الناشطة المصرية هدى شعراوي

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأحد، 29 أغسطس 2021
الناشطة المصرية هدى شعراوي

عانت هدى شعراوي من تهميش المرأة وانتقاص حقوقها؛ مما جعلها من المناضلات الثوريات اللواتي تحدينّ عصرهن، قد تكون مجهولةً لدى البعض ولكنها تركت بصماتٍ واضحة في تاريخ حركة التحرر النسائي، نقدمها في مقالنا محاولين تسليط الضوء على حياة تلك المرأة وعلى إنجازاتها السياسية والاجتماعية ولقائها مع أبرز الشخصيات القيادية آنذاك.

حياة هدى شعراوي ونشأتها

ولدت نور الهدى محمد سلطان المعروفة باسم (هدى شعراوي) في 23 حزيران/يونيو عام 1879 في مدينة المنيا الملقبة بعروس الصعيد في مصر، من أمّ شركسية وأبٍ عربي من الطبقة الراقية في مصر، كان والدها محمد سلطان باشا يشغل منصب الحاكم العام للصعيد ثم انضم إلى الثورة العرابية (ثورة قادها أحمد عرابي ضد الخديوي توفيق والتدخل الأجنبي في مصر)، وأصبح بعدها عضواً في مجلس المندوبين عام 1876، نشأت هدى شعراوي في كنف أسرةٍ ثرية في القاهرة في منزلٍ يعتمد على نظام الحريم (الحرملك)؛ أيّ أن النساء يعيشون في أجنحةٍ منعزلة داخل البيت ويرتدون النقاب عندما يخرجون.

تلقت هدى شعراوي أرقى أنواع التعليم آنذاك، وكانت اللغة الفرنسية اللغة الأساسية وحفظت القرآن باللغة العربية في سن التاسعة من عمرها.

تزوجت في سن الثالثة عشرة من ابن عمها الأكبر علي شعراوي والذي كان في أواخر الأربعينيات من عمره وكان لا يحبذ فكرة تعليم البنات فحرمها من إكمال علمها، ولكن عدم التوافق الفكري بينهما تسبب بانفصالها عنه مدة سبع سنوات، تابعت تعليمها خلالها لكنها عادت للعيش معه ثانيةً تحت ضغطٍ من عائلتها وأنجبت منه ولدين؛ بثينة في عام 1903 ومحمد عام 1905.

سافرت هدى شعراوي عام 1909 إلى أوروبا مع عائلتها، وتعرفت إلى معالم الدول الأوروبية وثقافاتها مما أسهم في صقل شخصيتها المتمردة.

أبرز المواقف التي ساهمت في تكوين شخصيتها النضالية

كانت نشأة هدى شعراوي في أسرةٍ متزمتة عاملاً كبيراً في تكوين شخصيتها، فقد عانت من التمييز والتفرقة بينها وبين أخيها الأصغر (خطاب)، فقد فضلّت أسرتها أخوها لأنه من سيحمل اسم العائلة وهي باعتبارها أنثى؛ فهي وأولادها لن يحملوا اسم العائلة وستتبع زوجها بقية حياتها وهذا بحسب ما دونته في مذكراتها، وعلى الرغم من ذلك كان أخوها الأقرب إليها من أفراد أسرتها وكان واعياً ومنفتحاً لرغباتها في التحرر، وسببت وفاته ألماً شديداً لها.

زواجها

اعتبرت هدى أن زواجها كان تقييداً لحريتها وكبتاً لرغباتها، فقد حرمها زوجها من هواياتها المفضلة كعزف البيانو وزرع الأشجار، واعتبرت أنه كان يسلبها حقها في الحياة بحيث قالت في مذكراتها مستنكرة: "لا أستطيع تدخين سيجارة لتهدئة أعصابي حتى لا يتسلل دخانها إلى حيث يجلس الرجال، فيعرفوا أنه دخان سيجارة السيدة حرمه، إلى هذا الحد كانت التقاليد تحكم بالسجن على المرأة، وكنت لا أحتمل هذا العذاب ولا أطيقه".

هدى شعراوي ونشاطاتها على الصعيد الاجتماعي

أسست هدى شعراوي أول منظمة خيرية علمانية تديرها النساء المصريات عام 1908 تقدم الخدمات الاجتماعية للنساء والأطفال الفقراء، وقد كانت تقول أن عمل المرأة في هذه النشاطات مهمٌ لسببين:

  1.  أولاً توسيع آفاق المرأة واكتسابها المعرفة العملية وتوجيه تركيزها إلى ما تستطيع تقديمه خارج المنزل.
  2.  وثانياً تغيير فكر المجتمع السائد أن النساء مخلوقاتٌ للمتعة وتحتجن الحماية الدائمة لذا من الأفضل إبقائهن في المنزل.

شهدت مصر نهضةً أدبيةً ترافقت مع النضال الثوري ضد الاحتلال البريطاني، فاقترحت هدى شعراوي فكرة تأسيس نادٍ للسيدات للتباحث في الشؤون الأدبية والاجتماعية، ووجدت تشجيعاً من العديد من السيدات، فاستعانت بالكاتبة الفرنسية (مارغريت كليمان) بتأسيسه فجاءت إلى مصر ملبيةً دعوة شعراوي.

وعقدت أولى اجتماعات النادي في منزلها وتأسس عام 1914 باسم (جمعية الترقي الأدبي للسيدات)، وكانت مي زيادة ولبيبة هاشم من المشاركات فيه، كما كانت شعراوي من أوائل النساء اللواتي ساهمن في تشكيل اتحاد المرأة المصرية المتعلمة في ذات العام.

انخراط هدى شعراوي في المضمار السياسي

كانت هدى شعراوي من أوائل النساء اللواتي دافعن عن قضية تحرر المرأة، وذلك بدأً من التعليم الذي يؤدي إلى مشاركة المرأة الفعالة في الإصلاح الاجتماعي والثقافي ويُطلعها على حقوقها المدنية والمساواة مع الرجل، كما كان لديها الكثير من المواقف النضالية ضد سياسة الاحتلال.

المظاهرة النسائية

انتهت الحرب العالمية الأولى عام 1918 وأعلنت مبادئ الرئيس ولسون والتي تضمنت حق الأمم في تقرير مصيرها، وكانت مصر ترتقب تطبيق المبادئ عليها خاصةً أنها ساعدت الحلفاء في الحرب، لكن بريطانيا تقاعست عن تنفيذها فتشكل وفدٌ مصري ليتولى القيام بعمل إيجابي تجاه الأمر.

اتجه الوفد برئاسة سعد زغلول وبعض من أهم رجال مصر لمقابلة القائد العسكري السير ريجنالد. نوقش خلاله استقلال مصر وخروج البريطانيين منها، وعندما علم الوفد أن السير ريجنالد لم يعرض مطالبهم على الحكومة البريطانية أرسلوا بطلب الأذن للعودة إلى مصر وجاء الرد بالرفض، وكرر الوفد الطلب مرات عدة ولكن دون جدوى.

ثم اتخذت السلطات البريطانية قراراً في 8 آذار/مارس عام 1919 باعتقال سعد زغلول ومن معه ونفيهم إلى جزيرة مالطة؛ هذا ما أدى إلى بدء ثورة عارمة في مصر احتجاجاً على اعتقالهم.

وساهمت شعراوي في 16 آذار/مارس عام 1919 بتنظيم مظاهرةٍ نسائية معادية للاحتلال البريطاني على مصر للمناداة بالإفراج عن سعد زغلول (قائد ثورة 1919 ضد سياسة الاحتلال البريطاني في مصر)، حيث وقفت النساء ثلاث ساعات متواصلة تحت المس الحارقة تحدياً للأوامر البريطانية في تفريق المظاهرة، وانتهت هذه المظاهرة باستشهاد أول امرأةٍ للحركة النسائية.

وبعد عدة محاولات لإخماد نيران الثورة التي طالت البلاد اضطرت الحكومة البريطانية إلى الإفراج عن سعد زغلول ورفاقه، واعتبر المصريون هذا انتصاراً سياسياً، في هذه الأثناء تم تشكيل اللجنة المركزية للسيدات وانتخبت هدى شعراوي رئيسةً لها، وكانت اللجنة تجتمع بشكل مستمر للبحث في مجرى التطورات وحرصن على تأدية واجبهن في سبيل الوطن على أكمل وجه.

تم الاتفاق على عقد مؤتمر دولي في لوزان - فرنسا، كان الهدف عقد صلح بين الحكومة الجديدة برئاسة كمال مصفى أتاتورك في تركيا والحلفاء، وتلقت الحكومة المصرية دعوة لحضور المؤتمر، فتم تشكيل الوفد المصري ووصل إلى فرنسا في 21 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1922، وانتهى المؤتمر بتوقيع معاهدة صلح سميت (معاهدة لوزان) بين تركيا والحلفاء عام 1923 دون تلبية رغبات مصر.

هدى شعراوي رائدة حركة تحرر المرأة ونشاطها بعد قيام الثورة

أصبحت هدى شعراوي بعد قيام الثورة رائدة حركة تحرر المرأة، وحضرت مؤتمر الاتحاد النسائي العالمي الذي عقد عام 1923 في روما، ناقش المؤتمر حقوق المرأة في التعليم والانخراط في الحياة الاجتماعية وحقها في الاقتراع.

مقابلتها مع موسوليني رئيس إيطاليا

أثناء تواجدها مع الوفد النسائي المصري في المؤتمر الذي عقد في روما عام 1923، قابلت هدى شعراوي والتي كانت ترأس الوفد السنيور موسوليني ثلاث مرات، الأولى: عندما ترأس جلسة الافتتاح في المعرض، الثانية: عندما أقام حفل شاي للمندوبات في الكابيتول (العاصمة)، وكانت المرة الثالثة: بعد أن انتهى المؤتمر من أعماله، توجهت المندوبات المشتركات لمقابلته في قصر الرئاسة، استقبل موسوليني أعضاء المؤتمر واحدة تلو الأخرى وعندما جاء دور هدى شعراوي قدمت نفسها كرئيسة الوفد المصري فعبّر عن مشاعره وعواطفه تجاه مصر وقال:

"إنه يرقب باهتمام حركات التحرير في مصر، وجهاد المصريين والمصريات في سبيل استقلال بلادهم"، كما تحدث عن تمنيه بإعادة توطيد العلاقات بين مصر وإيطاليا وغيرها من دول البحر المتوسط، وأعربت شعراوي عن تقديرها لاهتمامه بمصر والعلاقات التي تربط البلدين وطلبت منه منح المرأة الإيطالية حقوقها السياسية.

وأثناء طريق عودتها إلى مصر أزالت شعراوي النقاب عن وجهها والتزمت بالحجاب الشرعي في الأماكن العامة، وذلك يعتبر حدثاً مهماً في تاريخ الحركة النسوية المصرية حيث قامت بعض النساء بإزالة نقابهن أيضاً واعتبر ذلك بداية تحررهن وسعيهن للمساواة مع الرجال.

وأسست بعد عودتها جمعيةً باسم (الاتحاد النسائي المصري)، كانت أهدافها رفع مستوى المرأة الأدبي والاجتماعي لتصبح أهلاً لمشاركة الرجل بالواجبات والحقوق، وسعت الجمعية في تحقيق المساواة في التعليم بين الرجال والنساء والمشاركة في الانتخابات، كما طالبت بسن قانون لمنع تعدد الزوجات إلا للضرورة ورفع الظلم الذي تتعرض له النساء فيما يدعى دار الطاعة (بيت الزوجية).

بقيت هدى شعراوي رئيسةً للاتحاد النسائي المصري بقية حياتها، وفي ظل قيادتها أطلق الاتحاد النسائي المصري مجلة (المصريين) عام 1925، والتي أصبحت تُعرف بالمجلة المصرية في وقتٍ لاحق، كما أسست الاتحاد النسائي العربي عام 1945 والذي أطلق بدوره مجلة (المرأة العربية) عام 1946.

مرض هدى شعراوي وسفرها إلى أوروبا

تعرضت هدى شعراوي للكثير من المصاعب خلال فترة نضالها الثوري ضد الاحتلال البريطاني ونضالها في سبيل تحرير المرأة، كما أن زواجها كان سبباً في إصابتها بالاكتئاب وكانت حالتها بحاجة للعلاج فسافرت إلى أوروبا، وخلال فترة تواجدها هناك تعرفت على القيادات الفرنسية النسائية اللواتي يسعين إلى تحرير المرأة وإعطائها حقوقها؛ مما شجعها أكثر على النضال في سبيل تحررها.

المؤتمرات الدولية النسائية التي حضرتها هدى شعراوي

1- مؤتمر جراتز الدولي

عقد مؤتمر جراتز الدولي في 18 أيلول/سبتمبر عام 1924، تم دعوة هدى شعراوي للمشاركة فيه وكان موضوعه الأساسي؛ الإتجار بالنساء والأطفال، وقد كانت شعراوي حريصةً على إيصال صوت المرأة المصرية والتشديد على رغباتها ومتطلباتها في كل المؤتمرات الدولية التي حضرتها، وأبدت موقفاً متشدداً تجاه قضية الإتجار البشري واعتبرتها من القضايا الإنسانية المهمة والتي لا يجوز التغافل عنها.

كما أكدت على أهمية إغلاق بيوت الدعارة للقضاء على المشكلة من جذورها، حيث ألقت شعراوي خطاباً خلال المؤتمر: "إني لأرجو المؤتمر أن يتناول تلك المسألة بعين الاعتبار، وأن يضعها في مقدمة المسائل، وأن يسعى السعي اللازم لدى الحكومات ليفوز بمحو تلك البؤر الخبيثة، أما في مصر فإن وجود الامتيازات الأجنبية يحول دون تشريع يقضي بمحو هذه المنازل إذا كان أصحابها من الأجانب، ولذلك فإني أطلب إلى المؤتمر أن يتدخل لدى الحكومات صاحبات الامتياز وأن يطلب إلى الدول أن تسمح للحكومة المصرية بأن تغلق هذه المنازل".

2- مؤتمر أمستردام

تلقت هدى شعراوي دعوةً لحضور المؤتمر النسائي الدولي في 12 تشرين الثاني عام 1927 في أمستردام، تناول المؤتمر قضايا المرأة ورغباتها كما تم البحث في القضايا السياسية الدولية ومسألة السلامة الوطنية.

أقيم خلال المؤتمر مأدبة عشاء باسم المرأة المصرية وتحدثت فيها شعراوي عن بلدها مصر: "إنها بلاد مسالمة جداً ولكنها مستهدفة بحكم موقعها الجغرافي، تعاني حرباً لا تريدها ولا تدعو إليها ولا يد لها فيها بسبب قناة السويس المراد بها خدمة السلم ... فإن هذه القناة تقرب من مصر شعباً قد يهددها فجأة، كما أنه يهدد السلم أيضا إذا لم تكفل سلامة الحالة باتفاقية دولة تضمن حياة القناة إلى الأبد".

اختتم المؤتمر مباحثاته بإبداء رغبات متعددة فيما يتعلق بالموضوع الاقتصادي، ومسألة التحكيم، ومسألة نزع السلاح، ورغبة النساء في الاشتراك في عضوية اللجنة الاستشارية الاقتصادية المؤلفة في جنيف، وقد عبرت شعراوي للمؤتمر عن رغبةٍ خاصة في إلغاء الامتيازات الأجنبية في مصر، وقد أحيلت هذه الرغبة إلى لجنة البحث.

3- شعراوي في مؤتمر برلين

عقد مؤتمر برلين في 17 حزيران/يونيو عام 1929، حضره الوفد المصري النسائي وكانت هدى شعراوي إحدى أعضاء هذا الوفد، وكان هدفه (السعي لتحرير نساء جميع الأمم بتوسيع نطاق حق تصويت المرأة وإصلاح أمور أخرى لا بد منها لإيجاد مساواة حقيقية في الحريات والحالات بين الرجال والنساء، وتعليم النساء ليتمكن من زيادة تنورهن في الحياة العامة)، وقد استطاع الوفد المصري تحقيق فوائد أدبية كثيرة منها جهودهن في إلغاء الامتيازات البريطانية في مصر، وقد لاقى الاقتراح اعتراضاً من بعض الدول من بينها الوفد البريطاني.

أبرز الشخصيات القيادية التي قابلتها هدى شعراوي

تحدثت هدى شعراوي عن أبرز المواقف والمقابلات التي مرت بحياتها في مذكراتها، منها:

مقابلتها مع ملك العراق فيصل الأول

بإحدى رحلات شعراوي إلى أوروبا وعلى متن الباخرة شامبليون عام 1933، كان الملك فيصل الأول ملك العراق آنذاك على متنها، فالتقت معه بعد الغداء حين كانت متجهةً إلى المصعد حيث ألقت عليه التحية ودار بينهما حديثٌ قصير، اختتمه الملك فيصل بقوله: "لقد قرأت عنكِ كثيراً، وأعجبت بجهادكِ كثيراً، والآن لما رأيتكِ، اطمأننت على أن النهضة النسائية في بلادنا العربية بخير، ودفتها في يد ربّانٍ جديرٍ بإدارتها".

مقابلتها مع كمال أتاتورك قائد الحركة التركية الوطنية

وأشارت هدى بمذكراتها أيضاً عن مقابلتها قائد الحركة التركية الوطنية مصطفى كمال أتاتورك، بعد انتهاء المؤتمر النسائي الدولي الثاني في اسطنبول الذي عقد في 18 نيسان/أبريل عام 1935 حيث تلقى الوفد المصري النسائي الذي ترأسته هدى شعراوي دعوةً لحضور الاحتفال الذي أقامه كمال أتاتورك.

عندها قامت رئيسة الاتحاد النسائي الدولي (كوريث أشبي) بتقديم رئيسة وفد كل دولة له وعندما جاء دور هدى شعراوي تحدثت إليه بنفسها دون ترجمان قائلةً: "إن هذا المثل الأعلى من تركيا الشقيقة الكبرى للبلاد الإسلامية شجع كل بلاد الشرق على محاولة التحرر والمطالبة بحقوق المرأة، وإذا كان الأتراك قد اعتبروك (أتاتورك) فأنا أقول: إن هذا لا يكفي، بل أنت بالنسبة لنا (أتاشرق)"، وقد تأثر بكلامها جداً وشكرها عليه.

مذكرات هدى شعراوي

كتبت هدى شعراوي مذكراتها والتي عرفت باسم (مذكرات هدى شعراوي)، وقد تحدثت فيها عن وضع المرأة في ظل الاستعمار البريطاني وظلم المجتمع لها وحرمانها من أبسط حقوقها واعتبارها غير قادرةٍ على المشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية، كما تحدثت فيها عن طفولتها وحياتها المبكرة حين كانت تعيش في أسرةٍ مصريةٍ من الطبقة الراقية منعزلة فيما عرف بنظام الحريم (الحرملك) في القاهرة عام 1986.

وذكرت قضية زواجها المبكر وانفصالها عن زوجها مدة سبع سنوات وفضل ذلك بتوسعها في التعليم، كما تحدثت أيضاً عن نشاطاتها في سبيل تحرير المرأة العربية والمطالبة بحقوقها ومن أهمها سن قوانين: حول منع تعدد الزوجات وتحديد السن المناسب للزواج.

وتحدثت عن افتتاح الجامعة المصرية عام 1908 والذي يعد حدثاً بارزاً حوّل مصر إلى مركز الثقافة العربية، وكان بدايةً للنهضة العلمية والأدبية والثقافية في مصر.

موقفها من رغبة ابنها في الزواج من مطربة

يبدو أن هدى شعراوي قد ناقضت ما طالبت به من تحرر للمرأة والحرص على نيلها حقوقها بقضية رفضها زواج ابنها من المطربة (فاطمة سرى)، بحيث يذكر الكاتب معروف أمين في كتابه (مسائل شخصية) أن هدى شعراوي أقامت في قصرها حفلاً، وقد تعرف ابنها محمد شعراوي على المطربة التي أحيت الحفل فأعجب بها وبدأ يلاحقها من حفل لآخر حتى تزوجها أخيراً.

عندما علمت هدى شعراوي بزواج ابنها الوحيد من المطربة غضبت بشدة واتهمت ابنها أنه يحاول قتلها بهذا الزواج، فبدأت بالضغط على المطربة عن طريق معارفها ونفوذها وهددتها بتلفيق تهمة عملها بالدعارة، لكن المطربة تحدتهم بأنها ستطلق النار على أي وزير داخلية يقوم بهذا التزوير.

بدأ محمد شعراوي بالتهرب من مسؤوليته تجاه زوجته وقام بإنكار نسب ابنته (ليلى) إليه، فقامت زوجته فاطمة بإرسال رسالة إلى والدته هدى شعراوي قائلة فيها:

"إنَّ اعتقادي بك وبعدلك، ودفاعك عن حق المرأة، يدفعني كل ذلك إلى التقدم إليك طالبةً الإنصاف، وبذلك تقدمين للعالم برهاناً على صدق دفاعك عن حق المرأة، ويمكنك حقيقةً أن تسيري على رأس النساء مطالبةً بحقوقهن، ولو كان الأمر قاصراً عليَّ لما أحرجت مركزك.

ولكن هناك طفلةٌ مسكينة هي ابنتي وحفيدتك، وقد عرض ابنك عليّ المال من أجل إنكار نسب ابنتي ولكني رفضت خوفاً من إله عادل سيحاسبني، وجعلت محاميه يقنعه بحل وسط يرضي الطرفين وكان جوابه أن ألجأ إلى المحاكم، فهل توافقين يا سيدتي على رأي ولدك في إنهاء المسألة أمام المحاكم؟ أنتظر منك التروي في الأمر، والرد عليَّ في ظرف أسبوع لأنني قد مللت كثرة المتداخلين في الأمر".

اعتبرت شعراوي الرسالة إعلاناً بالحرب فبدأت بخوض المعارك في المحاكم ضد المطربة، واستطاعت المحكمة إثبات نسب الطفلة إلى محمد شعراوي وامتثلت هدى شعراوي إلى أمر المحكمة.

توفيت هدى شعراوي في 29 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1947 إثر أزمةٍ قلبية.

ختاماً.. أثبتت هدى شعراوي قوة المرأة في تحقيق ما تريد واستطاعت نيل حريتها في مجتمعٍ منغلق يرفض تطور المرأة وتحررها، ما زالت حتى يومنا هذا أحد أهم رموز النضال والسعي لتحقيق الحرية والمساواة للمرأة المصرية، نأمل أن نكون قد أوفيناها بعضاً من حقها كرائدةٍ من الأوائل اللواتي رفعن الصوت عالياً لرفع شأن المرأة.

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة