تأثير النعامة.. وظواهر نفسية تسيطر علينا دون أن ندري

يعتقد الكثيرون أن أفعالهم هي نتيجة لقراراتهم فحسب، إلا أن العقل يخدعنا في ذلك دون شك، حيث يتضح أن هناك ظواهر نفسية متعددة، يمكنها أن تسيطر على حياة البشر دون أن يلاحظوا ذلك، ما نوضحه الآن عبر بعض من أبرز الظواهر المسيطرة على العقول.

تأثير النعامة

يسيطر علينا هذا التأثير العجيب، عندما تسوء الكثير من الأمور حولنا، حينها يرغب الإنسان في تجاهل الأخبار السيئة والمشكلات المزعجة، بل ويفضل عدم معرفة تفاصيل الأزمات التي يمر بها حتى، شأنه شأن الاعتقاد السائد بقيام النعامة بإخفاء رأسها في الرمال هربا من مشكلاتها، حينها يؤدي تجاهل المشكلة لشعور مؤقت بالراحة إلا أن السعي لعلاجها يبقى دائما هو الخيار الأكثر ذكاء.

متلازمة الضفدع المغلي

ربما تعتبر تلك المتلازمة هي الأكثر خطرا على هؤلاء ممن يسعون إلى التكيف مع الأمور مهما زاد سوءها، حيث ظهر هذا المصطلح عبر تجربة علمية أثبتت أن وضع الضفدع داخل قدر يمتلئ بمياه بدرجة حرارة معتدلة، قبل تسخين المياه رويدا رويدا، سيتسبب في قتل الضفدع الذي يسعى للتكيف مع درجات الحرارة مهما زادت حتى يصل به الأمر إلى عدم قدرته على الإفلات في وقت الخطر، ما يكشف بالنسبة للإنسان عن ضرورة عدم التكيف مع العلاقات إن ساءت بصورة غير محتملة، حيث يصبح الهروب منها فيما بعد مستحيلا.

عقلية بحسب الظروف

هي ظاهرة من بين ظواهر نفسية عدة، تدفع المرء إلى تضخيم المعلومة التي يظن أنها تفيده، حيث نلاحظ أحيانا من يدافع عن العادة السيئة التي يمارسها مثل التدخين على سبيل المثال، بأن يكشف عن معلومة ربما تكون حقيقية، وتتمثل في وجود شخص يعرفه عاش حتى بلغ الـ100 عام، رغم أنه كان يدخن السجائر بشراهة، حينها يلجأ الشخص لخداع عقله بالتركيز على الحالة الاستثنائية التي تدعم موقفه، ومتجاهلا ملايين الحالات الأخرى التي عانت بشدة بسبب نفس العادة الكريهة.

نقطة التحيز العمياء

تعد نقطة التحيز العمياء هي الحالة الأكثر شهرة من حالات التحيز، حيث تشهد ملاحظة الشخص لقرارات الآخرين المبنية على تحيزهم لأمر أو فكرة ما، دون أن يلاحظ الشخص نفسه تأثير التحيز عليه في كثير من الأمور ومهما كانت واضحة للجميع، ما يكشف عن مدى تعقيد العقل البشري الذي يكشف لك عن عيوب الآخر دون أن يسمح لك برؤية ما تعاني منه.

التفكير المحافظ

هي ظاهرة أخرى من ضمن ظواهر نفسية تدفع الإنسان إلى الميل تجاه المعتقدات القديمة، حتى وإن كانت الآراء الأحدث مدعومة بالعلم، حيث يفشل العقل في كثير من الأحيان في أن يعتاد فكرة جديدة وخاصة إن كانت أكثر غرابة، بعدما عايش فكرة قديمة لسنوات طويلة، فيما يعد المثال الأبرز لتلك الظاهرة النفسية هو اعتقاد البشر لسنوات وقرون طويلة بأن الأرض مسطحة، نظرا لأن تلك الفكرة هي الأكثر راحة للعقل مقارنة بكروية الأرض.

عقلية السلطعون

هي النظرية التي توصل إليها العلماء بعد اكتشافهم بأن السلطعون قادر على الهرب من صندوق ما إن كان متواجدا فيه وحده، إلا أن التجربة أثبتت أن وجود أكثر من سلطعون واحد داخل نفس الصندوق يعني فشل الجميع في الهرب في ظل إثناء الساعي للهرب عن المحاولة من جانب الآخرين، الأمر الذي يتكرر أحيانا في كل المجتمعات، حينما يرغب شخص في التطور فيجد من حوله يسعون إلى إحباطه حتى لا يبدو وضعهم أكثر سوءا في تلك الحالة، ربما يمكنك اكتشاف الأمر بنفسك عبر اختبار بسيط، بأن تخبر أصدقاءك بأنك قررت الذهاب لصالة الجيم من الآن فصاعدا، فإن قاوموا تلك الفكرة بأن أقنعوك بأنك لا تحتاج لهذا الأمر أو بأنك أفضل هكذا، فربما هم يقعون تحت تأثير عقلية السلطعون.

تأثير د. فوكس

يلاحظ هذا التأثير عندما يبدو الإنسان مصدقا لكلمات الشخص الآخر فقط إن امتلك اللباقة والحضور، حيث يتجاهل حينها مدى مصداقية المعلومة، فيما لا يمكنه تصديق كلمات شخص آخر رغم حقيقتها لمجرد عدم امتلاكه لنفس المهارات، الأمر الذي قد يقع بالمرء في الكثير من الأزمات نظرا لاهتمامه بالمظهر الخارجي أكثر من الجوهر، فيما تفسر تلك الظاهرة في كل الأحوال مدى انتشار الأخبار والعلوم المفبركة حتى وقتنا هذا.

في الختام، هي مجموعة ظواهر نفسية قد تتحكم في عقلك أحيانا، إلا أن فهمها وإدراك تأثيراتها على العقل البشري قد يساعدك على الإفلات من قبضتها في الوقت المناسب.