مكة - رمضان العبادة زاحمه رمضان السياسة

  • DWWبواسطة: DWW تاريخ النشر: السبت، 01 يونيو 2019 آخر تحديث: الأربعاء، 27 أكتوبر 2021
مكة - رمضان العبادة زاحمه رمضان السياسة

استضافت مدينة مكة المكرمة ليل(الخميس/الجمعة 30-31 أيار/ مايو 2019) قمتين، إحداهما لدول مجلس التعاون الخليجي، والثانية لدول الجامعة العربية. وتستضيف مساء الجمعة أيضا قمة منظمة المؤتمر الإسلامي.

وازدانت شوارع المدينة بأعلام الدول المشاركة وبلافتات الترحيب بكبار الزوار، بينما تمتلئ شوارعها بأشخاص يسيرون باتجاه المسجد الحرام مرتدين لباس الإحرام الأبيض.

وتزداد أعداد زوار مكّة، مهد الإسلام، إجمالا في الأيام العشرة الأخيرة من شهر الصوم، وهي الفترة التي يعتبرها المسلمون الأكثر قرباً إلى الله، فيقضونها في الصلاة والدعاء في المسجد الحرام والجوامع الأخرى في المدينة التاريخية الواقعة في غرب المملكة والمحظورة على غير المسلمين.

وتعج شوارع المدينة بإعلاميين قدموا لتغطية القمم السياسية الثلاث التي تطغى عليها التوترات السعودية مع إيران، ومع قطر. ويقع مقر الإعلاميين المعتمدين للتغطية وسط مكة.

وتحظى مكة بأهمية عظمى لدى المسلمين، فهي مهبط الوحي على النبي محمد، ويقصدها عشرات ملايين الزوار على مدار العام، بينهم من يأتي لأداء الحج، أو العمرة، أو لمجرد الزيارة والصلاة.

ولا يسمح لغير المسلمين بدخول المدينة التي تحيط بها الجبال الصخرية وتنتشر فيها الأزقة والحارات القديمة، وتنتشر فيها الأبنية السكنية. ويحظر على الطائرات المدنية التحليق فوقها، لتفادي عبور أشخاص غير مسلمين في أجوائها.

في الأيام الأخيرة من رمضان، يؤدي بعض المؤمنين مناسك العمرة في المسجد الحرام، فيطوفون حول الكعبة المشرّفة وهم يرتدون الملابس البيضاء.

في مسجد وسط المدينة، خرج عشرات الأشخاص، وبينهم نساء ورجال، إلى الباحة الرئيسية عند موعد الافطار. افترشوا الأرض وتقاسموا الطعام الذي تمّ مده على شرشف أبيض على العشب، بينما كان صوت الآذان يصدح من مكبرات للصوت فملأ المكان كله.

لكن ليست كل القصص جميلة، إذ فقد معتمر باكستاني زوجته في حادث سير في المدينة، وأصيبت والدته التي قدمت من الولايات المتحدة بجروح نقلت على أثرها الى المستشفى. المعتمر، واسمه نعيم، مقيم في الخُبر منذ نحو عشر سنوات حيث يعمل مديرا للمشاريع في شركة متخصّصة بخدمات النفط والطاقة، وقاد سيارته إلى مكة آتيا من المدينة التي يعيش فيها في شرق السعودية على بعد 1200 كلم.

لكن أجواء العبادة والطقوس الرمضانية، تزامنت هذا العام مع حراك سياسي مكثف، حيث شهدت المدينة الأكثر قداسة لدى المسلمين ثلاث قمم سياسية كبرى تشكّل مناسبةً للرياض لمحاولة إظهار أنّ الخليج والعالمين العربي والإسلامي يقفان ككتلة واحدة في مواجهة الجارة الشيعية إيران، بعدما وجدت المملكة في التوتّرات الأخيرة مع طهران فرصة لتشديد الضغوط على خصمها الأكبر في المنطقة. وانعقدت قمّة عربيّة طارئة بُعيد انتهاء القمّة الخليجيّة مباشرةً، علماً أنّ مكّة تستضيف قمّة ثالثة مساء الجمعة هي القمة الـ14 لمنظّمة التعاون الإسلامي التي تضمّ 57 دولة بينها إيران.

وندّد البيانان الختاميّان للقمّتَين العربية والخليجية بـ"سلوك" إيران في المنطقة، وحظِيا بدعم جميع الدول باستثناء العراق، في وقت قال الأمين العام لجامعة الدول العربيّة أحمد أبو الغيط في مؤتمر صحافي "وجّهنا رسالةً حازمة تجاه التدخلات الإيرانيّة".

وتتّهم السعوديّة إيران بالتدخّل في شؤون دول المنطقة وبزعزعة استقرار البحرين والعراق وسوريا ولبنان واليمن عبرَ دعم مجموعات مسلّحة في هذه الدول وتسليحها.

وفي القمة العربيّة، طالب الملك السعودي المجتمع الدولي باستخدام "كافّة الوسائل" لردع إيران.

وحاولت السعودية أن تستفيد من أجواء القمة التي جرت في مكان وأجواء روحانية لإذابة حاجز الجليد مع قطر، حيث ترأّس القمّة الخليجيّة العاهل السعودي، وحضرها نجله وليّ العهد الأمير محمّد بن سلمان، ورئيس وزراء قطر الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني.

وزيارة رئيس الحكومة القطريّة هي الأولى لمسؤول قطري رفيع إلى السعوديّة منذ الأزمة التي اندلعت في الخليج عام 2017، إثر قرار الرياض وثلاثة من حلفائها قطع العلاقات مع الدوحة.

وفي لقاء اتسم ببرود قطري واضح، صافح الملك السعودي رئيس وزراء قطر لدى وصوله إلى مقرّ انعقاد القمّة. والتقط الحاضرون صورةً جماعيّة قبيل انطلاق الاجتماع في قصر الصفا المطلّ على الحرم المكي.

البيان الختامي للقمّة الخليجيّة أشار إلى "قوّة وتماسك ومنعة مجلس التعاون، ووحدة الصفّ بين أعضائه، لمواجهة هذه التهديدات"، مؤكّداً "المبادئ التي تضمّنتها اتّفاقية الدفاع المشترك بين دول مجلس التعاون من أنّ أمن دول المجلس وحدة لا تتجزّأً".

كما تمّ الاتّفاق على تعزيز "الشراكة" مع الولايات المتحدة في ما يتعلّق بالتعامل مع إيران.

لكن مع كل الحشد العربي والإسلامي في مكة، لم تستطع السعودية أن تحصل على إجماع في المواقف تجاه غريمها اللدود إيران. وقد ندّد بيان ختام القمّة العربيّة بـ"سلوك" إيران في المنطقة، لكنّ العراق اعترض عليه، فدعا عبر رئيسه برهم صالح إلى حوار مع الجمهوريّة الإسلاميّة، معتبرًا أنّ الاستقرار الأمني لإيران "مهمّ" للدول العربيّة أيضًا.

ورغم أن إيران عضو في منظّمة التعاون الإسلامي، لكنّ شكوكاً تحيط بمشاركة رئيسها حسن روحاني في القمّة، في ظلّ انقطاع العلاقات بين طهران والرياض منذ 2016. ومنظّمة المؤتمر الإسلامي هي ثاني أكبر منظمة حكومية دولية بعد الأمم المتحدة.

وتُقيم إيران التي تتشارك حدوداً مع أفغانستان وباكستان والعراق وتركيا، علاقات مهمّة مع أنقرة وإسلام آباد. كما أنّها تدعم علنًا جماعات سياسيّة نافذة في لبنان والعراق وسوريا، ما يصعّب على هذه الدول تبنّي مواقف متشدّدة من طهران، كما تأمل السعودية.

م.م/م.س (أ ف ب)