هل نحن نختار حقًا أم أن كل شيء مُقرر مسبقًا؟

استكشاف الإرادة الحرة: الصراع بين الضغوط الاجتماعية والبرمجة العقلية عبر الزمن

  • حمزه محمدbronzeبواسطة: حمزه محمد تاريخ النشر: منذ يوم
هل نحن نختار حقًا أم أن كل شيء مُقرر مسبقًا؟

حرية الإرادة بين الضغوط الاجتماعية والبرمجة العقلية

في لحظة تأمل صامتة، يتسلل سؤال وجودي عميق إلى أذهاننا:
هل نحن فعلاً من نصنع قراراتنا، أم أن حياتنا مجرد انعكاس لبرمجة عقلية وضغوط اجتماعية تشكلت عبر الزمن؟

سؤال الفلاسفة والعلماء: هل نملك حرية الإرادة؟

منذ فجر الفلسفة، لم يتوقف الجدل حول حرية الإرادة. بين من يراها جوهر الإنسان وأساس كرامته، ومن يعتبرها وهماً صنعته الثقافة، يبقى السؤال مفتوحًا. علماء النفس والفلاسفة وزعماء الروح خاضوا غمار هذا النقاش، ليكشفوا أن الحقيقة ليست بيضاء أو سوداء، بل متشابكة ومعقدة.

البرمجة الأولى: من يشكّل وعينا؟

  • الطفل لا يختار اسمه أو عائلته أو بيئته.
    يولد في سياق اجتماعي محمّل بقوالب جاهزة للهوية والسلوك والانتماء.

  • العقل يُبرمج منذ الطفولة على ما هو مقبول أو مرفوض، وما يجب أن يؤمن به أو يخافه، وما يسعى إليه لإرضاء الآخرين.

  • قبل سن الرشد، يحمل الإنسان أطنانًا من القواعد والتوقعات التي لم يخترها.

هل يبقى بعد ذلك شيء يمكن تسميته “اختيارًا حرًّا”؟

المجتمع: آلة تشكيل كبرى للقرارات

في المجتمعات التقليدية، الخروج عن المألوف يُعد جريمة غير معلنة:

  • اختيار مهنة لا ترضي الأهل؟ تصبح عاقًا.

  • اختيار شريك خارج “القالب”؟ تُنبذ.

  • رفض طقوس أو معتقدات؟ تُتهم بالتمرد أو “الضياع”.

ضغوط المجتمع ليست فقط في العقاب، بل في الخوف من فقدان الانتماء.
هكذا، تتلاشى الحرية في زحمة الإكراهات الخفية التي تملي علينا ما نظنه قراراتنا.

هل نعيد تدوير اختيارات غيرنا؟

  • كم من قرار ظنناه حراً، ليتضح لاحقاً أنه تكرار لرغبات الآباء أو المجتمع؟

  • كم من حلم سعينا خلفه فقط لأنه يبدو مثالياً في نظر الآخرين؟

  • كم من قيمة دافعنا عنها لأنها مألوفة، لا لأنها مقنعة؟

علم النفس التحليلي يؤكد أن الإنسان غالباً ما يعيد إنتاج الأنماط التي نشأ فيها:

  • نختار شركاء يشبهون والدينا.

  • نسعى للنجاح وفق مقاييس لا تشبهنا.

  • نكرر العلاقات المؤذية لأننا لا نعرف غيرها.

نافذة الحرية: الوعي هو البداية

رغم قتامة المشهد، هناك نافذة ضوء صغيرة اسمها “الوعي”:

  • الوعي هو أن تتوقف، تراجع، وتسائل:
    هل هذا القرار قراري؟ أم صدى لصوت قديم يسكنني؟

  • أن تبدأ بمساءلة اختياراتك يعني أنك بدأت تمارس أول درجات الحرية الحقيقية.

  • تحمّل ثمن الوعي من عزلة أو مواجهة هو ما يميز الإنسان الذي يختار عن الذي يُختار له.

بين الحتمية والاختيار: أين نقف؟

  • لسنا أحرارًا بالكامل، لكننا لسنا أسرى بالكامل أيضًا.

  • نولد في عالم لا نختاره، ونُربّى على مفاهيم لم نقررها، ونسير على طرق خُطّت لنا مسبقًا.

  • لكننا، في لحظة وعي صادقة، نستطيع أن نستيقظ ونبدأ في رسم مسارنا الخاص.

في النهاية، الحرية ليست مطلقة ولا معدومة.
إنها رحلة وعي تبدأ بالسؤال: “هل هذا قراري فعلاً؟”
وحين نجرؤ على مواجهة الإجابة، نكون قد خطونا أولى خطواتنا نحو حرية حقيقية، مهما كان الطريق طويلاً وصعبًا.

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة
  • المحتوى الذي تستمتع به هنا يمثل رأي المساهم وليس بالضرورة رأي الناشر. يحتفظ الناشر بالحق في عدم نشر المحتوى.

    حمزه محمد bronze

    الكاتب حمزه محمد

    حمزه كمال محمد، سفير السلام لمنظمة حقوق الإنسان، حاصل على دكتوراه في العلاقات الدولية والعلوم السياسية من لندن، إعلامي وصحفي بخبرة تتجاوز إحدى عشر عام في التحليلات السياسية وتغطية الأحداث الميدانية، عملت في بيئات إعلامية متعددة كسوريا ولبنان، وصولاً إلى أبرز الفعاليات الرسمية والإنسانية في دولة الإمارات. تنقلت بين عدسة الكاميرا والميكروفون والقلم، ناقلاً الحقيقة كما هي، دون تجميل أو تحريف، مؤمناً بأن الإعلام رسالة ومسؤولية.

    image UGC

    هل لديكم شغف للكتابة وتريدون نشر محتواكم على منصة نشر معروفة؟ اضغطوا هنا وسجلوا الآن!

    انضموا إلينا مجاناً!