ما هو مفهوم المثالية وكيف تتجنب أضرارها؟

إذا كنت تريد أن تصبح هذا الشخص المثالي الذي لا يوجد له مثيل وتتساءل ما هو مفهوم المثالية؟ وكيف يمكنني أن أنجح في طرق أبوابها؟ يجب أن تتعلم الكثير عن أسرارها، لأن المثالية جانبين أحدهما قد يرفعك إلى السماء والآخر يقضي على حياتك بالكامل، لذلك تجنب اللجوء إلى المثالية في كل شيء وابدأ في تطويعها لإرضاء تطلعاتك.

ما هو مفهوم المثالية

يرى البعض أن المثالية هو أن تقوم بكل شيء على أكمل وجه، وأكمل وجه هذا لا يعني أن تتقبل أقل من 100% كنتيجة لأفعالك، فأصحاب المثالية يرون في أنفسهم القدرة على السيطرة على الأشياء وتطويعها للتفرد في بعض المجالات والوصول إلى القمة، وذلك من خلال استغلال الحواس وإجبارها على العمل وفق ما يرونه صحيحًا.

يفتخر أصحاب المثالية بأنفسهم ويرون أن الشخص المثالي كامل لا يمكن أن يخطئ، ويسعون إلى الحفاظ على أنفسهم في تلك الدائرة التي غالبًا ما تتسبب في خنقهم والضغط عليهم يومًا بعد يوم.

يبدأ مفهوم المثالية بالانتشار بين الأفراد الذين يدفعهم الحماس في العمل أو محبي المنافسة، ولكن هناك توجه عام أيضًا نحو المثالية لا يمكن إيقافه، وهو سعي الأفراد للحصول على كل شيء في نفس الوقت وعدم التنازل والناتج عن إتاحة العديد من الفرص والاختيارات السهلة والمبهرة أمامهم بشكل يومي.

أضرار المثالية

لا يمكنك أن تصبح رقم 1 في كل شيء فالكمال لله عز وجل وحده، وسعيك وراء ذلك هو درب من دروب الجنون، لذلك يجب ألا تسمح للأفكار التي تتحدث عن سهولة المثالية بالسيطرة عليك، لأنها ليست سهلة وليس هناك نعيم خلفها، بل ربما تتحول حياتك إلى جحيم بسبب تلك المثالية المفرطة.

يضر الشخص المثالي نفسهبشكل غير متوقع، فقد يتعرض إلى خيبات أمل متكررة ويومية، وذلك في إطار سعيه كي يصبح كل شيء مثالي، ثم تقع بعض الهفوات التي تجعل الأمر لا يمر بسلام مما يخلق جوًا من التوتر والقلق والشعور بالرغبة في التخلص من تلك الضغوطات بدون حل واضح.

تفقد المثالية الشخص الثقة في نفسه، فالشخص الواثق من نفسه يحصل على الكثير من الدفعات من خلال الأهداف الصغيرة التي يصل إليها، أما الشخص المثالي فعلى العكس تمامًا، فإن كل خيبة أمل والتي تتكرر كثيرًا كما ذكرنا، ومهما كانت صغيرة فإنها تخبره بأنه فاشل وعاجز أمام تحقيق ما يريد مما يجعله ناقمًا على الحياة غير راض عن نفسه.

أنت مثالي إذا أنت ناقص في عين نفسك، يعتقد البعض أن الشخص المثالي متكبر مغرور لا يرى سوى نفسه أمام الآخرين، لكن الحقيقة أن ما يحركه دائمًا هو شعوره بالنقص وبأنه يجب أن يكمل هذا النقص ويتخلص من أثره كي تبدو صورته مثالية كما تخرج أمام البعض، لكن تلك العملية تستنزفه تمامًا.

عادة ما يكون الشخص المثالي وحيدًا، فهو لا يريد أن يفسد أحدهم عليه مثاليته أو يؤجل خططه أو يربكها، لذلك يبتعد عمن حوله شيء فشيء ولا يدرك ذلك حتى يصل إلى العزلة التامة، والتي تشعره أن لا أحد يفهمه وأنه عبأ على الآخرين بسبب تطلعاته ومتطلباته الكبيرة.

يصاب نسبة كبيرة من المثاليين بالاكتئاب والقلق ويحتاجون إلى علاج نفسي على يد طبيب مختص.

قد تؤثر حالة المثالية على شهيتهم بسبب اضطراب الطعام الذي يعانون منه، وذلك لأن البعض قد يسعى إلى الحصول على وزن مثالي فيبتعد عن الطعام تمامًا أو يلجأ إلى الطرق الخطيرة لثبات الوزن مثل التقيؤ بعد تناول الطعام.

بعض الحالات تصاب بالوسواس القهري لسعيهم دائمًا نحو الأفضل، فيصابون بوسواس النظافة والنظام والترتيب والذي قد يحول حياتهم إلى جحيم، فبدلًا من الحصول على الراحة من خلال الأشياء من حولهم تتحول إلى عبأ عليهم ويهتمون بنظافتها وتنظيمها وينفقون الكثير من المال والوقت على ذلك ليبدو كل شيء حولهم في وضع مثالي.

إذا كان الفرد يسعى ليكون مثاليًا في العمل فإنه يضغط على أقرانه أو العاملين في فريقه دائمًا مما يجعل بيئة العمل سامة لا يمكن العمل بها والإنتاج، وعلى عكس المتوقع فإن إنتاجية تلك الفرق التي يسعى رئيسها إلى المثالية تنهار مع الوقت.

تعيق المثالية التقدم والابتكار لأنها تريد التحرك بشكل نمطي داخل إطار محدد، ولا يمكنك التخلص من تلك الفكرة مما يقتل الإبداع داخلك أو مجرد التفكير في الخروج من الإطار هذا.

يفقد الشخص المثالي القدرة على التواصل مع الآخرين خاصة في نطاق العمل، لذلك لا يفضل البعض العمل معه مما يفقده الكثير من الوظائف والفرص ليصبح أفضل.

كيف تكون مثالي ناجح؟

لا ننكر أن بعض المثاليين ناجحين في حياتهم، لكن الحقيقة أنهم ليسوا من المثاليين الذين يسعون إلى الكمال بل لديهم العديد من الصفات الأخرى التي تساعدهم في أن يصبحوا في هذا المستوى مثل:

عدم الالتفات إلى الكمال والتأكد من إتقان ما يفعلون وأنه مع الوقت سيخرج مثاليًا دون أي ضغوطات منهم.

يكون التركيز لديهم أكبر على النجاح، ويعتبرون أن النجاحات الصغيرة هي ما تبني الطريق إلى الأحلام الكبيرة، ولا يفكرون في النتائج النهائية بل يعطون ما لديهم من وقت وجهد ويتقبلون النتيجة النهائية مهما كانت مخالفة لتوقعاتهم.

يفهمون جيدًا قيمتهم ويقدرونها على عكس المثاليين الذين يرون العيب والنقص في شخصيتهم ولا يستطيعون تحسين أنفسهم إلى الأفضل.

يتسامحون مع أخطائهم ولا يرون أنه من العيب أو النقص أن تخطئ بل على العكس تمامًا فالخطأ لديهم هو فرصة جديدة للتعلم أو التفكير خارج الصندوق لسلك طرق لم تكن محسوبة من قبل.

يمكنهم التعاون مع الآخرين بكل سهولة سواء في الحياة الاجتماعية أو العملية مما يسهل حياتهم ويجعلهم يحصلون على النجاح الذي يطمحون إليه بكل سهولة.

لا تضغط على نفسك لتصبح الشخص المثالي المفرط لأن الإفراط في أي شيء يجعله ينهار في النهاية، وستخرج من تلك التجربة خاسر بالتأكيد سواء على المستوى النفسي أو الصحي أو العملي.

تعرفنا على ما هو مفهوم المثالية وكيف يمكنك التعامل معها لتطوير حياتك بدلًا من الوقوع في فخها وسيطرتها التي قد تسحبك إلى الوراء وتسيء للكثير من جوانب حياتك.