فريدريك بانتينغ: كيف قادته تجاربه إلى اكتشاف الأنسولين؟

  • تاريخ النشر: الإثنين، 14 ديسمبر 2020
فريدريك بانتينغ: كيف قادته تجاربه إلى اكتشاف الأنسولين؟

طبيب مغمور استطاع اكتشاف الأنسولين، ليفتح باب الأمل أمام الآلاف من مرضى السكري.. تجاربه على الكلاب ساعدت على فهم العلاقة بين مرض السكري والبنكرياس، وفاز بجائزة نوبل مع ثلاثة من شركائه في البحث.. إنه الدكتور فريدريك بانتينغ مكتشف الأنسولين، والذي نتعرف على إنجازه المهم في هذا الفيديو.

معاناة مرضى السكري

عانى آلاف المصابين بمرض السكري من عدم وجود علاج له، وتعرض الكثير منهم للوفاة، وكان الحل الوحيد لإبطاء السكري، في ذاك الوقت، هو اتباع حمية غذائية قاسية تعتمد على تناول ما لا يزيد على 500 سعرة حرارية يومياً، والابتعاد نهائياً عن الكربوهيدرات، وهو ما جعل مرضى السكري يعانون من الهزال والضعف الشديد، وخاصة الأطفال الذين يحتاجون للتغذية الجيدة لنموهم.

محاضرة غيرت أفكار بانتينغ

في عام 1920، افتتح الطبيب الكندي فريدريك بانتينغ عيادته الخاصة وهو في التاسعة والعشرين من عمره في مسقط رأسه بمدينة لندن الكندية جنوب غرب مقاطعة أونتاريو بكندا.

وﻷن دخل العيادة كان ضعيفاً للغاية، قرر بانتينغ إعطاء بعض المحاضرات في الجامعة، وكانت إحدى هذه المحاضرات حول استقلاب الأطعمة النشوية بعد أكلها، وهو ما اضطره للعودة إلى المراجع حول المواد النشوية خاصة الجلوكوز ومحاولة فهم دور البنكرياس في تحويلها واستقلابها، وهو ما جعله يفكر في استكمال أبحاث من سبقوه من العلماء.

أغلق عيادته وتفرغ للبحث العلمي

استحوذ موضوع الجلوكوز على تفكيره ليلاً نهاراً، وهو ما دفعه لاتخاذ قرار إغلاق عيادته، فتوجه إلى جامعة تورونتو في كندا، وقابل رئيس قسم وظائف الأعضاء (الفيزيولوجيا) البروفيسور جي جي ماكليود (J. J. Macleod) وعرض عليه أفكاره، وطلب منه أن يعمل تحت إشرافه لإجراب تجارب حول دور البنكرياس في استقلاب الأطعمة النشوية إلى سكريات.

بداية التجارب

وكانت الفكرة التي تدور في ذهنه أن هناك مادة مجهولة يصنعها البنكرياس هي المسؤولة عن استقلاب  المواد النشوية.

بعد تردد، وافق البروفيسور ماكليود أن يسمح له بإجراء تجاربه في مختبر صغير مهجور، وعين له مساعداً من طلبة الماجستير هو شارلز بست، وسمح لهما البروفيسور ماكليود بإجراء التجارب على الكلاب.

الكلب رقم 410

توفيت جميع الكلاب التي خضعت للتجارب، وكاد بانتينغ أن يفقد الأمل، إلا أنه أخيراً نجحت التجربة التي أجراها على الكلب رقم 410.

حيث حُقِن الكلب بخلايا بنكرياس كلب سليم، وبعد مرور ساعة حلل بانتينغ دم الكلب، وتفاجأ بوصول نسبة السكر في دم الكلب إلى المعدل الطبيعي، وبذلك يكون الكلب رقم 410 هو أول من تم علاجه بالأنسولين من داء السكري.

التجارب على البشر

بعد نجاح التجارب على الكلاب، بدأت تجربتها على البشر، وفي يوم 11 يناير من عام 1922، اختير ليونارد ثومبسونLeonard Thompson وعمره 14 سنة، لتجربة اللقاح الجديد.

كان ثومبسون في ذلك الوقت على حافة الموت من مضاعفات مرض السكري؛ وكان شديد الهزال، وشديد الجفاف، وحرارة جسمه مرتفعة جداً، أما نسبة الجلوكوز في جسمه فقد كانت 440 ملغ%.

ظهور اسم الأنسولين

حُقِن ثومبسون بالأكسير الذي أطلق عليه اسم الأنسولين، وبعد ساعة، انخفضت نسبة السكر في دمه إلى 220 ملغ%، واستمرت بالانخفاض إلى أن وصلت إلى 10- ملغ% بعد 12 ساعة.

نجحت التجربة، لكن الفتى ثومبسون عانى من مضاعفات الحساسية الشديدة، وهو ما اضطر د. بانتينغ الى وقف العلاج. مستنتجاً أن العلاج بحاجة إلى المزيد من البحث.

بعد 12 يوماً من العمل، استطاع الصيدلي كوليب تنقية محلول الأنسولين، واستأنف علاج الشاب الذي كتبت له حياة جديدة.

الأنسولين حديث العالم

احتل الخبر غلاف الصحف وصار اكتشاف الأنسولين حديث العالم، ودفع ذلك رجل أعمال أمريكياً ﻷن يعرض على بانتينغ مليون دولار، لكي يصبح الأنسولين أمريكياً، إلا أن بانتينغ رفض، وقال له سيظل ابتكاراً ينسب لوطني كندا.

الفوز بجائزة نوبل

في عام 1923، فاز الدكتور بانتينغ بجائزة نوبل مناصفة مع البروفيسور ماكليود، لكن بانتينغ رفض ذلك قائلاً إن من كان ينام في المختبر مع الكلاب لم يكن ماكليود بل السيد بست، فردّ عليه ماكليود إن من يستحقها حقاً هو الصيدلي كوليب، وهكذا اقتسم الأربعة جائزة نوبل للمرة الأولى في التاريخ.