أشعار قيلت في المال والنقود

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأحد، 17 ديسمبر 2023

شعر عن المال والفقر

لا ينتهي الجدل حول المالِ إن كانَ وسيلةً أم غاية؟! طريقاً للسعادةِ أم خطوة في هذا الطريق؟

ومهما يكن من الأمر، تقتضي البداهة أن نعترف بأهمية المال ليستمر الإنسان بتأمين متطلباته الأساسية في الحياة، خاصَّة وأنَّ عالمنا اليوم لم يعد عالماً للزهد، ربما حتَّى الزهد بات يحتاج إلى المال!

في هذه المادة سنتعرف معاً إلى طائفة من أجمل أبيات الشعر التي تحدثت عن المال وأحواله، الرغبة فيه والرغبة عنه، ما يعطيه للإنسان وما يأخذه منه، وأوجه إنفاق هذا المال… إلخ.

أغلب مواقع ذكر المال في الشعر العربي كان زهداً به!

اهتم شعراء اللُّغة العربيَّة منذ القدم بموضوع المال لما له من أثر في الحياة، فعلى الرَّغم من قيمة النَّسب الرفيع إلَّا أن الثراء لطالما صان كرامة أصحابه ولطالما أورثت قلَّة المالِ السَقم.

لكن مع ذلك نجد أغلب الشِّعر زاهداً بالمال ورافضاً جمعه واكتنازه، حيث يرى الشَّاعر المخضرم الحطيئة أنَّ التَّقوى خير من المال إذا أراد الإنسان كنزاً:

ولَستُ أرَى السَّعادَةِ جَمعُ مَالٍ ولكنَّ التَّقيّ هوَ السَّعيدُ

وتَقوى الله خيرُ الزَّادِ ذُخراً وعند الله للأتقى مَزيدُ

بل يَرى صَفيُّ الدِّينِ الحلي أنَّ المرء ما لم تكن الأموال في نفسه ذليلةً لن يجد طريقه للعزِّ:

يَا مَن يُعِزُّ المَالَ ضَنّاً بِهِ، إنَّ المَعالِي ضِدَّ مَا تَزعمُ

مَا عَزَّ بَينَ النَّاسِ قَدرُ امرئٍ إلّا وقدْ ذَلّ بِهِ الدِّرهَمُ

كما نجد من الشُّعراء من أعطى المال قيمته في الحياة، بل من أشار إلى قدرة المال على تغيير المصائر والمقادير، إضافة إلى من ربط بين المال ومصدره أو بين المال ومنتهاه، كل هذا في الفقرات القادمة.

أبيات شعر في الحكمة عن المال

الحكمة في الشعر العربي من الأبواب الرئيسية، ولما كان المال في الدُّنيا أربع أخماسها سعياً وطلباً وإنفاقاً أو زهداً وترفع فقد وجد الشعراء مجالاً واسعاً للتفكر في علاقة الإنسان بالمال.

وقد بذلوا جهداً في المقارنة بين المال والعلم لتفضيل العلم والأخلاق على المال.

يقول الإمام علي بن أبي طالب في مقارنته بين قلة المال مع رجاحة العقل ووفرة المال مع قلة العلم:

رَضينا قِسمةَ الجَبارِ فينا لَنَا عِلمٌ ولِلجُهَّالِ مَالُ

فإنَّ المَالَ يَفنَى عَن قَرِيبٍ وإنَّ العِلَمَ باقٍ لا يَزالُ

شاهد ايضاً: شعر عن الأب

أمَّا أبو اسحق الألبيري فيرى أنَّ الكفَّة سترجح للعلم في ميزان الحياة، فالمال إذا جعلته فوق العلم إنّما هو جهلٌ وتهديم للنَّفس؛ يقول الألبيري:

تَفتُّ فُؤادكَ الأيَّامُ فَتَّا وتَنحِتُ جِسمَكَ السَّاعاتُ نَحتَا

وتَدعوكَ المَنونُ دُعاءَ صِدقٍ: أَلا يَا صَاح أنتَ... أريدُ أنتَا

ولا تَحفِل بِمالِكَ واِلهُ عَنهُ؛ فَليسَ المالُ إِلَّا ما عَلِمتَا

ولَيسَ لِجاهلٍ في النَّاسِ مَعنىً ولَو مُلكُ العِراقِ لَهُ تَأَتَّى

سَينطِقُ عَنكَ عِلمُكَ في نَدِيٍّ ويُكتَبُ عَنكَ يَوماً إِن كَتَبتا

وما يُغنيكَ تَشيِيدُ المَباني إِذا بِالجَهلِ نَفسكَ قَد هَدَمتا

جَعَلتَ المَالَ فوقَ العِلْمِ جَهلاً؛ لَعَمرُكَ في القَضيَّةِ ما عَدَلتا

وبَينَهُما بِنصِّ الوَحيِ بَونٌ سَتعلمُهُ إِذا طَهَ قَرَأتا

لَئِن رفعَ الغَنيُّ لِواءَ مَالٍ لَأَنتَ لِواءَ عِلمِكَ قَدْ رَفَعتا

وإِن جَلسَ الغَنيُّ عَلى الحَشايا لأَنتَ على الكَواكِبِ قَد جَلَستَا

ويذهب عبد الغني النابلسي إلى أبعد من ذلك ليرى في المال عدواً للعلم:

العِلمُ والمالُ عَدوَّان لمْ يجتمِعا إلَّا اقتَضَى الحَالُ

فسادٌ وَصفُ منهما ذلكَ الآخر فليستَيقِظ البَالُ

فالعِلمُ إنْ لَمْ يُفسد المَالَ في وجهِ الهُدى؛ أفسَدهُ المَالُ

وبعيداً عن علاقة المال بالعلم نجد حاتم الطائي أكثر اهتماماً بعلاقة المال بالكرم، وهو الذي لا يرغب بادِّخار شيء لنفسه ويميل إلى البذل والعطاء (تعرفوا أكثر على حاتم الطائي).

يقول الطائي لماوية بنت عفزر في سباقه للزواج منها في هذه القصيدة:

أماويَّ! قَد طَالَ التَّجنُّبُ والهَجرُ وقدْ عَذرتني مِن طلابِكم العُذرُ

أماويَّ! إنَّ المَالَ غادٍ ورَائح، ويَبقَى مِن المَالِ الأحادِيث والذِّكرُ

أماويَّ! إني لا أقولُ لِسَائلٍ إذا جَاءَ يوْماً، حَلَّ في مَالِنا نَزْرُ

أماويَّ! إمَّا مانحٌ فمُبينٌ، وإمَّا عَطاءٌ لا يُنَهنِههُ الزَّجرُ

أماويَّ! مَا يُغني الثَّراءُ عَن الفَتَى، إذا حَشرَجَتْ نَفسٌ وضَاقَ بها الصَّدرُ

كذلك يرى ابن الرومي أن المال كبئرٍ يُنتِنُها ألّا تغترف منها؛ يقول:

المالُ يكسبُ ربَّهُ ما لم يَفضْ في الرَّاغبينَ إليه سُوءَ ثناءِ

كالماءِ تأْسنُ بئرهُ إلَّا إذا خبطَ السُّقاةُ جِمامهُ بدلاءِ

والنَّائلُ المعطَى بغير وسيلةٍ كالماءِ مغتَرَفاً بغيرِ رِشاءِ

ويقول لبيد بن ربيعة العامري في ذهاب المال والأنفس:

ومَا المرءُ إلَّا كالشِّهابِ وضَوئِهِ يحورُ رَماداً بَعدَ إذْ هوَ سَاطِعُ

ومَا البِرُّ إلَّا مُضمَرات مِنَ التُّقَى وما المَالُ إلا مُعْمَراتٌ وَدائِعُ

وما المالُ والأهلُونَ إلا وَديعَةٌ ولا بُدَّ يَوماً أنْ تُردَّ الوَدائِعُ

أمَّا عند أبي العلاء المعري فيكون الثراء عين الفقر:

إذا زَادكَ المَالُ افتِقَاراً وحَاجَةً إلى جَامِعيهِ، فالثرَّاءُ هو الفقرُ!

ألمْ ترَ أنَّ المَلكَ ليسَ بدَائمٍ عَلى مُلْكِهِ، إلّا وعَسكَرُهُ وِقْرُ؟

أبيات علي بن الجهم عن زوال النعمة والمال

هيَ النَّفسُ ما حمَّلتَها تَتحمَّلُ وللدَّهرِ أيَّامٌ تَجورُ وتَعدِلُ

وعاقِبَةُ الصَّبرِ الجَميلِ جَميلَةٌ وأفضَلُ أَخلاقِ الرِّجالِ التَفضُّلُ

ولا عارَ إن زَالت عَن الحُرِّ نِعمَةٌ ولكِنَّ عاراً أَن يَزولَ التَّجمُّلُ

وما المالُ إِلّا حَسرَةٌ إِن تَرَكتَهُ وغُنمٌ إِذا قَدَّمتَهُ مُتَعجَّلُ

ولِلخَيرِ أَهلٌ يَسعَدونَ بِفِعلِهِ وللنَّاسِ أَحوالٌ بِهِم تَتنقَّلُ

أبيات شعر عن جني المال وجمعه

في هذه الفقرة جمعنا لكم أجمل الأبيات التي تتحدث عن مصادر جمع المال، وعن قيمة هذا الجمع وآثاره، وهل يهنأ جامع المال بما جمع؟! ستجدون فيها أيضاً الكثير من الحكمة والنصائح.

يقول الشريف الرَّضي

يَا جَامعَ المَالِ كلْهُ قَبلَ آكِلهِ فإنَّما المَالُ في الدُّنيا لمَن أكَلا

أنتَ المجاري إلى مَا بِتَّ تَجمَعُه فاسبِقْ إليهِ صُروفَ الدَّهرِ والأجلا

إنْ تُبقِ مَالكَ حِيناً لمْ تُبَقَّ لهُ إمَّا بطلتَ فَناءً عنه أو بَطُلا

أمَّا الكَريمُ فيمضي مَالُهُ مَعه ويَتركُ المالَ للأعداءِ مَن بَخِلا

ويقول الإمام علي بن أبي طالب عن جمع المال والطمع

دَعِ الحِرصَ عَلَى الدُّنيَا وَفي العَيْشِ فَلاَ تَطْمَعْ

ولاَ تَجمَعْ مِنَ المَالِ فلا تَدري لِمَن تَجمَعْ

ولاَ تَدرِيِ أفِي أَرضِكَ أمْ في غَيرِها تُصرَعْ

فإنَّ الرِّزقَ مقسومٌ وسُوءُ الظَّنِّ لا يَنفَعْ

فَقِيرٌ كُلُّ مَنْ يَطمَعْ غَنِيٌّ كُلُّ مَن يَقنَعْ

أمَّا صفي الدين الحلي فقد وجد في جمع المال بقصد الاكتناز تعجيلاً للفقر!

لا تَخزنوا المَالَ لقَصدِ الغِنى، وتَطلبُوا اليُسرَى بعُسراكمُ

فذَاكَ فَقرٌ لَكم عَاجلٌ، أعَاذنا اللَّهُ وإيَّاكمُ

ما قالَ ذُو العَرشِ لَنا اخزُنُوا بلْ أنفقوا مِما رَزقناكمُ

ويقول أبو تمام عن جمع المال:

ينالُ الفتى من عيشهِ وهوَ جاهلٌ ويُكْدِي الفَتَى في دَهرِهِ وهوَ عَالِمُ

ولَو كانَتِ الأرزَاقُ تَجري عَلى الحِجَا، هَلَكنَ إذَن مِن جَهلِهنَّ البهَائِمُ

جَزَى اللهُ كَفّاً مِلؤها مِنْ سَعَادةٍ سعَتْ في هلاكِ المالِ والمالُ نائمُ

فلمْ يَجتمعْ شَرقٌ وغَربٌ لقَاصدٍ ولا المَجْدُ في كَفِّ امرئٍ والدَّرَاهِمُ

ويخاطب ناصيف اليازجي جامع المال فيقول:

ألا يَا جَامعَ الأمـوالِ هَـلَّا جَمَعتَ لَها زماناً لافتِـرَاقِ

رأيتُكَ تطلبُ الإبحارَ جَهـلاً وأنتَ تكادُ تغرقُ في السَّواقي

إذا أحرزتَ مَالَ الأرضِ طُرَّاً فما لَكَ فوقَ عيشِكَ منْ تَرَاقِ

أتأكلُ كُلَّ يومٍ ألفَ كَبْـشٍ!! وتلبسُ ألفَ طَاقٍ فوقَ طاقِ!!

فُضولُ المالِ ذاهبـةٌ جُزافـاً كَماءٍ صُبَّ في كأسٍ دِهَاقِ

وعن مصادر المال يأنف حاتم الطَّائي أن يقرب مالاً خالطه الغدر، فيقول:

ولا أشتري مالاً بِغَدْرٍ عَلِمْتُهُ؛ ألا كلُّ مالٍ خالَطَ الغَدْرُ أنكَدُ

إذا كانَ بَعضُ المالِ رَبّاً لأهْلِهِ فإنِّي بحَمْدِ اللهِ مالي مُعَبَّدُ

يُفكّ بهِ العاني ويُؤكَلُ طَيِّباً ويُعطَى إذا مَنَّ البَخيلُ المُطَرَّدُ

حتَّى أن أبا الشمقمق يرى أنَّ المال الدَّنِس يفقد الأعمال العبادات قيمتها، يقول:

إذا حَجَجتَ بمَالٍ أصلهُ دَنسٌ فمَا حَجَجتَ ولَكنْ حَجَّتِ العِيرُ

لا يَقبلُ اللهُ إلّا كلَّ طَيِّبةٍ مَا كُلُّ مَن حَجَّ بيتَ الله مَبرُورُ

ويقول جمال مرسي

أيا عَبداً لجَمعِ المَالِ عُذراً؛ أتدري مَا السَّبيلُ إلى الضَّلالةْ؟

سَبيلُكَ في اْغتصابِ المَالِ غَدراً فبئسَ المَالُ ، قَد أشقَى رِجالَهْ

فكُن حَذِراً إذا جَمَّعتَ مالاً فإنَّ حرامَهُ يُفني حَلالَهْ

شعر عن الفلوس تغير النفوس

وصلنا إلى أوجه إنفاق المال، حيث سنجد من الشُّعراء من أنفق ماله في اللهو والحانات واصفاً إنفاقه في هذه السبل، كما سنجد من انفق ماله في العطاء والسخاء.

يقول ابن المعتز

أتلفَ المالَ وما جَمَعتُهُ طَلبُ اللَّذاتِ في مَاءِ العِنبِ

و اسقيا بالزَّقِّ مِن حَانوتِها شَائلِ الرِّجلينِ مَعصوبِ الذَّنبِ

(الزق: وعاء جلدي للخمر، شائل الرجلين: مرفوعة)

كذلك ابن نباتة المصري كان في هيامه وسكره فناء ماله

كَانَ لِي مَالٌ ولِبسٌ قَبلَ تهيامِي وسُكرِي

فسَبَكتُ المَالَ طَاساً وصَبغتْ اللِّبسَ خَمري

والفرزدق يعيب على المرء إنفاق المال في غير حقِّه، فيقول:

أهْلَكتَ مالَ الله في غَيرِ حَقِّهِ، عَلى النَّهرِ المَشْؤومِ غَيرِ المُبَارَكِ

وتَضرِبُ أقَواماً صِحاحاً ظُهورُهَا، وتَترُكُ حَقَّ الله في ظَهْرِ مالِكِ

أإنْفَاقُ مالِ الله في غَيرِ كُنهِهِ، ومَنْعاً لحَقّ المُرْمَّلاتِ الضَّوَانِكِ!

أما الشافعي فيقول:

يَا لَهفَ نَفسي عَلى مَالٍ أفرِّقُهُ عَلى المُقِلِّين مِن أهلِ المُروءَاتِ

إنَّ اعتِذارِي إلى مَن جَاءَ يَسألُني مَا لَيسَ عِندِي لَمِنْ إحْدى المصيباتِ

كذلك حاتم الطائي يرغب دائماً في إنفاق ماله في الكرم والبذل، فيقول:

يَقولونَ لِي: أهلَكتَ مَالَكَ فاقتَصِد، ومَا كُنتُ لَولا مَا تَقولونَ سَيَّدا

كُلوا الآنَ مِن رِزِقِ الإله وأيسروا فإنَّ على الرَّحمنِ رِزْقَكُمُ غَدا

أبيات شعر عن المال والناس

وليس الغني يبقى على حاله إن هو أصابه الفقر، كما أنَّ الفقير إذا جادت الدُّنيا له فأصبح صاحب مَالٍ تغيَّرت طباعه، والطمع بجمع المال والرَّغبة به تحرك سلوك الإنسان.

يقول أبو العلاء المعري

المالُ يُسكِتُ عن حَقٍّ ويُنطِقُ في بُطلٍ، وتُجمَع إكراماً لهُ الشِّيَعُ

وجِزيَةُ القَومِ صَدَّتْ عَنهمُ، فغَدَتْ مَساجِدُ القَومِ مَقروناً بها البِيَعُ

ويقول الإمام الشَّافعي

وأنطقتِ الدَّراهمُ بعدَ صمتٍ أناساً بَعدمَا كَانوا سُكُوتا

فمَا عَطفوا عَلى أحدٍ بفَضلٍ ولا عَرفوا لمكرمةٍ ثُبوتَا

"ليس الغنى إلا عن الشيء لا به" الإمام الشافعي:

بَلَوْتُ بَني الدُّنيا فَلَمْ أَرَ فِيهمُ سوى من غدا والبخلُ ملءُ إهابِهِ

فَجَرَّدتُ مِن غِمدِ القَناعَةِ صَارِماً قَطعتُ رَجائي مِنهم بذبابِهِ

فلا ذَا يَراني وَاقفاً في طَريقهِ ولاَ ذَا يَرَانِي قَاعِداً عِندَ بَابِهِ

غَنيٌّ بلا مَالٍ عَن النَّاس كلِّهم ولَيسَ الغِنى إلَّا عَن الشَّيء لابِهِ

إِذا مَا ظَالِمٌ استَحسَنَ الظُّلمَ مَذْهباً ولجَّ عُتوّاً فِي قَبيحِ اكتِسابِهِ

فَكِلْهُ إلى صَرفِ اللَّيالِي فَإنَّها سَتُبدي لهُ ما لَم يَكُن في حِسابِهِ

فَكَم قَدْ رَأينَا ظَالِماً مُتَمَرِّداً يَرَى النَّجْمَ تِيهاً تحْتَ ظِلِّ رِكابِهِ

فَعَمَّا قليلٍ وَهْوَ في غَفَلاتِهِ أَنَاخَتْ صُروفُ الحادِثَاتِ بِبابِهِ

فَأَصْبَحَ لا مَالٌ وَلاَ جاهٌ يُرتَجَى ولا حَسَناتٌ تَلتَقي فِي كتَابِهِ

وجوزي بالأمرِ الذي كان فاعلاً وصبَّ عليهِ الله سوطَ عذاب

كما يرى أبو العلاء المعري أن أمانة المرء على المال لا تعني أمانته على غيره، فيقول:

إذا أمِنتَ على مَالٍ أخَا ثِقَةٍ، فاحذَرْ أخَاكَ ولا تأمَن عَلى الحُرَمِ

فالطَّبعُ في كلِّ جيلٍ طبعُ مَلأمَةٍ، ولَيسَ في الطَّبعِ مَجبولٌ عَلى الكَرَمِ

وتنسب هذه الأبيات للإمام علي بن أبي طالب وللإمام الشَّافعي:

يَعِزُّ غَنِيُّ النَفسِ إِن قَلَّ مالُهُ ويَغنى غَنِيُّ المالِ وَهوَ ذَليلُ

ولا خَيرَ في وِدِّ اِمرِئٍ مُتلَّونٍ إِذا الريحُ مَالَت مَالَ حَيثُ تَميلُ

جَوَّادٌ إِذا اِستَغنَيتَ عَن أَخذِ مالِهِ، وعِندَ احتِمالِ الفَقرِ عَنكَ بَخيلُ

فَما أَكثَرَ الإِخوان حينَ تَعدُّهُم ولَكِنَّهم في النَّائِباتِ قَليلُ

أمَّا علقمة الفحل فقد خصَّص هذه الأبيات عن طباع النِّساء ورغبتهم بصاحب المال يقول:

فإنْ تَسألُوني بالنِّساءِ فإنَّني بَصيرٌ بأدوَاءِ النِّساءِ طَبيبُ

إذا شَابَ رَأسُ المَرْءِ أو قَلَّ مَالهُ فليسَ لَهُ مِن وُدِّهِنَّ نَصيبُ

يُرِدْنَ ثَراءَ المالِ حَيثُ عَلِمنَهُ وشرخُ الشَّباب عِندَهُنَّ عَجيبُ

فَدعها وسَلِّ الهمَّ عَنكَ بِجِسرةٍ كَهَمِّكَ فيها بالرِّادفِ خبيبُ

حكم عن حب المال والطمع

إذا كنت تبحث عن حكم عن حب المال والطمع، فإن اللغة العربية بها العديد من الحكم الجميلة في هذا الأمر ومنها..

إن وضعت المال فوق رأسك خفضك، وإن وضعته تحت قدميك رفعك.

إن المال الذي في يدك هو وسيلة إلى الحرية، وأما المال الذي تسعى إليه فهو طريق العبودية.

يا عابد المال قل لي، هل وجدت به روحاً تؤانسك أو روحاً تواسيها؟

لا يعتبر المال أهم شيء في الحياة، بل هو الحب، لحسن الحظ أحب المال.

شعر عن الحاجة للمال

الإمام الشافعي وقيمة المال في دنيا لا تدوم:

تَبْغي النَّجاةَ ولَم تَسلُكْ طَريقَتهَا إنَّ السَّفينَةَ لا تَجرِي عَلى اليَبسِ

رُكُوبكَ النَّعشَ يُنسيكَ الرُّكوبَ عَلى مَا كُنتَ تَركَبُ مِن بَغلٍ ومِن فَرَسِ

يَومَ القيامةِ لا مالٌ ولا ولدٌ وَضمَّةُ القَبرِ تُنسي لَيلَةَ العُرسِ

أبو الطيب المتنبي لا يقصد مالاً في ذل لنفسه:

إنّي أُصَاحِبُ حِلمي وَهْوَ بي كَرَمٌ وَلا أُصاحِبُ حِلمي وَهوَ بي جُبُنُ

وَلا أُقيمُ على مَالٍ أذِلُّ بِهِ وَلا ألَذُّ بِمَا عِرْضِي بِهِ دَرِنُ

أبو العلاء المعري:

صدَقتُكَ صَاحِبي لا مَالَ عِندي، وقَد كَثُرَ الضَّيافنُ والضُّيوفُ

أُناسٌ في أكفّهِمُ عِصِيٌّ وقَومٌ في أكفّهمُ سُيوفُ

دراهِمُهُمْ نقيّاتٌ ولكِنْ نُفُوسُهمُ إذا كُشِفتْ زُيوفُ

وما في الأرضِ من شِرْبٍ كريمٍ، يُسَرُّ بوِرْدِهِ الصَّادي العَيوفُ

عنترة بن شداد العبسي والافتخار بالشجاعة لا بالمال:

لعمري ما الفخارُ بكسْب مالٍ ولا يُدْعى الغَنيُّ منَ السُّرَاةِ

ستذكُرني المعامعُ كلَّ وقتٍ على طُولِ الحياةِ إلى المَمات

فذاكَ الذِّكرُ يبقى لَيسَ يَفْنى مَدى الأَيَّام في ماضٍ وآت

وإني اليومَ أَحمي عِرْضَ قومي وأَنصُرُ آلَ عَبسَ على العُدَاةِ

وآخذُ مَالنا منهُمُ بحَربٍ تَخِرُّ لها مُتونُ الرَّاسيَاتِ

وأَترُكُ كلَّ نائِحَةٍ تُنادي عليهم بالتَّفرقِ والشَّتاتِ

وقال مصطفى صادق الرافعي في مديح عمر بن الخطاب:

لا زينة المرءِ تعليلهِ ولا المالُ ولا يشرفهُ عمٌ ولا خالُ

وإنَّما يَتسامى للعُلا رَجلٌ مَاضِي العَزيمةِ لا تُثنيهِ أهوالُ

يُريكَ من نَفسهِ فيمَا يَهمُّ بِهِ أنَّ النُّفوسَ ظَبي والنَّاسُ أبطالُ

(...)

فثبَّتَ الأرضَ يلقي في جَوانبِها كَتائباً هُنَّ فَوقَ الأرضِ أجبالُ

ومَدَّ آمَالهُ في كُلِّ نَاحيةٍ ولا سَريرٌ ولا تَاجٌ ولا مَالُ

والمرءُ إن كانْ إنساناً بزينتهِ فإنَّما هو بينَ الناسِ تمثَالُ

وفي الأنامِ رجالٌ كالنجومِ إذا أتى الفتى ما أتوهُ نالَ ما نالوا

صفي الدين الحلي وإقراض المال:

طَلَبتم يَسيرَ المَالِ قَرضاً فَلَم يَكُن إلى الرَّدِّ عمَّا رُمتموهُ سَبيلُ

وتعلمُ أنَّ المَالَ في النَّاسِ أخذهُ خَفيفٌ، ولَكنَّ الأداءَ ثَقيلُ

فلا تَجعَلنّ العِرضَ للمَالِ جُنّةً، وكُن كالفتَى الكِنديّ حينَ يَقولُ:

يَهُونُ عَلَينا أن تُصابَ نُفُوسُنا وتَسلَمَ أعراضٌ لَنا وعُقولُ

أبيات ابن شيخان السالمي عن المال والقوة:

هو المالُ خُذهُ للمَطالِبِ سُلَّما وحَافِظ بهِ حَدَّ العُلا أنْ يُثلَّما

ومَن شَاد بالسَّيفِ العُلا وهو مُعْدِم فأخشى عَلى بنيانِه أنْ يهُدَّمَا

ورُبَّ امرئٍ نَالَ العُلا فمتَى استَوى عَلى طرفَيْها خَانَه البَعضُ منهما

قرينانِ فَرَّاجان كلَّ شَديدةٍ حَصينانِ منَّاعانِ نَاصيةَ الحِمى

أبيات أبو العتاهية عن جمع المال:

تُنَافسُ فِي جَمعِ مَالٍ حُطَامٍ وكلٌّ يَزُولُ، وكلٌّ يَبِيدُ

وكَم بادَ جَمعٌ أُولُو قُوَّةٍ، وحِصنٌ حَصِينٌ وقصرٌ مَشِيدُ

ولَيسَ بباقٍ على الحَادِثاتِ، لشيءٍ مِنَ الخَلْقِ رُكنٌ شديدُ

وأيُّ مَنيعٍ يَفُوتُ الفَنَا، إذا كانَ يَبلَى الصَّفَا والحَديدُ

أبيات ثابت بن جابر (تأبط شراً) عن المال وبذله:

يَقولُ: أهلكتَ مَالاً لو قَنعتَ بهِ مِن ثَوبِ صِدقٍ ومِن بَزٍّ وأعلَاقِ

عَاذِلَتي إنَّ بَعضَ اللَّوم معنفةٌ وَهَلْ مَتَاعٌ وَإن أَبقَيتُهُ بَاقِ

إنِّي زَعيمٌ لئن لَم تَترُكوا عُذلي أنْ يَسألَ الحَيُّ عَنِّي أهْلَ آفَاقِ

أَن يَسألَ القَومُ عَنِّي أَهلَ مَعرِفَةٍ فَلاَ يُخبِّرُهمْ عَن ثَابِتٍ لاَقِ

سدِّد خلالكَ مِن مَالٍ تُجمِّعهُ حَتَّى تُلاقِي الَّذي كُلُّ امرِئٍ لاَقِ

لتقرعَنَّ عَليَّ السِّنَّ مِن ندمٍ إذا تذكَّرتَ يَوماً بَعضَ أخلاقي

إبراهيم بن عبد القادر الرياحي:

قد نالَ ذَلك أقوامٌ مُجَلْمَدَةٌ لا يَكسَبونَ لَعَمْرِي قَدرَ قطميرِ

ونَابَ عَن قُبحِ آدابٍ ومَعرِفةٍ بِيضُ الدَّراهم أو صُفْرُ الدَّنانير

عَبد الغني النابلسي ونشوة الفقر:

الحمد للهِ لا جَاهٌ ومَالُ وإنَّما هوَ عِلمُ الله والحَالُ

فلا أخَافُ عَلى جَاهٍ يَزولُ ولا مَالٍ عَليهِ يدٌ تَبغى وتَحتَالُ

الشَّاعر رشيد أيوب:

عجبتُ لمثرٍ جَهول ثقيل وغيرَ الدَّراهمِ لمْ يَعبُدِ

وأعجبُ منهُ غَنيٌّ بخِيلٌ يجورُ عَلى البَائِسِ المُجتَدي

عبد الرحمن العشماوي:

لَيسَ الهَوى سِلعةً تُشرَى عَلى مَلأ ولا تُباع ولا يَأتي بِها الغَلبُ

قَد يَعشقُ المَرءُ مَن لا مَالَ في يَدِهِ ويَكرَهُ القَلبُ مَن في كفِّهِ الذَّهبُ

حَقيقةٌ لو وَعاها الجَاهِلونَ لمَا تَنافَسوا في معانِيها ولا احتَرَبوا

ما قِـيمةُ النَّاسِ إلَّا في مبَادِئهم لا المالُ يَبقى ولا الألقابُ والرُّتبُ

شعر عن المال والفقر

عرف المجتمع البشري تغيرات جذرية في علاقة أفراده مع المال خلال القرون القليلة الماضية، فقد أصبح الفقر همَّاً اجتماعياً نتجت عنه نظريات سياسية واجتماعية غيرت مجرى التفكير الإنساني.

كما أنَّ متطلبات الحياة اختلفت، ولم يعد يكفي قليل من المال ليحيى الإنسان كريماً في عالم كهذا الذي نحيا فيه، لذلك اخترنا لكم بعض القصائد التي يمكن أن تعبر عن علاقتنا بالمال في الوقت الراهن.

منها مثلاً قصيدة الشَّاعر العراقي بدر شاكر السَّيَّاب عن السعي المحموم وراء لقمة العيش وجمع المال في الغربة، يقول السَّيَّاب:

فلتَنطفي يا أنتِ... يا قَطرات، يا دَمٌ، يا نُقودْ

يا ريح، يا إبراً تَخيطُ لي الشِّراعَ، متَّى أعودْ!

إلى العِراقِ متَى أعودْ؟

يا لمعةَ الأمواجِ ونحن مِجدافٌ يَرودْ

بي الخليج، ويا كَواكِبهُ الكَبيرة... يا نُقودْ

ليتَ السَّفائنَ لا تُقاضِي رَاكبيها مِن سُفَّار

أو ليتَ أنَّ الأرضَ كالأفُقِ العَريضِ، بلا بِحارْ

ما زلتُ أحسِبُ يا نُقودْ!، أعدُّكُنَّ وأستَزيدْ!

ما زِلتُ أنقُصُ يا نُقودْ بكنَّ مِن مَددَ اغترابي

ما زِلتُ أوقدِ بالتماعتكنَّ نافذَتِي وبَابي

في الضِّفَّة الأخرى هُناك...

فحدِثِيني يَا نُقودْ... متَى أعودْ، متَى أعودْ؟

(...)

أعود... وَاحسرَتاهُ... فلَن أعودَ إلى العِراق

وهل يعودْ... مَن كانَ تَعوزهُ النُّقودْ؟

وكيفَ تدَّخِرُ النُّقودْ؟!

وأنتَ تأكُل إذ تَجوعْ؟ وأنتَ تَنفقُ ما تجودْ... بِهِ الكِرامُ، عَلى الطَّعام؟

لتبكينَّ على العراق فما لديكَ سِوى الدُّموع

وسِوى انتظاركَ، دِونَ جَدوى، للرِّياح وللقلوع

كذلك عرف الشَّاعر يحيى توفيق حسن قيمة المال في عالمنا، لكنه بعد أن وصل إلى الثروة وجدها لا تستحق كل ذاك العناء، وما كان سيقول لو لم يصل إلى الثروة؟! يقول في ذلك:

وأيقنتُ أنَّا رَاحلون وأنَّني وإنْ طالَ بي عُمري سَأصبحُ فَانيَا

وكنتُ طريَّ العُودِ مَا زلتُ يَافِعاً غَريراً قَليلَ الحولِ أخشَى العَواديَا

وَحيداً ولا مَالٌ، وحَولي صِبيةٌ يَتامى تَضاغوا جَائعينَ حِيالِيا

فأيقَظَني مِن غَفلةِ العُمرِ بُؤسُهم وأشَعلَ في ذَاتي وَئيدَ حَماِسيا

فشمَّرتُ تَشميرَ الكريمِ إذا غَدا إلى الحَربِ لا يَخشَى مِن الموتِ عَاديا

وأقبلتُ أسعَى في الحَياة وقدوتي أبٌ صارعَ الأيَّامَ كاللَّيثِ ضَاريا

فلما عَجمتُ النَّفسَ والتفَّ سَاعِدي تَلفتُ حَولي أرقَبُ الكَونَ حَائرا

تَوهمتُ أنَّ المَجدَ إحرازُ ثَروةٍ أصونُ بِها وَجهاً رَأى الفَقرَ سافرا

فرُحتُ بِعزمٍ لا يكلُّ وهمّةٍ أحاولُ جمعَ المَالِ بالكَدِّ صَابِرا

سِنينٌ وأعوامٌ مِن العُمرِ أُهدِرَت تَغرَّبتُ عَن أهلي وعِشتُ مُهاجِرا

وطُفتُ بأرضِ الله والمَالُ غَايتي وضَاعَ شَبابي في الحَياةِ مُغامِرا

حَرمتُ عُيوني مِن لَذيذُ رُقادها وكَم عَذَّبَ الحِرمانُ مَن بَاتَ سَاهرا

وبعدَ سِنين الصَّبرِ أمسيتُ مُوسراً وأصبحَ عِندي نَادرُ المَالِ وَافرا

فرُحتُ بعَيني أحكمتْها تَجارِبي أردِّدُ طَرْفي في الخَلائقِ سَاخِرا

أفي المَالِ- بئسَ المالُ- أفنيتُ زَهرَتي وحَولي جَمالُ الكَونِ يَنبضُ ذَاخِرا

نقود الله عدنان الصائغ:

على رصيفِ شارعِ الحمراء... يعبرُ رجلُ الدِّين بمسبحتِهِ الطويلةِ

يعبرُ الصعلوكُ بأحلامِهِ الحافيةِ... يعبرُ السياسي مفخّخاً برأسِ المال

يعبرُ المثقف ضائعاً بين ساهو وحي السلّم

الكلُ يمرُّ مُسرعاً ولا يلتفتُ للمتسولِ الأعمى

وحدهُ المطرُ ينقّطُ على راحتِهِ الممدودةِ باتجاهِ الله

أحمد عبد المعطي حجازي، القاهرة والنُّقود:

لَو كَانَ في جَيبي نُقود...

لا لن أعود، لا لَن أعودَ ثانياً بِلا نُقود

يا قاهرةْ، أيا قِباباً مُتخمات قَاعدةْ

يا مئذنات مُلحِدةْ... يا كَافِرةْ

أنا هُنا لا شيء، كالموتى، كرؤيا عابرةْ

أجرُّ سَاقيَّ المجهَدَة للسيّدةْ... للسَّيَّدةْ

الشَّاعر محمود بريكان، نقود الغريب ودمه:

مَن يَعرفُ الآنَ القَتيلْ؟

لا يعرفونْ إلَّا اسمه، حتَّى اسمه بتمامِه لا يَعرفونَهْ

ويقالُ إنَّ لهُ بَناتٍ في مَكانٍ يَجهَلونَهْ

ناءٍ، وليسَ لَهُ بَنونْ

في جَيبِه ظَرفٌ عَتيقْ

ورِسالتان، وفي جُيوبِ رِدائهِ الخلِق الرَّقيقْ

وجدوا نِثاراً مِن نقودْ

هي كلِّ ما استبقاه من أيَّام غُربَتهِ الطَّويلة

ومِن المهانةِ والضَّياعْ

قطعاً مدوَّرةً صَقيلة

بيضاً سِوى نُقط بلونِ الجَمرِ، مِن دَمهِ المُضاعْ .

ختاماً... معظمنا يركض خلف المال ويرغب أن يصل إلى أقصى حدود الثَّراء، حتَّى من يعتقد أنَّه سيكتفى من المال بما يقيه شرَّ السُّؤال نجده لا يكتفي عند هذا الحدِّ الذي رسمه.

خاصَّة وأنَّنا في عصر أصبح فيه لإنفاق المال أوجه أكثر مما كان شعراؤنا القدماء يتخيلون!.

دعونا في الختام نتأمل العلاقة الشائكة بين إنسانية الإنسان وسعيه نحو الثراء والمال في قصيدة الشَّاعر غازي القصيبي:

وقُلتِ لِي: السِّحرُ في البَحرِ، واللَّيلِ والبدرِ

في الكَائناتِ المدمَّأة بالعِشقِ

تَحلُم أنْ تَتَضاعفَ وهي تُحبّ، وتَكبر وهيَ تُحِبّ، وتولَدُ في الفَجرِ

قلتِ لي: السِّحرُ في الوَتَرِ

المتَنَفِّسِ شَوقاً وشِعراً... وقلتِ، وقلتِ

وأرسلتُ رُوحي تَعبُر هَذا الفَضاءَ المرصَّعِ باللانهاية، تسألُ مَا السِّحرُ؟

ما الحُبُّ؟ ما العَيشُ؟ ما المَوتُ؟ تسألُ... تسألُ

يا أنتِ! لا تَنبُشِي ألفَ جُرحٍ قَديم وألفَ سُؤالٍ عَتيق

فإني نسيت الضِّماد، نسيتُ الإجابات

منذ تبرأتُ من نزوة الشعراء، وعدتُ إلى زُمرةِ الأذكِياء

الَّذين يَخوضونَ هَذي الحَياةَ بِدون سُؤالٍ .. بدونِ جَواب

ويأتزرونَ النُّقود ويرتَشِفونَ النُّقود

ويستنشِقونَ النُّقود

وهَذي الثَّواني التي أخذتنا إلى عبقرٍ كَيفَ جَاءت؟

وكيفَ استطاعتْ عُبورَ الطَّريق المدجَّج بالمالِ والجَاهِ والعزِّ واليأس؟

كيفَ استطاعَتْ نفاذاً لقَلبي؟

ويا وَيحَ قَلبي!

مِنذ سنين تَجمَّدَ... كَيفَ يَعيشُ الفتى دونَ قَلبٍ يَدقُّ؟

ودونَ دِماءٍ تَسيلْ؟

تحنّطتُ لَكنَّني لَم أبُحْ

فمشيتُ ولَم يَدرِ مَن مرَّ بي أنَّني دونَ قَلبْ

فمِن أينَ أقبلتِ تَرتَجلين القَصائدَ!

تستمطرينَ الكَواكِب زَخَّةَ وجدٍ!، تثيرين زوبعة في الرميمْ؟

أنا قَد تقاعَدتُ سيدتي مِن مُطارَدةِ الوَهمِ عبرَ صَحارى الخَيال

تقاعدَتُ مِن رِحلَتي في تُخومِ الرَّجاء

وعبرَ بِحارِ المخَاضِ المليئة مَوجاً عَنيفاً

تقاعدُت... أعلنتُ للنَّاسِ أني قد كنتُ منذ سنين طِوال ومُتّ

فمَن يَفضَحُ السِّرَ؟ مَن يحفِرُ القَبرَ؟

سيدتي! أوغلَ اللَّيلُ فانطَلِقي، ودَعي المومياءَ الذي مسَّهُ البَحرُ

لم ينتفض... مسَّه اللَّيل لمْ ينتفض

مسَّه البَدرُ لمْ ينتَفِض...

يتأمَّلُ في المالِ والجَاهِ، والعزِّ، والبأسِ

حسناءُ أنتِ؟ أظنُّكِ!...

ما عدتُ أشعر بالحُسنِ، كُلُّ النِّساءِ الجواري سَواء

ولو جئتني في صِباي منَحتُكِ شِعراً جميلاً وحبّاً طهوراً

ولكن أتيتِ وقدْ يبسَ الكَرمُ

والطَّيرُ هاجَر... والعُمرُ أقفر

ما في ضُلوعِي سِوى رزمةٍ مِن نُقود

فهل أنتِ، كالأخرياتِ سَبَتكِ النُّقود؟

أم البَحر أغنَاكِ عَن هَمسَةِ الدُّرِ؟

والبَدرُ أغناكِ عَن شَهقةِ الماسِ؟

سيدتي! اتركيني فإني أطلتُ الكَلامَ وأدركَني الآن ضَوءِ الصَّباح.

شعر الشافعي عن المال

يقول الشافعي في شعره أن المال وحده لا يكفي لكي يكون الإنسان غنيًا فهناك أشياء معنوية أخرى تعبر عن الغنى فيقول:

فَلا ذا يَراني واقِفاً في طَريقِهِ       وَلا ذا يَراني قاعِداً عِندَ بابِهِ

غَنيٌّ بِلا مالٍ عَنِ الناسِ كُلِّهِم       وَلَيسَ الغِنى إِلّا عَنِ الشَيءِ لا بِهِ

شعر عن المال الحرام

يقول الشاعر عطا سليمان رموني في ذم المال الحرام والنصح بالبعد عنه:

لا تَـجْـعَـلِ الـمـالَ هَـمَّ الـقَـلْـبِ تُـفْـسِدُهُ

مَـهْـمـا اجْـتَـهَدْتَّ سَتَجْني الرِّزْقَ أوْفاهُ

يا مَنْ جَمَعْتَ مِـنَ الأمْـوالِ ما حَرُمَتْ

حِـلٌّ جَــمَــعْـتَ حَــرامُ الــمـالِ أفْـنــاهُ

الـمـالُ للهِ فَــلْــتُــحْــسِــنْ رِعــايَــتَـــهُ

لا بـارَكَ اللهُ فـي مَـنْ ضَــلَّ مَـسْـعــاهُ

فـي أوْجُـهِ الـخَـيْـرِ والإحْـسانِ طَوِّعُهُ

يَـبْـقـى رَصِـيْـداً بِـيَـوْمِ الـجَـمْـعِ تُجـزاهُ

مَـهْـمـا جَـمَـعْـتَ مِـنَ الأمْوالِ أرصِدَةً

تَـغْـدو إلـى اللَّـحْـدِ دونَ الـمـالِ عُـقْباهُ

غـــادَرْتَ دُنْــيــاكَ لا مـالٌ وَلا وَلَـــدٌ

إلآ بِــمــا كَــسَــبَــتْ أيْــديــكَ تَـلْـقــاهُ

اقْـنَـعْ بِـرِزقِـكَ لا تَـغْـدو عَـلـى طَمَعٍ

مَـنْ يَـعْـبُـدِ المالَ ربُّ العَـرْشِ أشْقاهُ

ويقول شاعر آخر في ذم المال الحرام:

وَفِي النَّاسِ مَن ظُلمُ الوَرَى عَادةٌ لهُ    وَيَنْشُرُ أَعَذارًا بها يَتَأوَّلُ

جَرِيءٌ على أَكِل الحرامِ ويدَّعِي      بأنَّ لهُ في حِلَّ ذلك مَحمَلُ

فَيَا آكِلَ المَالِ الحرامَ أَبِنْ لَنَا          بأي كتابٍ حِلُّ ما أَنتَ تَأكلُ

ألمْ تَدْرِ أن اللهَ يَدْرِي بما جَرَى      وبين البَرايَا في القِيامةِ يَفصلُ

حَنَانِيْكَ لا تَظلِمْ فإنَّكَ ميتٌ         وبالموتِ عَمَّا قدْ تَوليتَ تُسألُ

وَتَوقَفُ لِلْمظلُومِ يَأخذٌ حقَّهُ       فَيَأخُذُ يومَ العرضِ ما كُنت تَعملُ

وَيأخذُ من وزرِ لمنْ قَد ظَلمتهُ     فيأخذُ يومَ العرضِ ما كُنت تَعمَلُ

فَيأخذُ منك اللهُ مَظْلمةَ الذِي      ظَلمتَ سريعًا عاجلاً لا يُؤجَّلُ

تَفرُّ من الخَصمِ الذِي قَدْ ظَلَمْتَهُ    فَيأخُذُ يَومَ العَرْضِ ما كُنتَ تَعْمَلُ

تَفِرُّ فَلا يُغْنِي الفِرَارُ من القَضَا    وَأن تَتوجَّلْ لا يُفيدُ التَّوجلُ

فَيقتصُ مِنكَ الحقَّ من قَد ظَلمتَهُ   بلا رأفةٍ كلاَّ ولا منك يَخجلُ

شعر عن المال والعلم

يقول الشاعر في فائدة الجمع بين العلم والمال:

بالعلم والمال يبني الناس ملكهم لم يبنى ملك على جهل و إقلال

أخي لن تنال العلم إلا بستة سأنبئك عن تفصيلها ببيان

ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة وصحبة أستاذ وطول زمان

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة