أهم الحلول للقضاء على مشكلة البطالة

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأحد، 12 سبتمبر 2021
أهم الحلول للقضاء على مشكلة البطالة

كون البطالة مشكلة عالمية وقديمة نسبياً كذلك، فهناك العديد من الحلول الممكنة التي اقترحت من قبل علماء الاقتصاد والخبراء الاقتصاديين من المدارس الاقتصادية المختلفة، وحيث أن جميع الحلول غالباً ما تمتلك جوانب سلبية في بعض الحالات، فما من حل جذري للمشكلة بكل أنواعها بل تتنوع الحلول تبعاً لطبيعة الحكومة وسوق العمل ومسببات المشكلة أصلاً.

 

1- تخفيض نسبة الفائدة على القروض الممنوحة

واحد من الحلول الأكثر فعالية للحد من البطالة هو تخفيض المصارف المركزية لنسب الفوائد على القروض الممنوحة للمستفيدين، وعلى الرغم من أن هذا الشيء لا يؤثر بشكل مباشر في معدلات البطالة فهو أسرع الحلول وأكثرها فاعلية مقارنة بأي حلول أخرى.

تخفيض المصارف المركزية للفائدة يؤدي إلى خفض الفوائد على القروض في المصارف الخاصة كذلك، هذا الأمر يجعل الناس قادرين على الاقتراض لشراء بعض الأمور كالعقارات والسيارات وغيرها مما يزيد من المال المتداول في السوق وينشطه، رافعاً الحاجة إلى عمال وموظفين جدد. بالإضافة لذلك فتخفيض الفوائد يتيح للشركات والمؤسسات التجارية كذلك الاقتراض لتمويل مشاريعها الجديدة وتوسيع أعمالها؛ من شأن ذلك أن يخلق العديد من فرص العمل الجديدة، ويخفض بشكل فعال وسريع نسب البطالة.

سلبيات تخفيض فوائد القروض

المشكلة الأساسية في هذه الطريقة هي المخاطر المترتبة على استخدامها، والتي من الممكن أن تعطي نتائجاً عكسية بعد مدة من الزمن. فالفوائد المخفضة تعني اقتراضاً أكبر حيث قد يتضخم الاقتراض بحيث تعجز المصارف المركزية عن تلبية الحاجة الكبيرة إلى القروض وتضطر لرفع الفوائد مجدداً؛ مما يتسبب بتباطؤ العجلة الاقتصادية مجدداً، ووقف المشاريع الجديدة وعمليات التوسع بشكل يجبر الشركات على الاستغناء عن المزيد من الموظفين فتعود البطالة إلى الظهور مجدداً مع انكماش اقتصادي عام، أو حتى أزمات اقتصادية كبرى كتلك التي حصلت عام 2008، حيث أدى فشل المستدينين بتسديد ديونهم إلى انهيار الكثير من الشركات والمصارف، وتسبب بأزمة كادت تودي بالاقتصاد العالمي كله.

2- تخفيض الضرائب سيساهم في زيادة فرص العمل

واحد من أفضل بدائل تخفيض الفائدة هو تخفيض الضرائب على الشركات والمواطنين على حد سواء، فهذه الطريقة تعمل بشكل مزدوج لتثبت فعاليتها، فمن ناحية أولى يؤدي خفض الضرائب على المواطنين إلى زيادة كمية الأموال التي يستطيعون إنفاقها؛ مما سيجعلهم يصرفون المزيد من المال، وهو ما سيزيد من النشاط التجاري، ويزيد الطلب على العمال فاتحاً فرصاً جديدة ومخفضاً من البطالة.

من ناحية أخرى، يؤدي خفض الضرائب على الشركات إلى استحواذها على أرباح صافية أكثر؛ مما يجعلها تميل للتوسع والاستثمار والتطوير في قطاعاتها، وهو ما سيجعلها قادرة وراغبة بضم المزيد من الكوادر إلى صفوفها، أي أن الطلب على العمل سيتناقص ومعه البطالة بطبيعة الحال.

سلبيات خفض الضرائب

المخاطر المحتملة لهذا الحل تتضمن جشع الشركات بالدرجة الأولى، حيث من الممكن أن تفضل الشركات الاحتفاظ بالأرباح وتوزيعها على المساهمين بدلاً من استثمارها بطرق تخلق فرص عمل لأولئك الذين يعانون من البطالة، وهنا تكون الضرائب المخفضة دون فائدة فالبطالة لن تتغير دون رغبة الشركات بفتح فرص عمل أكثر. كما أن السياسة بالمجمل خطرة من ناحية كونها تقلل بشكل كبير من موارد الحكومة (خصوصاً في البلدان التي تعد الضرائب الوارد الحكومي الأساسي لها)، وهذا ما من شأنه أن يقلل من الإنفاق الحكومي ويؤدي إلى عودة مشكلة البطالة مجدداً.

3- زيادة الإنفاق الحكومي كأسلوب في حدّ نسبة البطالة

يعد الإنفاق الحكومي واحداً من أهم مؤمني فرص العمل، خصوصاً في البلدان التي تمتلك حكومات يسارية كبيرة تسيطر على جزء كبير من قطاع الأعمال، وهنا تأتي أهمية زيادة إنفاق الحكومة على المشاريع الخاصة بها مثل التعليم الحكومي والأشغال والتأمينات الاجتماعية والبنى التحتية، فهذه المشاريع توفر عشرات الآلاف إن لم يكن مئات الآلاف من فرص العمل التي تكون غالباً بالحد الأدنى من الأجور، لكنها تفيد بشكل كبير بتقليل مستويات البطالة.

مخاطر زيادة الإنفاق الحكومي

الإنفاق الحكومي سلاح ذو حدين بطبيعة الحال كما أي أسلوب آخر مستخدم للحد من البطالة، فالتهور به وإنفاق مبالغ طائلة من قبل الحكومة يؤدي إلى ازدياد العجز في الموازنة الحكومية، وهو ما يزيد الدين الحكومي بدوره، حيث يتسبب الدين الكبير الذي يصل إلى 100% من الموازنة بتقلص كبير في الاقتصاد الوطني مما يعطي نتائجاً سلبية تعيد رفع معدلات البطالة مجدداً، وتسبب بتضرر القطاع المالي كذلك، حيث لا يبقى أمام الحكومة سوى رفع الضرائب لتعويض العجز في الموازنة.

الاستفادة من الإنفاق الحكومي في تأمين فرص العمل

مع كون الإنفاق الحكومي مصدراً هاماً لفرص العمل، فالمجالات المتعددة التي يتم فيها إنفاق المال الحكومي تعطي أعداداً متفاوتة من فرص العمل؛ مما يجعل الإنفاق في قطاعات معينة فعالاً أكثر من غيرها. نذكر هنا أهم القطاعات التي يمكن أن ينفق بها المال الحكومي والجدوى المرجوة من كل منها:

  • مشاريع البنى التحتية

تعد مشاريع البنى التحتية أكثر المشاريع نجاحاً من حيث فرص العمل المؤمنة مقارنة بالمال الذي تم إنفاقه، ففي الولايات المتحدة وأثناء الأزمة الاقتصادية الكبرى (التي بدأت عام 2008) أظهرت الإحصاءات أن كل 1 بليون دولار تم صرفه في مشاريع البنية التحتية كالطرق ووسائل النقل العام وشبكات المترو أمن 19,795 فرصة عمل في قطاع البناء والإنشاءات، وهو رقم أعلى من أي قطاع آخر يمكن إنفاق المال الحكومي فيه.

  • تعويضات العاطلين عن العمل

تعتمد العديد من البلدان على نظام تأمينات اجتماعية يقدم مساعدات مالية للعاطلين عن العمل والعاجزين عن الحصول على وظائف أو أعمال تناسب مؤهلاتهم، ومع أن دفع المال للعاطلين عن العمل قد يبدو أمراً يصب في الاتجاه العكسي لمكافحة البطالة، فوفقاً للدراسات والإحصائيات التي قامت بها الحكومة الأمريكية يعد هذا القطاع من أكثر القطاعات التي يساعد فيها التمويل الحكومي.

يعمل نظام الضمان الاجتماعي بشكل غير مباشر على توفير فرص العمل، فالمال الذي تقدمه الحكومة للعاطلين عن العمل يتم صرفه بالكامل عادة على شراء البضائع الأساسية للحياة وعلى أجور السكن مثلاً، وهو ما يزيد بدوره من حركة البيع والشراء، وينشط العمل التجاري الذي سيحتاج للمزيد من العاملين لتغطية الطلب المتزايد؛ بالتالي ستنخفض البطالة عموماً بدفع المال للعاطلين عن العمل.

بالمقارنة مع أنظمة الضمان الاجتماعي الأوروبية، فنظام الضمان الاجتماعي الأمريكي ضعيف للغاية ولا يلبي الحاجة الحقيقية له تماماً، ومع كونه يساعد في خلق فرص العمل، فوجود نظام ضمان اجتماعي قوي في أي بلد سيساعد بشكل كبير في التقليل من البطالة وتحقيق المزيد من فرص العمل.

  • قطاع التعليم

على عكس القطاعين السابقين، فتأثير الإنفاق الحكومي على القطاع التعليمي لا يأتي بشكل مباشر بل يحتاج بعض الوقت ليحقق غايته. وكما الإنفاق على تعويضات البطالة، فالإنفاق في قطاع التعليم يعمل بشكل غير مباشر حيث أن المال المنفق على المدراس والجامعات الحكومية يعني أن المزيد من الأشخاص سيتمكنون من الحصول على درجات أعلى من التعليم، ويمتلكون فرصاً أعلى للحصول على الأعمال خصوصاً مع تراجع أعداد فرص العمل في المجالات الحرفية التي تتطلب المهارة الجسدية مقابل نمو سوق العمل التكنولوجية التي تتطلب المعرفة والخبرة العلمية.

4- قطاع الدفاع

مع كون الدفاع والجيش أمراً أساسياً بالنسبة للعديد من البلدان، وخصوصاً تلك التي لا تتفق مع جيرانها أو تعاني من توتر علاقاتها مع المحيط أو اشتراكها في حروب جارية حالياً، فجزء كبير من الميزانيات الحكومية خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط يذهب للمشاريع الدفاعية وتمويل الجيش والصناعات المرتبطة به.

لكن مع اعتماد القطاع الدفاعي بشكل متزايد على التكنولوجيا الحديثة والأدوات والآلات بدلاً من البشر والجنود التقليديين؛ فصرف المال في القطاع الدفاعي ليس بالفاعلية المرجوة، فهو يؤمن فرص عمل أقل بنصف العدد من قطاع التعليم والبنى التحتية ودعم البطالة حتى؛ مما يجعل الصرف على الدفاع أمراً لا ينصح به كحل للبطالة.

5- تخفيض ضريبة الدخل

على عكس تخفيض الضرائب العامة، فتخفيض ضريبة الدخل بشكل منفرد يحقق نتائجاً دون المتوقع بكثير. فتخفيض الضريبة يعني أن المواطنين سيكون لديهم المزيد من المال لينفقوه، وهو ما يجب أن يزيد من معدل شرائهم للبضائع والخدمات؛ ويزيد بالتالي الحركة التجارية.. لكن مع كون هذا النوع من الضرائب يحصل لاحقاً، فالمواطنون لن يدركوا أن لديهم المزيد لينفقوه حتى قيامهم بتسديد الضرائب؛ مما يجعل إنفاقهم الفعلي أقل من المتوقع إلى حد بعيد، حيث أن النمو الاقتصادي الناتج عن هذا التخفيض لا يتجاوز 60% من المال المنفق بتخفيض هذه الضريبة، وهذا يعني أنها سياسة خاسرة بالضرورة ولا تقدم أي فائدة كافية لتبرير إنفاق المال الحكومي عليها.

6- تخفيض الضرائب على المنتجات

عند شراء أي منتج من قبل المستهلك، فجزء من سعر المنتج هو الضريبة التي تفرضها الحكومة عليه، والتي قد تكون كبيرة لشكل كبير لتصل إلى 20% من السعر الكلي للمنتج أو الخدمة. مع كون الضريبة تلعب دوراً كبيراً في تحديد سعر السلعة فتخفيضها يعني أن السلع ستنخفض قيمتها، بالتالي سيزداد الإقبال على الشراء والاستهلاك؛ الأمر الذي ينشط سوق العمل ويزيد فرص العمل مع ازدياد الطلب على الموظفين.

على عكس مشكلة تخفيض ضريبة الدخل، فتخفيض الضريبة على المنتجات تعطي نتائجاً جيدة وسريعة، وبالمحصلة تعطي نفس التأثير الإيجابي بالنسبة للمواطن العادي الذي سيتمكن من اقتناء المزيد من المنتجات بهذه الحالة.

7- برامج التدريب الخاصة بالشركات تقلل من نسب البطالة

تعد فكرة الفترات التدريبية (Internship) واحدة من أهم الطرق التي تعرف فيها الشركات والمؤسسات من هم الموظفون المناسبون لها دون خسارة فعلية، حيث تعد حلقة الخبرة والعمل (تحتاج الخبرة للحصول على عمل ويجب أن تحصل على عمل لتحصل على الخبرة) واحدة من أكبر المشاكل التي يواجهها الشباب وخاصة الخريجون الجدد، الذين يجدون أنفسهم أمام فرص عمل تتطلب خبرة سنوات عدة؛ مما يجعل الحصول على العمل المناسب للمؤهلات أمراً في غاية الصعوبة.

تنتشر برامج التدريب الخاصة بالشركات بكثرة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، حيث تقوم الشركات بتعيين خريجين جدد لأداء المهام البسيطة وتعلم المهام الأساسية وكيفية العمل وآليته، فتستمر الفترة طوال الصيف التالي للتخرج، ولا تكون مدفوعة عادة، أي أن الموظف لن يحصل على مقابل مادي لعمله لهذه الأشهر، لكنه سيحصل على خبرة ضرورية تسهل مهمة الحصول على العمل بشكل كبير بالنسبة له.

في النهاية، مع معدلات البطالة المرتفعة تتراجع القوى الاقتصادية للبلدان وتصل إلى شفا الانهيار حتى، وهذا ما يجعل مسؤولية الحكومات في إيجاد الحلول وتطبيق الأساليب المعروفة بنجاحها أمراً ضرورياً للغاية؛ لإيقاف المشكلة والحد من أخطارها الكبيرة.