في يوم التبرع بالدم.. ما هي أول عملية نقل دم في العالم؟

  • تاريخ النشر: منذ يوم
في يوم التبرع بالدم.. ما هي أول عملية نقل دم في العالم؟

شهد التاريخ الطبي تقدماً كبيراً في مجال نقل الدم، وهي العملية التي أصبحت أساساً في العديد من التدخلات الطبية المنقذة للحياة. ولكن، لم تكن عملية نقل الدم سهلة، حيث جرت العديد من التجارب المميتة، حتى تمكن الإنسان من فهم عملية نقل الدم، وفي هذا المقال، وبمناسبة اليوم العالمي للتبرع بالدم، سنتحدث عن أول عملية نقل دم في العالم، وكيف جرت؟ وهل كانت ناجحة أم لا؟

ما هو اليوم العالمي للتبرع بالدم؟

يحتفل العالم باليوم العالمي للتبرع بالدم في 14 يونيو من كل عام، وتعد هذه المناسبة يوم مهم لتقديم الشركة للمتبرعين بالدم دون مقابل من جميع أنحاء العالم من أجل إنقاذ البشر.

يهدف هذا اليوم إلى رفع مستوى الوعي بأهمية التبرع بالدم للحفاظ على كميته وتوافرها في وقت الحاجة، حيث تساعد عمليات نقل الدم على إنقاذ ملايين الأرواح سنويًا، كما أنها قادرة على إطالة أعمار المرضى والمصابين بحالات مرضية خطيرة قد تؤثر على جودة حياتهم، فضلًا عن تقديمها الدعم للأطباء خلال العمليات الجراحية المعقدة.

تاريخ الإنسان مع تجارب نقل الدم

الاهتمام بنقل الدم يعود إلى العصور القديمة حيث سعى البشر إلى إيجاد طرق لتعويض فقدان الدم خلال الحروب أو الحوادث. ومع ذلك، لم تكن المحاولات الأولى متقدمة تقنيًا أو مفهومًا بالمعنى الحديث. كانت تعتمد في الغالب على مزيج من الخرافات والأساليب البدائية التي لم تكن تفهم الأبعاد الطبية للدم نفسه.

بدأت محاولات نقل الدم الحديثة في القرن السابع عشر، عندما بدأ العلماء في إجراء تجارب أكثر منهجية. ففي عام 1665، قام الطبيب الإنجليزي ريتشارد لور بتجربة ناجحة نقل خلالها الدم بين كلبين، مما اعتبر وقتها إنجازًا كبيرًا، كما اشتهر الطبيب ريتشارد بعملياته الرائدة في القلب.

اقرأ أيضًا: التبرع بالدم.. فوائده والآثار الجانبية وماذا عليك أن تعرف قبل التبرع

ما هي أول عملية نقل دم في العالم؟

بدأ اهتمام الأطباء في إجراء عمليات نقل الدم بين الحيوانات خلال منتصف القرن ال17، إلا أن الأوروبيون كانوا متحفظين حول هذه العملية، ومنعت أكاديمية العلوم الفرنسية أعضائها من الإقدام على هذه التجارب.

وعلى الرغم من ذلك، قرر رجل فرنسي اسمه جان بابتيست دينيس، الذي كان يبلغ من العمر 28 عامًا آنذاك، الشروع في أول عملية نقل دم بين حيوان لإنسان، حيث غامر بحقن دماء حمل (خروف) في عروق صبي يبلغ من العمر 15 عامًا.

الفرنسي دينيس، ادعى أنه خريج كليتي الطب في ريمس ومونبلييه، لكن لم يتم العثور على أي شهادات جامعية له، وكان يلقي محاضرات الرياضيات والفيزياء والطب في منزله.

اشتهر دينيس في ذلك الوقت بتنظيم تجمعات علمية في منزله يحضر فيها بعض العلماء، وفي هذا الوقت كان شغوفًا بعمليات نقل الدم بين الحيوانات، وتساءل عن إمكانية القيام بذلك على البشر.

زاد اقتناع دينيس بضرورة تجربة نقل دماء حيوان إلى إنسان، وخاصة أنه كان يملك كل الأدوات اللازمة للقيام بالعملية، وبالفعل، أقدم على تنفيذ الخطة بمساعدة الجراح بول إمريز.

بحث دينيس عن متطوع، وهو شاب يبلغ من العمر 15 عامًا يعاني من الحمى وتأخر عقلي، وأصيب نحو 20 مرة بنزيف ولم تتحسن حالته أبدًا. اعتقد دينيس أن محاولة نقل دماء إليه قد تساعده على القيام على قدميه مرة أخرى.

اقرأ أيضًا: تغيير فصيلة الدم أصبح ممكناً للمساعدة في عمليات زراعة الأعضاء

جمهور كبير يشاهد العملية

في 15 يونيو عام 1667، تجمع جمهور كبير في فندق دي منتمور للشهادة على هذه التجربة الرائدة وغريبة الأطوار وقتها. قيّد دينيس الحَمَل دون تخدير وأخرج الدماء منه، ثم أخرج نحو ثلث لتر من الدماء في جسد الصبي لإفساح المجال لدماء جديدة، ثم أدخل دماء الحَمَل في وريده.

في البداية، لم يظهر الصبي أي رد فعل، لكنه بدا أنه أكثر صحوًا، وقد ذكرت بعض المصادر أن الصبي أصبح قادرًا على الوقوف على قدميه بعد أيام. شعر الطبيب دينيس بنشوة من نجاح تجربته، وقرر توسيعها على أشخاص آخرين، وبالفعل، جربها على رجل قوي يبلغ من العمر 45 عامًا، ونجحت مثل التجربة الأولى.

إلا أن نجاح عمليته لم تدم طويلًا، حيث توفي الصبي خلال عملية نقل الدم الثانية التي أجريت له. أجرى دينيس بعدها 4 عمليات نقل دم على رجل مجنون اسمه أنطوان، حيث اعتقد دينيس أنه عندما يحقن له دماء العجل سيهدأ، وسيعود إلى رشده، إلا أن تلك العمليات أدت إلى موته في النهاية.

ردود فعل عنيفة والتوقف عن التجارب

أدت تجربة باتيست دينيس على أنطوان إلى ردود فعل عنيفة تجاهه، حيث قررت أرملة الراحل بتقديم شكوى ضد دينيس، إلا أن الحكومة برأته.

بعد تلك التجارب الفاشلة، قرر دينيس التخلي عن مهنة الطب تمامًا، كما تم حظره من إجراء أي عمليات نقل دم من قبل الأكاديمية الفرنسية للعلوم، ولم تُجرى أي عمليات نقل دم أخرى حتى عام 1902، وذلك بعد اكتشاف فصائل الدم على يد العالم النمساوي كارل لاندشتاينر.

اقرأ أيضًا: أنواع فصائل الدم ومن يمكنه التبرع

عمليات نقل الدم في الوقت الحالي

منذ اكتشاف فصائل الدم، شهد نقل الدم تطورات هائلة، خاصة خلال القرن العشرين. تطورت تكنولوجيا الحفظ، ما يسمح بتخزين الدم لفترات أطول، وأصبح نقل الدم آمناً بشكل ملحوظ وفعّال.

وقد ساعد إضافة مضادات التخثر إلى الدم المتبرع به في حفظه لفترات طويلة دون تخثر، مما سهل نقله وتخزينه. هذه الخطوة كانت تقنيًا قفزة نوعية في مجال العلم الطبي.

وقد ساعدت التطورات في تكنولوجيا التبريد في تحسين طرق تخزين الدم، مما أتاح بنوك الدم الحديث والتي يمكن من خلالها سحب الدم في حالات الطوارئ والمعالجة الروتينية.

في الختام، مرّت عمليات نقل الدم بالكثير من المراحل حتى وصلت إلى شكلها الحالي، وعلى الرغم من أن التجارب الأولية أدت إلى وفاة الكثيرين، إلا أنها كانت خطوة أولى نحو الوصول إلى الطريقة الصحيحة لنقل الدم، والحفاظ على حياة الملايين من البشر سنويًا.

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة