الرئيس الأمريكي جيرالد فورد (Gerald Ford)

تدرج جيرالد فورد في العديد من المناصب السياسية حتى وصل إلى رأس السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية، شكلت فترة حكمه انفراجاً في العلاقات مع الاتحاد السوفيتي، فيما غزت فيتنام الشمالية فيتنام الجنوبية في عام 1974 وتم توحيد فيتنام في دولة واحدة.

كما تم توقيع اتفاقيات هلسنكي لتعزيز الأمن في أوروبا، وفي عهده ظهرت أزمة انفلونزا الخنازير.. المزيد عن حياة الرئيس الأمريكي الثامن الثلاثين جيرالد فورد، والمناصب التي تولاها والسياسات التي اتبعها في الداخل والخارج، والجوائز التي حصل عليها نتابعها في هذه المقالة.

التحق جيرالد فورد بالجيش بعد تفجير بيرل هاربور

بعد الهجوم الياباني على أسطول الجيش الأمريكي في بيرل هاربور في السابع من شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 1941، ودخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب العالمية الثانية، التحق جيرالد فورد بالجيش الأمريكي في الثالث عشر من شهر نيسان/ أبريل عام 1942.

ثم ذهب إلى مدرسة بريفليت البحرية في تشابل هيل بولاية كارولينا الشمالية، وتمت ترقيته إلى رتبة ملازم في الثاني من شهر حزيران/ يونيو عام 1942، وفي شهر أيار/ مايو عام 1943 عمل جيرالد فورد على متن حاملة الطائرات الجديدة أوس مونتيري في نيويورك.

حيث استمر في عمله هناك كمساعد ملاح حتى نهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 1944، ثم عمل في كلية سانت ماري في ولاية كاليفورنيا، بعد ذلك تم تعيينه في قسم رياضي بقي فيه حتى انتهاء خدمته العسكرية في الثامن والعشرين من شهر حزيران/ يونيو عام 1946، وأصبح من مؤيدي الحزب الجمهوري.

تدرج جيرالد فورد في المناصب السياسية

جيرالد عضوا في مجلس النواب الأمريكي عن ولاية ميشيغان

وذلك بين عامي 1949 و1973، حيث أصبح عضواً في اللجنة الفرعية المعنية بتخصيصات الدفاع، ثم عضواً في لجنة وارن التي أنشأها الرئيس الأمريكي ليندون ب. جونسون في التاسع والعشرين من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1963 للتحقيق في اغتيال الرئيس الأمريكي الأسبق جون كنيدي.

من مواقفه السياسية معارضته لتدخل بلاده في فيتنام، وابتداءً من عام 1965 أصبح جيرالد فورد رئيس الأقلية في مجلس النواب.

نائب الرئيس، بين عامي 1973 و1974

استقال سبيرو أغنيو من منصبه كنائب للرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في العاشر من شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 1973 بسبب اتهامات جنائية بالتهرب الضريبي وغسيل الأموال، فقام الرئيس ريتشارد نيكسون بترشيح جيرالد فورد لمنصب نائب الرئيس.

صوت مجلس الشيوخ الأمريكي لصالح هذا الترشيح حيث أيده اثنان وتسعين صوتاً مقابل معارضة ثلاثة، وفي السادس من شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 1973 أكد مجلس النواب جيرالد فورد في هذا المنصب بتأييد ثلاثمئة وسبعة وثمانين صوتاً مقابل خمسة وثلاثين صوتاً.

وبعد ساعة من التصويت أدى جيرالد فورد اليمين القانونية كنائب للرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون؛ ليصبح بذلك أول شخص يتسلم هذا المنصب من دون انتخابات.

جيرالد فورد رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية

إثر فضيحة ووتر غيت استقال الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون من منصبه كرئيس وذلك في التاسع من شهر آب/ أغسطس عام 1974، ليصبح جيرالد فورد الشخص الوحيد المخول لتولي منصب الرئيس (في الدستور الأمريكي يتولى نائب الرئيس منصب الرئيس في حال شغور منصب الرئيس.

بذلك أصبح جيرالد فورد رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، وتم انتخاب نيلسون روكفلر لمنصب نائب الرئيس من كل من مجلسي النواب والشيوخ.

السياسة الداخلية للرئيس الأمريكي جيرالد فورد

1. العفو عن سلفه الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون، وذلك في الثامن من شهر أيلول/ سبتمبر عام 1974.
2. أصدر إعلاناً رئاسياً رقم (4313) في السادس عشر من شهر أيلول/ سبتمبر عام 1974 فحواه العفو عن العسكريين الأمريكيين الفارين من الجيش الأمريكي الذي يحارب في فيتنام، وكانت شروط العفو تتطلب أن يعلن الهاربون ولاءهم للولايات المتحدة الأمريكية ويخدمون عامين في  الجيش.
3. وقع قانون التعليم لذوي الاحتياجات الخاصة للأطفال المعوقين لعام 1975، الذي أنشأ بموجبه مدارس لتعليمهم في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية.
4. قانون الحقوق المتساوية، وقعه في السادس والعشرين من شهر آب/ أغسطس عام 1975، وهو القانون الذي ساوى بين الرجل والمرأة أمام القانون الأمريكي.

أزمة أنفلونزا الخنازير

بدأت أزمة أنفلونزا الخنازير في الخامس من شهر شباط/ فبراير عام 1976 عندما توفي مجند للجيش في مدينة فورت ديكس بشكل غامض وأُدخل أربعة من زملائه المستشفى؛ فأعلن مسؤولو الصحة أن "انفلونزا الخنازير" هي السبب، وبعد فترة وجيزة حث مسؤولو الصحة العامة في إدارة الرئيس جيرالد فورد على إنتاج لقاح للوقاية من هذا المرض وهذا ما حصل بالفعل.

حيث تم تلقيح نحو خمسة وعشرين بالمئة من الأمريكيين، ثم ألغي هذا اللقاح في شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 1976؛ وذلك لتسببه بوفاة خمسة وعشرين شخصاً.

السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي جيرالد فورد

1. شارك في مؤتمر هلسنكي للأمن والتعاون في أوروبا في عام 1975 في إطار الانفراج في الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، ووقع اتفاقيات هلسنكي التي تهدف إلى تعزيز العلاقة بين الدول الغربية والبلدان الشيوعية في أوروبا.
2. حضر الاجتماع الأول لمجموعة الدول السبع الصناعية في عام 1975، والتي تهدف إلى إيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية على مستوى العالم.
3. أوقف المساعدات العسكرية لتركيا في منتصف شهر أيلول/ سبتمبر عام 1974 على خلفية دخول القوات التركية قبرص، وذلك بموجب قرار الكونغرس الأمريكي.
4. في عهده حصل وقف إطلاق النار في حرب أكتوبر عام 1973 بين مصر وسوريا من جهة وإسرائيل من جهة أخرى.
5. تم التوقيع في عهده على اتفاقية سيناء بين مصر وإسرائيل في الأول من شهر أيلول/ سبتمبر عام 1975، وكانت بداية لسلسلة اتفاقيات انتهت باتفاقية السلام لتطبيع العلاقات بين مصر وإسرائيل في عام 1979.
6. في عهده غزت فيتنام الشمالية فيتنام الجنوبية، وتم توحيدهما في دولة واحدة هي فيتنام في شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 1974، إذ لم يستطع الرئيس الأمريكي فعل شيء لاسيما بعد رفض الكونغرس تقديم مساعدات لفيتنام الجنوبية لمواجهة الغزو.
7. أرسل قوات المارينز لإنقاذ السفينة التجارية الأمريكية التي حملت اسم (ماياغيز) التي استولى عليها الكمبوديون، في شهر أيار/ مايو عام 1975.
8. أرسل قوات برية إلى كوريا الجنوبية في أعقاب حادثة (بانمونجوم) (منطقة منزوعة السلاح تقع على الحدود بين الكوريتين)،، حيث قامت كوريا الشمالية في شهر آب/ أغسطس عام 1976 بقتل ضابطين أمريكيين، فردَّ الرئيس الأمريكي جيرالد فورد بنشر المزيد من القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية، قامت بعدها كوريا الشمالية بالاعتذار من الولايات المتحدة الأمريكية عن مقتل الجنديين الأمريكيين.
9. أيَّد غزو إندونيسيا لتيمور الشرقية في عام 1975.
10. استخدم الفيتو ضد عدد من مشاريع القوانين غير العسكرية التي من شأنها أن تزيد من العجز الكبير في الميزانية.
11. وافق على اتفاقات فلاديفوستوك مع الاتحاد السوفيتي في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1974، التي قدمت مخططاً عاماً لمعاهدة لتكون خَلَفاً لمعاهدة سالت الأولى (معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية)؛ تلك التي تم التفاوض عليها من قبل نيكسون وكيسنجر في عام 1972.

محاولات اغتيال الرئيس الأمريكي جيرالد فورد

تعرض الرئيس الأمريكي جيرالد فورد لمحاولتي اغتيال، الأولى قام بها لاري بيندورف في الخامس من شهر أيلول/ سبتمبر عام 1975، حيث تم إلقاء القبض عليه وإدانته وحُكم بالسجن المؤبد، وفي رد فعل على هذه المحاولة تم اتخاذ إجراءات مشددة لحماية الرئيس الأمريكي جيرالد فورد سميت "إبقاء فورد".

وهي استراتيجية قد تكون قد أنقذت حياته بعد سبعة عشر يوماً عندما كان يريد مغادرة فندق سانت فرانسيس وسط مدينة سان فرانسيسكو، حيث أطلق عليه مارين أوليفر النار لكنه لم يصبه، فألقي القبض عليه وحُكم بالسجن المؤبد.

الانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 1976

ترشح الرئيس الأمريكي جيرالد فورد للانتخابات الرئاسية في عام 1976، لكنه خسر السباق وفاز جيمي كارتر بموافقة مئتين وسبعة وتسعين صوتاً مقابل مئتين وأربعين لجيرالد فورد، لتنتهي بذلك ولاية الرئيس الأمريكي جيرالد فورد الرئاسية ويصبح جيمي كارتر الرئيس التاسع والثلاثين للولايات المتحدة الأمريكية.

جيرالد فورد بعد الرئاسة

بعد رئاسته استمر نشاط جيرالد فورد، حيث قام بما يلي:

• أنشأ معهد جيرالد فورد للسياسة العامة في كلية ألبيون بجامعة ميشيغان في عام 1977.
• انضم إلى معهد المشاريع الأمريكية في عام 1980.
• افتتح مكتبة جيرالد فورد في جامعة ميشيغان في عام 1981.
• أصبح عضواً في العديد من مجالس الشركات بما في ذلك الائتمان التجاري، نوفا الدوائية، شركة بولمان، تيسورو للبترول، شركة تيغر الدولية في عام 1988.
• مديراً فخرياً لشركة ستي غروب، حيث شغل هذا المنصب حتى وفاته في عام 2006.
• عضواً في مجلس إعادة بناء مركز التجارة العالمي في الثاني والعشرين من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2004.
• رفض الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003.

مشاكل صحية للرئيس جيرالد فورد

عانى جيرالد فورد مرتين من السكتات الدماغية الطفيفة في المؤتمر الوطني الجمهوري عام 2000 وعُولج في مستشفى جامعة هانمان، في شهر كانون الثاني/ يناير عام 2006 أمضى أحد عشر يوماً في مركز إيزنهاور الطبي بالقرب من مقر إقامته في رانشو ميراج بولاية كاليفورنيا لعلاج الالتهاب الرئوي.

وفي شهر تموز/ يوليو عام 2006 نُقل جيرالد فورد إلى المستشفى سانت ماري في مايو كلينيك في مدينة روتشستر بولاية مينيسوتا بسبب معاناته ضيقاً في التنفس، في حين تم نقله مرة ثانية في الخامس عشر من شهر آب/ أغسطس عام 2006  إلى المستشفى ذاتها بولاية مينيسوتا.

وفي الحادي والعشرين من شهر آب/ أغسطس عام 2006 تم تزويده بجهاز تنظيم ضربات القلب، ثم وفي الخامس والعشرين من شهر آب/ أغسطس عام 2006 أُجريت له قسطرة في عيادة مايو كلينيك.

وفاة جيرالد فورد

توفي جيرالد فورد في السادس والعشرين من شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 2006 في منزله في رانشو ميراج بولاية كاليفورنيا؛ إثر إصابته بمرض تصلب الشرايين، أقيمت له جنازة رسمية في الثاني من شهر كانون الثاني/ يناير عام 2007.

جوائز جيرالد فورد خلال خدمته العسكرية

حصل جيرالد فورد خلال خدمته العسكرية التي امتدت بين عامي 1941 و1946 على الجوائز العسكرية التالية: (وسام الحملة الأمريكية، وسام حملة آسيا والمحيط الهادئ مع تسع من النجوم البرونزية، وسام التحرير الفلبيني مع اثنتين من النجوم البرونزية، وسام النصر في الحرب العالمية الثانية).

تكريم الرئيس الأمريكي الأسبق جيرالد فورد

1. جائزة النسر الكشفية المتميزة (the Distinguished Eagle Scout Award)، في شهر أيار/ مايو عام 1970.
2. جائزة بافالو الفضية (the Silver Buffalo Award)، من الكشافة الأمريكية في عام 1974.
3. جائزة التدرج الذهبي (the Golden Pheasant Award)، من الجمعية الكشفية اليابانية في عام 1974.
4. جائزة توم موريس القديمة (Old Tom Morris Award)، من جمعية مراقبي ملعب الغولف في أمريكا (the Golf Course Superintendents Association of America) في عام 1985.
5. حصل فورد على الدكتوراه الفخرية من جامعة ولاية كونيتيكت المركزية في الثالث والعشرين من شهر آذار/ مارس عام 1988.
6. جائزة وحيد البحار (Lone Sailor Award)، من المؤسسة البحرية الأمريكية في عام 1992؛ لخدمته البحرية وخدمة الحكومة اللاحقة له.
7. جائزة النجمة الذهبية (Golden Palm Star)، من فندق (the Palm Springs Walk of Stars) في عام 1999.
8. ميدالية الحرية الرئاسية (awarded the Presidential Medal of Freedom)، من الرئيس الأمريكي بيل كلينتون في عام 1999.
9. جائزة جون كنيدي للشجاعة (the John F. Kennedy Profiles in Courage Award)، في عام 2001 لقراره العفو عن الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون إثر فضيحة ووترغيت.

في الختام.. ثلاث سنوات حكم فيها جيرالد فورد الولايات المتحدة الأمريكية، كان العالم حينها يعيش مرحلة الانفراج في الحرب الباردة؛ ما أسفر عن توقيع اتفاقيات هلسنكي لتعزيز الأمن في أوروبا، كما تم في عهده توقيع اتفاقية سيناء لوقف إطلاق النار في حرب أكتوبر بين مصر من جهة وإسرائيل من جهة أخرى.

هذا في السياسة الخارجية، أما في السياسة الداخلية فقد أصدر عفواً عن سلفه الرئيس ريتشارد نيكسون، كما أصدر عفواً عن الجنود الأمريكيين الهاربين من الخدمة خلال حرب فيتنام، لكن كل ذلك لم يكن كافياً للفوز في انتخابات الرئاسة لعام 1976 لينتهي بذلك مشواره السياسي ويبقى في مجال المال والأعمال حتى وفاته في عام 2006.