أبرز أسباب حوادث الطيران.. بين الأخطاء البشرية والتقنية

تعتبر حوادث الطيران من أكثر الأحداث المأساوية التي تلفت الانتباه الدولي، وخاصة أنها دائمًا ما تكون قاتلة، وتؤدي في أغلب الحالات إلى مقتل كل من على متنها، لذا في هذا المقال، سنسلط الضوء أكثر على أبرز أسباب حوادث الطيران، البيئية والتقنية والبشرية، والتي قد تتفاعل كلها معًا لزيادة احتمالية الحوادث المدمرة.

أسباب حوادث الطيران التقنية

تعد الأعطال التقنية أحد الأسباب البارزة لحوادث الطيران. رغم التحديثات المستمرة والتكنولوجيا المتاحة، فإن الفشل في النظام الإلكتروني أو الميكانيكي للطائرة يمكن أن يكون قاتلًا، حيث تمثل الأخطاء التقنية والمكيانية نحو 20% من حوادث الطائرات حول العالم.

• إهمال الصيانة الدورية

تلعب الصيانة الدورية للطائرات دورًا محوريًا في الحفاظ على سلامة العمليات الجوية، ومن الواضح أن الاعتماد على الفحص الدوري والصيانة المتواصلة يقلل من نسبة الفشل المفاجئ.

• تصميم الطائرة وتأثيره على السلامة

يلعب تصميم الطائرة دورًا مهمًا في تحديد مستوى السلامة. يشمل التصميم العديد من العوامل مثل استقرار الطائرة وقدرتها على التحمل في الجو. الطائرات المصممة بشكل غير مثالي تمثل خطرًا كبيرًا أثناء رحلاتها. شهدت صناعة الطيران تحسنًا كبيرًا في جودة التصميم، ومع ذلك، يمكن لعيوب التصميم أن تؤدي إلى حوادث مأساوية.

أسباب حوادث الطيران البيئية

تشكل الظروف الجوية القاسية تحديًا كبيرًا للطواقم، حيث يمكن للعواصف، الرياح العاتية، والضباب الكثيف أن تعطّل العمليات الجوية بشكل كبير. رغم التطورات في التكنولوجيا الجوية وإجراءات التعامل مع الطقس القاسي، لا يزال هذا العامل يمثل خطرًا على الرحلات الجوية.

• الأحوال الجوية المتقلبة

الأحوال الجوية تعتبر من أكثر العوامل غير القابلة للتنبؤ التي تؤثر في سلامة الطيران. يتضمن ذلك العواصف الرعدية، والتيارات الهوائية القوية، والضباب الكثيف. وفقًا لمكتب السلامة الجوية، 10% من الحوادث الجوية ترتبط بشكل مباشر بظروف الطقس السيئة.

على سبيل المثال، في عام 2009، تعرض طائرة فرنسية إلى السقوط بسبب سوء الاحوال الجوية، فقد انطلقت الطائرة من ريو دي جانيرو إلى باريس، وعلى متنها 228 راكبًا من بينهم طاقم الطائرة، واختفت الطائرة بشكل مفاجئ عن شاشات الرادار بسبب ترسب الصقيع على أجهزة استشعار السرعة، مما سبب بإعطاء بيانات غير صحيحة.

تتسبب التغيرات المناخية في زيادة تواتر بعض الظواهر الجوية المتطرفة، مثل زيادة كثافة العواصف والعواصف الممطرة دورياً، ما يفرض تحديات إضافية على سلامة الطيران. تشير دراسة إلى أنه مع تزايد حرارة الأرض، قد يصبح الطيران خلال فترات النهار الحارة أصعب بسبب تغير كثافة الهواء والزيادة في الاضطرابات الجوية.

أسباب حوادث الطيران البشرية

الأخطاء البشرية تعد من أبرز أسباب حوادث الطيران، حيث يمثل العنصر البشري دورًا حاسمًا في صناعة الطيران. قد تحدث أخطاء في التقدير، سوء الفهم أو اتخاذ قرارات غير دقيقة بسبب الضغوط النفسية والبدنية التي يواجهها الطيارون.  وفقًا للدراسات، فإن الأخطاء البشرية تمثل نحو 50 إلى 60% من حوادث الطيران حول العالم.

• أخطاء الطيارين وقراراتهم الحرجة

تلعب الخبرة والمهارة البشرية دورًا رئيسيًّا في تجنب حوادث الطيران، إلا أن الإحصاءات تُظهر أن نسبة كبيرة من الحوادث الجوية تعود لأخطاء بشرية. تظهر التقارير الكثير من حوادث الطيران يمكن أن تُعزى إلى أحكام أو تصرفات خاطئة من قبل الطيارين. في حادثة أذربيجان، أبدت التحقيقات بأن قرارًا طارئًا اتُخذ من قبل الطيار لم يكن مُحكَمًا بما فيه الكفاية.

• العوامل النفسية والإجهاد

الإجهاد النفسي والجسدي يمكن أن يؤثر بشدة على أداء الطيارين وأطقم الطيران. زيادة عبء العمل، والتعب، وعدم كفاية الوقت للراحة قد يؤدي إلى تقليل التركيز وزيادة احتمالية ارتكاب أخطاء. وفق دراسة نشرت في مجلة الطيران، فإن إجهاد العمل يمكن أن تؤدي إلى زيادة احتمالية وقوع الحوادث بنسبة ملحوظة.

الإجراءات الوقائية لتقليل الحوادث

تتخذ شركات الطيران حول العالم العديد من الإجراءات الوقاية بهدف تقليل حوادث الطيران حول العالم، ومن هذه الإجراءات التالي:

• تحسين التدريب ورفع كفاءة الطواقم

يمثل التدريب المستمر للجميع في قطاع الطيران عاملاً حاسماً في تعزيز السلامة وتقليل الحوادث. من خلال برامج التدريب المتطورة ونهج التعلم العملي، يمكن للطواقم اكتساب المهارات اللازمة للتعامل مع المواقف غير المتوقعة بكفاءة.

تعتبر المحاكاة العملية واختبارات التفكير السريع أثناء الأزمات من الأساليب الفعالة في تعزيز مهارات الطيارين والطاقم الأرضي. لذا، يجب أن تكون إدارة الطيران ملتزمة بتوفير دورات تدريبية شاملة ومستمرة للجميع لضمان جودة الأداء.

• الصيانة الدورية وفحص الطائرات

تعتبر الصيانة الدورية وفحص الطائرات عنصرًا أساسيًالا يمكن الاستغناء عنه للتقليل من حوادث الطيران. تشمل عمليات الفحص التحقق من جميع الأنظمة الحيوية للطائرة والتأكد من سلامتها وفعالية عملها قبل الإقلاع. هذه العمليات تساهم في اسقاط المخاطر المرتبطة بعطل الأجهزة وتقليل الحوادث.

• تطوير تكنولوجيا الأمان

التكنولوجيا تلعب دورًا متزايدًا في تحسين الأمان الجوي من خلال تزويد الطائرات بأنظمة تحذير مبكرة وقدرات اتصال محسنة. تستخدم العديد من الشركات المصنعة للطائرات الآن تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الرحلات والتنبؤ بالمشاكل المحتملة قبل وقوعها.

الإجراءات المتبعة بعد حوادث الطيران

بعد حدوث أي حادث جوي، تُجرى تحقيقات دقيقة ومفصلة لفهم الأسباب والسيناريوهات المؤدية للحادث. هذه التحقيقات التساهم في تحسين معايير الأمان وتعزيز الجودة في صناعة الطيران. مثلا، التحقيقات التي أجريت في حادثة كوريا الجنوبية أظهرت الحاجة لإعادة تقييم بعض البروتوكولات المتعلقة ببعض الأنظمة المنخفضة التكلفة.

وبالاعتماد على النتائج المستخلصة من التحقيقات، يتم تحسين الأنظمة والإجراءات المتبعة لتعزيز الأمان مستقبلاً. يشمل ذلك إجراء تغييرات في تصميم الطائرات، وكذلك إجراءات التشغيل القياسية. على سبيل المثال، قد يتم تعديل تصميمات لوحات التحكم بناءً على الأخطاء المتكررة التي تم تحديدها خلال الحوادث السابقة.

في الختام، يمكن للظروف والعوامل المختلفة أن تتشابك لخلق سيناريوهات معقدة في مجال الطيران. التحليل الجيد لوقائع الأحداث، يوفر فرصًا للوقاية من حوادث مستقبلية عن طريق تحسين الفهم وتطبيق أفضل الممارسات لتجنب أسباب حوادث الطيران حول العالم.