مدرسة ناس: مسرح في الشارع مع الناس

  • DWWبواسطة: DWW تاريخ النشر: الإثنين، 04 ديسمبر 2017
مدرسة ناس - مسرح في الشارع مع الناس

عشرات الناس الذين جاؤوا في الأساس للتنزه في حديقة الأزهر بالقرب من وسط القاهرة، شكل حلقة شبه دائرية تتابع حركات وإيماءات تمثيلية لشباب يمثلون قصة إنسانية.

ورغم التمثيل الصامت الذي يتخلله كلام محدود إلا أن الحركات الإيقاعية داخل العرض الذي استمر لنحو 40 دقيقة كانت تعبّر عن شباب يقودون مركباً صغيراً وسط البحر ثم يغرق المركب ويحاول ركابه النجاة بأنفسهم وآخرون يبحثون عن مفقودين، ومشاهد أخرى يفهم المتفرج منها أن موضوع العرض عن "الهجرة".

وتقول ياسمين عبدالله البالغة من العمر23 عاماً، وهي إحدى البطلات إنّ "العرض عبارة عن عدد من الشخصيات كل عارض يحكي الهجرة من وجهة نظره. أيضاً هناك قصص للهجرة الإيجابية نمثلها عن مصريين كانوا يعيشون في قرية ثم اتجهوا لمدينة مثل طه حسين ونجيب الريحاني".

  • مبادرة لخلق تيار مسرحي

هذا العرض المسرحي جزء من دراسة ياسمين في مدرسة "ناس" للمسرح داخل جمعية النهضة "الجيزويت" والتي تستمر لنحو 18 شهراً، و"الهجرة" هو موضوع الدراسة التي ينفذون عليها ما يدرسوه.

ومدرسة "ناس" للمسرح، هي مبادرة لخلق تيار مسرحي يتفاعل مع القضايا المصرية، يقدم عروضه للناس في الشوارع والميادين والمساحات العامة في القرى والمدن.

وحسب ياسمين فإن عرض "الهجرة" جرى في الشوارع بمنطقة مصر القديمة وحي الزبالين في المقطم. وحسب مصادر غير رسمية تحتل مصر المركز العاشر بين البلدان المصدرة للمهاجرين غير القانونيين على مستوى العالم، ويموت مئات منهم أثناء السفر.

وسبقت دفعة ياسمين دفعتان سابقتان، حيث أختير الشباب والشابات من مختلف المحافظات ممن لديهم الاستعداد لقيادة مبادرات ومساهمات اجتماعية ومسرحية، وبهذا الخصوص يقول مصطفى وافي وهو مدرِّب في المدرسة إنه "لا يشترط أن تكون لدى المتقدم خبرات مسرحية سابقة، لكن الاهتمام النشط بالمسرح وقضايا المجتمع عنصران أساسيان في الانضمام للمدرسة، تدرس معنا مثلا طالبة تعمل في منظمة الاغاثة الدولية المعروفة ب save the children وهي تستخدم المسرح كأداة في مجال عملها. لأنّ المسرح يمكن استخدامه كألعاب ومن ضمن المواد التي يدرسها الطلاب مادة مسرح المهرج".

ويعمل وافي فى مجال مسرح الشارع منذ عام 1996، من خلال فرقة الخيال الشعبى التى شارك فى تأسيسها، ويهتم فى تدريبه على آليات المسرح الجسدى، ومسرح الشيء، ومسرح المقهورين، وشارك من خلال فرقته فى مهرجان بساج لمسرح الشارع (الدنمارك ـ السويد).

تغيير الوعي عن طريق المسرح

يضيف وافي لـDW عربية "هدفنا من المدرسة أن نصل للمهمشين في مصر، فأكثر من 90% من الشعب المصري لا يذهب للمسرح، لذا نحن نذهب إليهم في الشوارع والمقاهي، والمناطق الشعبية. فالمدرسة مساحة لتدريب العارضين والعارضات على مختلف فنون الأداء ومدارس المسرح تعمل على تجاوز المسافة بين المسرح والمجتمع".

ويدلل وافي على الاهتمام بتغيير فكر ووعي المجتمع من خلال المسرح على دراسة مادة تسمى "مسرح المقهورين" ويوضح أن هذا النوع "نشأ في البرازيل على يد (أوغيستو بوال) الذي كان يرى أمامه الفقراء المقهورين أثناء الحكم العسكري وهم يتهافتون للحصول على المساعدات فرأى أن الأفضل هو تغيير وعي الناس بدلا من المساعدات، وبالتالي ظهرت الضرورة الاجتماعية لهذا النوع من المسرح، فالعرض هنا عليه أن يعرض حلولا بدلا من المساعدات، ويدخل الجمهور كممثل في العرض، فمثلا شخص يضرب زوجته، المسرحية دورها هنا في عرض حلول تمكن زوجته من مقاومة ذلك بصور مختلفة".

وللنجاح في الدراسة في مدرسة "ناس" يجب تنفيذ عروض مسرحية في الشارع، فالدراسة عبارة عن 6 فصول، وبعد كل فصل دراسي -3 أشهر- ينفذ الطلاب عرضا عن نفس الموضوع "الهجرة" ولكن بتكنيك جديد تعلموه من خلال ورش العمل التي تهدف إلى تطوير مهارات المتدربين الجسدية والتقنية، فى التقنيات المسرحية المختلفة.

ويقول وافي "كل عام نعمل على تيمة (موضوع)، ولا نفرض على الطلاب كيف يناقشوه. فمثلا هناك هجرة جماعية وهناك هجرة اعتيادية، وهناك هجرة غير اعتيادية وهجرة من أجل الرزق، وهناك نزوح داخل البلد، فالطلاب هم الذين يجمعون الحكايات، وهم الذين يكتبون النص، الممثل عليه أن يبحث عن خامته فهو خالق العرض، حتى يستطيع أن يقوم بعمل مسرح حي أو مسرح معاشويسمى أيضا بالمسرح الارتجالي".

الدارسون من مختلف التخصصات

في قاعة التدريب الفسيحة في مقر الجمعية، يتدرب بعض الشباب الشابات على كيفية خلق الشخصيات من خلال حركات وإيماءات تمثيلية، ويوجههم المدرب المخرج الأمريكي رونلن فورمان (65 عاما) الذي عمل مديرا لمدرسة "كوميديا دى لارتى الدولية"، للمسرح الجسدى من 2011 إلى 2015، وساهم رونلن في تدريس خلق الشخصيات في أكثر من 12 دولة منهم فرنسا والبرتغال وكندا. يقول المخرج الأمريكي رونلن في حوار مع DW عربية "إن ما جذبني في مصر والمختلف في الدارسين أنهم من مختلف الاتجاهات ولديهم شغف بالمسرح والتمثيل بالرغم أن معظمهم مهندسون وأطباء وصيادلة".

وتخرجت ياسمين من كلية الصيدلة في العام الحالي ولكنها أحبت التمثيل والرقص فقامت بالتمثيل في مسرح كليتها فضلا عن مسرح كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، "بعد عدة تجارب لي أحببت الدراسة فاتجهت لمدرسة الجيزويت (مشروع تعليمي تابع للكنيسة) للتعمق ووجدت فيها ما أنشده".

وتركت ياسمين العمل بالصيدلة وتستفيد مما تتعلمه من مدرسة المسرح في عملها في مجال تعليم الأجانب للغة العربية عن طريق تمثيل الكلام وإيجاد وسائل تعبيرية لتوصيل اللغة.

مصطفى هاشم - القاهرة

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة