محاولات رائدة لرقمنة التعازي على الانترنت. هل تنجح؟

  • ومضةبواسطة: ومضة تاريخ النشر: الأربعاء، 03 سبتمبر 2014 آخر تحديث: الأحد، 06 فبراير 2022
محاولات رائدة لرقمنة التعازي على الانترنت. هل تنجح؟

في وقت باتت فيه الرقميات لغة العصر، فُرض على كثير من قطاعات المنطقة التحول إلى الشبكة العنكبوتية، حتى التعازي منها!

في واقع الأمر، الفكرة ليست صناعة عربية، إنما هي استيراد غربي صرف. نرى في هذا الصدد تجارب متعددة تضمنت تطبيقًا على "فيسبوك"، ظهر منذ نحو عام، باسم "سانكتري" Sanctri، ليوفر خدمة إنشاء صفحة تذكارية للمتوفين وتخليد ذكراهم. بالإضافة إلى مواقع إلكترونية على نهج "ماتش لوفد" MuchLoved، لتكريم الراحلين.

كما بدأت موجة من مواقع غربية توفر خدمة حضور الجنازة الكترونيًا، وصلت ذروتها منذ نحو عاميٌن، متمثلة في "أونلاين فيونرال" Online-Funeral، و"فيونرال وان" FuneralOne، والكثير غيرها.

ورغم ما حققته تلك الموجة من نجاح في بلادها، إلا أنه من غير المرجح قبولها في العالم العربي الإسلامي، والذي يحرص (بدافع التعاليم الدينية) على حضور الصلاة على المتوفى، وهي شعائر لا يجوز رقمنتها على أي حال.

في الوقت ذاته، لا يمنع الأمر من إستيراد ما يتماشى مع التقاليد العربية والإسلامية من أفكار، ولاسيما أن هناك حاجة ملموسة لتلك المعالجات الرقمية للنعايا والمشاطرات، التي تختصر على المستخدمين وقتًا وجهدًا وأموالًا  طائلة.

بالنظر الى المشهد في مصر، تكلفة نشر النعي بالصحف المطبوعة، ولاسيما المرموق منها، مرتفعة. هذا ما دفع رواد أعمال مصريون إلى طرح خدمات إلكترونية ليسحبوا البساط من تحت أقدام تلك الصحف، ومن ثم يطرحوا حلولًا  أقل كلفة وأيسر استخداماً.

"الأمر ليس سهلًا على الإطلاق، وإقناع المستخدمين بنشر نعي وفياتهم على الإنترنت والإستغناء عن الصحيفة المطبوعة يصل إلى حد المستحيلات في بعض الأحيان، هذا ما دفعنا لاعتماد نموذج يتيح لنا القيام بدور الوساطة بين المستخدم والصحف المطبوعة، يما يتيح التمتع بمزايا النشر على الجبهتيٌن، بالاضافة الى دليل إلكتروني متكامل يتضمن أرقام وعناوين المساجد ومكاتب الصحة ودور المناسبات وإجراءات استخراج الأوراق الرسمية في هذا الصدد،" قال يوسف السماع، مؤسس منصة "الوفيات" Elwafeyat، والتي تعُرف نفسها بأنها شبكة تواصل إجتماعي متخصصة في "تكريم الأحبّاء وتخليد ذكراهم".

لتوسيع شريحة العملاء، نجح السماع وشركاؤه الخمسة في ابرام اتفاقية مع جريدة "المصري اليوم"، لنشر نعايا ومشاطرات عملاء الموقع على صفحة الوفيات بالجريدة مقابل تخفيض 200 جنيه، علمًا أن النشر يتكلف في حدود 1000 جنيه (حوالي 130 دولارًا) إذا ما توجه العميل إلى الجريدة مباشرة.

ولزيادة عدد الزيارات، خصصت منصة "الوفيات" صفحة لتخليد ذكرى الفنانين الراحلين بكتابة نُبذة عن حياتهم، ونشر صور لهم.

كما ويقوم مدخلي بيانات بتحديث أخبار الوفيات كل 24 ساعة نقلًا  عن الصحف، لتصل بريد العملاء المسجلين الالكتروني في شكل نشرات بريدية.

أما فيما يتعلق بالخدمات الإضافية على "الوفيات"، والتي طرحها المؤسسون في إطار مساعيهم لاستقطاب مزيد من العملاء، وتحقيق هامش ربحي بسيط، تتيح منصة "الوفيات" طلب طباعة مصاحف وبطاقات أدعية (لتوزعيها على سبيل الصدقة على روح المتوفى)، وذلك عن طريق رقم الهاتف الموجود على الموقع.

ومن الرواد إلى الرواد، أتاح القائمون على "الوفيات"، خدمات الحجز بالمساجد ودور المناسبات ومساحة للإعلان عن حالة الوفاة على صفحات الجرائد، وذلك بالتعاون مع فريق شركة "انجز" Ingez، المتخصصة في خدمات التوصيل والاستلام.

ولجني العوائد، اتخذ "الوفيات" أحد اشكال التجارة الإلكترونية، إذ يعتمد المؤسسون على رسوم يطلبها الموقع آليًا من المستخدم، إذا ما حاول نشر نعي لأحد معارفه أو أقاربه، ويمكنه الدفع عن طريق بطاقة الإئتمان، أو من خلال خدمة "فوري" Fawry لدفع الفواتير، أو بنظام "الدفع عند الإستلام"، وهو النظام الأكثر شيوعًا حتى الآن، بحسب السماع.

تشمل الرسوم، التي رفض السماع تحديدها مكتفيًا بتوضيح أنها تختلف من حيث عدد البنود المطلوبة، النشر في إحدى صفحات الوفيات بالصحف المطبوعة، حسب طلب العميل. وأوضح السبب وراء ذلك قائلًا: "حتى الآن جميع من تعاملوا معنا تقريبا طلبوا الاستفادة من خدمات النشر على "الأهرام" أو "المصري اليوم"، مع الاستفادة من خدمة النشر على الموقع، لمشاركة خبر الوفاة على صفحات فيسبوك، فيما طلب منا آخرون أن نقوم بدور الوسيط لحجز مكان لهم على صفحات الوفيات بالصحف، أو حجز قاعة بدار مناسبات لإقامة فعاليات العزاء، غير أننا لم نقابل عميلًا  واحدًا طلب النشر على المنصة والإستغناء عن الصحيفة".

تلك الحقائق لم تكن دافعًا لتغيير المسار، حيث قال السماع: "نحن مستمرون في آلية العمل لدينا لحين تحقيق الإنتشار المأمول، مستندين في ذلك إلى استثمار بحريني من شركة "فواز القصيبي القابضة" Fawaz AlGosaibi Holding W.L.L، بقيمة 50 ألف دولار،  بالإضافة إلى استثمار آخر مازال حبرًا على ورق من شبكة الإستثمار المغامر "كايرو انجيلز" Cairo Angels بقيمة 100 ألف دولار، وهي مبالغ ستسهم بالطبع في تكثيف الحملات التسويقية لنا على الشبكة ومنصات التواصل الإجتماعي، بهدف توسيع قاعدة العملاء ونشر الفكرة تدريجيً،ا" يقول السماع.

تأتي تلك الخطوات حيال الاستثمار من "الوفيات"، عقب تخرجهم من مسرعة الأعمال "فلات6لابز" Flat6Labs، والتي منحت "الوفيات" مبلغ تمويل (10 آلاف دولار)، ساعد المؤسسين في تطوير الموقع ووضع حجر الأساس للشركة.

وفي الإطار ذاته، نرى تجربة مختلفة قامت بها "لوحة الوفيات" Deadboard، وهي لوحة وفاة تكريمية لكل شخصية راحلة، والتي تحظى بأكثر من 30 ألف معجب على صفحة "فيسبوك"، رغم أن الموقع يعيبه سوء المتابعة بالتحديثات، فالمنشور الأخير بتاريخ شباط/فبراير 2014.

علق وسام يوسف مؤسس "لوحة الوفيات" على ذلك قائلًا: "بدأنا لوحة الوفيات منذ حوالي عام، غير أننا لم نتمكن من تحقيق عنصر الإستدامة بسبب نقص التمويل، لاسيما أن خدمة النشر كانت مجانية، فقررت أنا وشركائي الاكتفاء بتحديثات الموقع من المنزل، ومتابعة فيسبوك بنشر الوفيات ضمن فئة المشاهير، ولكني أبحث الآن عن استثمار مغامر أعود من خلاله لإحياء الموقع، وتغيير نموذج العمل، الذي بالفعل حقق انتشارًا ملموسًا بين مستخدمي الشبكة في مصر، خاصة أثناء أحداث الثورة التي شهدت حالات وفاة متعددة بين المدنيين وأبناء الشرطة، وقد حرصنا على تكريمهم من خلال نشر نعاياهم على منصتنا".

بين تجربة لم تكتمل وتجربة تقاوم التحديات، تسعى فكرة رقمنة النعايا والتعازي أن تجد لها موقعًا تحت الشمس. فهل لنا أن نتوقع النجاح لهذا التوجه في مصر ومنها إلى المنطقة؟