لمحة تاريخية عن موجات اللجوء السابقة إلى ألمانيا

  • DWWبواسطة: DWW تاريخ النشر: الإثنين، 16 أبريل 2018
لمحة تاريخية عن موجات اللجوء السابقة إلى ألمانيا

ألمانيا هي دولة حديثة فتية نسبيا مقارنة بالدول الأوروبية الكبيرة الأخرى مثل فرنسا والمملكة المتحدة، إذ تأسست "الإمبراطورية الألمانية" عام 1871، من خلال اتحاد العديد من الممالك والإمارات والدوقيات الصغيرة. شهدت البلاد أول تدفق كبير للاجئين خلال وبعد الحرب العالمية الأولى.

الروس الفارون من الثورة والحرب الأهلية

بعد الثورة الشيوعية ونشوب الحرب الأهلية في روسيا، فرّ حوالي 1.5 مليون شخص من البلاد، ومن بينهم أفراد العائلة المالكة ورجال الأعمال والمسؤولون الحكوميون السابقون والسياسيون.

في أوج هجرة اليهود، كان هناك 600 ألف لاجئ روسي يعيشون في ألمانيا في عامي 1922 و1923، أكثر من نصفهم في العاصمة برلين. كانت ألمانيا بالنسبة لمعظمهم مجرد محطة توقف في طريقهم إلى الغرب. فبعد خمس سنوات، أي عام 1927، لم يكن هناك سوى 150 ألف روسي يعيشون في ألمانيا، والسبب يرجع بشكل كبير إلى تقييد حريتهم ونقص الدعم القانوني أو الاقتصادي للاجئين، بحسب منظمة Mediendienst Integration.

يهود أوروبا الشرقية الفارون من الاضطهاد

في أوائل القرن العشرين، كان اليهود الذين يهربون من التمييز والاضطهاد في أوروبا الشرقية يفرون غالباً إلى ألمانيا وعبرها، وكان كثيرون يأملون في الاستقرار في فرنسا أو الولايات المتحدة في نهاية المطاف. فالعنف ضد اليهود في روسيا، على سبيل المثال، كان متفشياً في ظل نظام التساريست الاستبدادي واستمر في ظل النظام الشيوعي. في عام 1925 كان 90 ألف يهودي من أوروبا الشرقية يعيشون في ألمانيا، أي ما كان يعادل 15 بالمائة من مجموع السكان اليهود، بحسب صحيفة "دي تسايت" الألمانية. وبموجب القانون الألماني، كان اليهود متساوون مع المسيحيين حتى تولي النازيين الحكم في عام 1933. لكن وبالرغم من ذلك، فقد كانت معاداة السامية مشكلة في ألمانيا حتى قبل عام 1933.

خلال فترة حكم النازية من عام 1933 وحتى عام 1945، فرّ حوالي نصف اليهود الذين كانوا يعيشون في ألمانيا والذين كان يزيد عددهم عن 500 ألف، من الاضطهاد ومعسكرات الإبادة. فقط 34 ألف من اليهود الذين كانوا في ألمانيا نجوا من المحرقة.

الألمان النازحون داخليًا

في أعقاب الحرب العالمية الثانية، كان أكثر من 12 مليون ألماني نازحين. وكان معظمهم يعيشون في الأجزاء الشرقية من ألمانيا التي كانت تحت سيطرة القوات الروسية. بعد الحرب العالمية الثانية، تم إعادة رسم الخريطة الأوروبية بشكل دائم، وفقدت ألمانيا العديد من الأراضي في الشرق والتي كانت موضع نزاع منذ فترة طويلة. شرق بروسيا، على سبيل المثال، أصبحت جزءاً من روسيا وبولندا وليتوانيا، وسيليزيا أصبحت جزءاً من بولندا وجمهورية التشيك. ولهذا السبب، فقد أصبحت الكثافة السكانية في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية ضعف ما كانت عليه قبل بدء الحرب.

الألمان الفارون من ألمانيا الشرقية إلى الغربية

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية حتى عام 1990، تم تقسيم ألمانيا إلى دولتين: ألمانيا الغربية، الديمقراطية والمبنية على اقتصاد السوق، وألمانيا الشرقية، الشيوعية ذات العلاقات الوثيقة مع روسيا السوفياتية. بين عامي 1949 و 1961، غادر 2.7 مليون شخص ألمانيا الشرقية إلى ألمانيا الغربية. وفي عام 1961، أغلقت ألمانيا الشرقية الحدود مع الغربية لمنع الناس من الرحيل، ولذلك بنت جدار برلين.

وعلى الرغم من أن عبور الجدار كان صعباً جداً وغير قانونيّ، إلا أن 5075 شخصا تمكّنوا من عبور الجدار في برلين وحدها بين عام 1961 وسقوط الجدار في تشرين الثاني/ نوفمبر 1989. وفقًا لمنظمة Mediendienst Integration، انتقل 700 ألف شخص من ألمانيا الشرقية إلى الغربية بين عامي 1961 و1989، وكثيرون منهم بشكل غير قانوني.

الفارون من البلدان الشيوعية إلى ألمانيا الغربية

على الرغم من أنه كان من الصعب مغادرة البلدان الشيوعية في شرقي أوروبا ومنها ألمانيا الشرقية، فقد هرب عدد قليل منهم إلى ألمانيا الغربية خلال فترة حكم الاتحاد السوفييتي، والتي استمرت حتى عام 1991.

وفقاً لمنظمة "بروأزويل" الألمانية المهتمة بحماية حقوق اللاجئين، فقد استقبلت ألمانيا الغربية 13 ألف من طالبي اللجوء المضطهدين سياسياً من المجر بعد فشل الانتفاضة المعادية للسوفييت في عام 1956. وبعد النهاية الدموية لـ "ربيع براغ" في عام 1968، استقبلت الدول الغربية 100 ألف شخص هربوا من جمهورية التشيك، وطلب أكثر من 10 آلاف منهم اللجوء في ألمانيا. كما استقبلت ألمانيا الشرقية بدورها طالبي اللجوء السياسيين، وتحديداً من الدول التي تعرض فيها الشيوعيون أو الاشتراكيون للاضطهاد، بما في ذلك عدة آلاف من التشيليين بعد انقلاب بينوشيه عام 1973.

"أناس القوارب" من فيتنام

في أواخر عام 1978، اتخذت الحكومة الألمانية قرارا باستقبال اللاجئين الفيتناميين الهاربين من النظام الشيوعي وحرب فيتنام، حيث كان معظمهم يهربون بالسفن. وتسببت معاناة ما يسمى بـ "أناس القوارب" بموجة غضب عالمية. واستقبلت ألمانيا 40 ألف شخص.
 

الهاربون من الانقلابات العسكرية في بولندا وتركيا

الانقلابات العسكرية في بولندا (1981-1983) وتركيا (1980) إلى جانب الثورة الإسلامية في إيران (1979)، والحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) أدى إلى زيادة كبيرة في عدد طلبات اللجوء في أوائل الثمانينات، ففي عام 1980، تجاوز عدد طلبات اللجوء في ألمانيا 100 ألف طلب لأول مرة.

الفارون من الحرب اليوغسلافية

بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، اندلعت في يوغسلافيا السابقة سلسلة من الحروب العرقية، ما أدى إلى نزوح الملايين من البلقان. وأدت الحروب في كرواتيا والبوسنة والهرسك إلى زيادة طلبات اللجوء في ألمانيا، حيث بلغت 438 ألف طلب للمرة الأولى في عام 1992. بما يساوي 80 بالمائة من طلبات اللجوء التي تم تقديمها في أوروبا في ذلك العام.

خلال أوائل التسعينات، زادت المشاعر المناهضة للاجئين والمهاجرين في ألمانيا، حيث أن هجمات عنيفة من اليمين المتطرف صدمت البلاد. ففي عام 1991، أصيبت فتاتان لبنانيتان بجروح بالغة عندما أضرم شبان من النازيين الجدد النار في نزل للاجئين في منطقة هونكسه في ولاية شمال الراين-ويستفاليا. في بلدة مولن ( (1992وفي زولينغن (1993) قام متطرفون يمينيون بإشعال النار في منازل المهاجرين الأتراك، مما أدى إلى وفاة عدة أشخاص.

واليوم ، لا يزال اسم "ليشتينهاجن" - وهو اسم حي في مدينة روستوك – مرادفاً لحصار نزل للاجئين من قبل يمينيين متطرفيين والسكان المحليين عام 1992.

في عام 1993، عدّل البرلمان الدستور الألماني وفرض شروطاً أكثر صرامة على طالبي اللجوء في ألمانيا. وقد أدى ذلك إلى انخفاض عدد طلبات اللجوء بشكل كبير في السنوات التالية. ومنذ ذلك الحين، يُسمح للأشخاص بتقديم طلبات اللجوء إذا لم يسافروا عبر بلد آمن آخر للوصول إلى ألمانيا.

مارا بيرباخ/ محي الدين حسين

المصدر: مهاجر نيوز

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة