غزة ـ شبح مجاعة بسبب القيود على المساعدات وتضرر مصادر الغذاء

  • DWWبواسطة: DWW تاريخ النشر: الجمعة، 08 مارس 2024
غزة ـ شبح مجاعة بسبب القيود على المساعدات وتضرر مصادر الغذاء

بات الغزواي أبو أحمد على عاتقه مهمة ثقيلة يتعين عليه إنجازها كل يوم إلا وهي الحصول على أبسط الطعام لسد رمق أطفاله الستة في مدينة غزة.

وفي مقابلة مع DW عبر الهاتف، قال أبو أحمد، البالغ من العمر 48 عاما، "نضطر في بعض الأحيان إلى نهب المنازل المهجورة أو التي تعرضت للقصف على أمل أن نجد بعض الطعام".

وبقي أبو أحمد وأطفاله في مدينة غزة بعد أن أمر الجيش الإسرائيلي السكان بالتحرك جنوبا في أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي فيما يعيش أقاربه في أنحاء مختلفة في القطاع.

وأضاف "قبل يومين، بدأنا نرى الدقيق في الأسواق حيث يُباع بأسعار معقولة إلى حد ما"، مضيفا أنه حصل على بعض المساعدات التي يتم إنزالها جوا على القطاع.

وأعلن الجيش الأردني الثلاثاء (5 مارس / آذار) تنفيذ أكبر عملية إنزال جوي للمساعدات إلى غزة بمشاركة ثماني طائرات عسكرية بينها ثلاث أردنية وثلاث أمريكية وطائرتان فرنسية ومصرية.

وبحسب البيان الأردني، فإن المساعدات الإغاثية والغذائية استهدفت عددا من المواقع في شمال غزة فيما شرعت دول عربية وغربية، آخرها الولايات المتحدة، في تنفيذ عمليات إنزال للمساعدات في القطاع. ولجأت الدول إلى تنفيذ عمليات إنزال لمساعدات بسبب شح دخول المساعدات إلى قطاع غزة برا.

وفي تعليقه، قال أبو أحمد إن هذه المساعدات "ليست كافية على الإطلاق لأن معاناة سكان شمال غزة تتفاقم مع مرور الوقت"، مضيفا أن شقيقته اضطرت إلى تقليل كميات الطعام لأطفالها.

وأشار إلى أنه يواجه مخاطر في التنقل بين مناطق غزة المختلفة في سعيه لإيجاد بعض الطعام خاصة مع استمرار القتال العنيف والقصف وسط غموض حيال مساعي الوسطاء الحثيثة لدفع حماس وإسرائيل على قبول هدنة تشمل إطلاق سراح أكثر من 130 رهينة إسرائيلية محتجزين في القطاع.

حاجة ماسة للمساعدات

وقال أبو أحمد إن كافة الأطراف "تهملنا. إنهم غير مبالين بمعاناتنا. نحن نتطلع إلى الحل".

وكانت حماس قد شنت هجوما إرهابيا في السابع من أكتوبر / تشرين الأول الماضي على إسرائيل أوقع 1200 قتيلا في جنوب إسرائيل، إضافة إلى احتجاز أكثر من 240 رهينة.

وتلى ذلك، شن إسرائيل حملة عسكرية انتقامية مع التعهد بالقضاء على حماس، وهي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.

وأدت العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 30 ألفا حتى الآن، بحسب بيانات وزارة الصحة في غزة التابعة لحماس.

وشهد التاسع والعشرين من فبراير / شباط الماضي حادثة مأساوية بمقتل أكثر مئة فلسطيني، بحسب السلطات الصحية في غزة، وسط تقارير متضاربة. وذكر شهود عيان أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على فلسطينيين كانوا ينتظرون المساعدات في شارع الرشيد قرب مدينة غزة فيما قال الجيش الإسرائيلي إن تحقيقا أوليا خلص إلى أن "معظم الفلسطينيين قُتلوا أو أصيبوا نتيجة التدافع".

وقال البيان الإسرائيلي إنه "عقب الطلقات التحذيرية التي أُطلقت لتفريق التدافع، وبعد أن بدأت قواتنا في الانسحاب، اقترب العديد من اللصوص من قواتنا وشكلوا تهديدا مباشرا عليه".

ومنذ ذلك الحين، تزايدت الدعوات إلى إجراء تحقيق مستقل في ملابسات الواقعة وسط إدانات دولية كبيرة، إذ أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن "سخطه العميق" و"إدانته الشديدة" إزاء ما حدث في شارع الرشيد.

وانضمت ألمانيا إلى الدعوات المطالبة بالتحقيق إذ كتبت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك في تغريدة على منصة إكس "أراد الناس إمدادات الإغاثة لأنفسهم ولعائلاتهم وانتهى بهم الأمر قتلى. التقارير الواردة من غزة أصابتني بصدمة. يتعين على الجيش الإسرائيلي أن يقدم شرحا وافيا لما حدث من ذعر وإطلاق نار بشكل جماعي".

وعلى وقع ذلك، دقت منظمات إغاثة دولية ناقوس الخطر إزاء تزايد خطر سوء التغذية والمجاعة بين الأطفال خاصة في شمال غزة.

وعقب تفقده قطاع غزة، قال جوناثان كريكس، رئيس قسم الاتصالات في اليونيسف، إنه بسبب الوضع الأمني، فإن "هناك القليل جدا من المساعدات تذهب إلى وسط القطاع وشماله. ما زلنا نقدر أن هناك 300 ألف شخص يعيشون هناك"

وفي الوقت نفسه، أفادت وزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة أن 15 طفلاً لقوا حتفهم نتيجة لسوء التغذية والجفاف فيما لم يتسن التحقق من الأرقام من مصدر مستقل.

عوائق أمام وصول المساعدات

وكان مجلس الأمن الدولي قد أعرب في مطلع الشهر الجاري عن قلقه إزاء "مستويات مثيرة للقلق من انعدام الأمن الغذائي الحاد"، داعيا أطراف الصراع إلى "تسهيل وتمكين إيصال المساعدة الإنسانية على نطاق واسع إلى السكان المدنيين الفلسطينيين في جميع أنحاء قطاع غزة، بشكل فوري وسريع وآمن ومستدام وبلا عوائق".

وقالت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس إنه يتعين على إسرائيل أن تفتح معابر حدودية جديدة ، وليس فرض "قيود غير ضرورية" على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

في المقابل، قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، إيلون ليفي، إن "فكرة أن إسرائيل لا تسمح بدخول المساعدات هي مجرد كذبة".

وقد اتهم مكتب "منسق الأنشطة الحكومية الإسرائيلية في المناطق" التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية والمسؤول عن المعابر، في عدة مناسبات الوكالات الأممية العاملة في غزة بالفشل في معالجة المساعدات الإنسانية بالسرعة الكافية بمجرد عبور المساعدات الحدود حيث يتم نقل وتحميل البضائع على شاحنات محلية يقودها سائقون فلسطينيون.

ودعت منظمات إغاثة إسرائيل إلى فتح معبر إيريز في شمال غزة لتوفير مسار مباشر لوصول المساعدات بسبب تضرر الكثير من الطرق والشوارع جراء القصف والمعارك فضلا عن استمرار القتال في شمال غزة وجنوبها.

ويُضاف إلى ذلك أعمال التفتيش التي تقوم بها إسرائيل لشحنات المساعدات عند المعابر التي يصفها منظمات الإغاثة بكونها "بطيئة".

يشار إلى أن إسرائيل تحظر دخول بعض المكونات مثل المصابيح اليدوية والعكازات والمولدات باعتبارها "ذات استخدام مزدوج" خشية أن يستخدمها المسلحون.

وسلط مسؤولون أمميون الضوء على عدم توفير الأمن أثناء تحرك قوافل المساعدات وسط تقارير تشير إلى أن عناصر شرطة حماس لم تعد ترافق الشاحنات فيما أفادت تقارير أخرى بتعرض شاحنات المساعدات إلى النهب من قبل عصابات أو ربما من بعض السكان اليائسين الذين يبحثون عن أي طعام يسد رمق جوعهم.

وفي ذلك، قال جوناثان كريكس، المسؤول في اليونيسف، "رأيناه بالفعل بعض الشاحنات تتعرض للنهب من قبل أشخاص يعانون من الجوع الشديد. عاصر أحد الزملاء قيام بعض الناس بأخذ زجاجات المياه من شاحنات المياه المعبأة ثم يهربون، لكنهم لم ياخذوا الصناديق وإنما فقط الزجاجات. لقد شربوها على الفور لأنهم كانوا في حالة عطش شديدة".

وأضاف كريكس أنه "من المهم تسليط الضوء على أن 2.2 مليون شخص لا يمكنهم الاعتماد على المساعدات الإنسانية وحدها".

وتفاقمت الأوضاع في القطاع مع تضرر سلاسل الإنتاج الغذائي بالكامل في غزة خاصة مع تدمير المحاصيل والمرافق الإنتاجية للثروة الحيوانية.

ماذا عن رفح؟

وفي جنوب غزة وهي منطقة تتمتع نظريا بوضع أمني أفضل نسبيا مقارنة بباقي مناطق القطاع، تأوي مدينة رفح قرابة 1.4 مليون شخص.

ويعد جميل الغرباوي، الأب لستة أطفال، من بين آلاف الفلسطينيين الذين نزحوا من وسط القطاع إلى مدينة رفح.

وفي مقابلة مع DW عبر الهاتف، قال "كنت أعيش الشهر الماضي أنا وزوجتي وأطفالنا الستة في خيمة بمنطقة المواصي قرب رفح. نقضي يومنا في البحث عن الطعام والغاز بالتزامن مع تنقلنا باستمرار هربا من القصف والتهديد بالنزوح".

وقبل السابع من أكتوبر / تشرين الأول الماضي، كان جميل البالغ من العمر 50 عاما يعمل في النجارة، لكنه الآن بات لا مصدر رزق إذ أضحى يعتمد على المساعدات مثل الدقيق الذي يحصل عليه من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

وبنبرة يعتصرها الأسى، قال جميل "طعامنا هو طهي بعض الأطعمة المعلبة المتوفرة لدينا. أمنيتنا القصوى هي انتهاء الحرب، لكننا غير متأكدين كيف ومتى ستنتهي؟ نريد فقط العودة إلى ديارنا وإعادة بناء حياتنا".

ساهم في إعداد التقرير حازم بعلوشة من عمان

أعده للعربية: محمد فرحان

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة