رغم التسهيلات القانونية.. عقبات ومصاعب تعرقل الهجرة إلى ألمانيا!

  • DWWبواسطة: DWW تاريخ النشر: الأحد، 24 يناير 2021
رغم التسهيلات القانونية.. عقبات ومصاعب تعرقل الهجرة إلى ألمانيا!

يحلم الكثير من الشباب عبر العالم بالحصول على فرصة لتطوير مسيرتهم الأكاديمية أو المهنية عن طريق الهجرة إلى ألمانيا، فهنا يمكنهم خوض تجارب جديدة والحصول على وظائف برواتب أعلى من بلدانهم. لكن ألمانيا لم تكن حتى فترة قريبة بلد استقطاب للكفاءات، فرغم النقص الواضح للأيدي العاملة الماهرة والمتخصصة في سوق العمل، تجاهلت الحكومات المتعاقبة مطالب الشركات بجلب اليد العاملة المطلوبة من الخارج، إلى أن تم إقرار "قانون هجرة العمالة المتخصصة" ودخل حيز التنفيذ في مطلع مارس/ آذار العام الماضي 2020.

البيروقراطية وكورونا يعمقان الأزمة

محمد مهداوي علوي، طبيب مغربي تخرج سنة 2017، ومارس مهنته لمدة سنتين في بلاده. قبل إنهاء دراسته بعامين، استلهم من تجربة زميل له أنهى دراسة الطب واتجه إلى ألمانيا حيث حقق النجاح، فقرر محمد بدوره خوض التجربة، وبدأ منذ بداية سنته الأخيرة بجامعة الطب بمدينة فاس المغربية الاستعداد عبر دراسة اللغة الألمانية أولا، وتمكن خلالها من الحصول على مستوى B1، وتابع فيما بعد تكوينا إلى غاية حصوله على شهادة C1 Medizin.

"عملت بعد تخرجي لمدة سنتين في مطار الناظور (الشمال الشرقي) وبدأت رحلة الحصول على تأشيرة من أجل القدوم إلى ألمانيا"، يقول محمد لمهاجر نيوز، ويصف فترة الاستعداد بأنها "مرهقة للغاية، تستغرق سنة أو أكثر أحيانا من أجل الحصول تأشيرتك، فلابد من انتظار أشهر طويلة من أجل تحديد موعد في قنصلية الرباط من أجل تسليم الموظفين ملفك، وبعدها عليك الانتظار أشهرا أخرى من أجل الحصول على التأشيرة".

محمد مهداوي علوي الذي وصل إلى ألمانيا منتصف شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2020، أي بعد فترة الإغلاق الذي شهدها العالم بسبب كورونا، يتابع الآن تكوينه وتعديل شهادته لبدء تخصصه الطبي بمدينة فرايبورغ في جنوبي ألمانيا. وعن فترة الإعداد للسفر إلى ألمانيا يقول "الإجراءات المعقدة من أجل الحصول على فيزا كانت معروفة لدى كل من يحاول القدوم إلى ألمانيا، لكن كورونا زادت من حدتها بشكل واضح، لا أدري لماذا تؤثر كورونا لهذه الدرجة؟ أضافت الكثير من المعاناة التي كانت تسببها البيروقراطية الألمانية بسبب كثرة الإجراءات الإدارية عكس بلدان أوروبية كثيرة".

كورونا تعرقل سير القانون الجديد

"قانون هجرة العمالة المتخصصة"، تم سنّه بالأساس لتسريع إصدار تأشيرات السفر للعمالة المتخصصة. وقد دخل حيز التنفيذ في الأول من مارس/ آذار، وينطبق هذا القانون على العمالة المتخصصة المنحدرة من بلدان خارج الاتحاد الأوروبي.

ولا ينطبق مفهوم العمالة الماهرة على الحاصلين على شهادات دراسية عليا فقط، بل على من يملكون تكوينا مهنيا أيضا لمدة عامين على الأقل على أن يتطابق مع التكوين المهني المعتمد في ألمانيا. بالإضافة إلى ذلك يجب أن تكون الشهادات التي يحملها هؤلاء معترفا بها في ألمانيا.

يمكن لأي عامل أجنبي متخصص يتوفر على عقد عمل في ألمانيا ولديه التأهيل المهني المطلوب أن يهاجر إلى ألمانيا. وينص القانون على السماح للذين ليس لديهم عقد عمل بعد، بالتقدم للحصول على تأشيرة لمدة 6 أشهر للبحث عن عمل، بشرط أن يكونوا من أصحاب المهارات المهنية في المجالات التي يحتاجها سوق العمل في ألمانيا، وأن يتحملوا نفقات فترة البحث بأنفسهم. وفي حال إيجاد عمل خلال هذه الفترة، يتم منح صاحب عقد العمل الإقامة اللازمة.

لكن من وجهة نظر الطبيب المغربي الشاب محمد مهداوي، فإن "قانون هجرة العمالة المتخصصة لم يؤثر ولم يساعد على تسريع وتيرة استقطاب اليد العاملة نهائيا، لأن مدة الانتظار ما تزال طويلة جدا". ويضاف إلى هذا المشكل، مزاجية بعض دوائر شؤون الأجانب واختلاف طريقة ووتيرة عملها في ألمانيا، إذ يقول إن "بعض المكاتب سريعة ودقيقة في عملها وتساعد على تسريع صدور التأشيرات وأخرى معروفة جدا بكونها بطيئة للغاية، يختلف عملها بين كل ولاية ألمانية".

تبريرات إدارية تشرح الوضع

أكد السفير الألماني بالرباط، غوتس شميت بريم، في لقاء حديث أجراه مع جريدة هسبريس المغربية، أن "موجة كورونا صعبت علينا العمل وتسببت في تراجع وتيرة استخراج التأشيرات". مشيرا إلى أنه "منذ مارس/ آذار 2020 تزايد مشكل التأشيرات المتأخرة هنا في المغرب، بسبب المشاكل التي سببتها كورونا، لكننا نعمل على حلها".

وأكد السفير الألماني أن "الإجراءات البيروقراطية لا تأخذ وقتا بعد تقديم الملف، وقت الانتظار يطول فقط للحصول على موعد بسبب الطلبات الكثيرة وأيضا بسبب الكثير من الأشخاص الذين يحصلون على موعد ولا يأتون إليه، مما يطيل مدة انتظار آخرين في حاجة للذهاب بسرعة أكبر وملفاتهم جاهزة تماما".

وشدد السفير على أن الموظفين يعملون على "دراسة الملف وإصدار التأشيرة بعد 3 أيام من تقديم الملف كاملا خاصة بالنسبة للعمال المهرة أو الطلاب الذين يودون الدراسة أو الاستفادة من تكوين مهني في ألمانيا". مشيرا خلال حديثه عن هذه الفئة إلى أنه يوجد "200 ألف مغربي في ألمانيا، الأغلبية منهم ذوو كفاءات عالية وسمعة جد طيبة في سوق الشغل، ويسعون دائما للاجتهاد وتطوير ذاتهم".

الأولوية للأفضل والأجدر

من جهته، أوضح حسن محافظ، موظف حكومي بوزارة العمل الألمانية في تصريحات لـ"مهاجر نيوز"، أن "قانون هجرة العمالة المتخصصة أحدث بسبب النقص الكبير في اليد العاملة الماهرة في ألمانيا"، مؤكدا أنه سيحدث فرقا في سوق العمل لأنه سيساهم في "ربح ألمانيا يداً عاملة متمرسة، واقتصاديا ستمثل هذه اليد العاملة ربحا لألمانيا لأنها ستساهم في ملء صناديق التقاعد".

حسن محافظ الذي يقود مبادرة إلكترونية توعوية يستفيد منها المهاجرون المغاربة أو الراغبون في الهجرة إلى ألمانيا، اعتبر أن من أهم التغييرات التي جاء بها هذا القانون أنه "ألغى الأولوية التي كانت تمنح للألماني في شغل الوظائف الشاغرة، أما اليوم فالأولوية للأفضل والأكثر خبرة وأهلية للمنصب".

وبخصوص مشكلة تأخر إصدار التأشيرات، قال مخافظ "يتم طرح هذه المشكلة بحدة خلال فترة كورونا أكثر من قبل، وتزايدت الاحتجاجات على المدة الطويلة التي يأخذها الملف إلى حين الحصول على موعد لدى القنصلية بالمغرب ومن ثم صدور التأشيرة. لكن السلطات الألمانية تعمل على حل هذه المشكلة عبر بناء قنصلية جديدة وزيادة عدد الموظفين في المغرب".

وأضاف أنه "حصلت مشاكل كثيرة لأن مدارس تعليم اللغة أقفلت أبوابها واضطر الكثيرون لانتظار إعادة افتتاحها من أجل استكمال دراسة اللغة"، وشدد على أن "هناك مشاكل تزيد من صعوبة الحصول على التأشيرة بسرعة أولها متعلق بالاعتراف بالدبلوم وخطوات معادلته مع الدبلوم الألماني، ثم مشكلة اللغة حيث يطلب مستوى معين منها حسب التخصص وأحيانا العديد من الأشخاص يقدمون شهادات أقل مما هو مطلوب أو يكونون في حاجة لمزيد من الوقت إلى حين تحصيل الشهادة مما يؤخر ملفهم".

وقال حسن محافظ إنه "يمكن للمشغل تسريع وتيرة العمل على الملف إذا كان في حاجة ماسة للعامل عبر دفع حوالي 500 يورو للمكتب المختص". من جهة أخرى، حدد محافظ المهن التي يوجد بها نقص كبير في سوق العمل الألمانية، فحسب الإحصائيات المتوفرة لدى وزارة العمل حتى شهر آب/ أغسطس 2020، كان هناك 135 ألف و911 منصب عمل شاغر بألمانيا، خاصة في المهن التي يتهرب الألمان من العمل فيها، مثل المهن اليدوية (ميكانيكي، إصلاح آلات التدفئة ومكيفات الهواء)، إضافة إلى المهن المرتبطة برعاية المسنينز كما هناك نقص في مجال تكنولوجيا الطاقة والهندسة المدنية والطب والتمريض ومهن الطبوغرافيا والمهن المعلوماتية والهندسة المعمارية.

ماجدة بوعزة مهاجر نيوز

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة