مع اقتراب العيد.. المغاربة منقسمون بين المصلحة العامة وشعيرة الذبح

  • DWWbronzeبواسطة: DWW تاريخ النشر: منذ يوم
مع اقتراب العيد.. المغاربة منقسمون بين المصلحة العامة وشعيرة الذبح

مع اقتراب عيد الأضحى تتضارب المشاعر لدى عدد من المغاربة بين الانصياع للقرار الملكي بعدم ذبح الأضاحي هذا العام إعلاء للمصلحة العامة وبين الحفاظ على شعيرة الذبح وهو ما أربك سوق الماشية في البلاد.

وطلب العاهل المغربي محمد السادس في فبراير/شباط من المغاربة عدم ذبح الأضاحي هذا العام بعد تراجع أعداد الماشية بسبب "ما يواجهه المغرب من تحديات مناخية واقتصادية"، مؤكداً أنه سيذبح كبشين أحدهما عن نفسه والآخر عن كل المغاربة.

وذكرت وسائل إعلام أن السلطات المحلية في بعض الأقاليم قررت غلق أسواق الماشية لمدة أسبوعين اعتباراً من 31 مايو/ أيار وحتى السادس عشر من يونيو/ حزيران "تحسبا لمحاولات التحايل على الإرادة الملكية".

وقال عبدالمجيد الكرفطي (72 عاماً) إنه "مع الغلاء الذي وصلت إليه أسعار الأغنام في السنوات الماضية، قرار إلغاء ذبح الأضاحي كان الأنسب، بل أنني لسنوات، عندما كنت أجدني غير ميسر مادياً، لم أذبح". وأضاف "هذا جدل محسوم بالنسبة لي، إذا لم تتوفر الظروف الملائمة فعلى الإنسان أن يستغني واللحم يباع كل يوم عند الجزارين".

ليست المرة الأولى

وليست هذه المرة الأولى التي يطلب فيها من المغاربة عدم ذبح أضاحي العيد، فقد سبق للملك الراحل الحسن الثاني أن أمر بعدم ذبح الأضاحي في أعوام 1963 و1981 و1996 لأسباب مماثلة.

وقالت مريم زعنون (46 عاما) التي تعمل معلمة "قبل قرار إلغاء الذبح في عيد الأضحى لهذا العام، والذي كان متوقعا نظراً لحالة الجفاف ببلادنا ومضاربة بعض عديمي الضمير الذين أشعلوا النار في أسعار المواشي، لم نذبح الأضحية العام الماضي".

وأضافت لرويترز "أفضل من فترة أن أشتري بعض اللحم من عند الجزار قبل أيام العيد بقليل، وأخصص يوم العيد لصلة الرحم والعبادة وألبس أحسن الثياب، فالله سبحانه وتعالى لم يكلفنا أكثر من طاقتنا".

وذكر صاحب مزرعة في مدينة تيفلت الواقعة على بعد نحو 67 كيلومترا شرقي الرباط، طلب عدم نشر اسمه، أن البيع والشراء في الأضاحي توقف. وأضاف لرويترز عبر الهاتف "عموماالخسارة متوسطة بعدم بيع الأضاحي لهذا العام، لكن المصلحة الجماعية فوق كل اعتبار".

سبع سنوات من الجفاف

وتسببت سبع سنوات من الجفاف في تراجع مراعي تغذية الماشية وانخفاض إنتاج اللحوم مما أدى إلى ارتفاع أسعار اللحوم وزيادة واردات الماشية والأغنام الحية واللحوم الحمراء. وانخفضت أعداد المواشي في المغرب بنحو 38 بالمئة عما كانت عليه قبل تسع سنوات.

واستورد المغرب هذا العام 124 ألف رأس من الأغنام و21 ألف رأس من الأبقار، و704 أطنان من اللحوم الحمراء، بحسب تصريحات سابقة لوزير الفلاحة أحمد البواري.

وفي ميزانية 2025، علق المغرب رسوم الاستيراد وضريبة القيمة المضافة على الماشية والأغنام والإبل واللحوم الحمراء للحفاظ على استقرار الأسعار في السوق المحلية. ووصلت أسعار الأغنام في عيد الأضحى الماضي مستويات غير مسبوقة، واقتربت من 10 آلاف درهم للكبش (نحو 1000 دولار).

تحدي الحظر

بينما بدت الأسواق راكدة وحركة البيع متدنية انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي انتقادات لاذعة تجاه مغاربة يُعتقد أنهم اشتروا الأغنام قبل العيد وذبحوها وخبأوها في مبرداتهم قبل غلق الأسواق.

وقال تاجر الماشية لحسن الذي طلب عدم ذكر اسمه كاملاً إن زبائنه المعتادين اشتروا منه قبل بدء سريان الحظر لكنهم لا ينوون ذبحها في العيد. أما أحمد بالمعطي، الذي وصف نفسه بأنه من صغار الفلاحين ولا يمتلك مزرعة، فقال إنه اعتاد المتاجرة في الأغنام بأن يشتريها مع حلول شهر شعبان ويسمنها ليبيعها في شهر ذي الحجة.

وشكا لرويترز من أن خسارته بعدم بيع الأغنام هذا العيد تصل لنحو 50 بالمئة. وقال "لم نبع سوى لزبائن اعتادوا أن يشتروا من عندنا طوال العام، وأشخاص لهم مناسبات معينة كالعقيقة أو حفلات الخطوبة والزواج".

ارتفاع شديد في الأسعار

ونتيجة الإقبال السريع قبل غلق الأسواق ارتفعت أسعار اللحوم بشدة مما جعل عدد من المغاربة يستهجنون هذا السلوك. وقالت ربة المنزل سناء حراق "المغاربة الذين ذبحوا سراً قبل حلول العيد، لم يحترموا رغبة الدولة في الحفاظ على الثروة الحيوانية، ولا المحافظة على استقرار أسعار اللحوم من أجل أصحاب الدخل المحدود ولا احترموا الدين".

وذكر المحامي والحقوقي مصطفى المنوزي في مقال نشره في الصحافة المحلية أنه "رغم المناشدة العلنية من أعلى هرم في السلطة.. فإن الواقع يشهد تفشياً موازياً لحملات الشراء السري التي ينتظر أن تتبعها موجات ذبح سري بعيداً عن أعين السلطات".

وأضاف أن هذا السلوك "تعبير رمزي عن عصيان شعبي مقنع تحكمه تمثلات الهوية والمكانة الاجتماعية، لا اعتبارات الأمن الغذائي أو الاستجابة العقلانية للخطاب الرسمي". واعتبر أن "الدولة لا تواجه فقط عصيانا اقتصاديا أو فرديا، بل تواجه سرديات مضادة تستند إلى شرعيات عاطفية دينية رمزية تتجاوز الأدوات المؤسساتية".

وتساءلت سناء حراق "هل المغاربة يذبحون الأضاحي تشبثا بالدين أم لإحياء عادات اجتماعية ومن أجل ولائمهم؟".

تحرير: حسن زنيند

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة