من هو عبد الرحمن الكواكبي.. حياته وأعماله

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأحد، 14 أغسطس 2022
من هو عبد الرحمن الكواكبي.. حياته وأعماله

ناضل المفكر عبد الرحمن الكواكبي ضد الاحتلال العثماني للوطن العربي الذي استمر أربعمئة عام، ولد في مدينة حلب السورية، وتوفي في ظروف غامضة، مخلفاً ورائه إرثاً ثقافياً مهماً.. فمن هو عبد الرحمن الكواكبي؟ كيف نشأ؟ وما هي أهم مؤلفاته؟ هذا ما سنجيب عنه في هذه المقالة.

 

طفولة عبد الرحمن الكواكبي

ولد عبد الرحمن الكواكبي في مدينة حلب في التاسع من شهر تموز/يوليو عام 1855، من عائلة ثرية، والده أحمد بهائي بن محمد بن مسعود الكواكبي، عمل مدرساً في الجامع الأموي والمدرسة الكواكبية، والدته عفيفة بنت مسعود آل نقيب ابنة مفتي أنطاكية في سوريا، توفيت والدته وهو طفل فأشرف والده على تربيته.

 

دراسة عبد الرحمن الكواكبي

درس عبد الرحمن الكواكبي في مدرسة الكواكبية التي كان يشرف عليها ويدرس فيها والده، ثم درس المرحلة الثانوية في أنطاكية حيث درس اللغات العربية، التركية، الفارسية، الفقه، كذلك علوم الطبيعة. سعى عبد الرحمن الكواكبي لتوسيع معارفه؛ فقرأ الكتب والمخطوطات القديمة، كما اطلع على علوم السياسة، المجتمع، التاريخ، الفلسفة وغيرها من العلوم.

 

الحياة المهنية لعبد الرحمن الكواكبي

مارس عبد الرحمن الكواكبي الكتابة في الصحف، وعندما بلغ العشرين من عمره، أي في عام 1875 عمل محرراً في صحيفة الفرات (وهي صحيفة رسمية كانت تصدر آنذاك في حلب)، عمل بها لخمس سنوات، حيث اشتهر الكواكبي بكتابة مقالات تفضح فساد الولاة العثمانيين.

كما أصدر عبد الرحمن الكواكبي وصديقه هشام العطّار صحيفة الشهباء في عام 1877، وهي أول صحيفة تصدر باللغة العربية، لكن السلطات العثمانية أغلقتها بعد فترة لشدة نقد الكواكبي لأعمالها، واتهمه والي حلب كمال باشا بمعارضة السلطات العثمانية، فاُعتقل، لكن أُطلق سراحه لعدم وجود أدلة كافية ضده، وبعد خروجه من السجن لم ييأس الكواكبي بل على العكس أصدر صحيفة أخرى اسمها (الاعتدال) في الخامس والعشرين من شهر تموز/يوليو عام 1879، سجلها باسم صديقه كي لا تمنعه السلطات العثمانية من إصدارها، فتوقفت بعد فترة لأنه اتبع نهج نقد الاستبداد نفسه، فترك الكواكبي الصحافة وانصرف لدراسة الحقوق.

عبد الرحمن الكواكبي يتولى مناصب عديدة

تولى عبد الرحمن الكواكبي العديد من المناصب في حلب، منها:

  • عضواً في لجنة المالية.
  • عضو في لجنة المعارف العمومية في عام 1885.
  • مديراً لمطبعة حلب.
  • رئيساً فخرياً للجنة الأشغال العامة، في عام 1888.
  • عضو المحكمة التجارية في عام 1890.
  • عضواً فخرياً في لجنة امتحان المحامين للمدينة.
  • رئيساً لبلدية حلب في عام 1892.
  • رئيس كتّاب المحكمة الشرعية في حلب 1894.

كما فتح عبد الرحمن الكواكبي مكتباً للمحاماة في حي الفرافرة بحلب، حيث كان يساعد مختلف الفئات الأغنياء والفقراء، حتى لُقب باسم (أبو الضعفاء)؛ لأنه كان يساعد الفقراء من دون مقابل.

من السجن إلى رئاسة البلدية

اعتقلت السلطات العثمانية عبد الرحمن الكواكبي مرةً ثانية في عام 1892 بتهمة محاولة اغتيال والي حلب كمال باشا، فعمت المظاهرات حلب تطالب بإطلاق سراحه، الأمر الذي تحقق بعد أيام، حيث أطلق سراح الكواكبي، وعزل كمال باشا من ولاية حلب، وعينت السلطات العثمانية والياً جديداً مكانه فقام الوالي الجديد بتعيين الكواكبي رئيساً للبلدية في عام 1892.

 

إنتقال عبد الرحمن الكواكبي لمصر

سافر عبد الرحمن الكواكبي في عام 1899 إلى الهند، ثم الصين، فسواحل شرق آسيا وسواحل أفريقيا، ثم مصر التي استقر فيها التي لم تكن تحت السيطرة المباشرة للسلطان عبد الحميد، حيث تتلمذ على يد المفكرين الإسلاميين جمال الدين الأفغاني، وتلميذه محمد عبده.

الكواكبي مصلحاً

دعا الكواكبي للنهوض بالأمة العربية والارتقاء بها، كما شكل النوادي الإصلاحية والجمعيات الخيرية التي تقوم بتوعية الناس، حيث دعا العرب لتحرير عقولهم من الخرافات، كما قسم الأخلاق إلى نوعين:

  • النوع الأول يخدم الحاكم المطلق، فدعاهم للتحلي بالأخلاق باعتبارهم قدوة المجتمع والرعية، كما دعا لإقامة خلافة عربية على أنقاض الدولة العثمانية.
  • النوع الثاني يخدم المحكومين، طالب العرب بالثورة على العثمانيين، محملاً الدولة العثمانية مسؤولية كل ما تعانيه الرعية من فقر وجوع.
 

كتاب أم القرى وأسباب تراجع العرب بنظر الكواكبي

ألّف عبد الرحمن الكواكبي كتاب (أم القرى) والمقصود بأم القرى مكة المكرمة، حيث تخيل أن المسلمين اجتمعوا كلهم في مكة المكرمة وأقاموا مؤتمراً إسلامياً، ورأى الكواكبي أن هناك العديد من الأسباب وراء تراجع العرب، منها:

  • فرض الدولة العثمانية قوانينها على العرب، حيث استخدمت الدين كذريعة لحكم غير عادل على العرب وغيرهم من المسلمين دون فهم العادات الثقافية والمحلية.
  • اعتماد المسلمين عموماً والعرب خصوصاً على تفسيرات عمرها قرون للقرآن الكريم والأحاديث النبوية، بدلاً من أن يقوموا هم بتفسيرها.
  • تخلي المسلمين عن القيم الإسلامية واعتمادهم على الخرافات.
  • قال أنه يجب أن تكون مكة المكرمة عاصمة المسلمين وليس الأستانة (إسطنبول حالياً)، كما طالب بأن يكون خليفة المسلمين من قبيلة قريش كما كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
  • آمن عبد الرحمن الكواكبي بالاشتراكية الإسلامية، المستمدة من مبدأ توزيع الثروة المنصوص عليه في القرآن الكريم.
 

كتاب طبائع الإستبداد لعبد الرحمن الكواكبي

ألّف عبد الرحمن الكواكبي كتاب (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد)، حيث اعتبر أن المشكلة الأساسية التي يعاني منها العرب والمسلمون هي الاستبداد، ويقدم الكواكبي حلاً لمشكلة الاستبداد على أساس ثلاثة مبادئ:

  • المبدأ الأول، الأمة التي لا تتألّم من ممارسات الاستبداد لا تستحق الحرية، واعتبر الكواكبي أن الأمة التي تعاني من الاستبداد ستفقد حريتها، الأمر الذي سيدفع الناس للثورة ضد الطاغية وليس ضد النظام المستبد، فيحل طاغية مكان آخر، في المقابل عندما يحصل الناس على الحرية من دون قتال سيتحولون إلى مستبدين.
  • المبدأ الثاني، مقاومة الاستبداد تكون بالتدرج وليس بالعنف، لأنه قد يؤدي إلى حربٍ أهلية وفتنة طائفية، أي من خلال التقدم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي لا يتحقق من دون التعلم، ونشر الوعي بين الناس حول ممارسات السلطات الاستبدادية.
  • المبدأ الثالث، إعداد نظام بديل لنظام الاستبداد.

مؤلفات الكواكبي

ألف عبد الرحمن الكواكبي العديد من الكتب، منها: طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد صدر في عام 1902، أم القرى صدر في عام 1899، العظمة لله، صحائف قريش.

 

وفاة عبد الرحمن الكواكبي

توفي المفكر العربي عبد الرحمن الكواكبي في القاهرة في الثالث عشر من شهر حزيران/يونيو عام 1902، وهناك شكوك أن تكون وفاته بسم دسه أحد العثمانيين في قهوته، لكن هذه الشكوك لم تثبت، حيث دفن عند جبل المقطم في مصر، رثاه كبار رجال الفكر والشعر والأدب في سوريا ومصر، ونقش على قبره بيتان من الشعر لحافظ إبراهيم:

هنا رجل الدنيا هنا مهبط التقى ... هنا خير مظلوم هنا خير كاتب

قفوا واقرؤوا أم الكتاب وسلموا ... عليه فهذا القبر قبر الكواكبي

وأقيم له مسجد كبير حمل اسمه في حي العجوزة بمحافظة الجيزة في مصر تخليداً له.

حفيد عبد الرحمن الكواكبي

من أبرز سلالة عبد الرحمن الكواكبي حفيده الذي حمل اسمه (عبد الرحمن الكواكبي)، يقيم في مدينة حلب السورية، أسس فرقة الجلاء للأناشيد الوطنية، كما أسس الفرقة العربية للأناشيد الوطنية في قطر.

في الختام.. رغم مرور مئة وخمسة عشر عاماً على مغادرة عبد الرحمن الكواكبي هذا العالم، إلا أن ذكره لا يزال حاضراً، من خلال إرثه الثقافي الذي لايزال موجوداً حتى الآن.

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة