وتعزز التضامن الاجتماعي

وفي الأسبوع الماضي، أطلق صديقي وزميلي آرون شيرينيان وابنه آدم أكاديمية الحجر الصحي (QA)، إذ تجمع هذه المبادرة الإبداعية ما يصل إلى 300 فرد في وقت واحد عن طريق Zoom Call  للتعرف على مواضيع جديرة بالاهتمام عبر كوكبة متنوعة من الخبراء المختصين .

وتبدأ اللقاءات الافتراضية اليومية عند الساعة 11 صباحاً والساعة 4 مساءً؛ حيث تقوم أكاديمية الحجر الصحي QA،    بتعزيز وعي الأطفال والبالغين حول كيفية تجنب الشعور السلبي الذي يخلفه المكوث في المنزل لوقت طويل، وذلك عن طريق طرح مواضيع مهمة من مؤلفات الكاتب إرنست همينغوي ؛ بطريقة شيقة جداً بإستخدام فن الإيجاز الياباني الأوريغامي الذي يخلق شعوراً جميلاً مسلياً للترويح عن الأفراد. ومن بين الأنشطة الأخرى؛ يقوم أحد الخبراء الشباب بتثقيف البالغين من خلال تطبيق TikTok؛ كما يقوم أحد المبتكرين بتجسيد شخصية الطيار الذي يشرع في أخذ الأطفال في رحلة جوية افتراضية.

وفي ظل الحديث عن التضامن الاجتماعي؛ يستطيع الأفراد أيضاَ قضاء وقتاً جميلاً يسوده أجواء مسلية ومرحة، حتى في ظل حرصهم على التباعد الاجتماعي.

ويتمتع آرون بعقلية متفتحة جداً بينا يتسم ولده بالتفكير الإبداعي الذي لديه شغف لمعرفة كل ما هو جديد. وخلال هذه الفترة من العزلة الذاتية، كان الأب يتَوق إلى الإتصال من الناحية التقنية؛  بينما يسعى الابن المبتكر إلى فعل شي جديد. وقد توصلوا، معاًـ إلى طريقة إبداعية تلبي شعفهم ومتطلباتهم وتقديم الدعم للأخرين.  

وقد ابتكر آرون مصطلح "الكرم الفوري"  (pop-up generosity) لوصف الطرق التي يبتكر بها الأفراد وسائل ابداعية للمساهمة في تقديم يد العون للمجتمع سواء الذي يحيط به  أو عبر العالم. ويوجد الكثير من الأمثلة تجسد المفهوم المثالي لمعنى الكرم. فعلى سبيل المثال؛  هناك معلمو اليوغا واللياقة البدنية يحرصون على تقديم دروسهم عبر الإنترنت مجاناً، كما تنتشر مجموعة من أفراد المجتمع لمساعدة كبار السن والمقيمين في المنزل على تلبية متطلباتهم.  وفي دالاس ، تقدم Whisk Crepes وجبات مجانية للموظفين الذين تأثر دخلهم نتيجة لتفشي الفيروس Covid-19 ؛ حتى المؤلف Mo Willems - فنان مقيم في مركز كينيدي – يحرص على التواصل مع الأطفال عبر الإنترنت عند الساعة 1 مساءً لقرءة مؤلفات الكاتب إرنست همينغوي للأطفال وتسليتهم فضلاً عن سلسلة من الأنشطة المسلية الأخرى مثل الرسم.

لحسن الحظ لم تعد حس المبادرة نادرة بل تجده في كل مكان

ولم أجد هذا المستوى من الصداقة والتضامن الاجتماعي منذ أحداث 11 سبتمبر والفترة التي أعقبت هذه الأحداث؛ عندما اجتمع سكان مدينة نيويورك وما حولها مع بعض، باحثين عن الراحة وتقديم التعازي والسلوان فيما بينها، وهذا لم يحدث من قبل؛ واستطاعت هذه الأحداث أن تجمعنا ببعض وتخلق روح جميلة من التضامن الاجتماعي، وكنا سعداء بهذا. وأشعر بهذا الشعور الجميل من الصداقة والتضامن مرة أخرى؛ وليس فقط من الأفراد؛ بل من الشركات أيضاَ؛ إذ تعمل شركةLouis Vuitton (التي تستخدم مصنع العطور الخاص يها لسد العجز في منتجات المطهر اليدوي) لسد الفجوة حيث تعاني الحكومات من الحمل الزائد. ونحن نتوقع المزيد ليحذو حذوها خلال الأيام المقبلة.

هنالك فرق كبير جداً بين الفترة التي أعقبت أحداث الـ11 سبتمبر والفترة العصيبة التي نعيشها حالياً بسب الفيروس Covid-19؛ فأما بالنسبة لأحداث11 سبتمبر،  فكانت السلطات تشجعنا على مواصلة حياتنا اليومية كالمعتاد لدعم الاقتصاد وإيصال رسالة للجميع مفادها أننا لم نتهاون في ردع حماية حرياتنا وطريقة حياتنا. أما في الأزمة الحالية، فإنه يُطلب منا عزل أنفسنا لحماية عائلاتنا والآخرين؛ مما يجعل هذه الأزمة مختلفة تماماً عن أي تجربة مررت بها من قبل.

وإن البشر بطبعها  كائنات اجتماعية. وكما كتبت في تقرير "اتجاهات 20 لعام 2020" ، يتًوق الناس ليس فقط إلى الاتصال العاطفي ولكن ايضاً إلى التقارب الاجتماعي المادي. وفي هذه الفترة العصيبة ينصح بعدم ملامسة الآخر؛ وربما نشعر بالقلق. ونحن نحتاج إلى أن نشعر بأننا محبوبين ومقًدرين. وهنا تكمن أهمية إنشاء أكاديمية الحجر الصحي QA، إذ تحمل هذه الأكاديمة رسائل وأهداف نبيلة وإنسانية ألا  وهي التضامن الاجتماعي وسط العزلة المنزلية والتباعد الاجتماعي؛ كما أنها تتيح للأفراد المنعزلين بالعودة إلى شكل من أشكال العمل الجماعي. كما أنها تسمح لأفراد مثل آرون وآدم  لرد الجميل للمجتمع بطريقة مبتكرة ذات مغزى عميق.

وفي هذه الفترة العصيبة، لا يتوجه أحد إلى حفل خيري أو لجمع التبرعات بشكل شخصي. ولماذا لا تفكر في طرق مبتكرة لتقديم يد العون والمساعدة ؟. ربما تكون عزلتنا القسرية هي بالضبط ما نحتاجه لتعزيز التضامن الاجتماعي وإعادة مجتمعنا المنقسم إلى مكانه.