ابن النفيس مكتشف الدورة الدموية الصغرى

  • تاريخ النشر: الأحد، 06 سبتمبر 2020 آخر تحديث: الأربعاء، 18 نوفمبر 2020

عاش العالم لألف عام معتقدا خطأ بأن الدم يتولد في الكبد، ثم ينتقل إلى القلب ومنه إلى العروق. وهو ما جاء به الطبيب الروماني جالينوس. وظل هذا الخطأ شائعا حتى صححه ابن النفيس العالم العربي المسلم في القرن الثالث عشر. فمن هو هذا العالم الجليل؟

من هو:

ابن النفيس هو أبو الحسن علاء الدّين عليّ بن أبي حزم، كان من علماء المسلمين المهمّين والبارعين في عدة مجالات، فقد كان عالماً، وطبيباً، ومؤلفاً، وهو أيضاً من الفقهاء المشهورين، إضافة إلى كونه عالماً في وظائف الأعضاء في جسم الإنسان.

وُلِد ابن النفيس في بلدة القرش في دمشق عام 607 هجري ( 1210م)، ودرس ابن النفيس الطب في البيمارستان النّوري (المستشفى النوري) في دمشق، وتتلمذ على يد ابن الدّخوار الطبيب الدمشقيّ، حيث أصبح طبيباً مهماً له منهجه الخاص في التّشريح والعلاج.

انتقاله إلى مصر:


انتقل ابن النّفيس إلى مصر وعمل طبيباً في المستشفى النّاصري، الذي أسّسه السّلطان قلاوون، ويعتبر ابن النّفيس عميد أطباء المستشفى النّاصريّ، وقد كان الطّبيب الخاص للظاهر بيبرس. عاصر ابن النّفيس احتلال المغول لبغداد وتدميرهم لمكتباتها، وقد أدّى تدمير هذه المكتبات إلى ضياع العديد من مؤلفات ابن النّفيس، وبقي في مصر حتى وفاته عام 687 هجري (1288م) حيث كان يبلغ من العمر ثمانين عاماً، وقد خلّف من بعد وفاته المال الكثير، وجعله بالإضافة إلى كتبه وقفاً للمستشفى المنصوري الذي عمل فيه بعد المستشفى النّاصريّ.

اكتشاف الدورة الدموية، وأهم مؤلفاته:

في عام 1242م، نشر ابن النفيس أكثر أعماله شهرة، وهو شرحه لقانون ابن سينا والذي تضمن العديد من الاكتشافات التشريحية الجديدة، وأهمها نظريته حول الدورة الدموية الصغرى، والشريان التاجي. ويعد هذا الكتاب واحدا من أفضل وأهم الكتب التي شرحتعلوم التشريح والأمراض ووظائف الأعضاء، كما صوب خلاله العديد من نظريات ابن سينا.

بعد ذلك بوقت قصير، بدأ العمل على كتاب الشامل في الصناعة الطبية والذي كتب منه 300 مجلدا، لم ينشر منها سوى 80 قبل وفاته. وقد حل كتاب الشامل محل قانون ابن سينا كأهم موسوعة طبية شاملة خلال العصور الوسطى مما جعل العديد من المؤرخين يصفونه بأنه ابن سينا الثاني. وتعد هذه الموسوعة أكبر موسوعة كتبها فرد واحد في التاريخ الإنساني.

كما تُرجم كتابه (شرح الأدوية المركبة) إلى اللاتينية عام 1520 ونشت منه نسخة مطبوعة في البندقية سنة 1547 وقد استفاد منها ويليام هارفي في شرحه للدورة الدموية.

ومع الأسف فقد الكثير من مؤلفات ابن النفيس عقب سقوط بغداد عام 1258 على يد المغول، حيث دمرت العديد من المؤلفات والكتب الهامة، وتبعثرت مخطوطات موسوعته الطبية، حتى قام الباحث يوسف زيدان بإعادة تجميع وتحقيق جزء كبير منها على مدار سنوات ممتدة.
ومن بين مؤلفاته الأخرى:

شرح فصول أبوقراط، والمهذب في الكحل وهو كتاب موسوعي في الطب يشبه كتاب (الحاوي) لأبي بكر الرازي. وكتاب المختار في الأغذية، وبغية الفطن في علم البدن، وشرح كتاب الأوبئة ﻷبقراط.

الاكتشاف المجهول:

يقول ابن النفيس حول الدورة الدموية:

إن الدم ينقى في الرئتين من أجل استمرار الحياة وإكساب الجسم القدرة على العمل، حيث يخرج الدم من البطين الأيمن إلى الرئتين، حيث يمتزج بالهواء، ثم إلى البطين الأيسر.

لقد ظل اكتشاف ابن النفيس مجهولا لسنوات طويلة، نظرا لوجود مخطوطاته في مكتبات ومتاحف العالم دون ترجمة، حتى عصر الباحث المصري محيي الدين التطاوي عام 1924 على مخطوط في مكتبة برلين بعنوان شرح تشريح القانون. واكتشف من خلاله سبق ابن النفيس في اكتشاف الدورة الدموية.

وفاته:

عاش  ابنُ النفيس حتى وفاته في مصر بالقاهرة، وتوفي عن عمر يناهز الثمانين في فجر يوم الجمعة الموافق (21 ذي القعدة 687 هـ / 17 ديسمبر 1288م).

 وقد أوقف داره وكتبه وكل ما له على المستشفى المنصوري قائلاً: «إن شموع العلم يجب أن تضيء بعد وفاتي».