السلام العربي…هل هو غاية أم غياب؟

  • حمزه محمدbronzeبواسطة: حمزه محمد تاريخ النشر: منذ 6 أيام
السلام العربي... هل هو غاية أم غياب؟

في عالم تتقلب فيه موازين القوى، وتتشابك فيه المصالح الدولية، تظل كلمة “السلام في العالم العربي عالقة بين الأمل والخذلان. يتردد صداها في المؤتمرات وعلى شاشات الأخبار، لكنها نادراً ما تتجسد في تفاصيل الحياة اليومية؛ في عيون الأطفال، وفي أصوات الأمهات، وفي الشوارع التي تنتظر نبض الحياة.

لقد عايش العالم العربي على مدار العقود الماضية سلسلة من النزاعات والصراعات، لا تزال جراحها مفتوحة في فلسطين والعراق وسوريا واليمن وليبيا. ومع كل نداء لوقف إطلاق النار، ومع كل توقيع على اتفاقية، كان السلام حاضرًا… لكن كفكرة مؤجلة، لا كواقع يُعاش.

السلام كحاجة إنسانية

بالنسبة للناس، السلام ليس ورقة تفاهم بين الأطراف، بل هو الحلم البسيط بأن يبدأ اليوم بلا خوف، وأن ينتهي بلا فَقْد.
هو أن تذهب طفلتك إلى المدرسة بأمان، وأن تعود إلى بيتٍ تُحِس فيه بالكرامة، لا بالقلق.
إنه الشعور بأنك موجود ولك إنتماء… ولست ضائع أو مهدد في كل لحظة.

سلام لا يولد من فوق

السلام الحقيقي لا يُصنع في الغرف المغلقة فقط، بل في قلوب الناس، في وعي الطفل، وفي حكايات الجدات، وفي مناهج التعليم التي تزرع القبول بدل الانقسام.
السلام يبدأ عندما يتوقف الكره، لا فقط القتال؛ عندما تُصان الكرامة، لا فقط تُسلَّم الأسلحة.

غياب السلام… بداية وعي جديد

وربما، في هذا الغياب المؤلم، ولد وعي عميق بأهمية السلام. جيل جديد من الشباب بات يتساءل: لماذا لا نعيش بسلام؟
سؤال بسيط، لكنه جوهري. لأنه لا يبحث عن انتصار طرف، بل عن إنقاذ إنسان.

لأن السلام لا يأتي… بل يُستحَق

لسنا نحلم بسلام يشبه لحظة هدنة، ولا نريده جائزة سياسية تُمنح بعد تعب المفاوضات.
نحن نبحث عن السلام الذي يولد من رحم التجربة، من جراح تعبت من النزيف، من قلوب اشتاقت إلى الخفة لا إلى النصر.

السلام ليس ختام الحروب، بل بدايات جديدة للحياة.
هو أن نسترد إنسانيتنا من أنقاض الكراهية، أن نختار الرفق بدلاً من الغضب، أن نغفر لا لأننا ضعفاء، بل لأننا أقوى من أن نحمل الموروث كله على أكتافنا.

ربما لن نصل إليه دفعة واحدة. وربما سنتعثر ونحن نحاول أن نفهمه.
لكن يكفينا أن نبدأ بالسؤال، وأن نهمس لأنفسنا وللجيل القادم:
إن العالم لا يحتاج لمن يرفع صوته، بل لمن يصغي أولاً.
لا لمن يقود الصفوف، بل لمن يزرع شجرة ظلّ على جانب الطريق.

وفي النهاية…
قد لا نرى المدينة الفاضلة،
لكننا سنرى طفلًا يلعب في زقاق آمن،
وأمًا تغفو مطمئنة،

ذلك هو السلام.
لا يوقظ المجد… بل يوقظ الإنسان.

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة
  • المحتوى الذي تستمتع به هنا يمثل رأي المساهم وليس بالضرورة رأي الناشر. يحتفظ الناشر بالحق في عدم نشر المحتوى.

    حمزه محمد bronze

    الكاتب حمزه محمد

    حمزه كمال محمد، سفير السلام لمنظمة حقوق الإنسان، حاصل على دكتوراه في العلاقات الدولية والعلوم السياسية من لندن، إعلامي وصحفي بخبرة تتجاوز إحدى عشر عام في التحليلات السياسية وتغطية الأحداث الميدانية، عملت في بيئات إعلامية متعددة كسوريا ولبنان، وصولاً إلى أبرز الفعاليات الرسمية والإنسانية في دولة الإمارات. تنقلت بين عدسة الكاميرا والميكروفون والقلم، ناقلاً الحقيقة كما هي، دون تجميل أو تحريف، مؤمناً بأن الإعلام رسالة ومسؤولية.

    image UGC

    هل لديكم شغف للكتابة وتريدون نشر محتواكم على منصة نشر معروفة؟ اضغطوا هنا وسجلوا الآن!

    انضموا إلينا مجاناً!