نجاح إطلاق القمرين السعوديين "روضة سكوب" و"أفق"

حققت المملكة العربية السعودية إنجازاً استثنائياً في قطاع الفضاء، بنجاح إطلاق قمرين صناعيين من تصميم وتطوير طلاب سعوديين إلى المدار الفضائي، في خطوة تؤكد قدرة الكفاءات الوطنية الشابة على المنافسة عالمياً في صناعة الفضاء المتقدمة.

مسابقة "ساري": منصة انطلاق للمواهب السعودية

أعلنت وكالة الفضاء السعودية رسمياً يوم السبت عن الإطلاق الناجح للقمرين "روضة سكوب" و"أفق"، واللذان يمثلان ثمرة مسابقة "ساري" الوطنية لبناء وتصميم الأقمار الصناعية الصغيرة.

وشهدت المسابقة مشاركة واسعة من المؤسسات التعليمية السعودية، حيث تنافس أكثر من 480 فريقاً طلابياً من 42 جامعة سعودية، في سباق علمي هندسي لتصميم أقمار صناعية تلبي معايير دولية صارمة.

القمر الصناعي "روضة سكوب": ثورة في الاتصالات البيئية

تمكن فريق طلابي من جامعة الأمير سلطان من تطوير القمر الصناعي "روضة سكوب"، الذي يعتمد على تقنيات متقدمة في إنترنت الأشياء منخفض الطاقة (Low-Power IoT).

ويهدف هذا القمر إلى دعم المشروعات البيئية والمبادرات الخضراء، إلى جانب توفير اتصالات مستدامة للمناطق النائية والمعزولة، بما يسهم في تحقيق أهداف الاستدامة البيئية للمملكة.

القمر "أفق": رصد الطقس الفضائي وحماية الأنظمة الحيوية

من جهته، طور فريق جامعة أم القرى القمر الصناعي "أفق"، المتخصص في مراقبة الطقس الفضائي وقياس تأثيرات الإشعاعات الشمسية على الأنظمة التكنولوجية الحساسة.

ويتولى القمر "أفق" مهاماً حيوية تشمل رصد التغيرات في البيئة الفضائية المحيطة بالأرض، ودراسة تأثير العواصف الشمسية على أنظمة الملاحة العالمية GPS، بالإضافة إلى حماية أنظمة التوقيت الدقيقة من الاضطرابات الإشعاعية، وتوفير بيانات علمية ضرورية لتطوير تقنيات الاتصالات الفضائية المستقبلية.

شراكة استراتيجية بين الوكالة والجامعات السعودية

أكدت وكالة الفضاء السعودية أن هذا الإنجاز يعكس نموذجاً ناجحاً للتعاون بين المؤسسات الحكومية والأكاديمية، حيث خضع الطلاب الفائزون لبرامج تأهيلية مكثفة.

شملت اختبارات تقنية شاملة لضمان جاهزية الأقمار للإطلاق، واختبارات بيئية قاسية لمحاكاة ظروف الفضاء الخارجي، إلى جانب دورات تدريبية متخصصة بإشراف خبراء محليين ودوليين، ومتابعة هندسية دقيقة من فرق متخصصة في وكالة الفضاء.

رؤية المملكة 2030: الاستثمار في العقول الشابة

يأتي هذا الإنجاز تجسيداً لرؤية المملكة في بناء اقتصاد معرفي يعتمد على الابتكار والبحث العلمي، حيث تستهدف وكالة الفضاء السعودية تمكين الشباب السعودي من قيادة صناعة الفضاء الوطنية، وتطوير برامج تربط التعليم الأكاديمي بالتطبيق العملي، وإعداد جيل من الخبراء المؤهلين للمنافسة عالمياً، وترسيخ مكانة المملكة بين الدول الرائدة في استكشاف الفضاء.

تواصل وكالة الفضاء السعودية تنفيذ مبادرات نوعية تهدف إلى تطوير قدرات البحث والتطوير في علوم الفضاء، وتعزيز الشراكات الدولية في المشاريع الفضائية، واستقطاب الاستثمارات في صناعة الفضاء، إضافة إلى نقل وتوطين التقنيات الفضائية المتقدمة.

يمثل الإطلاق الناجح للقمرين "روضة سكوب" و"أفق" نقطة تحول في مسيرة البرنامج الفضائي السعودي، ويؤكد قدرة المملكة على تحويل الطموحات إلى إنجازات ملموسة من خلال الاستثمار في الطاقات الشابة وتوفير البيئة المناسبة للإبداع والابتكار.