بعد عام هو الأسوأ منذ سنوات… ماذا ينتظر الدولار في 2026؟

انهيار الدولار الأمريكي 2025: خسائر تاريخية وتوقعات بمزيد من التراجع في 2026

  • تاريخ النشر: منذ 10 ساعات زمن القراءة: 5 دقائق قراءة
بعد عام هو الأسوأ منذ سنوات… ماذا ينتظر الدولار في 2026؟

في تطور لافت يهز أسواق العملات العالمية، اختتم الدولار الأمريكي عام 2025 بخسائر فادحة بلغت 9% مقابل سلة العملات الرئيسية، ليسجل بذلك أسوأ أداء سنوي له منذ ثمانية أعوام. 

هذا الانخفاض الحاد يضع العملة الخضراء تحت مجهر المستثمرين والمحللين الذين يتوقعون استمرار موجة التراجع خلال العام المقبل.

لماذا انهار الدولار في 2025؟

وفقا لتقرير نشر على وكالة رويترز، فقد كان هناك عدة عوامل أدت إلى تراجع قيمة الدولار الأمريكي بشكل غير مسبوق.

 وجاء في مقدمة هذه العوامل قرارات الاحتياطي الفيدرالي المتتالية بخفض أسعار الفائدة، مما جعل الأصول المقومة بالدولار أقل جاذبية للمستثمرين الباحثين عن عوائد أعلى. 

كما ساهم تقلص فجوة الفائدة بين الولايات المتحدة والاقتصادات الكبرى الأخرى في إضعاف أحد أهم مصادر قوة الدولار التي استمرت لسنوات. 

وتزايدت المخاوف بشأن العجز في الموازنة الأمريكية وتداعياته على الاستقرار المالي طويل المدى، بينما ساهمت الاضطرابات السياسية والإغلاق الحكومي في زعزعة ثقة المستثمرين بالاقتصاد الأمريكي.

هل الدولار لا يزال مبالغاً في قيمته؟

رغم التراجع الكبير، يؤكد الخبراء أن تقييم الدولار الأمريكي لا يزال مرتفعاً، فيقول كارل شاموتا، كبير استراتيجيي السوق في كوربي: "الواقع أننا لا نزال نمتلك دولاراً مبالغاً في قيمته من الناحية الأساسية". 

وتدعم الأرقام هذا التقييم، حيث أظهرت بيانات بنك التسويات الدولية أن سعر الصرف الفعلي الحقيقي للدولار بلغ 108.7 في أكتوبر، منخفضاً بشكل طفيف فقط من المستوى القياسي 115.1 المسجل في يناير.

بينما ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 2% من أدنى مستوياته في سبتمبر، هذه الأرقام تشير إلى أن التراجع الأخير قد يكون مجرد بداية لتصحيح أوسع نطاقاً.

توقعات 2026: موجة تراجع جديدة في الأفق

كما أظهر استطلاع رويترز الذي أجري بين 28 نوفمبر و3 ديسمبر أن خبراء العملات حافظوا على توقعاتهم بمزيد من ضعف الدولار في 2026، رغم التعافي النسبي الأخير.

ويتفق المحللون على أن ثلاثة عوامل رئيسية ستواصل الضغط على العملة الأمريكية خلال العام المقبل.

يتوقع المحللون أن تشهد الاقتصادات العالمية نمواً أقوى يقلص التفوق الأمريكي، حيث تستعد ألمانيا لإطلاق برامج تحفيز مالي ضخمة، بينما تواصل الصين تقديم الدعم الحكومي الواسع لاقتصادها، فيما تسجل منطقة اليورو تحسناً ملحوظاً في مؤشرات النمو. 

يعلق أنوجيت ساريين، مدير المحفظة في براندواين غلوبال: "الفارق الحقيقي أن بقية العالم ستنمو بوتيرة أسرع العام القادم". 

ويضيف باريش أوبادهيايا، مدير استراتيجية الدخل الثابت والعملات في أموندي: "عندما يتحسن أداء بقية العالم اقتصادياً، يصبح استمرار ضعف الدولار أمراً طبيعياً".

تغيير قيادة الاحتياطي الفيدرالي يعزز التوقعات التيسيرية

مع استعداد جيروم باول للتنحي، تتجه الأنظار نحو رئيس الفيدرالي الجديد الذي سيعينه الرئيس ترامب.

المرشحون الرئيسيون، ومن بينهم كيفن هاسيت مستشار البيت الأبيض الاقتصادي، وكيفن وورش المحافظ السابق للفيدرالي، وكريس والر المحافظ الحالي، معروفون بتأييدهم لخفض أسعار الفائدة. 

هذا التغيير المرتقب قد يعني سياسة نقدية أكثر تيسيراً تضعف الدولار أكثر، خاصة في ظل ضغوط الرئيس ترامب المستمرة من أجل خفض أسعار الفائدة.

تباين سياسات البنوك المركزية يعمق الفجوة

بينما يستعد الفيدرالي لمزيد من التخفيضات، تتجه البنوك المركزية الأوروبية نحو اتجاه مغاير تماماً، فقد أبقى البنك المركزي الأوروبي على أسعار الفائدة ثابتة في اجتماع ديسمبر، مع توقعات بتثبيت الفائدة في 2026، بل إن احتمالات رفع الفائدة لم تُستبعد بالكامل. 

وقد راجع البنك المركزي الأوروبي تصاعدياً توقعاته للنمو والتضخم، مما يعكس تحسن الأوضاع الاقتصادية في منطقة اليورو.

يقول إريك ميرليس، الرئيس المشارك للأسواق العالمية في سيتيزنز بنك: "رغم توقعات السوق بإجراءات محدودة من الفيدرالي، نرى اتجاهاً نحو نمو أضعف وتوظيف أقل"، معلناً اتخاذه موقفاً بيعياً على الدولار مقابل عملات مجموعة العشر.

تأثيرات انخفاض الدولار على الأسواق العالمية

يعزز ضعف الدولار أرباح الشركات الأمريكية متعددة الجنسيات من خلال زيادة قيمة الإيرادات الخارجية عند تحويلها إلى الدولار، مما يحسن الأرباح المعلنة بشكل ملموس.

كما يستفيد المصدرون الأمريكيون من تعزيز قدرتهم التنافسية في الأسواق العالمية وزيادة الطلب على المنتجات الأمريكية بفضل انخفاض أسعارها النسبية.

يحصل المستثمرون في الأسواق الناشئة على دفعة إضافية من فروقات العملة تتجاوز أداء الأصول الأساسية، مما يعزز جاذبية الأصول الدولية ويحفز تدفقات رأس المال نحو الأسواق الخارجية. 

هذا التحول في تدفقات الاستثمار يعكس إعادة توازن عالمية في توزيع رؤوس الأموال بعيداً عن الهيمنة التقليدية للأصول الأمريكية.

على الجانب الآخر، يواجه المستوردون الأمريكيون ارتفاعاً في تكاليف السلع المستوردة، مما قد يساهم في ضغوط تضخمية جديدة.

كما يتحمل حاملو السندات الأمريكية الأجانب خسائر عند تحويل عوائدهم إلى عملاتهم المحلية، فيما تواجه الدول المرتبطة عملاتها بالدولار تحديات في الحفاظ على استقرار أسعار صرفها.

هل ينتعش الدولار قريباً؟ سيناريوهات محتملة

رغم التوقعات السلبية السائدة، يحذر المحللون من إمكانية حدوث انتعاش قصير المدى مدفوعاً بعدة عوامل. يأتي في مقدمتها استمرار طفرة الذكاء الاصطناعي وتدفقات رأس المال المرتبطة بها نحو الأسهم الأمريكية التقنية. 

كما قد توفر إعادة فتح الحكومة بعد الإغلاق، إلى جانب تطبيق التخفيضات الضريبية الجديدة، دفعة نمو في الربع الأول من 2026.
 ويحذر جاك هير، المحلل الاستثماري في غايدستون فاندز: "أي ضعف في النمو الأمريكي العام المقبل قد يضر الأسواق بشكل عام، وسيؤثر بالتأكيد على الدولار"، رغم أنه لا يتوقع انخفاضاً كبيراً إضافياً كسيناريو أساسي لعام 2026. 

استراتيجيات الاستثمار في ظل ضعف الدولار

يتجه المستثمرون الأذكياء نحو زيادة تعرضهم للأسواق الأوروبية والآسيوية للاستفادة من النمو المتوقع في هذه المناطق، مع التركيز على الشركات التي تستفيد من تحسن الظروف الاقتصادية المحلية.

كما يزداد الاهتمام بالاستثمار في السلع، خاصة الذهب والنفط، التي تستفيد تاريخياً من ضعف الدولار وتوفر تحوطاً طبيعياً ضد انخفاض قيمة العملة الأمريكية.

يولي المستثمرون اهتماماً متزايداً للعملات البديلة مثل اليورو والين الياباني والفرنك السويسري كملاذات آمنة وبدائل استثمارية.

بالتوازي، تكتسب الأسهم الأمريكية متعددة الجنسيات التي تحقق إيرادات دولية كبيرة جاذبية خاصة، حيث تستفيد مباشرة من ترجمة إيراداتها الأجنبية إلى دولارات أكثر عند التحويل، مما يعزز أرباحها المعلنة ويحسن تقييماتها السوقية.

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة