عنترة بن شداد شاعر الحب والحرب

  • تاريخ النشر: الإثنين، 20 يوليو 2020 آخر تحديث: الأربعاء، 15 سبتمبر 2021
عنترة بن شداد شاعر الحب والحرب

أثْنِي عليَّ بما علمتِ فإنني    **    سَمْحٌ مخالطتي إذا لم أُظْلَمِ

نعم، نُثني عليك ياعنترة، فربما نذكر امرأ القيس مع الشعر، ونذكر مجنون ليلى مع الحب، ونذكر طرفة بن العبد مع العزة والشموخ، لكننا إذا أردنا أن نجمع كل تلك الصفات في عملاق واحد، فإننا سنذكر عنترة بن شداد، ومَن كعنترة؟! تعالوا نقترب من هذا الشاعر المقرَّب، ونعرف أكثر عن حياته وفروسيته وشعره!

نسبه ومولده

  • هو عنترة بن عمرو بن شداد بن معاوية بن قراد بن مخزوم بن ربيعة بن عوذ بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مضر.
  • ولد عنترة بن شداد في نجد في شبه الجزيرة العربية، وكان والده شداد العبسي محاربا مغوارا وفارسا شجاعا، وكانت والدته امرأة حبشية تدعى زبيبة، وكانت أميرة أسيرة من قبل والده خلال إحدى غارات قبيلة عبس على إحدى القبائل الأخرى.

عنترة بن شداد مسلسل

  • يصف هذا المسلسل حياة عنترة بن شداد ومعاناته مع العبودية، ويوضح المسلسل أن عنترة كان يسمي بـ"الغراب العربي" بسبب بشرته الداكنة، كما يحكي المسلسل عن العذاب الذي تلقاه عنترة من والده من صغره؛ حيث أن والده لم يعترف به ابنا له ولكن أذاقه مرارة العبودية، وجعله عبدا.
  • وفي المسلسل نشأ عنترة عبدا في قومة وكان سيده أبوه، ولم يكن والده رحيما به قط بل كان يذيقه مرارة العيش، وكذلك كانت سمية زوجة أبيه أيضا، فقد كانت تكرهه ولا ترحمه أبدا؛ حتى أنها من كرهها له حرضت أباه عليه ذات مرة، فضربه والده ضربا مبرحا بالسيف والعصا وكاد عنترة يلقى حتفه.
  • وعن حياته في العبودية وقسوة والده وزوجته عليه يقول عنترة:

أمــن سميـــة دمــع العيــن تذريــف    **    لـــو أن ذا منــــك قبـــل اليـــوم معـــروفُ

كأنهــا يــــوم صــــدت مـــا تكلمنــــي    **    ظبي بعسفان ساجي الطرف مطـروفُ

تجللتنــي إذ أهــــوى العصــا قبلـــي    **    كأنهـــــــا صنــــــــم يعــتـــــــاد معــكــــــوفُ

المــــال مـالكــــم والعبـــــد عبـدكــــم    **    فهــل عذابــــك عنـــي اليـــــوم مصـــروفُ

تنســى بلائــي إذا مـا غـــارة لقحـــت    **    تخرمـــنــهــــا الطـــوالات الســـراعـــيــــــفُ

يخرجــن منهــا وقـد بلــت رحــــائلهـــا    **    بالـــمـــاء يركضهـــا المـــــرد الغطــــــاريفُ

قد أطعنُ الطعنة النجلاء عن عرض    **    تصــــفــــر كــف أخيــهــــا وهـــــو منــــزوفُ

لا شك للمـــرء أن الـدهــر ذو خلـــف     **    فيــــــه تـفـــــرق ذو إلـــــف ومـــــــــألــــوفُ

فخر عنترة بن شداد بنفسه

  • حصل عنترة على الاهتمام والاحترام لنفسه من خلال صفاته الرائعة وشجاعته في المعركة، متفوقا كشاعر بارع ومحارب عظيم، وكان دائم الفخر بنفسه في كلامه وأشعاره، وله قصائد عديدة يمدح فيها نفسه ويفخر فيها بفروسيته.
  • وكان أكثر ما يفخر به عنترة بن شداد هو تحرره من العبودية؛ فلما غزت قبيلة طيّئ أراضي قبيلة عبس، شارك عنترة مع المدافعين لا المهاجمين؛ لأنه كان غاضبا من قومه لما سلبوه حقه في الغنائم بعدما غزوا قبيلة طيئ من قبل.
  • ولما أوشكت قبيلة طيئ أن تهزم عبسا، طلب منه والده وسيده أن يقاتل مع المحاربين، ولكن عنترة رد عليه قائلا: "العبد لا يعرف الكرّ والفرّ، ولكنه يعرف الحلب والصرّ" أي أن العبد لا يعرف الحرب وفنونها، لكنه فقط يعرف الاعتناء بالناقة والأغنام. فأخبره والده أنه حر إذا دافع عن قبيلته، فقام عنترة وقاتل مع قومه بشجاعة بالغة.
  • وبعد أن انتصرت قبيلة عبس في معركتها مع قبيلة طيئ، تحرر عنترة من قيود العبودية وأصبح حرا بل وسيدا في قومه، لما أبداه من شجاعة بالغة في محاربته قبيلة طيئ مع قومه، وقد كان عنترة سببا في هزيمة طيئ بعد أن فقد أبناء قبيلته الأمل في انتصارهم في تلك المعركة.

عنترة وعبلة شعر

  • لما كبر عنترة وقع في حب ابنة عمه عبلة، وكتب لها القصائد التي كانت سببا في تميزه بين الشعراء، ولكنه لم يكن يأمل في أن يتزوجها بسبب عبوديته.
  • بعد هزيمة الغزاة من أبناء قبيلة طيئ، وتحرره من العبوية، سعى عنترة للحصول على إذن للزواج من ابنة عمه عبلة التي كان يحبها حبا جما.
  • كان على عنترة أن يواجه تحديات صعبة للحصول على موافقة عمه على الزواج، وكان أصعبها أن عمه طلب أن يكون المهر 1000 ناقة من نوع خاص من الإبل يدعى "عصافير النعمان"، ويوجد في الجزء الشمالي من شبه الجزيرة العربية.
  • سافر عنترة للحصول على عصافير النعمان حتى يتزوج بعبلة، ولقي أهوالا في سبيله لذلك حتى أنه وقع في الأسر، ولكنه عاد إلى قبيلته ومعه الألف ناقة مهر عبلة، ورغم ذلك لم يوافق عمه على الزواج.
  • وبعدما زاد إلحاح عنترة على عمه ليزوجه عبلة، قام عمه بعرضها على فرسان القبائل على أن يتزوجها من يقتل عنترة. ولم يعرف المؤرخون حتى الآن كيف انتهت قصة عنترة وعبلة، وهل تزوجها أم لا، ولكن حكاية عنترة وعبلة الآن تعتمد فقط على بعض الفرضيات.
  • كما تقول بعض الروايات أنهما تزوجا بعد عناء شديد ولكن عبلة لم تنجب من عنترة، مما دفعه للزواج بغيرها عدة مرات حتى يقال أنه تزوج ثماني نساء غيرها، ولكنه دائما ما كان يعود إليها.
  • وفي أحد أشعاره في حب ابنة عمه يقول عنترة:

يا عَبــلُ إِنَّ هَــواكِ قَد جــازَ المَــدى    **    وَأَنا المُعَنّى فيكِ مِـن دونِ الوَرى

يا عَبلُ حُبُّكِ في عِظامي مَع دَمي    **    لَمّا جَرَت روحي بِجِسمي قَد جَرى

وَلَقَد عَلِقــتِ بِذَيــلِ مَن فَخَــرَت بِـهِ    **    عَبــسٌ وَسَيــفُ أَبيــهِ أَفنــى حِميَرا

يا شَـــأسُ جِرنـي مِن غَــــرامٍ قاتِــــلٍ    **    أَبَــداً أَزيــــدُ بِــــهِ غَرامــــاً مُسعَــــرا

معلقة عنترة بن شداد

  • كان لعنترة بن شداد معلقة ضمن المعلقات العشر التي كانت معلقة على أسوار الكعبة، ويوضح شعر عنترة الذي كان في تلك المعلقة أنه لم يكن فقط العاشق الولهان، ولكنه كان أيضا الفارس المقدام الذي لا يخاف شيئا؛ فلا تذكر الشجاعة والفروسية إلا ذكر عنترة بن شداد، وشجاعته وحدها هي التي حررته من قيود العبودية وجعلته حرا طليقا، ولعل فروسيته أيضا هي التي جعلته بعد عناء طويل يظفر بمعشوقته عبلة.
  • لقد كان عنترة فارسا مغوارا يخشاه جميع الفرسان في زمانه، وشارك في جميع الحروب والمعاك التي قادتها قبيلته عبس، ولم يعرف الاستسلام أو الخوف أبدا، بل كان دائما في صفوف المحاربين الأمامية يقطع  بسيفه رؤوس الأعداء.
  • بالإضافة إلى كونه فارسا شجاعا مقداما، فقد كان عنترة أيضا جوادا كريما يتحلي بمكارم الأخلاق، وكان يعين جميع أبناء قومه على تجاوز الشدائد، وكان حاضرا في أي وقت لنصرة المظلوم والبطش بالظالم.

وفي فخره بفروسيته يقول عنترة:

إذا خصمــي تقــاضــاني بـديــنٍ    **    قَضيْـــتُ الدَّيــنَ بالرُّمح الرُّدينِي

وحــدُّ السَّيـــفِ يُرضينــتا جميعاً    **    ويحكــــمُ بينكـــم عــــدلاً وبينـــي

جَهلْتُــم يا بنـــي الأَنذَالِ قـــدري    **    وقــــد عرفتــــه أهــــلُ الخافقيـنِ

وما هدمتْ يــدُ الحِدْثانِ ركْنــي    **    ولا امتَدَّتْ إلــيَّ بَنــــانُ حَيْنِـــــي

علَوْتُ بصارمي وسِنانِ رُمحـي    **    على أُفْق الــسُهــى والفَرْقَدَيـنِ

وغــادرت المبــارزَ وســطَ قفـــرٍ    **    يُعَــفِّـــــرُ خـــــدَّهُ والعـــــارِضَيْــــنِ

وكم منْ فارسٍ أَضْحى بسْيفي    **    هشيمَ الرَّأس مخضوب اليدينِ

يحـومُ عليـــهِ عقبـــانُ المنـــايــــا    **    وتحجـــلُ حولـــهُ غــربــــانُ بيــــنِ

وآخــرُ هـاربٌ من هول شخصي    **    وقــد أجـــرى دمــــوع المقلتيـــنِ

وســوْفَ أُبيــدُ جمْعَكُــمُ بِصَبْري    **    ويطفـــا لاعجـــي وتقـــرُّ عينِــى

قصة موت عنترة بن شداد

  • لم يتفق المؤرخون على تاريخ وفاة عنترة، فيقال أنه مات في عام 615 بعد الميلاد، ويقال في عام 608، وبعض الروايات تقول أنه مات في عام 600 ميلاديا.
  • كما أن هناك روايات مختلفة عن سبب وفاته، والراجح منها رواية أن عنترة مات بسبب سهم أصابه به أحد فرسان قبيلة طيئ ويدعى ابن سلمي، وكان ذلك في حرب بين عبس وطيئ. ورجع عنترة إلى قومه وهو جريح يردد:

وإنّ ابن سلمى عنده فاعلموا دمي    **    وهيهات لا يُرجى ابن سلمى ولا دمِي

يحلّ بأكنــــاف الشــعــاب وينتــمـــي    **    مكــــــان الثريّــــا ليـــــــس بالمتهضّــــــمِ

رمـــاني ولم يدهــش بــأزرق لهــــذمٍ    **    عشيّــة حلّـــوا بيــــن نعـــــفٍ ومخــــــــرمِ

المصادر:

1.المقال: عنترة بن شداد وعبلة. منشور على موقع bio.

2.المقال: الشاعر الفارس عنترة بن شداد. منشور على موقع alqiyady.

3.المقال: حياة عنترة بن شداد. منشور على موقع wikipedia.