دراسة: المجال المغناطيسي للأرض ينقل هواءها إلى القمر

كيف تسافر ذرات الغلاف الجوي من الأرض إلى القمر؟

  • تاريخ النشر: منذ 20 ساعة زمن القراءة: 3 دقائق قراءة
دراسة: المجال المغناطيسي للأرض ينقل هواءها إلى القمر

كشفت دراسة علمية حديثة عن حقيقة مذهلة تتعلق بعلاقة الأرض بالقمر، مفادها أن ذرات من غلافنا الجوي لا تظل محصورة حول كوكبنا كما كان يعتقد سابقاً، بل تنطلق في رحلات فضائية طويلة، قبل أن تستقر في نهاية المطاف على سطح القمر.

كيف تسافر ذرات الغلاف الجوي من الأرض إلى القمر؟

ولا يقتصر هذا الاكتشاف على حل لغز علمي حير الباحثين لعقود، بل يفتح أيضاً آفاقاً واسعة لفهم تاريخ مناخ الأرض، وربما لدعم خطط الوجود البشري المستقبلي على سطح القمر.

ولسنوات طويلة، واجه العلماء تساؤلات محيرة بشأن وجود كميات غير مفسرة من عناصر، مثل النيتروجين والماء، في عينات التربة القمرية التي أعادها رواد بعثات أبولو.

وعلى الرغم من أن جزء من هذه العناصر يمكن تفسيره بتأثير الرياح الشمسية التي تحمل جسيمات إلى سطح القمر، فإن هذا التفسير لم يكن كافياً لتوضيح الوفرة الكبيرة، خاصة فيما يتعلق بالنيتروجين، وهو عنصر أساسي يرتبط بالغلاف الجوي الأرضي والحياة.

وقبل نحو عقدين، اقترح علماء يابانيون فرضية جريئة مفادها أن الأرض نفسها قد تكون مصدراً إضافياً لهذه العناصر. ووفقاً لهذه الفكرة، تقوم الجسيمات الشمسية النشطة بنزع ذرات من الطبقات العليا للغلاف الجوي للأرض ودفعها إلى الفضاء.

غير أن الاعتقاد السائد آنذاك، كان أن هذه العملية قد توقفت منذ تشكل المجال المغناطيسي القوي للأرض، الذي يفترض أنه يعمل كدرع يحمي الكوكب من فقدان غلافه الجوي.

إلا أن فريقاً بحثياً من جامعة روتشستر قلب هذه الفرضية رأساً على عقب، بعدما أظهرت نماذج محاكاة حاسوبية متقدمة، أن المجال المغناطيسي للأرض لا يعمل دائماً كحاجز واق، بل قد يتحول في ظروف معينة إلى ما يشبه طريقاً سريعاً كونيّاً.

وأوضت الدراسة أن بعض خطوط المجال المغناطيسي تمتد لمسافات شاسعة في الفضاء، لتتصل مباشرة بالقمر، حاملة معها جسيمات مشحونة من الغلاف الجوي للأرض، في رحلة طويلة تنتهي على سطحه.

واللافت في هذه النتائج أن هذه العملية تبدو أكثر فاعلية في الظروف الحالية للأرض، حيث تتمتع بشمس أقل نشاطاً نسبياً، ومجال مغناطيسي قوي ومستقر، مقارنة بالأرض الفتية في عصورها الأولى. ويعزز هذا الاستنتاج وجود أدلة جيولوجية تشير إلى أن المجال المغناطيسي للأرض ظل قوياً منذ ما لا يقل عن 3.7 مليار سنة، ما يعني أن هذا التدفق من المواد الجوية قد استمر على مدى فترات زمنية شاسعة.

وبناء على ذلك، يقترح العلماء أن القمر يمكن اعتباره بمثابة أرشيف سماوي هائل، والذي يحتفظ بسجل دقيق لتطور الغلاف الجوي للأرض ومجالها المغناطيسي عبر العصور الجيولوجية.

ومن خلال تحليل هذا السجل، قد يتمكن الباحثون من تتبع تحولات مناخية كبرى، وتغيرات بيئية جوهرية، وربما حتى مراحل مفصلية في تطور الحياة على كوكبنا.

جدير بالذكر أن أهمية هذا الاكتشاف لا تتوقف عند حدود النظام الأرضي–القمري، بل تمتد لتشمل فهم مصير كواكب أخرى في النظام الشمسي.

فهو يوفر إطاراً تفسيرياً لكيفية فقدان المريخ، الذي كان يمتلك في الماضي غلافاً جوياً كثيفاً ومجالاً مغناطيسياً، لمعظم هوائه، ليتحول إلى عالم بارد وجاف.

كما أنه يساعد في تفسير ظواهر مشابهة على أطراف النظام الشمسي، مثل تبادل أو تسرب الغازات بين بلوتو وقمره شارون.

أما على صعيد المستقبل، فإن هذه النتائج تحمل بشائر واعدة لمشاريع استيطان القمر. فالتدفق المستمر للمواد المتطايرة من الأرض على مدى مليارات السنين، إضافة إلى ما حملته النيازك والمذنبات، يشير إلى احتمال وجود مخزون أكبر مما كان متوقعاً من موارد ثمينة، مثل الماء والعناصر الأساسية الأخرى، مدفوناً تحت سطح القمر.

وهذا الأمر قد يشكل ركيزة مهمة لدعم الوجود البشري الدائم خارج كوكب الأرض.

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة