ما هي مصادر التمويل الحكومي؟

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: السبت، 19 يونيو 2021
ما هي مصادر التمويل الحكومي؟

من المتوقع أن تبلغ مصاريف حكومة المملكة المتحدة -على سبيل المثال- حوالي 784 مليار جنيه إسترليني (1.01 ترليون دولار أمريكي وفق أسعار الصرف الحالية) في العام المقبل 2017، هذا المبلغ يعد كبيراً جداً حتى بمقياس أكبر شركات العالم، فهو يتخطى ضعف الأرباح الصافية لإحدى أكبر شركات العالم (والتي هي Wal-Mart الأمريكية). لتغطية هذه النفقات الهائلة التي تدفعها الحكومات يتوجب عليها جمعها من مصادر محددة لتقوم بموازنة الميزانية السنوية ومنع العجز والديون.

 

مصادر التمويل الحكومي

يمكن تصنيف المصادر التي تعتمدها الحكومات إلى ثلاثة مصادر رئيسية تتضمن مصادر فرعية، وهي:

المصادر الضريبية

تعتبر الضرائب المصدر الأول لتمويل الحكومات في معظم بلدان العالم المتقدم، حيث تتنوع الضرائب بفئاتها وشرائحها، لكن تبقى الأهم منها هي ضرائب الدخل التي تُفرض على المواطنين وتتغير نسبتها وفق مقدار الدخل المتحقق، وضرائب الشركات التي تدفع نسباً كبيرة من أرباحها (تصل في بعض البلدان حتى 80% من الأرباح) كضريبة للحكومة.

تختلف السياسات الضريبية بشكل كبير بين الدول، فبينما الضرائب مرتفعة جداً في أمريكا الشمالية وغربي أوروبا، فهي منخفضة للغاية وشبه معدومة في دول الخليج، يتعلق الأمر هنا بوجود مصادر أخرى للتمويل الحكومي، فالبلدان التي تتحكم بالثروات الباطنية كالمعادن الثمينة والوقود الأحفوري لا تجني الضرائب لتمويل نفقاتها أحيانا كما في دول الخليج العربي، بينما الحال معكوس في الولايات المتحدة مثلاً حيث النفط والثروات الباطنية تُستثمر من قبل شركات خاصة، بالتالي التمويل الرئيسي للحكومة يأتي من الضرائب المفروضة على هذه الشركات والعاملين فيها.

المصادر غير الضريبية

تتضمن هذه المصادر العديد من الطرق التي تجني الحكومات عن طريقها المال، أهمها:

المساعدات المالية

قد تكون تلك المساعدات محلية مثل تلك التي تقدمها الحكومات المركزية لحكومات المقاطعات والأقاليم في الأنظمة الاتحادية (الفدرالية)، أو خارجية مثل المساعدات التي تقدمها الحكومة الأمريكية للعديد من البلدان مثل الأردن والسلطة الفلسطينية، تأتي هذه الأموال على شكل مساعدات لا على شكل ديون أي أنها لا تستوجب إعادتها لاحقاً، كما أنها عادة ما تتضمن شروطاً من المانحين تمنحهم سلطة معينة على بعض الجوانب السياسية في البلدان المتلقية.

التعويضات

هي أموال تدفعها بلدان أضعف لتلك الأقوى منها كشرط لمعاهدة سلام أو تعويض عن عمل عدائي، مثل المال الذي كانت تدفعه ألمانيا للدول المنتصرة بالحرب العالمية الثانية كتعويض عن أعمالها العدائية ضدهم.

القروض والسلف

على الرغم من أن القروض لا تقدم موازنة فعالة للميزانية عادة، فهي مفيدة وضرورية عند حاجة الحكومات لإنشاء مشاريع كبرى ستحقق أرباحاً كبيرة لكن لاحقة، ففي هذه الحالة تكون القروض والديون عقداً رابحاً للحكومة بحيث تتيح لها السيولة المالية اللحظية لإنشاء المشاريع ومن ثم تسديد هذه الديون من الأرباح اللاحقة.

عائدات القطاع العام

تلعب عائدات القطاع العام دوراً جوهرياً في موازنة ميزانيات الدول التي يشكل فيها القطاع العام جزءاً كبيراً من اقتصاداتها، كالبلدان الاشتراكية؛ فعندما تكون صناعات أو عمليات تجارية محددة تحت سيطرة شركات مملوكة للدولة، فهي تحقق أرباحاً يتم إدخالها للموازنة العامة لتحقيق التوازن فيها ومنع العجز، بطبيعة الحال فهذه العائدات تكبر كلما كبر القطاع العام في بلد ما، ففي الولايات المتحدة لا تساهم هذه العائدات بنسبة كبير في موازنة الحكومة، بينما هي جزء أساسي ومهم جداً من موازنات بلدان كالصين مثلاً.

عائدات الإيجارات

كثيراً ما تملك الحكومات مبانًٍ أو أراضٍ لا تحتاجها أو لا تقوم باستخدامها عادة، مما يفتح باب تأجيرها أو عرضها للاستثمار مقابل مستحقات تتقاضاها الحكومة وتستخدمها كعائدات لتحقيق الموازنة.

غرامات التأخير والعقوبات

تتضمن هذه الفئة غرامات السير مثلاً والغرامات المفروضة كعقوبة على بعض الجرائم، بالإضافة لمال "الكفالة" الذي يدفعه الأشخاص المتعرضون للمحاكمة مقابل حريتهم حتى صدور الحكم.

رسوم الخدمات الحكومية

مثل الرسوم المدفوعة على المعاملات الرسمية وشهادات السوق مثلاً أو الرسوم المفروضة بشكل مستقل عن الاستهلاك في بعض الخدمات مثل مصلحة المياه أو مصلحة الكهرباء وغيرها.

 

من أين تأتي عائدات رأس المال

تأتي هذه العائدات بعدة أشكال أهمها؛ العائدات الناتجة عن بيع أصول أو ممتلكات حكومية كالمباني أو الأراضي أو الحصص بشركات أخرى، بالإضافة للمال المدفوع لقاء الأحقية بالاستثمار الخاص لقطاعات الخدمات كشبكة المياه وشبكات الطاقة وغيرها، إضافة لما سبق، قد تأتي هذه العائدات نتيجة سداد ديون أو قروض سابقة قدمتها الحكومة لحكومات أخرى أو لشركات أو لمواطنين، حيث يتم جمعها وإدخالها كعائدات إلى الموازنة العامة للحكومة.

في النهاية.. تتكون الموازنة العامة للحكومات من مصادر ونفقات، ومقابل النفقات التي يتم دفعها يجب أن تحقق مصادر كافية لتغطيتها. فالبلدان التي تجمع حكوماتها مصادر قليلة نسبياً لا تتمكن من تقديم العديد من الخدمات المجانية، فخدمات كالمدارس العامة والطبابة المجانية (التأمين الصحي الشامل) والجامعات الحكومية مثلاً؛ تتطلب موارد كبيرة تنجح في تحقيقها البلدان ذات الضرائب المرتفعة جداً كالدول الإسكندنافية، أو البلدان التي يحقق فيها القطاع العام أرباحاً وعائدات كبيرة كما في المملكة العربية السعودية.