نحو مستقبل خالٍ من الدخان: تجربة اليابان

  • تاريخ النشر: الخميس، 15 يوليو 2021
نحو مستقبل خالٍ من الدخان: تجربة اليابان

إن انخفاض مبيعات السجائر في اليابان في السنوات الأخيرة يحمل دروساً قيمة تفيد الصحة العامة.

من المعروف أن التدخين يسبب عددًا من الأمراض الخطيرة؛ بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية والرئة والسرطان؛ كما ويزيد من خطر الوفاة المبكرة. ويتسبب التدخين في وفاة ثمانية ملايين شخص سنوياً، وبهذا فإن التدخين يشكل تحديًا هائلاً للصحة العامة ويشكل عبئاً كبيراً على الحكومات والهيئات التنظيمية وسلطات الصحة العامة حول العالم.

هذا وتسهم جهود وتدابير مكافحة التدخين ومنعه ودعم الإقلاع عنه بشكل فعال في الحد من الأضرار الناجمة عن التدخين. وإن أفضل خيار للمدخنين هو الإقلاع عن التدخين، لكن الحقيقة هي أن الكثيرين لن يفعلوا ذلك. وفقًا لتقديرات منظمة الصحة العالمية، يستمر أكثر من مليار شخص في التدخين في جميع أنحاء العالم، ومن غير المرجح أن ينخفض ​​عدد المدخنين في المستقبل القريب.

أما بالنسبة لأولئك المدخنين البالغين الذين لا يقلعون عن التدخين، فإن فرصة التحول إلى البدائل المثبتة علميًا والأقل ضررًا  يسهم في خفض أعداد المدخنين بشكل كبير؛ وهي خطوة مهمة للحد من أضرار التبغ.

يعتقد الكثيرون أن النيكوتين هو السبب وراء الأضرار الصحية للتدخين، لكن الأدلة العلمية أثبتت غير ذلك؛ فعلى الرغم من أن النيكوتين لا يخلو من المخاطر ويسبب الإدمان، لكنه ليس المسبب الرئيسي للأمراض المرتبطة بالتدخين. في الواقع، فإن المشكلة الرئيسية تكمن في المواد الكيميائية السامة الناجمة دخان احتراق التبغ -وليس النيكوتين. وهي عملية يتم من خلالها إنتاج أكثر من 6000 مادة كيميائية، 100 منها هي السبب في الأمراض الناجمة عن التدخين وتؤثر على الصحة العامة.

خلال السنوات الأخيرة، تم تكثيف الجهود للحد من أضرار التبغ، من خلال تطوير وتسويق منتجات التبغ والنيكوتين الجديدة، بما في ذلك السجائر الإلكترونية ومنتجات التبغ المسخن؛ وهي منتجات لا تعتمد على حرق التبغ، ولا ينتج عنها دخان وهي تقلل من مستويات  المواد الكيميائية السامة المنبعثة عند مقارنتها بدخان السجائر. ورغم أن هذه المنتجات ليست خالية من المخاطر لكن يمكن أن تكون بديلاً أفضل للمدخنين البالغين الذين يتحولون إليها بشكل كلي؛ عندما يتم إثباتها علمياً وتنظيمها.

وتنظر حالياً العديد من البلدان، إلى استخدام منتجات النيكوتين والتبغ الجديدة الحاصلة على تصريح كبديل مناسب للمدخنين بالنسبة للذين لا يقلعون عن التدخين، وتشجع هيئات الصحة العامة على استخدامها. على سبيل المثال، توصي حملة "Stoptober" التابعة للصحة العامة في إنجلترا باستخدام منتجات التبغ المسخن لمساعدة مدخني السجائر على الإقلاع عن التدخين. وقد تبنت وكالة تعزيز الصحة النيوزيلندية نهجا مماثلا.

ويجدر التنويه هنا إلى تجربة اليابان مع تحول أعداد كبيرة من المدخنين إلى منتجات النيكوتين والتبغ الجديدة على الرغم من عدم وجود سياسة رسمية للحد من أضرار التبغ وتشجيع الناس على التحول للبدائل. منذ إدخال منتجات التبغ المسخن في العام 2014، أصبحت اليابان أكبر سوق لمنتجات التبغ المسخن وهي تمثل ما يقدر بنحو 85%من حصة العالم.

في هذا السياق؛ كشفت دراسة أجراها باحثون من جمعية السرطان الأمريكية عن زيادة نمو منتجات التبغ المسخن وانخفاض مبيعات السجائر في السوق اليابانية، موضحةً أن مبيعات السجائر بدأت في الانخفاض بعد إطلاق منتجات التبغ المسخن في اليابان. علاوة على ذلك، نوهت الدراسة إلى أن الانخفاض بدأ مبكرًا حيث تم تقديم هذه المنتجات في وقت سابق.

طبق الباحثون عدة نماذج بديلة لأسباب أرقام المبيعات، بما في ذلك التسعير والقوانين، لكنهم وجدوا صعوبة في تفسير الانخفاض في مبيعات السجائر دون الأخذ بالاعتبار إدخال منتجات التبغ المسخن في الدولة. وخلصت الدراسة إلى أن منتجات التبغ المسخن "من المحتمل أن تخفض مبيعات السجائر في اليابان. ومع ذلك، حذر الناشرون من أن الدراسة قيمت أسباب انخفاض مبيعات السجائر وليس التأثير الصحي لمنتجات التبغ المسخن.

في هذا السياق؛ أفادت دراسة ثانية مستقلة أنه بين عامي 2015 و 2019، انخفض إجمالي مبيعات السجائر بنسبة 34 % في اليابان، في حين زادت مبيعات منتجات التبغ المسخن من 5.1 مليار قطعة إلى 37.1 مليار. وخلصت الدراسة إلى أن "الانخفاض المتسارع في مبيعات السجائر فقط منذ عام 2016 يتوافق مع إدخال ونمو مبيعات منتجات التبغ المسخن".

إن انخفاض مبيعات السجائر في اليابان هو تجربة مميزة يمكن أن تحتذى بها الدول التي تتطلع خفض معدلات بيع السجائر بين سكانها. كما رأينا في اليابان، يمكن أن تلعب المنتجات الخالية من الدخان دورًا مهمًا في استبدال السجائر لدى المدخنين من السن القانوني. من خلال التشجيع الصحيح للجهات التنظيمية، ودعم المجتمع المدني، ووجود البدائل المبتكرة المعتمدة على العلم والمخففة للضرر، يصبح المستقبل الخال من السجائر ممكنًا.

هذه المقالة برعاية فيليب موريس للخدمات الإدارية (الشرق الأوسط)

تم نشر هذا المقال مسبقاً على ليالينا. لمشاهدة المقال الأصلي، انقر هنا

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة