العالم الدكتور مصطفى محمود والإيمان

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 22 فبراير 2022
العالم الدكتور مصطفى محمود والإيمان

يعد الدكتور مصطفى محمود من أبرز الشخصيات التي أثرت في الحياة الثقافية والعلمية في مصر، حيث كان له دورًا هامًا في إثراء المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات والكتب التي تنوعت بين الكتب العلمية والفلسفية، والدينية والاجتماعية.

معلومات عن الكاتب مصطفى محمود

ولد مصطفى محمود واسمه الكامل مصطفى كمال محمود حسين آل محفوظ في شبين الكوم بمحافظة المنوفية، في 27 ديسمبر عام 1921، وهو من الأشراف الذي ينتهي نسبه إلى علي زين العابدين.

كان منذ صغره محبًا للعلوم فكان يملك في بيته معملًا صغيرًا في المنزل، وظهر هذا الشغف في مبادرته تصنيع مبيدات حشرات لقتل الصراصير وتشريحها.

عانى والده من الشلل لسنوات وتوفي عام عام 1939، درس الطب في كلية الطب في كلية القصر العيني في جامعة القاهرة وتخرج فيها عام 1953 وتخصص في أمراض الصدر.

أثناء دراسته في كلية الطب لُقب "بالمشرحجي" وذلك بسبب وقوفه أمام أجساد الموتى يطرح التساؤلات حول سر الحياة والموت.

بعد وفاة والده انتقل مع والدته إلى طنطا ومن ثم إلى القاهرة، ووقتها انقطع عن الدراسة سنتين بسبب مرضه، وحينها بدأ في التفكير في موضوعات أدبية.

بعدها امتهن الكتابة في سنوات دراسته الأخيرة، وبدأ يكتب القصص القصيرة ونشرها في مجلة "روز اليوسف" التي عمل بها لفترة عقب تخرجه.

تفرغ مصطفى محمود للكتابة والبحث عام 1960، ففي هذا العمل سُن قانون يمنع الجمع بين وظيفتين، وكان حينها عضوًا في نقابة الأطباء والصحفية، لذا فضل العمل في الصحافة، وتخلى عن مهنة الطب إلى الأبد.

تزوج مرتين، الزيجة الأولى كانت عام 1961 أنجب منها طفلين وهما أمل، وأدهم، ثم انفصلا، والزيجة الثانية عام 1983 وانتهى هذا الزواج بالطلاق أيضًا عام 1987.

أقوال مصطفى محمود

  • "الناجح هو ذلك الذي يصرخ منذ ميلاده".
  • "حفظ المسافة في العلاقات الإنسانية مثل حفظ المسافة بين العربات أثناء السير، فهي الوقاية الضرورية من المصادمات المهلكة".
  • "لو كانت الأشياء المادية أهم من المعنوية، لما دفن الجسم في الأرض وضعت الروح إلى السماء"

قصة مصطفى محمود مع الحياة الأدبية

كانت بداياته مع الكتابة عندما عاش في ميت الكرماء بجوار مسجد "المحطة" وهناك يوجد أحد مزارات الصوفية التي كان لها الأثر الواضح في أفكاره.

في الستينات تزايد التيار المادي وظهرت الوجودية وهذا التيار لم يكن بعيدًا عنها، حيث قال أنه عاش 30 عامًا يبحث فيها ليصل إلى لغز الحياة الموت، 30 عامًا قضاها يقرأ عن أديان كثيرة مثل البوذية، والبراهمة، والزرداشتية.

كما وصل به الأمر لممارسة تصوف الهندوس التي ترى أن الخالق هو المخلوق والرب هو الكون، وكان في فترة كان عاجزًا عن التعرف على التصور الحقيقي لله.

هذه التجربة الطويلة جعلت منه مفكرًا دينيًا وأنهى فترة البحث الطويلة بأحد أفضل وأشهر مؤلفاته "حوار مع صديقي الملحد" و"رحلتي من الشك إلى الإيمان" و"كتاب التوراة" و"لغز الموت"، و"لغز الحياة".

كل هذه الكتب تناولت الأفكار العميقة عن الدين والإلحاد والتي كانت سببًا في تعرضه للعديد من الأزمات الفكرية، ولعل أهمها الأزمة التي حدثت بسبب كتاب "الله والإنسان".

حيث طب الأزهر حينها بتحويله للمحاكمة باعتبارها قضية كفر، ولكن انتهت هذه القضية بمصادرة الكتاب، إلا أن السادات حينها أعجب بالكتاب وتقرر طبعه مرة ثانية.

كتب مصطفى محمود

ألف ما يقرب من 89 كتابًا تعددت موضوعاتها، ومن كتبه كتاب "لغز الموت" الذي كتبه عام 1959، وبعدها كتاب "أينشتاين والنسبية" وذلك في عام 1961، وبعدها بعدة أعوام صدر له كتاب "القرآن محاولة لفهم عصري".

أما أشهر كتبه هو كتاب مصطفى محمود "رحلتي من الشك إلى الإيمان" الذي صدر عام 1970، وبعدها توالت مؤلفاته ومقالاته في المجلات، ومنها "ألعاب السيرك السياسي" "وعظماء الدنيا" و"علم نفسي قرآني جديد" و"أكل العيش" و"عنبر 7".

أيضًا كتب "الشيطان يحكم"  و"يوميات نص الليل" و"الشيطان يسكن بيتنا" و "الطريق إلى الكعبة" و"التوراة"، و"رأيت الله" و"المؤامرة الكبرى".

أيضًا كان له رصيد من الكتابات الأدبية والفنية، فكتب روايات ومسرحيات وقصصا قصيرة، ولعل أهمها "شلة الأنس" و"العنكبوت" و"المستحيل".

وتعد "شلة الإنس" من المجموعات القصصية التي صدرت عام 1962 وتناولت شخصية شعبية واقعية تجتمع يوميًا ويتحدثون في مختلف الأمور، وتحولت هذه المجموعة القصصية إلى فيلم يحمل نفس االسم.

أما في رواية "المستحيل"  تحدثت عن مهندس يكتشف في يوم وليلة أن حياته مزيفة، وقد تحولت هذه الرواية أيضًا إلى فيلم سينمائي بنفس الاسم عام 1965.

أزمات في حياة د مصطفى محمود

عانى مصطفى محمود العديد من الأزمات وأشهرها أزمة كتاب الشفاعة، أي شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في إخراج العصاة المسلمين من النار.

وكان يرى أن الشفاعة التي يروج لها علماء الحديث أشبه بالاتكالية والتي تدعو إلى عدم العمل أو الاجتهاد، وحينها هوجم من الكثير من علماء الإسلام وعلى رأسهم أستاذ الشريعة "محمد فؤاد شاكر" الذي دعاه إلى التوقف عن الحديث عن الدين لأنه مجرد طبيب وليس عالم دين.

ولكن هناك بعض العلماء الذين تحدثوا عن موضوع الشفاعة بحيادية، ومنها الدكتور "نصر فريد واصل" الذي دافع عن مصطفى محمود، حيث قال إنه لم ينكر الشفاعة، وإنما كان يرى أن الشفاعة أم غيبي لا يجب الاتكال عليه.

من الأزمات الأخرى التي واجهته هي محنته الصحية التي جعلته يعتزل الكتابة حتى أصيب بجلطة في الدماغ، وفي عام 2003 عاش منعزلًا وحيدًا.

وفاته

توفي ففي صباح السبت 31 أكتوبر عام 2009 بعد رحلة طويلة من العلاج استمرت عدة أشهر عن عمر ناهز 87 عامًا.

وبعد وفاته أصدرت الجزيرة الوثائقية فلم عنه يدور عن حياته باسم "العالم والإيمان" وهو فيلم من جزئين عرض لأول مرة عام 2013، تحدث فيه عن حياته ومسيرته العلمية والفكرية.

كان للدكتور مصطفى محمود العديد من المؤلفات متنوعة المجالات فكتب في موضوعات شتى كانت بعضها سببًا في أزمات فكرية ودينية، ولكنه كان راسخًا متقبلًا لنقد الذات، وهو ما ميزه، حيث كان يرى أن التناقضات جزءًا من الحياة الفكرية لأي إنسان.