شيخ كتاب السيناريو الذي قدم للسينما المصرية عشرات الأعمال الفنية الشهيرة التي حققت نجاحًا كبيرًا، إنه السيناريست عبد الحي أديب الذي أثر شاشات السينما في العالم العربي بأكثر من 122 فيلمًا، وهو والد المذيعين عمرو أديب وعماد أديب، والمخرج عادل أديب في السطور التالية تعرف على مسيرته الفنية وحياته.
حياة عبد الحي أديب ونشأته
عبد الحي مصطفى أديب هو كاتب وسينارسيت مصري ولد في 22 ديسمبر عام 1928 في مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية في مصر، وعاش طفولة عادية.
انتقل عبد الحي ليعيش في طنطا مع أسرته، وبعد وفاة والده انتقلت الأسرة مجددًا إلى المحلة الكبرى، وبعد حصوله على الثانوية العامة عمل في أحد المصانع في طنطا.
وعن طفولته يروي الراحل عبد الحي أنه درس في مدرسة الفيوم الابتدائية، ثم مدرسة التوفيقية، وبعدها انتقل للعيش مع شقيقته وزوجها في طنطا، ثم عاد إلى المحلة الكبرى مرة أخرى ليعيش مع والدته.
التحق بمدرسة المحلة الثانوية لمدة عامين، وبعدها قرر أن يترك المدرسة الثانوية والتحق بمدرسة المحلة الصناعية التي التحق بها أغلب أصدقائه، وتخرج في المدرس عام 1949.
زواجه وأبنائه
بعد التخرج عمل في أحد مصانع النسيج في طنطا عام 1949 بعد وفاة والدته، وفي هذه الفترة التقى بزوجته السيدة بسمية محمد الفخراني، وكان عمره 19 عامًا فقط، حيث كانت جارته، وأنجب منها طفل أول توفي بعد عملية جراحية.
بعدها أنجب ابنه عماد، وقرر بعدها تأجيل الإنجاب لمدة تسع سنوات بعد عماد، ثم أنجب ابنيه الإعلامي عمرو أديب، والمخرج عادل أديب الذي أخرج واحدًا من أعماله وهو فيلم "ليلة البيبي دول".
وفاته
توفي السيناريست عبد الحي أديب في 10 يونيو عام 2007 في جنيف بسويسرا حيث كان يتعالج هناك من مرض في القلب.
وعاش الفنان عبد الحي طوال حياته دون أن يمتلك أي شيء، فقد كشف زوجة ابنه عادل الفنان منال سلامة أنه رغم كل الأعمال التي قدمها إلا أنه ظل يعيش في شقة بالإيجار.
كما صرحت أنه كان يستأجر شقة للمصيف في الإسكندرية ولا يملك أي شقق، وعاش حياة بيطة وكان متواضعًا.
دراسته في المعهد
انتقل بعدها إلى القاهرة، وهناك أتيحت له الفرصة في الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية قسم النقد، وذلك عام 1952، وحينها فوجئ بوجود امتحان ترجمة، ولم يحالفه الحظ، واضطر إلى الدراسة في قسم التمثيل رغمًا عنه، وهناك قابل زكي طليمات الذي شجعه.
وفي المعهد وجد تشجيع من كبار الأساتذة منهم صلاح أبو سيف، وحلمي حليم، وتعرف على المخرج الإيطالي جان فرنتيشو وعمل معه مساعد مخرج تحت التمرين في بعض أفلامه.
عمل السيناريست عبد الحي مساعد مخرج مع عدد كبير من المخرجين أثناء دراسته في معهد الفنون المسرحية، ومن المخرجين الذين عمل معهم المخرج يوسف شاهين الذي قرأ سيناريو فيلم "باب الحديد" لعبد الحي وانبهر به وقرر أن يخرج له ها الفيلم فكانت بدايته الفنية.
فيلم "باب الحديد"
كان فيلم "باب الحديد" باكورة الإنتاج الفني للسيناريست عبد الحي أديب، وعندما قرر يوسف شاهين إخراجه كان عائدًا من أمريكا بعد دراسة المسرح وأخرج كل مشاهده، وكان مرشح لدور البطولة بجانب فريد شوقي شكري سرحان، ولكن المنتج رفضه لأنه طلب 50 جنيهًا زيادة على أجره.
رغم أن عبد الحي توقع أن يكون الفيلم واحد من أفضل أفلامه في تاريخ السينما، ولكنه فشل في السينما ودور العرض، ولكن بعدها عُرض له فيلم "امرأة على الطريق" الذي حقق نجاحًا غير متوقع واستمر عرضه في السينما 6 أسابيع.
وكان سبب فشل فيلمه الأول أن الفنان فريد شوقي، البطل الشعبي بالنسبة للجمهور" قدم دورًا ثانيًا، ورفض الجمهور هذا الأمر. تأثر أديب بأستاذه المؤلف أبو السعود الإبياري الذي ساعده في بدايته، واكتشف فيه موهبة الكتابة.
الهجرة إلى لبنان وقت النكسة
بعد نكسة 69 تعرضت السينما المصرية لأزمة كبيرة أثر على الإنتاج، وتوقفت صناعة السينما في مصر، واتجهت الدولة إلى تأمين الأولويات للمواطنين.
وفي هذه الفترة قرر السفر للعمل واختار السفر إلى لبنان مع فريد شوقي ونيازي وظل هناك لمدة 5 سنوات، وترك العمل في برنامج "محو الأمية" الذي كان يحصل على كل حلقة 10 جنيهات.
وعن تلك الفترة قال إنه كان أب لثلاثة أطفال يجب أن ينفق عليهم يدرسون في مدارس أجنبية، ومطلوب منه توفير مبلغ لا يقل عن 5 آلاف جنيه ليسدد مصاريف المدارس والمعيشة والملابس.
اتجه بعدها للعمل في السينما التركية، ورغم الإمكانات الفقيرة إلا أن تركيا كانت تتميز بغزارة الإنتاج الذي يصل إلى 400 فيلم سينمائي في السنة، وشارك في 9 أفلام تركية، منها Eyvah، و Vahşi Bir Erkek Sevdim الذي كان من إخراج المخرج المصري نيازي مصطفى وبطولة الفنان فريد شوقي.
أشهر أفلامه
قدم السيناريست عبد الحي أديب سناريو 122 فيلما متنوعًا ما بين الدراما والكوميديا والأكشن في مصر ودول عربية كثيرة، منها سوريا، ولبنان وتركيا التي قدم لها 9 أفلام سينمائية.
ومن ضمن أفلامه تم اختياره 4 منها في قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وهم "باب الحديد"، و"الخائنة"، و"أم العروسة"، و"صغيرة على الحب"، وقد تم ترشيح فيلم "أم العروسة" لجائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي.
تميزت الأفلام التي كتبها السيناريست عبد الحي بأنه ترصد ظواهر اجتماعية مختلفة، وهو ما ظهر جليًا في أفلامه "الخبز المر" عام 1982، وفيلم "بيت القاضي" عام 1984، وفيلم البدروم" عام 1987.
من الأفلام الأخرى الناجحة التي فيلم "دماء على النيل"، و"جوز مراتي"، و"سفاح النساء"، و"الطاووس"، و"فتوة الجبل"، و"ليالي ياسمين"، و"شوق"، و"فارس بن حمدان"، و"زوجة من باريس"، و"مذكرات مراهقة"، و"استاكوزا"، و"امرأة واحدة لا تكفي"، وغيرها.
فيلم "ليلة البيبي دول"
كان هذا الفيلم آخر فيلم قدمه السيناريست عبد الحي وهو من إخراج ابنه عادل، وشارك في بطولته محمود عبد العزيز، ونور الشريف، وهيفاء وهبي، وتدور أحداث الفيلم في ليلة رأس السنة خلال 24 ساعة ويحكي عن مرشد سياحي مصري يعمل في أمريكا ويعالج فيها رغبة في الإنجاب، ويكتشف أنه هناك مخطط لقتل الأمريكان للثأر مما فعلون قادتهم في العراق.
حقق الفيلم نجاحًا كبيرًا، وتحدثت عبد الحي عن أزمة الإرهاب، وقد قال إنه طوال الفيلم قرر الالتزام بالحياد وترك للمشاهدة حرية اختيار الجانب الذي ينحاز إليه، وهذا لا يعتبر تمييعاً لمواقفه في القضايا المختلفة، ولكن عرض وجهتي نظر الجانبين.
اتهامه بالسرقة والاقتباس
كثيراً ما اتهم السيناريست عبد الحي أديب باقتباس قصصه من أفلام أجنبية، وبسبب هذا ظل فترة طويل محاولة إثبات عكس ذلك، فقدم أفلامًا كوميدية وبوليسية واستعراضية، وبعدها توقف عن تقديم سيناريوهات من أفكاره، واقترح كتابة سيناريوهات من أفكار المنتجين والنجوم.
لمدة 5 سنوات ظل عبد الحي يعاني من القصص السخيفة التي يقدمها له المنتجون، وكان يتطلب ذلك منه جهدًا كبيرًا، ومن الأفلام التي قدمها من أفكار المنتجين، "الجاسوس"، و"سلطان"، و"سارق الملايين"، و"النصابين الثلاثة"، و"الحرامي".
وأيضًا مجموعة من الأفلام الكوميدية للنجمة سعاد حسني، منها "الساحرة الصغيرة"، و"العريس يصل أحيانًا"، و"لعبة الحب والجواز"، و"صغيرة على الحب"، و"شباب مجنون جدًا"، وغيرها.
وخلال هذه الفترة كان يحاول كتابة ما يحبه هو لا ما يحبه المنتجون، فكتب أفلام "أم العروسة"، و"الخائنة" الذين أصبحا من أهم الأفلام في السينما المصرية.
أما الاقتباس فقد قال إنه حدث مرتين، المرة الأول في فيلم "المواجهة" حيث اقتبس المخرج أحمد يحيى الفيلم من فيلم أمريكي، وهو من بطولة فريد شوقي، ولم يكن يعرف عبد الحي هذا الأمر.
والفيلم الثاني فيلم "الخبز المر" الذي سرق المخرج أشرف فهمي فكرته من الفيلم الأمريكي "مشهد على الجسر" لآرثر ميللر.
