أنور المفتي طبيب عبد الناصر ومكتشف دواء البلهارسيا

  • تاريخ النشر: الأربعاء، 16 فبراير 2022 آخر تحديث: الثلاثاء، 10 مايو 2022
أنور المفتي طبيب عبد الناصر ومكتشف دواء البلهارسيا

واحد من أعظم أطباء العصر الحديث، جهوده الكبيرة في الطب كانت لها دور في علاج أكثر الأمراض تفشيًا وقتها "البلهارسيا" إنه الدكتور أنور المفتي، الطبيب الشخصي لعبد الناصر وطبيب بقسم الأمراض الباطنة.

حياة الدكتور أنور المفتي

ولد المفتي بالقاهرة في مارس 1913، وحصل على الثانوية العامة عام 1935، حيث اجتاز هذه السنة بتفوق وكان الأول على دفعته طوال سنوات دراسته.

التحق المفتي بقسم الكيمياء الحيوية، وعمل بقسم الأمراض الباطنة كطبيب امتياز، وبعدها سافر للدراسة في كلية هامرسميث للدراسات العليا بلندن.

أيضًا درس المفتي في جامعة متخصصة في نيويورك، وبعدها عاد إلى مصر، وفيها حصل على الدكتوراه في الأمراض الباطنة عام 1940.

اهتم بأحوال الفلاحين، وصب اهتمامًا كبيرًا بالقرية المصرية، وقرية أنور المفتي هي قرية "سحالي" بالبحيرة، التي كان يقضي أيام الصيف فيها.

كان متواضعًا ومحبًا للريف بشكل كبير، فعاش ونام وأكل مع الفلاحين، وكون صداقات معهم، حتى أن الفلاحين غيروا اسم قريتهم من قرية "سحالي" إلى "أنور المفتي".

درس المفتي على يد الدكتور عبد العزيز باشا إسماعيل، والد تلميذه الدكتور أحمد عبد العزيز، وعرف بانه صاحب مدرسة التمثيل الغذائي.

اشتهر المفتي كونه الطبيب الشخصي لعبد الناصر، فكانت هذه الحقيقة السبب الذي أنسى الناس إنجازاته الطبية الأخرى.

رحل أنور المفتي عن حياتنا في أول أيام شهر رمضان المبارك يوم 16 يناير عام 1964، وتذكر زوجته في آخر ساعاته أنها كانت ستوقظه لتناول السحر ليبدأ الصيام، ولكن بعد لحظات عادت لتسمع صوت أنفاسه الأخيرة.

كُرم المفتي كثيرًا، وكان من أهم التكريمات التي حصل عليها أن سُمى شارع أنور المفتي بمدينة نصر باسمه، تكريمًا لجهوده الرائعة في الطب.

شاهد أيضًا:  أطعمة تبطئ عملية التمثيل الغذائي

إنجازات الدكتور أنور المفتي

أجرى المفتي بحوثات عديدة عن أمراض السكر، وتصلب الشرايين، وضغط الدم، وكانت لهذه البحوثات دور هام في الطب  على المستوى العالمي.

ومن أغرب البحوثات التي أجراها هي اكتشافه علاجًا لمرض البلهارسيا، وهو المرض الذي كان متفشيًا بشكل كبير في القرى المصرية.

حيث اكتشف أن مادة "الدبتركس" التي يستخدمها الفلاحون للقضاء على آفات القطن، لها تركيبة قاتلة للبلهارسيا، فاستخدمها لعلاج البلهارسيا.

أثارت هذه الدراسة دهشة الفلاحين في قرية سحالي، وحتى زملائه الأطباء المعالجين الكبار، ولكن أثبتت معامل التحاليل صدق نتائج دراسته.

ارتبط اسم المفتي بالعديد من البحوث العلمية التي أكسبته شهرة كبيرة، وعلى رأس هذه البحوث بحث عن "ديناميكية الدهنيات في الجسم".

حيث بدل المفتي نظرة العالم للوقود الذي يحتاجه الجسم، فكان من المعقد أن السكريات هي الوقود الرئيسي، ولكن جاء المفتي ليثبت أن الدهون من مصادر الوقود أيضًا.

ولم يكتف بذلك، بل ذكر في دراسته أن حركة الدهنيات في الدم، أسرع من حركة السكريات ب20 مرة، وهذا كان له دورًا في تطور نظرة الأطباء للتمثيل الغذائي.

نجح المفتي في علاج نحو 40 حالة من حالات الصداع النصفي، وما سبب حيرة الأطباء أنه استخدم نفس الدواء المستخدم لعلاج السل.

أيضًا كان أول من استعمل مادة الجلسرين في حالات غيبوبة السكر دون الحاجة إلى حقن المريض بمادة الأنسولين وذلك في الحالات البسيطة.

ولكن كان له رأيًا آخر في الحالات المتقدمة، حيث رأى أنه يمكن استخدام الجلسرين مع كمية محدودة من الأنسولين.

أيضًا تمكن المفتي من استخدام الوصفات الشعبية لعلاج العقم عند النساء، حيث استخدم طلع النخل على شكل تحاميل، واكتشف أن لها تأثيرات إيجابية على هرمونات النساء.

أنور المفتي على لسان أصدقائه

ذُكر المفتي كثيرًا في كتابات ومؤلفات العديد من الصحفيين المهتمين بتاريخ مصر الطبي، وفي مقدمتهم الصحفي بجريدة الأهرام "صلاح جلال" في كتابه "أطباء مصر كما عرفتهم".

وذكر في كتابه أن المفتي لم يترك بعد وفاته لأولاده الأربعة –ابنتين وابنين أكبر في السابعة عشرة وأصغر في الثامنة- ولزوجته إلا الدراسات والاكتشافات التي توصل إليها، كما أنه لم يترك لهم سوى المعاش الشهري من الدولة، والذي يقدر أربعين جنيهًا فقط.

أما الدكتور مصطفى الديواني يقول عن لحظات تشييع جثمان المفتي:

"وقفت مع الألوف لتوديع جثمان الطبيب الشاب المفتي من مجسد عمر مكرم وانتظر خروج نعشه، ونزل به أحباؤه وحملوه في هدوء وانكسار".

وقال: كان المفتي مشرفًا على علاج عبد الناصر، إذا كان مريضًا بالسكر آنذاك، وكان يشعر بقرب أجله، فتحدث مع معاونه الدكتور أحمد عبد العزيز، وأخبره: البركة فيك.

أما يوسف إدريس فتحدث كثيرًا عن المفتي في كتابه "جبرتي الستينات" حيث يقول إن المفتي أعطاه تقريرًا مفصلًا عن تجربته في قرية سحالي بعد أن جلسا معًا في نقاش طبي فلسفي أدبي وصوفي ممتع.

ويذكر إدريس أنه عندما قرأ التقرير شعر بالفزع والخوف الشديد، فكيف أن تكون تلك القرية الصغيرة التي يحبها، والتي شبهها بالأم العجوز الطيبة أن تكون مليئة بتلك الأمراض.

كيف تكون هذه القرية تحوي كل تلك الكميات التي تحيا وتعشش فيها، وكم من المفزع أن تدرك أن أقرانك الذين في هذه القرية قد يكونون مصابين بثلاثة أمراض على الأقل.

يقول إدريس: من المروع أن أدرك هذه الحقيقة، فالريف –الذي هو جسم أمتنا- متليف بالبلهارسيا، ومصاب بالأنيميا، وتأكل الإنكلستوما مصارينه، ويعاني من النقص الشديد من مواد الطعام الأساسية.

وأردف إدريس: "لم يكن ما أقرأه تقريرًا ولا طبًا، وإنما كانت حقائق تشبه الأسياخ المحماة، التي تنخر في عقل وتوقظ كل نائم، وتجعله يستائل كيف يمكننا أن نحل كل هذا؟".

توفي المفتي صغيرًا مقارنة بأقرانه، ولكن الفترة التي قضاها طبيبًا وخاصة في القرية أسهم إسهامات كثيرة كان لها الدور الكبير في اكتشاف علاجات وأدوية لأمراض كانت متفشية في الريف المصري.

رأي المفتي أن الريف والقرية هما قلب مصر، ومن هذا المنطلق رأى أنه من المهم أن يتم تقديم المزيد من الرعاية الصحية فيها.

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة