شعر عن الأخوة ورثاء فقدان الأخ

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الثلاثاء، 29 مارس 2022

تعتبر الأخوَّة من أمتن العلاقات بين الناس، كما تمثِّل الأخوَّة صفة قد تطلق على غير الأشقاء من الأصدقاء أو الأشخاص الذين نشترك معهم في المصير.

لنجد أنفسنا نقول أنَّ فلاناً (مثل أخي) لبيان مدى تقاربنا، أو نقول (العرب أخوة)، كذلك قول الله تعالى في سورة الحجرات الآية 9 من القرآن الكريم:

"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ"

حيث سنجد أن صفة الأخوة لم تقتصر على الأشقاء الذين تجمعهم صلة الدم فحسب، بل تجاوزت ذلك إلى العلاقات التي تتميز بنفس مميزات العلاقة مع الأخوة.

في هذه المادة سنحاول تتبع أبرز أبيات الشعر والقصائد التي قيلت في الأخوة الحقيقية، أو الأخوة المجازية سواء ما قيل في الصداقة، أو ما استخدم رمز الأخوة في الخطاب.

 

تتنوع الأبيات التي تحدثت عن الأخوة بين المدح والنصح

تتميز العلاقة بين الأخوة بالدرجة الأول بصلة الدم بينهم، لكنها تتعدى ذلك إلى ما يمرون به من تجارب مشتركة وظروف مماثلة في طفولتهم وشبابهم تجعل من طموحاتهم متقاربة ومتشابهة.

فلا يمكن الاعتماد فقط على صلة القرابة وإنَّما تمثِّل الحياة المشتركة العامل الأهمَّ في العلاقة بين الأخوة، حتَّى أن صفة الأخ تمنح لمن يعيش معنا تلك التجارب ويشاركنا فيها.

كما سنجد أن الأبيات التي ذكرت الأخوة بمعناها العام تحدثت عن الإشادة بقيمة الأخ أو تقديم النصائح بشكل مباشر أو غير مباشر.

الأخوة عند ابن رشيق القيرواني الأزدي

أُحِبُّ أَخي وَإِنْ أعْرَضْتُ عَنْهُ وَقَلَّ على مسامِعِهِ كلامي

وَلي في وَجْههِ تَقْطيبُ راضٍ كَما قَطَّبْتَ في إثْرِ كالمُدام

ورُبَّ تَقَطبٍ مِنْ غَيْرِ بُغْضٍ وَبُغْضٍ كامِنٍ تَحْتَ ابتِسامِ

شرط الأخوَّة عند العائذ بن محصن (المثقب العبدي)

فإمَّا أنْ تكونَ أخي بحقِّ فأَعرِفَ منكَ غَثِّي من سَميني

وإلاَّ فاطَّرحني واتخذني عَدُوّاً أَتَّقيكَ وتَتَّقيني

وما أَدري إذا يَمَّمتُ وَجهاً أُريدُ الخَيرَِ أَيُّهُما يَليني

أَلخَيرُ الذي أنا أَبْتَغيهِ أَمِ الشَّرُّ الذي هو يَبْتَغيني

أبو الطيب المتنبي

وَلمّا صَارَ وُدّ النّاسِ خِبّاً جَزَيْتُ على ابْتِسامٍ بابْتِسَامِ

وَصِرْتُ أشُكُّ في مَنْ أصْطَفيهِ لعِلْمي أنّهُ بَعْضُ الأنَامِ

يُحِبّ العَاقِلُونَ على التّصَافي وَحُبّ الجَاهِلِينَ على الوَسَامِ

وَآنَفُ مِنْ أخي لأبي وَأُمّي إذا مَا لم أجِدْهُ مِنَ الكِرامِ

التسامح مع الأخوة عند أبو القاسم الخبز أرزي

وقد يُخلصُ الإخوانُ من بعدِ عَثرةٍ كما تستهبُّ الخيلُ مِن بعد ما تَكبو

وأيّ جوادٍ لم تَكنْ منه هَفوةٌ وأيّ حُسامٍ في الأحايين لا ينبو

أخو الشاعر سيد قطب في قصيدته

أخي؛ ذلك اللفظ الذي في حروفهِ رموزٌ وألغـازٌ لشتى العواطفِ

أخي؛ ذلك اللحن الذي في رنينهِ ترانيمُ إخـلاص وريا تآلفِ

أخي؛ أنتَ نفسي حينما أنت صورة لآمـاليَ القصـوى التي لم تشارفِ

تمنيتُ ما أعيـا المقاديرُ إنَّما وجدتكَ رمزاً للأمـاني الصوادفِ

فأنتَ عزائـي في حياة قصيــرةٍ وأنتَ امتدادي في الحياة وخالفي

تخذتكَ لي ابناً ثم خدناً فيا تـرى أعيشُ لألقى منكَ إحسـاس عاطفِ؟

على أيما حالٍ أراكَ مخلّـــدي وباعث أيامي العِــذاب السوالفِ

فدونكَ أشعـاري التي قد نظمتها لتبقى على الأيـام رمزَ عواطفي

 

شكَّل رثاء الأخوة بعضاً من أجمل صور الشعر العربي

في حين يعتبر الرثاء واحداً من أبرز وأشهر أنماط الشعر عند العرب، شكَّل رثاء الأخوة حالة استثنائية ضمن المرثيات الكثيرة التي قدمها الشعراء العرب.

كما اشتهر البعض بشعر الرثاء بشكلٍ خاص مثل الخنساء التي بكت أخوتها وزوجها من خلال القصائد الكثيرة وكانت تفاخر أنَّها أكثر النساء حزناً على أخوتها.

رثاء الخنساء لأخيها صقر

يُؤرّقُني التّذَكّرُ حينَ أُمْسي فأُصْبحُ قد بُليتُ بفرْطِ نُكْسِ

على صَخْرٍ، وأيُّ فتًى كصَخْرٍ ليَوْمِ كَريهَةٍ وطِعانِ حِلْسِ

وللخصمِ الألدِّ اذا تعدَّى ليأخُذَ حَقّ مَظْلُومٍ بقِنسِ

فلمْ أرى مثلهُ رزءًا لجنٍ ولم أرى مِثْلَهُ رُزْءاً لإنْسِ

أشدَّ على صروفِ الدَّهرِ يداً وأفْصَلَ في الخُطوبِ بغَيرِ لَبسِ

وضيفٍ طارقٍ أو مستجيرٍ يروَّعُ قلبهُ منْ كلِّ جرسِ

فأكرمهُ وآمنهُ فأمسى خلياً بالهُ منْ كلِّ بؤسِ

يُذَكّرُني طُلُوعُ الشمسِ صَخراً وأذكرُهُ لكلّ غُروبِ شَمْسِ

ولَوْلا كَثرَةُ الباكينَ حَوْلي على إخوانهمْ لقتلتُ نفسي

وما يَبكونَ مثلَ أخي ولكِنْ أعزّي النَّفسَ عنهُ بالتَّأسي

فلا واللهِ لا أنساكَ حتَّى أفارقَ مهجتي ويشقَّ رمسي

فقَدْ وَدّعْتُ يوْمَ فِرَاقِ صَخْرٍ أبي حَسّانَ لَذّاتي وأُنْسِي

فيا لهفي عليهِ ولهفَ اُمّي أيصبحُ في الضَّريحِ وفيهِ يمسي

أبو تمام يرثو صديقه كأخيه

فيا غالباً لا غَالِبٌ لِرَزِيَّةٍ بَلِ المَوْتُ لاشَكَّ الذي هوَ غَالِبُ

وقلتُ أخي، قالوا أخٌ ذو قرابةٍ؟ فقلتُ ولكنَّ الشُّكولَ أقارِبُ

نسيبي في عزمٍ ورأي ومذهبٍ وإنْ باعدتْنا في الأصولِ المناسبُ

كأَنْ لَمْ يَقُلْ يَوْماً كأَنَّ فَتَنْثَنِي إلى قولِهِ الأسماعُ وهي رواغبُ

ولَمْ أَتَسقَّطْ رَيْبَ دَهْرِي بِرَأيِهِ فَلَمْ يَجتِمعْ لي رأيُهُ والنَّوائِبُ

عجبتُ لصبري بعده وهوَ ميتٌ وكُنْتُ امرءاً أبكي دَماً وهْوَ غائِبُ

على أنَّها الأيامُ قد صرنَ كلَّها عجائبَ حتى ليسَ فيها عجائبُ!

رثاء مصطفى لطفي المنفوطي لأخيه

جاوَرتَ رَبَّكَ إبراهيمُ مُطَّرِحاً أخاك أحمَدَ يَشكُو قِلَّة العَضُدِ

يقولُ والدمع في خديه منتظمٌ كالعقد منتثرٌ كاللؤلؤ البَدَد

أخي قد كنتَ لي عوناً أشدُّ به أزري وكنتَ لنصري خيرَ مُعتَمدِ

فاليومَ أصبحتَ بعد الأُنسِ منفرداً وكنتَ لي عُدّةً من أحسَنِ العُدَدِ

أخي قد كنت أرجو أن تُغيبني تحت الترابِ ولكن خابَ مُعتَقدي

وأخلف اللَه ذاك الظن إذ وثبتْ إليكَ حُمرُ المنايا وثبة الأسدِ

أخي قدمتُ روحي أفتديكَ بها من المماتِ ولكن ليسَ ذا بيدي

أخي هذا قضاءٌ لا مر له أخي والموتُ للإنسانِ بالرصَدِ

يا ليتَ شعري إن ناديتُ قبركَ هَل تُجيبني بعد طولِ النأي والبَعَدِ

 

كم تستخدم الأخوة ككلمة مفتاحية قبل إسداء النصائح

وإذا حاولنا استعادة الخطابات العادية واليومية سنجد أن كلمة (أخي، أختي، أخوتي...) تعتبر كلمة مفتاحية لتقديم النصائح للآخرين، وقد استخدمها الشعراء بنفس هذا المعنى في مواضع عديدة، منها قول الشافعي مثلاً:

أخي لن تنالَ العِلمَ إلا بستَّة سأنبيكَ عن تفصيلها ببيانِ

ذكاءٌ وحرصٌ واجتهادٌ وبلغةٍ وصحبةِ أستاذٍ وطولَ زمانِ

نصيحة أبو العتاهية

أخي! كنْ على يأسٍ من النّاسِ كلّهم جميعاً وكُنْ ما عشتَ للهِ راجيَا

ألمْ ترَ أنَّ اللهَ يكفي عبادَهُ فحسبُ عبادِ اللهِ باللهِ كافِيَا

وَكمْ من هَناةٍ ما عَلَيكَ لمَستَها مِنَ الناسِ يوماً أو لمستَ الأفاعِيَا

أخي  قد أبَى بُخلي وَبُخلُكَ أن يُرَى لذي فاقةٍ منِّي ومنكَ مواسِيَا

كِلانَا بَطينٌ جَنْبُهُ، ظاهرُ الكِسَى وَفي النّاسِ مَن يُمسِي وَيُصْبحُ عارِيَا

ولأبو العتاهية أيضاً:

لعَمْرُكَ، ما الدّنيا بدارِ بَقَاءِ كَفَاكَ بدارِ المَوْتِ دارَ فَنَاءِ

فلا تَعشَقِ الدّنْيا أُخيّ فإنّما يُرَى عاشِقُ الدُّنيَا بجُهْدِ بَلاَءِ

حَلاَوَتُهَا ممزَوجَةٌ بمرارةٍ ورَاحتُهَا ممزوجَةٌ بِعَناءِ

فَلا تَمشِ يَوْماً في ثِيابِ مَخيلَةٍ فإنَّكَ من طينٍ خلقتَ ومَاءِ

نصيحة البحتري لأخيه

أُخَيَّ مَتى خاصَمْتَ نَفَسكَ فاحْتَشِدْ لَها، ومَتَى حَدَّثْتَ نَفْسَكَ فاصْدُقِ

أَرى علَلَ الأَشياءِ شَتَّى، ولا أَرى التَّجَمُّعَ إِلاَّ عِلَّةً للتَّفَرُّق

أَرى العَيْشَ ظِلاًّ تُوشِكُ الشَّمْسُ نَقْلَهُ فَكِسْ في ابتِغاءِ العيْشِ كَيْسَكَ أَوْمُقِ

أَرى الدَّهْرَ غُولاً لِلنُّفُوسِ، وَإِنَّمَا بَقِي اللهُ في بعضِ المَواطِنِ مَنْ يَقِي

فَلا تُتْبعِ الماضِي سُؤَالك لِمْ مَضَى وعِّرجْ عَلَى الباقي فَسائلْهُ لِمْ بَقِي

حكمة أبو الهدى الصيادي

هوِّن عليكَ أخي فالأيامُ مهما استطالَ مطالُها أحلامُ

واصبر لغصَّتها فآيتها وإن ضاقتْ مدارٌ ما لديه دوامُ

كادتْ تشابه إبرة الفلك التي ثبتتْ ودارتْ حولها الأجرامُ

تجري لغايةِ مُستقرِ شمسِها فيحفُها عندَ العَمودِ ظلامُ

 

كما يستخدم لفظ الأخوَّة مفتاحاً للشكوى

ومن بين الرموز التي حملتها الأخوَّة في الشعر العربي وفي اللغة عموماً أنَّ لفظة الأخ تستخدم كمفتاح للشكوى أيضاً، حيث نجد الشعراء ينادون (أخي...) قبل أن يدخلوا في مناجاة طويلة عن سوء أحوالهم، كقول أسامة ابن المنقذ:

يا أخي الشاكي لما أشكوهُ والحَاملَ هَمِّي

ونسيب الود لا نسبة آباء وعمِّ

ظلمتني دولة العدلِ فمن يكشفُ ظلمي

ومتى يُحكم لي بالعدل والحاكمُ خصمي

أبو فراس الحمداني يشكو زمانه

أخي قدْ وهبتُ ذنبَ زمانٍ طَرَقَتْني صُرُوفُهُ بِالمَهَالِكْ

لمْ يهبْ لي صبابةً منْ رقادٍ لمْ يَجُدْ لي فيهَا بِطَيْفِ خَيَالِكْ

قَدْ قَنِعْنَا بِذَلِكَ النّزْرِ مِنْهُ وَغَفَرْنَا لَهُ الذّنُوبَ لِذَلِكْ

 

الأخوَّة الوطنية والقومية من أبرز استخدامات رمزية الأخوَّة

في سياق متصلٍ مع المعاني المذكورة سابقاً يتم استخدام رمز الأخوَّة للتعبير عن الأشخاص الذين يشتركون في الوطن نفسه أو في القومية نفسها أو حتَّى يجملون الأفكار نفسها.

وسنجد الكثير من الشواهد عندما نتتبع هذا الرمز في القصدة العربية، كقول الشاعر الفلسطيني معين بسيسو:

أخي في الكفاحِ... أخي في العذابْ...

أتسمع مثلي عواء الذئابْ

تفزّع أطفالنا النائمين وتنذر أحلامهم بالخرابْ

ويفتح أعينهم في الظلام دويّ الرصاص ولمع الحرابْ

وتخنق صرخاتهم كالنّجوم إذا خنقتها حبال السحابْ

ولكّنه سوف يأتي الصباح ويكسر أبواب هذا الضبابْ

نداء الشاعر علي محمود طه لأخوته في العروبة

أخي جاوز الظَّالمون المـدَى فحقَّ الجهادُ وحقَّ الفـِدَا

أنتركهمْ يَغْصِبُونَ العروبة مَجْدَ الأبوَّةِ والسُّــؤددا؟

وليسوا بغيرِ صليلِ السُّيـوفِ يجيبُون صوتاً لنا أو صدَى

فجرِّدْ حسامكَ من غمْـدهِ فليْس لـهُ بعدُ أنْ يُغْمَـدَا

أخي، أيُّها العربِيُّ الأبِيُّ أرَى اليوْمَ موْعِدنَا لا الغَـدَا

أخي، أقْبلَ الشَّرق في أُمَّــةٍ تردُّ الضَّلالَ وَتُحْيِي الهُـدَى

أَخِي، إِنَّ فِي القُدْسِ أختاً لنـا أعدَّ لها الذَّابِحُونَ المُــدَى

عبد الغني التميمي

أخي بالله أخبرني متى تغضب؟

إذا انتُهكت محارمنا... قد انتُهكتْ

إذا نُسفت معالمنا... لقد نُسفتْ

إذا قتلت شهامتنا... لقد قتلت

إذا دِيست كرامتنا ... لقد دِيستْ

إذا هُدمت مساجدنا ... لقد هُدمت

وظلتْ قُدسُنا تُغصب...... ولم تغضب ؟؟

فأخبرني متى تغضب !!

أغاني أفريقيا للشاعر محمد الفيتوري

يا أخي في الشَّرقِ في كلِّ سكنْ

يا أخي في الأرض في كلِّ وطنْ

أنا أدعوكَ فهل تعرفني؟ يا أخاً أعرفه رغم المحن

إنَّني مزقتُ أكفان الدُّجى... إنَّني هدمت جدران الوهن

لم أعد مقبرة تحكي البلى... لم أعد ساقية تبكي الدمن

لم أعد عبدَ قيودي

لم أعد عبدَ ماضٍ هرم... عبد وثن

(...)

يا أخي في كلِّ أرضٍ عريتْ مِن ضياها... وتغطتْ بدماها

يا أخي في كلِّ أرضٍ وجمتْ شفتاها واكفهرتْ مقلتاها

قُمْ تحرَّر من توابيت الأسى

ميخائيل نعيمة

فلا تهزجْ لمن سادوا ولا تشمتْ بِمَنْ دَانَا...

أخي! إنْ ضَجَّ بعدَ الحربِ غَرْبِيٌّ بأعمالِهْ... وقَدَّسَ ذِكْرَ مَنْ ماتوا وعَظَّمَ بَطْشَ أبطالِهْ

بل اركعْ صامتاً مثلي بقلبٍ خاشِعٍ دامٍ... لنبكي حَظَّ موتانا

***

أخي ! إنْ عادَ بعدَ الحربِ جُنديٌّ لأوطانِهْ... وألقى جسمَهُ المنهوكَ في أحضانِ خِلاّنِهْ

فلا تطلبْ إذا ما عُدْتَ للأوطانِ خلاّنَا

لأنَّ الجوعَ لم يتركْ لنا صَحْبَاً نناجيهم سوى أشْبَاح مَوْتَانا

***

أخي ! إنْ عادَ يحرث أرضَهُ الفَلاّحُ أو يزرَعْ... ويبني بعدَ طُولِ الهَجْرِ كُوخَاً هَدَّهُ المِدْفَعْ

فقد جَفَّتْ سَوَاقِينا وَهَدَّ الذّلُّ مَأْوَانا

ولم يتركْ لنا الأعداءُ غَرْسَاً في أراضِينا سوى أجْيَاف مَوْتَانا

***

أخي! قد تَمَّ ما لو لم نَشَأْهُ نَحْنُ مَا تَمَّ... وقد عَمَّ البلاءُ ولو أَرَدْنَا نَحْنُ مَا عَمَّ

فلا تندبْ فأُذْن الغيرِ لا تُصْغِي لِشَكْوَانَا

بل اتبعني لنحفر خندقاً بالرفْشِ والمِعْوَل نواري فيه مَوْتَانَا

***

أخي ! مَنْ نحنُ ؟ لا وَطَنٌ ولا أَهْلٌ ولا جَارُ... إذا نِمْنَا، إذا قُمْنَا رِدَانَا الخِزْيُ والعَارُ

لقد خَمَّتْ بنا الدنيا كما خَمَّتْ بِمَوْتَانَا

فهات الرّفْشَ وأتبعني لنحفر خندقاً آخَر نُوَارِي فيه أَحَيَانَا.

ختاماً.... كما رأينا؛ استخدم الشعراء رمزية الأخوَّة بمعانيها المختلفة، وما تزال هناك الكثير من الأبيات المشهورة كالتي رثا فيها الزير سالم أخاه كليباً على سبيل المثال.

كما قام الشاعر المصري أمل دنقل بأخذ القصة وإعادة تكوينها من جديد وأبرز فيها أبعاداً أكثر عمقاً لمعنى الأخوة؛ فيقول أمل دنقل:

لا تصالح على الدَّم حتَّى بدم!

لا تصالح... ولو قيل رأس برأسٍ

أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟

أقلب الغريب كقلب أخيك؟!

أعيناه عينا أخيك؟!

وهل تتساوى يدٌ سيفها كان لك

بيدٍ سيفها أثْكَلك؟

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة