الإيمان بالخرافات.. محاولة بشرية لجلب الحظ

  • Qallwdallbronzeبواسطة: Qallwdall تاريخ النشر: الأربعاء، 24 فبراير 2021 آخر تحديث: الأحد، 31 أكتوبر 2021
الإيمان بالخرافات.. محاولة بشرية لجلب الحظ

عقب كل التطور الحضاري الذي وصل إليه العالم ما زال هنالك البعض منّا ممن يؤمنون بمعتقدات خرافية، وبغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا مع مضمون ما ينعت بالخرافات أحيانًا، فالأكيد أن هنالك عددا لا بأس به من البشر يؤمنون بها، أيا ما كان مستواهم الاجتماعي، الثقافي وحتى الاقتصادي.

في العام 2003، تم تشخيص إصابة «ستيف جوبز»، مؤسس شركة «أبل» للأجهزة الإلكترونية، بورم سرطاني نادر بالبنكرياس.

البديهي وبالنظر لوضع جوبز، كان أن يتم علاجه بأحدث مستشفيات العالم، تحت إشراف أفضل الأطباء، باستخدام آخر ما توّصل إليه العلم من أبحاث ودراسات حول ذلك المرض النادر، لكن الحقيقة أن ذلك لم يحدث.

قرر جوبز عوضا عن ذلك وفي قرار مفاجئ أن يلجأ لما يعرف بالـ«طب البديل»، الذي لا يعترف بالعلاجات الكلاسيكية والتدخلات الجراحية، بل يتم استخدام آليات أخرى مثل الوخز بالإبر الصينية، تناول بعض الأعشاب النادرة وأحيانًا استخدام حمية غذائية خاصة.

على العموم، استسلم جوبز بعد حوالي 9 أشهر من العلاج البديل لحقيقة ضرورة إجراء عملية جراحية لاستئصال الورم، لكن المشكلة أن حالة جوبز كانت قد تدهورت بالفعل، ولم يشفع له التدخل الجراحي، ليصارع المرض حوالي 7 سنوات كاملة، ويفارق الحياة بالعام 2011 عن عمر ناهز الـ56.

الإيمان بالخرافات

تعرف موسوعة «ويكيبيديا» الخرافات بالمعتقد أو الممارسة التي يمارسها البعض بدافع الإنكار، أو سوء فهم العلم، أو كإيمان بالحظ، السحر وكل ما لا يمكن للبشر التدخُل لمنعه.

«لا يجب أن تسير تحت سلم قائم، لا تكسر مرآة، لا تنظر إلى قطة سوداء، تجنّب الرقم 13″.

بشكل أو آخر يؤمن البعض بأن القائمة أعلاه تضم بعض الأشياء التي تجلب سوء الحظ، وحقيقةً لا نعلم من أين يمكننا الحصول على أصل كل قصة منها على حدة، لكن بالتأكيد أنه قد سبق وأن أنذرك أحدهم بألا تقترف مثل تلك الأفعال بيوم من الأيام دون أي تفسير واضح.

هذا ليس كل شيء، فهنالك قوائم مشابهة من «الخرافات» التي تؤكد حتمية حدوث أشياء جيدة بحياتك ‑بلا تفسير أيضًا- مثلا إذا ما سقطت القهوة على ملابسك، أو إذا شعرت بالحكة بيدك اليمنى، فحسب بعض الخرافات يعني ذلك بأن الأموال في طريقها إليك دون شك.

البحث عن الحظ

إذن وبشكل ما، يبحث البشر جميعًا عن جلب الحظ السعيد لجانبهم، وبالتالي تجنُّب كل ما قد يجذب سوء الطالع. لكن المشكلة الحقيقية من وجهة نظر العلم هي أن تعريف الحظ نفسه، يخرج القدرة البشرية عن دائرة التأثير عليه، فبغض النظر عن هذه المحاولات الحثيثة، لن يستطيع الإنسان جلب أو إبعاد الحظ (الجيد أو السيئ) عنه، فما الحظ سوى: الأشياء التي تحدث للإنسان دون تدخل مباشر منه.

نعم.. هنالك ما يمكننا كبشر التأثير عليه، وهو ما يعرف بالـ«Constitutional Luck» والذي لا يمكن فعلا للبشر التأثير عليه مثل محل ميلاد الإنسان واسمه وحتى تاريخ ميلاده، ولكن هذه هي نصف الحقيقة، وربما تبدأ المشكلة من هنا، فهنالك ما يمكننا تسميته بالـ«Circumstantial luck» وهو زيادة فرص حصولك على الحظ الجيد إذا ما قمت بفعل أشياء بعينها في ظروف معينة، مثل توخي الحذر أثناء جائحة ما، فذلك يعني زيادة احتمالية نجاتك دون إصابة، أو مثلا حصولك على دورات تدريبية في مجال عملك، ما يعني أنك قد تمتلك فرصة جيدة في الحصول على وظيفة مرموقة بالمجتمع.

الحقيقة

«صدق أو لا تصدق، الضغط يجعل البشر أكثر عرضة لتصديق الخرافات».

البشر منذ بدء الخلق يبحثون باستماتة عن إيجاد تفسير منطقي لخيبات الأمل التي يتعرضون لها، فإذا أصبحت ‑رغما عنك- أحد المؤمنين بالخرافات، سيمنحك ذلك مخرجًا لتجنب الشعور بالذنب إذا ما اقترفت خطأ ضخمًا، وبما أن البشر لا يمكن دراسة ردات فعلهم بشكل دقيق، فربما لا يتوقف الأمر عند تبرير السقطات، بل أحيانا وفي خضم البحث عن أسباب أي فشل، يلجأ الإنسان للتصديق بنظريات مؤامرة الكوكب بأسره عليه كي يفشل، بشكل يجعله يرى أشياءً لا يراها أي شخص سواه.

الإيمان بالخرافات نابع من رغبة الإنسان في السيطرة كليا على حياته، وهو ما لم ولن يحدث شاء أم أبى، لذا قد يجد البعض في تصديق الخرافات منطقة راحة مثالية، لكن الأكيد أنه في نهاية المطاف سيصطدم بالحقيقة، وهي أن بعض الأشياء في هذا العالم لا يمكن التحكم بها، بعض الأشياء تظل محكومة بالقدر، القدر وحسب.

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة